شهد هذا العام كما هائلا من إنتاج المسلسلات الدرامية في شهر رمضان,وهو تقريبا ضعف العام السابق,حيث بلغ عددها 135 مسلسلا جديدا,منها 60 مسلسلا مصريا,الكم هائل,ولعلي أجزم أن أي مشاهد لن يستطيع أن يتابع أكثر من خمسة أو ستة أعمال فقط,إذا كان متفرعا ولا شئ أمامه سوي أن يضغط علي ##الريموت## للتجول بين القنوات ليتابع أحداث المسلسلات.
أسمهان:نجح هذا المسلسل علي مستوي الكتابة والصورة,فالكاتبة غير تقليدية,الحوار راق جدا غير متكرر في أعمال سابقة والصورة مبهرة جدا,يشعرك بأنك أمام فيلم سينمائي ويتلهف المشاهد لمتابعة السيرة الذاتية,وهذا لا يحدث كثيرا,خاصة أن أسمهان أفلامها لم تتجاوز الفلمين,ولكن السيناريو نجح في أن يقدم أسمهان الإنسانة وواقعها الحقيقي,فهو لم يصور أسمهان في صورة الملاك الجميل البرئ,ولكن جسدها لنا في شكلها الإنساني الحقيقي والواقعي كما وصفها بعض من عاصروها.
وعلي عكس المصداقية الفنية التي جاءت في مسلسل أسمهان نجد مسلسل ناصر للكاتب يسري الجندي والمخرج باسل الخطيب الذي قدم الزعيم بطلا منذ طفولته وقائدا عظيما في اللغة,ينتمي إلي عالم الملائكة إلي جانب غياب عناصر الإبداع,فكان المسلسل أشبه بدرس التاريخ الجاف.ومن سير الواقع نجد في سير الخيال مسلسل الدالي في الجزء الثاني لنور الشريف والذي قدمه كشخص سوبر مان لا تقف أمامه مشكلة,فهو رجل لا يعرف المستحيل,وتراجع نجاح الدالي هذا العام بعد نجاحه في العام السابق وحاول المؤلف مط وتطويل الأحداث قدر المستطاع,إلي أن ترهل الخط الدرامي السابق الذي كان يسير عليه بنجاح,وأقحم الأحداث التاريخية التي لم يستغلها أصلا في الأحداث,فقد كان يشير فقط إلي الوقائع التاريخية دون الاستفاده منها داخل العمل,ولكن وليد يوسف المؤلف لعب فقط علي بعض المفاجآت وتطوير بعض الشخصيات التي جاءت بنتائج غير متوقعة للمشاهد.ونناشد الممثل العظيم أن يتوقف عن تصوير الجزء الثالث وكفانا هذا الجزء.
شرف فتح الباب بطولة الفنان القدير يحيي الفخراني والفنانة هالة فاخر,بداية من اسم المسلسل والتتر حرق علي المشاهد متابعة التفاصيل والتلهف علي الأحداث,علي الرغم من ذلك تميز أداء يحيي الفخراني لشخصية شرف الذي عبر عن نموذج منتشر بين المصريين الذين يجمعون بين التدين والجريمة في اتساق نفسي عجيب,كما برعت الفنانة الجميلة هالة فاخر في الأداء المبهر الصادق والمسلسل,التي تشعرك فعلا أنها أم حقيقية وقريبة لك,فهي تعد بطلة رمضان هذا العام علي الإطلاق.
أما عن أداء الوجوه الجديدة التي قامت بدور أبناء شرف أداء سطحي غير مأصل وغير مؤثر,فهم لم يتركوا لنا أية بصمة لنا حتي نعرفهم إلي جانب هذا,فالمسلسل به الكثير من الثغرات والأخطاء القانونية والتي أضعفت من العمل وقللت من مصداقيته مثل خروج شرف من السجن بعد حكم النقض!
قلب ميت: بطولة النجم شريف منير وغادة عادل ومن تأليف أحمد عبد الفتاح يصنف علي أنه عمل سينائي وليس تليفزيونيا,فالتصوير مبهر جدا والتصوير الخارجي أكثر من الداخلي,يشعرك أنك تتنفس الصعداء عند مشاهدته,فالأداء متميز جدا فعلا فهو شغل سيما بجد ويحسب للمؤلف أحمد عبد الفتاح الذي يعد تقريبا أول عمل له,ولكنه كتبه ببراعة واحتراف وخبرة عالية يحسد عليه ودعوني أصفق له وأهنئه,بالرغم من أن المسلسل قصته تقليدية ولم يأت بجديد,لكنة بعيد كل البعد عن المبالغات الدرامية.
وهناك مسلسل في أيد أمينة الذي قدم البطلة السوبريسراالتي تحارب الشر وحدها,والمسلسل سطحي في معالجته لقضايا أطفال الشوارع,كما أنه كتب بيد غيرأمينة وتم##سلقه##بسرعة.
مع احترامي لكل ما قدم هذا العام ولعدد كثير من المؤلفين,لكنهم بالفعل لم يخرجوا عن يتيمتين أو نوعين,فالنوع الأول ناقش قضية رجال الأعمال الفاسدة وسلط الضوء عليهم,والنوع الثاني,لكن علي أطفال الشوارع,وهي موضة نقرأها كثيرا في هذه الأيام في صفحات الحوادث. مكتفيا بالسرد لا الإبداع!
هناك أصابع اتهام تشير وتتجه نحو النجوم الكبار,من حيث سوء اختيار الموضوع ومصداقيته واتساقه مع الواقع,فكلما صغر حجم الممثل كلما كثرت الجدية والواقعية في الأداء وكثرت نسبة الإقبال عليه كما حدث مع قلب ميت وبعد الفراق وأسمهان.