نظم منتدي الشرق الأوسط للحريات المؤتمر الافتتاحي بعنوان إلي أين تتجه مصر وسط مشاركة حشد كبير من المفكرين والمثقفين والسياسيين عكست اهتمامهم برسالة المركز التنويرية ما بين التفاؤل والتشاؤم دارت قراءات المشاركين للمستقبل في مجالات عديدة منها التعليم والثقافة والصحافة والعلاقات المصرية الأمريكية والديموقراطية والأحزاب في مصر والدول المدنية ومستقبل الإسلام السياسي والعلاقات المصرية الإسرائيلية والتعايش بين المسيحيين والأقباط وأوضاع القضاء وحركة حقوق الإنسان والخطاب الديني الإسلامي والمواطنة.وأعلن مجدي خليل مؤسس المنتدي في بداية المؤتمر أن أهم أهدافه تتعلق برصد كل ما يتعلق بانتهاك حقوق الإنسان في مصر,وأشار إلي أن المواطن المصري يستحق حياة أفضل تتوجها الديموقراطية وسيادة القانون والعدالة والتنمية المستدامة.وأوضح مدير المنتدي الجديد أن مؤسسات المجتمع المدني الدولية وسعت من التعريفات والمفاهيم الحقوقية التي تتبناها الأمم المتحدة بحيث أصبح المواطن هو الأساس لأنه أعلي عناصر النظام الديموقراطي.
الوهم والخرافة
مستقبل الثقافة في مصر كان عنوان مداخلة المفكر أحمد عبد المعطي حجازي الذي بدأ كلمته قائلا إن المستقبل يرتبط بالحاضر والماضي,فالانقطاع الكامل عن الماضي في الثقافة لا يحدث إلا نادرا وإذا حدث يكون عملا بطيئا يستغرق وقتا طويلا.قد مرت مصر بمراحل انقطاع عن الثقافة القديمة بأشكال ودرجات متفاوتة ,دخلت الثقافة اليونانية وأثرت في الثقافة المصرية وبالمثل المسيحية ثم الإسلام الذي ترتب عليه تغيير اللغة إلي لغة الفاتحين وإن ظلت بعض عناصر الثقافة القديمة حية وموجودة وبمرور الوقت أصبحت الثقافة القومية مهددة بالآثار السلبية للعولمة.
وانتقد حجازي وجود نظامين مختلفين للتعليم ــ أزهري وعام ــ وضعف المستوي لكل منهما بالإضافة إلي غياب مؤسسة ثقافية مستقلة في ظل استخدام الدولة لبعض المثقفين وانفصالهم عن الجماهير واستعداد المجتمع لقبول الوهم والخرافة مما يؤدي إلي سيطرة الفكر الديني المتشدد وفي هذا السياق تراجعت الأجيال الجديدة عن تجديد الخطاب الديني الذي تبناه محمد عبده وتلاميذه ولم يتم تطوير المناهج العلمية التي استخدمها طه حسين وأحمد أمين وأصبحت الفكرة الوطنية تحتاج للدفاع عن نفسها أمام الدعوة الأممية الدينية وأكد أن هذه المعطيات في واقعنا المعاش لا تدفع إلي التفاؤل حول مستقبل الثقافة في مصر.
سقوط الأسقف الحمراء
تحدث صلاح عيسي رئيس تحرير جريدة القاهرة عن مستقبل الصحافة المصرية موضحا أن مصر تعيش مرحلة انتقالية من نظام سياسي شبه ديموقراطي ــ شبه سلطوي إلي نظام ديموقراطي ويظهر أن الصحافة تكاد تكون الآلية الوحيدة للديموقراطية التي تعمل بكفاءة نسبية ولديها مساحة واسعة من الحرية وأضاف عيسي أنه في ظل ثورة يوليو 1952 تملكت الدولة المؤسسات الصحفية القومية العشر التي تستحوذ علي 90% من القراء و90% من العاملين في هذا الحقل وكانت تقوم بتوجيهها لكن في الفترة الأخيرة أعطت الحكومة هامشا للحريات لهذه المؤسسات وبدي أن صحافة التعبئة الثورية التي تتعامل مع مشاعر وعواطف وغرائز الناس تتحول إلي صحافة حرة تتعامل مع عقول الجماهير,وصاحب هذا التحول سقوط معظم الأسقف الحمراء فلم يعد هناك شخص محصن ضد النقد بخلاف المؤسسة العسكرية كما اتسعت ظاهرة الصحافة المستقلة التي خلقت مناخ التعبئة المضادة وهي صحف مهنية ولاؤها الأساسي للقارئ ولتقديم كل المعلومات والآراء المختلفة له.
