الهدف من إقامة المركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي حسبما يقول القائمون عليه هو الحفاظ علي التراث القبطي الثمين,وتهيئة المناخ المناسب للدارسين والباحثين والمثقفين من داخل مصر وخارجها…ليستطيعوا أن يستفيدوا وينهلوا من شتي ينابيع الحضارة القبطية من عقيدة وطقس وتاريخ وأدب وموسيقي وفن وعمارة.وإن كنت أختلف مع تعبير حضارتنا القبطية,ولكني أتفق مع أهمية دراسة التراث القبطي لتتواصل الأجيال…لأني اعتقد أن من أهم ما يؤكد الوجود القبطي في المجتمع المصري منذ الفتح العربي وإلي الآن هو عدم الانغلاق علي هويتهم الدينية أو التقوقع حول كنيستهم.
ولقد أسعدني هدف المركز الثقافي القبطي من أجل تجميع مقومات التراث الحضاري للحفاظ علي الماضي,والتواصل مع الحاضر,واستشراف المستقبل…وهو ما يساعد علي الشعور بالفخر والانتماء لهذا الوطن من خلال بناء الوعي الجمعي.وربما يكون هذا ما جعل أن أحد اهتمامات المركز الرئيسية هي تجميع وترميم المخطوطات القبطية والأعمال الفنية المتنوعة.
لقد تطورت الفكرة من مجرد مكتبة…ليصبح هذا الكيان الجديد باسم المركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي والذي تم تصميمه طبقا لملامح الفنون القبطية…ليضم مكتبة عامة باسم مكتبة مارمرقس القبطية الأرثوذكسية,وملحق بها مكتبة للمخطوطات القبطية ومكتبة أطفال.بالإضافة إلي مركز للمؤتمرات.
يتميز التصميم الهندسي لمبني المركز الجديد بكونه يجمع بين معالم الفن القبطي العريق والملامح الفنية للعمارة الحديثة,إذ نجد أن الأسقف مزينة بقطع فنية رصينة من الخشب المعشق…في شكل وحدات زخرفية مستوحاة من حاملي أيقونات كنيسة السيدة العذراء (المعلقة) وكنيسة أبي سيفين بمصر القديمة,ومن بعض الأديرة علي غرار: أديرة الأنبا أنطونيوس,والأنبا بولا بالصحراء الشرقية.
وبشكل شخصي أعلم أن هناك العديد من الشخصيات -كل حسب مجاله- دعمت خروج هذا المركز للنور بعد كل هذه السنوات ولولا جهودها ما كان يمكن أن يكون وفي مقدمتهما: الأنبا إرميا ود.فوزي إسطفانوس.والذين أهدوا للباحثين مكتبة عظيمة.
تضم معرضا متخصصا للمخطوطات,والكتب النادرة,وأستوديو رقميا مجهزا بأحدث الوسائط السمعية والبصرية.كما تضم المكتبة أرشيفا ضخما للوثائق القبطية,وقسما متخصصا لترميم المخطوطات.وهي جميعا تعمل بأحدث الأنظمة للحفظ الآمن لأوعية المعلومات,مما يساعد علي الوصول إلي المعلومات والاستفادة منها…بأسرع وأفضل الطرق.
وتضم المكتبة أيضا أقساما للقراءة الداخلية والاستعارة التي تجعل التراث القبطي مادة بسيطة وشيقة للأطفال بوسائلها العملية والمتطورة,والتي تم تصميمها خصيصا بما يتلاءم مع احتياجات الأطفال.وسيتضمن برنامج مكتبة الأطفال العديد من الأنشطة الدورية لسرد القصص وورش العمل لتنمية المهارات الفنية اليدوية من أجل نمو النواحي الأخلاقية والجمالية لشخصية الطفل من خلال التراث القبطي.
يضم المركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي العديد من المراكز البحثية المتخصصة ضمن هيكله,وهي تهدف النهوض بعمليات البحث في التراث القبطي محليا وعالميا من خلال إتاحة الكتب والمخطوطات أمام الباحثين للمزيد من البحث المتقدم في كل فروع المعرفة القبطية مثل الفن القبطي والعمارة والآثار,واللغة والأدب والتاريخ الكنسي…
بقي…أن أقول: لقد كنت أتمني أن تكون هذه الدولة هي صاحبة المبادرة في إنشاء وتأسيس هذا المشروع الثقافي الضخم…لأن التراث القبطي…هو تراث مصري بالدرجة الأولي,كما أنه تراث لكل المصريين مسيحيين ومسلمين…لأنه يمثل جزءا من تاريخ وطننا.