في إطار سعي مصر الدائم لمساندة ودعم حكومة جنوب السودان نحو التنمية والإعمار في معظم المجالات خاصة مجالات التعليم المختلفة, فقد أثمرت زيارة وفد وزاري لحكومة جنوب السودان إلي مصر العديد من الاتفاقيات والتعاون التي من شأنها أن تساهم في تطوير العملية التعليمية بالجنوب في كلتا المرحلتين الأساسية والتعليم العالي والفني أيضا. وفي هذا الصدد وصل وفد وزاري من حكومة جنوب السودان إلي القاهرة صباح الجمعة الموافق 19 سبتمبر الماضي برئاسة الوفد الوزاري الجنوبي البروفيسور جوب داروي ملو, وزير التربية والتعليم العالي بحكومة جنوب السودان, والسيد مجور بابور أجال, وزير التعليم والعلوم والتكنولوجيا بولاية غرب الاستوائية يامبيو, والسيد أتيم كوير جوك, مدير عام التعليم العالي وعددا من المسئولين بالوزارة.
وكانت أولي محطات الوفد الوزاري الجنوبي هي وزارة التربية والتعليم المصرية ولقاء الدكتور يسري الجمل, وزير التربية والتعليم, وعددا من المسئولين بالوزارة يوم الأحد 21 سبتمبر الماضي وقد بحث خلالها الجانبين عددا من المشروعات المشتركة ودور مصر في مساندة ودعم العملية التعليمية بالجنوب.
عبر وزير التربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة جنوب السودان بروفيسور جوب داروي ملو عن عظيم شكره وتقديره للحكومة المصرية لجهودها المستمرة لدعم الجنوب منذ عهد بعيد يعود إلي ما قبل الاستقلال, وقال إنه جاء إلي مصر لتقديم شكر وتقدير حكومة جنوب السودان للحكومة المصرية – وبحث كيفية استمرار الجهود المصرية – خاصة فيما يحتاجه الجنوب لرفع مستوي التعليم والمساهمة في نهضة الجنوب بعد تحقيق السلام عبر اتفاقية نيفاشا 2005 حيث دعا جوب الجانب المصري لمساعدة الجنوب في إعداد وتدريب المعلمين والمساهمة في النهوض بالتعليم الفني والتقني.
وأشار إلي أن عدم وجود مدارس كافية وتعليم حقيقي في الجنوب أحد أسباب اندلاع الحرب الأهلية الأخيرة بالسودان, فالتعليم كان يتم تحت الأشجار في أكواخ يصنعها المواطنون وكان المناخ العام للتعليم صعبا للغاية أما بعد اتفاقية السلام الشامل نيفاشا فحال التعليم لم يتحسن كثيرا نتيجة تدمير غالبية المدارس وتأثر البنية التحتية بدرجة كبيرة وقد تمت محاولات لصيانة المدارس بدءا من عام 2005 حتي 2007 وأصبح هناك إقبال شديد للتعليم بالجنوب نتيجة للسلام والاستقرار, كذلك شهد الجنوب عودة الطلاب المهاجرين إلي بلادهم لذا فالجنوب بحاجة لمزيد من المدارس والمعاهد لأنها لم تعد تستوعب العدد الهائل من طالبي العلم.
وأشاد وزير التعليم بروفيسور جوب بدور مصر الرائد في خدمة أبناء الجنوب خاصة في دعم التعليم الثانوي والجامعي الذي بدأ منذ عهد ما قبل الاستقلال حتي الآن تساهم في تسكين 3 آلاف طالب بالجامعات والمعاهد المختلفة بالجنوب وتحاول سد احتياج الجنوب من مدارس ومعلمين مؤهلين.
