لم تمر بضعة أسابيع علي انتهاء أزمة مصنع أجريوم الكندي الذي كان من المفترض إقامته علي أرض رأس البر بدمياط, إذ اعتقد الشعب الدمياطي أنه فرض إرادته علي – الدولة ونجح في وقف بناء المصنع – حتي بدت الصورة أكثر وضوحا. فلم تتخل الدولة عن مشروعها اعتباطا أو أنها قدمت تنازلات احتراما لحقوق وحريات مواطنيها في اختيار ما يحيط بمكان معيشتهم. لكنها لم تجد مفرا إلا في الانصياع الظاهري للرغبات الملتهبة في وقف إنشاء المصنع وكان المفر في استحواذ مصنع موبكو مصر لتصنيع البترول بدمياط – علي كامل أسهم شركة أجريوم النيتروجينية لصناعة الأسمدة.
لم يتساءل الناس عما سيترتب علي هذا الاستحواذ جراء نقل الملكية لموبكو, فالخطورة لم تكمن في إقامة مصنع أجريوم علي أرض رأس البر التي هي بمثابة محمية طبيعية فقط, وإنما في زيادة الحمل البيئي من التلوث في دمياط والتي لم تعد تتحمل أي إضافة جديدة إليه بسبب تعدد المصانع غرب القناة الملاحية, إذا مازالت المشكلة قائمة والخطر يهدد المدينة بأكملها.
لم يقف الأمر عند هذا الحد بل راحت الأجهزة الحكومية في الاستهزاء بعقول المهتمين بالأمر واستخدمت عامل الوقت لتهدئة النفوس الثائرة, وما أن استقرت الأمور حتي أعلنت الجمعية العمومية لموبكو عن اجتماع طارئ طرحت فيه عدة بنود أخطرها أن مشروع أجريوم المصرية سيقام علي الأرض المخصصة لشركة موبكو غرب القناة الملاحية أما المخازن ورصيف الميناء الجاري إنشاوهما بواسطة أجريوم سيقامان بذات شروط الرخصة والاتفاقية الموقعة مع هيئة ميناء دمياط في موقعهما الحالي.
لا عجب فكل شيء ممكن في مصرنا. فالموقع الحالي بدلا من أن يكون منتجا فقط سيكون مخزنا لآلاف الأطنان من اليوريا التي لو انفجرت لدمرت دمياط بأكملها, كما أن الرصيف سيستخدم للشحن والتفريغ كرصيف تجاري بدلا من كونه مصيفا فماذا فعلت الحكومة, وما وجه التغيير؟, في الحقيقة لا تغيير بل إنها الخدعة الكبري.
يكشف ذلك البند السابع من جدول أعمال الجمعية العمومية والذي تمت الموافقة عليه بحيث تقوم موبكو بضمان قرض بـ 120 مليون دولار للوفاء بعقد المقاول العام وأية تكاليف أخري لأجريوم المصرية. أما البند الثامن فقطع الشك باليقين إذ يقرر أنه بمجرد استحواذ موبكو علي أجريوم المصرية سوف تحصل الأخيرة علي قرض قيمته 1.1 مليار دولار لتنفيذ مشروع أجريوم وزيادة الطاقة الإنتاجية للكيان الجديد – موبكو وأجريوم إلي2 مليون طن من اليوريا سنويا خلال الـ 3 أشهر الأولي.
بالله عليكم كيف ستتحمل دمياط حمل التلوث الذي سيترتب علي هذه الزيادة في الإنتاج, ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل إمعانا في الكيد والخداع, أقرت الجمعية في بندها الثامن اقتصار الاستحواذ علي أجريوم من قبل مصنع موبكو الكائن في دمياط فقط دون سائر المصانع الموجودة في السويس والأدبية, كما لو كانت تبث رسائل الكيد لمناهضي تنفيذ أجريوم وأهالي دمياط لأنها في العلن أوقفت إنشاء المصنع بينما ضمنته بكل تبعاته المخيفة في موبكو.
فهل تمر تلك المكيدة علي شعب دمياط أم سينتبه لها؟ هذا ما ستكشف عنه الأيام المقبلة.
[email protected]