وأشار عيسي إلي وجود مشكلات أساسية تتعرض لها الصحافة المصرية حاليا من أبرزها التعامل مع ملف الصحف القومية في ظل تنامي الخسائر والديون المتراكمة والجدل حول خصخصتها.
قدم المفكر الإسلامي جمال البنا رؤيته لتجديد الخطاب الديني قائلا إن أزمة تجديد الخطاب الإسلامي ترجع إلي أن الفهم السائد الذي يؤمن به الجميع هو الفهم السلفي الذي وضعه الأسلاف والآباء منذ ألف عام وهو جاء مناسبا لظروفهم لكنه لم يعد صالحا لهذه الأيام فهم عاشوا في عصور مغلقة والتفسيرات التي قدموها فرضتها مقتضيات الدولة الامبراطورية وليست صورة الإسلام الصحيح التي كفلت حرية الاعتقاد كأول حق من حقوق الإنسان وعلي سبيل المثال نص الإسلام لا إكراه في الدين أما الفقهاء فقالوا من جحد معلوما من الضرورة يعد مرتدا يستتاب وإذا لم يرجع يقتل وهذه الصيغة مخالفة صريحة للقرآن والرسول.
وتعرض البنا لفكرة إحياء الفكر الديني الإسلامي التي تقوم علي العودة إلي القرآن والرسول دون الرجوع إلي آراء الفقهاء والمفسرين وأن يكون الإنسان هو الغاية والإسلام وسيلة وأن المساواة بين جميع أفراد المجتمع في الحقوق والواجبات في أساسيات الإسلام وحرية الفكر والاعتقاد مطلقة كما أن الفنون والآداب لايمكن الحكم عليها من منظور ديني وتحرير المرأة من الدونية التي جاءت في أحاديث ضعيفة أدت إلي قلب كامل للفهم السائد..
استقلال الجامعة
قام الدكتور محمد أبو الغار الأستاذ بجامعة القاهرة ومؤسس حركة 9 مارس لاستقلال الجامعات بتقييم أداء الجامعة لوظائفها الثلاث :تعليم الطلبة والبحث العلمي وخدمة المجتمع.وقال إن العملية التعليمية تعاني من مشكلات جمة منها تكدس الجامعات بأعداد ضخمة من الطلبة في أماكن ضيقة وإمكانات محدودة ونقص الوسائل التعليمية المساعدة وديكتاتورية إدارة الجامعة كما لاتقوم الجامعات بوظيفة البحث العلمي بشكل كفء لتدني ميزانية الدولة المخصصة للبحث العلمي بالإضافة إلي الإحباط الشديد الذي أصاب الباحثين الجادين وفشلت الحكومة أيضا في وظيفتها الثالثة ولم تعد تقوم بتأهيل الشباب فكريا ليكونوا مواطنين صالحين.
وطالب الدكتور أبو الغار الدولة بالقيام بواجباتها تجاه الجامعة وأن تطبق مفهوم استقلال الجامعة المادي والأكاديمي والإداري وأن ترفع يد الأمن عن كل شئ داخلها وكذلك اهتمام الدولة بزيادة ميزانيات التعليم.