وأكد البروفيسور جوب أن مصر بدأت مساهمتها في خدمة الجنوب منذ عام 1954 بتقديم أول منحة مصرية للجنوب والتي استفاد منها الكثير من وزراء ومسئولي الحكومة كالدكتور فرمينا مكويت, ممثل حكومة الجنوب بمصر والشرق الأوسط, والدكتور برنابا بنجامين, وزير التعاون الإقليمي, كذلك فقد ساهمت مصر في بناء مدرسة للتعليم الفني الصناعي ببلدة مونكي ولكن الجنوب يطمع في الكثير لدعم خطوات التعليم الفني وتدريب المعلمين وتقديم المزيد من المنح بالجامعات والمعاهد العليا, وأيضا الجنوب في حاجة لمطبعة لطباعة الكتب الدراسية حيث إن الجنوب بأكمله لا يوجد به مطبعة واحدة.
وقد بدأت بالفعل وزارة التعليم بحكومة جنوب السودان في خطوات جادة للنهوض بالتعليم بتغيير المنهج التعليمي ليتناسب مع الجنوب بجانب المنهج القومي كذلك البدء في إنشاء جامعتين, هما جامعة رومبيك وجامعة تذكارية بجونقلي نسبة للدكتور الراحل جون قرنق للعلوم والتكنولوجيا ويوجد حاليا جامعة جوبا وجامعة أعالي النيل وجامعة بحر الغزال تعمل حاليا ولكنها لا تستطيع استيعاب طلاب الجنوب لذا كذلك يوجد تعاون بين الجنوب السوداني وجنوب أفريقيا وهذه الجهود للمساهمة في محاولة خفض نسبة الأمية بالجنوب التي تصل إلي 85% للرجال و92% للنساء نتيجة للعادات والتقاليد الخاطئة المنتشرة بالجنوب.
وأضاف أن هناك محاولات لتغيير العادات الخاطئة لتشجيع المرأة للاستمرار في التعليم بإنشاء مدارس خاصة للفتيات.
وأوضح أن هناك بعض المشاكل للطلاب الوافدين من الجنوب للدراسة بالمنح المصرية في طريقها للحل مثل عامل اللغة الذي لا يتناسب مع حالة الطلاب وأيضا رغبة الطالب في دراسة بعض التخصصات, أما المدارس السودانية بمصر فهي تدرس بالمنهج السوداني وسوف تطبق هذا العام نظام الامتحان الذي يأتي من الجنوب خصيصا لهم.
وقال إنه يتمني في النهاية أن يصبح كل شخص متعلم ومثقف يفيد الجنوب حيث إن التعليم حق من حقوق الإنسان الأساسية وهي السياسة المتبعة حاليا بالجنوب لأن الحكومة تتحمل وتدعم العملية التعليمية وأتمني أيضا أن تسير كثير من الدول الأخري علي خطي مصر في دعم ومساعدة جنوب السودان للسير نحو الوحدة الجاذبة للسودان الجديد الموحد.
من ناحية أخري أشار وزير التربية والتعليم بولاية غرب الاستوائية مجور بابور إلي أن مصر كانت سباقة لمد يد العون لجنوب السودان بعد تحقيق السلام معددا المساهمات المصرية خلال السنوات الثلاث الماضية منها محطة توليد الطاقة الكهربائية بالولاية, وأكد أهمية التعليم لانعكاساته في تنمية الإنسان داعيا مصر لمواصلة جهودها ومساعدة الجنوب في التئام جروح الحرب وشدد علي ضرورة الاهتمام بتدريس اللغة العربية بالجنوب وهذا يتطلب تدريب المعلمين والاستعانة بالخبرة المصرية وقد وجه دعوة لوزير التربية والتعليم المصري لزيارة جنوب السودان ليري الواقع التعليمي بنفسه.
وأكد أن هناك العديد من المشروعات التي تقوم بها حكومة الجنوب للنهوض بالتعليم مثل مشروع التعليم البديل أو محو الأمية للمواطنين الجادين في الحصول علي العلم حتي ولو في الكبر ويتمتع بإقبال كبير وهذا يدل علي الوعي العالي للجنوبيين.
وذكر وزير التعليم بولاية غرب الاستوائية أن أهم أسباب زيارته لمصر هي مساهمتها في التدريب المهني للمساهمة في التنمية مثل مجالات يحتاجها الجنوب كهندسة البترول والكهرباء والميكانيكا وغيرها عبر 300 منحة مصرية لأبناء الجنوب فمصر تتمتع بعلاقات خاصة مع الجنوب من زمن بعيد حتي الآن.
من جانبه أعلن وزير التربية والتعليم الدكتور يسري الجمل ترحيب مصر بالتعاون مع حكومة الجنوب في مجال التعليم وقال إن وزارته علي أهبة الاستعداد لتقديم كل ما تطلبه منها حكومة الجنوب للنهوض بالتعليم وإيجاد فرص لتدريب المعلمين وتقديم خبرة في المجال الفني لدعم خطوات الاستقرار والتنمية في جنوب السودان.
هذا وقد شارك في الاجتماع من جانب حكومة جنوب السودان إلي جانب الوزيرين وممثل حكومة جنوب السودان كل من الأستاذ أيتيم كوير جوك, مدير عام التعليم العالي, والأستاذ سانتو مليك أناي, منسق التعليم بمكتب اتصال حكومة جنوب السودان بمصر والشرق الأوسط, والأستاذ كوج فيديون توني, مدير التعليم الفني بالحكومة, فيما شارك في الاجتماع من الجانب المصري كل من الدكتور نبيل عبدالعزيز, رئيس قطاع التعليم الفني, والمهندس نبيل حلمي, مدير الهيئة العامة للأبنية التعليمية, والأستاذ محمد عثمان, وكيل وزارة التربية والتعليم للعلاقات الثقافية, والأستاذة صفاء الغزالي, رئيس الإدارة المركزية للتدريب.
في سياق متصل وخلال زيارة وفد وزارة التعليم الجنوبي لمصر عقدت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لقاء مشترك يوم الثلاثاء 23 سبتمبر الماضي مع وفد وزارة التربية والتعليم العالي بحكومة جنوب السودان وقد بحث د.هاني هلال, وزير التعليم العالي والدولة للبحث العلمي, والبروفيسور جوب داروي ملو, وزير التربية والتعليم العالي بحكومة جنوب السودان, والسيد مجور بابور أحبال, وزير التعليم والعلوم والتكنولوجيا بولاية غرب الاستوائية, وعدد من المسئولين بالوزارتين المصرية والجنوبية سبل التعاون في مجالات التعليم المختلفة للنهوض بالجنوب.
وقد بدأ البروفيسور جوب داروي, وزير التعليم الجنوبي, بكلمة شكر وتقدير لجهود الحكومة المصرية لتوفير عدد 300 منحة بالجامعات المصرية لطلاب الجنوب كذلك عدد 25 منحة بالماجستير والدكتوراه, كما دعا خلال الاجتماع إلي استمرار هذه المنح وتخصيص مقاعد ثابتة سنويا لطلاب الجنوب السوداني بالجامعات والمعاهد العليا المصرية, كما طالب بزيادة فرص منح الماجستير والدكتوراه للطلاب خاصة بالتخصصات المختلفة التي يحتاجها الجنوب.
وقد أثمرت الزيارة عن عدة نتائج أهمها موافقة وزير التعليم العالي الدكتور هاني هلال علي تخصيص 100 منحة ثابتة سنويا للطلاب الجنوبيين بالجامعات المصرية كذلك فقد رحب بزيادة منح الماجستير والدكتوراه للطلاب الجنوبيين. كما وافق الجانب المصري علي طلب وزير التعليم الجنوبي بسرعة إنشاء فرع جامعة الإسكندرية في جوبا بإعطاء توجيهاته للقنصلية المصرية لمتابعة إجراءات اكتمال إنشاء الجامعة بمدينة جوبا.
كما وافق وزير التعليم العالي المصري علي مطالب الوزير الجنوبي بدعم الجامعات الجنوبية بأساتذة جامعيين مصريين وأكد مساعدته لإنشاء معهد لإعداد المعلمين في الجنوب في إطار حرص مصر المستمر لدعم حكومة الجنوب.