تحالف أمريكي قلق
خصص الدكتور عبد المنعم سعيد مدير مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية والسياسية بالأهرام كلمته للحديث عن مستقبل العلاقات المصرية الأمريكية موضحا أن أمريكا مصدر لنحو 75% من الإنتاج التكنولوجي العالمي و30% من الناتج الإجمالي العالمي وتستطير علي 82% من الحركة علي الإنترنت.وأضاف سعيد أن العلاقات المصرية الأمريكية بدأت في 6 نوفمبر 1973 تاريخ لقاء هنري كسنجر مع السادات وقامت العلاقات علي ثلاثة أنواع من المصالح هي :السلام في الشرق الأوسط ,وأمن منطقة الخليج وهي مصلحة استرتيجية للطرفين حيث يوجد الملايين من العمالة المصرية كما أن الولايات المتحدة لها مصالح في استقرار سوق البترول أما النوع الثالث من المصالح هو مواجهة العناصر الراديكالية والثورية بالمنطقة.
واستكمل قائلا إن الدولتين استفادتا من هذه العلاقة بشكل يفوقهم أية علاقة أقامتها أي منهما مع أية دولة أخري في العالم ولايمكن تصور نجاح معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل دون وجود علاقات مصرية أمريكية قوية كما ساعدت الولايات المتحدة مصر في الجانب الاقتصادي حيث حصلت مصر منذ عام 1979 حتي العام الحالي علي معونات بلغت 65 مليار دولار وهو رقم يفوق حجم التحويلات من المصريين بالخارج خلال هذه الفترة بخلاف أن هذه المعونة جلبت لمصر معونات ومساعدات من دول أخري مثل اليابان واستراليا والدنمارك وكذلك من المؤسسات الدولية ويكفي أن نذكر أن العلاقات الجيدة مع أمريكا تحدد مستوي المخاطرة علي الصادرات والواردات لأي بلد..
وأضاف الدكتور سعيد أن الولايات المتحدة حصلت علي عوائد استراتيجية كبيرة في شراكتها لمصر التي لعبت دورا جوهريا في قضية أفغانستان وحرب العراق الأولي بحكم مكانتها العربية والإفريقية والإسلامية وهو ما ساهم في فوز أمريكا بالحرب الباردة.
واستطرد.قائلا إن هذا النمط من العلاقات شهد بعض التوترات ويمكن تسميتة بالتحالف القلق فلاتكاد تمر ستة أشهر دون وجود أزمات.
واختتم الدكتور عبد المنعم كلمته بأن هذا الشرخ مرشح للاستمرار في ظل اختلاف الرؤية حول قضايا السلام ومنطقة الخليج والتعامل مع الراديكالية والتحول الديموقراطي.
أسوأ فترات مصر
تحدث الدكتور أسامة الغزالي حرب نائب رئيس حزب الجبهة الديموقراطية ورئيس تحرير مجلة السياسة الدولية حول مستقبل الديموقراطية في مصر وأشار إلي وجود اتفاق عام بأن الديموقراطية هي الحل لجميع مشاكل مصر فلم تعد هم للنخبة فقط بل أصبح الفلاح يدرك أن حل مشاكل الفساد وتفاوت الطبقات ومعاناته الاقتصادية في تطبيق الديموقراطية.وأضاف حرب أن هناك ثلاثة عوامل يجب أخذها في الاعتبار عند قراءة مستقبل الديموقراطية الأول أن مصر لديها تراث كان موضعا للفخر حيث عرفت الأحزاب منذ أكثر من مائة عام كما شهدت نظاما ليبرالي بغض النظر عن عيوبه ومزاياه.أما العامل الثاني فهو العنصر الخارجي ولا يمكن فهم التطور السياسي بمعزل عن معرفة التأثير الذي تمارسه القوي الخارجية والعامل الأخير أن مصر تعيش أسوأ مراحلها منذ عصر محمد علي تحت حكم نظام سلطوي لا ديموقراطي لا يعترف بتعدد الأحزاب أو حرية المجتمع المدني بالرغم من حالة الحراك السياسي التي لا يمكن إنكارها.
وأوضح أن الدعوي إلي الديموقراطية بدأت تأخذ ثقلا يختلف عن الماضي مما دفع كافة القوي السياسية للتحالف لمواجهة القهر وهو ما ترجم في ائتلاف أحزاب الوفد والتجمع والناصري والجبهة الديموقراطية لكن المقاومة عاتية من السلطة والتي تقاوم الضغوط من أجل الديموقراطية عن طريق السعي لاحتواء المجتمع المدني وإدخال الإخوان المسلمين للبرلمان والسيطرة علي عوامل الاتصالات الحديثة.
وحذر الدكتور الغزالي من وهم شائع بأن الديموقراطية ستأتي بالتعصب الإسلامي وهذا ليس صحيحا,فالحل الأول هو الديموقراطية فإذا وجدت كافة القوي السياسية فرصتها في التعبير عن نفسها فأن مصر لايمكن أن تختار التطرف والإرهاب…وحذر الأقباط من الوقوف ضد الديموقراطية بحجة أنها ستأتي بالإخوان المسلمين وقال إن هذا الخطاب يصدره النظام الحاكم للغرب,وهناك خلط بين التدين المصري وبين الإخوان المسلمين كجماعة سياسية كما أن الإخوان خلال انتخابات 2005 لم يحصلوا رغم كل الحشد والتعبئة إلا علي 20% من أصوات المصريين الذين ذهبوا إلي التصويت والتي بلغت 23% فقط من إجمالي المصريين ممن لديهم بطاقات انتخابية.
وقال حسين عبد الرازق الأمين العام لحزب التجمع إن القانون يضع قيودا مانعة لتأسيس الأحزاب وممارستها للأنشطة والاتصال بالجماهير كمال يفرض عليها قيودا في تلقي التبرعات واستثمارها وهي التي أدت إلي عزوف الشعب المصري عن الحياة السياسية وعدم الانضمام إلي الأحزاب السياسية أو المشاركة في المظاهرات والانتفاضات الأخيرة.
وانتقد الدكتور كما مغيث الباحث بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية أوضاع التعليم في مصر وقال إنها أشبه بنظام الكتاتيب وأرجع ذلك إلي منظومة المدرس ــ التلميذ ــ المنهج وأضاف أن المناهج تمتلئ بالمأثورات الإسلامية ضد المواطنة كما تم استبعاد المسيحيين من الكتب المدرسية وعلي سبيل المثال في الصف الثاني الإعدادي يوجد موضوع عن القدس باعتبارها ذات أهمية للمسلمين وتستبعد الأماكن الدينية للمسيحيين ناهيك عن الأخطاء التاريخية.
وأكد الدكتور عماد جاد علي أن موجة العداء الإسرائيلي في الشارع ستظل موجودة لفترة طويلة ذلك تضافر عدة أسباب منها أن الإعلام والتعليم رسخوا لفترات طويلة أن الصراع مع إسرائيل لا يمكن إنهاؤه دون معركة عسكرية ,وطالب جاد الفلسطينيين باتخاذ مصر قدوة والدخول في مفاوضات سلام دائمة.
مستقبل العلمانية
رأي الدكتور مراد وهبة أستاذ الفلسفة بجامعة عين شمس أن تاريخ الإنسانية لايمكن أن يترك دون رؤية مستقبلية وعندما تتحقق تتحول إلي واقع ثم بمرور الوقت تصبح ثقافة وتراث لذلك يجب الاهتمام ليس بالماضي لكن بالرؤية المستقبلية.
وأضاف أن العالم الغربي في سبيله لتحقيق الديموقراطية مر بأربع مراحل أولها العلمانية أي التفكير في النسبي بما هو نسبي وليس بما هو مطلق ونشأت تلك المرحلة مع إزاحة فكرة أن الإنسان هو مركز الكون ثم مرحلة العقد الاجتماعي أي أن المجتمع صناعة بشرية وهي امتداد للعلمانية أما المرحلة الثالثة كان عنوانها التنوير بمعني تحرير العقل من جميع السلطات الدينية والسياسية والاقتصادية وأخيرا مرحلة الليبرالية والتي تعني أن سلطة الفرد أقوي من سلطة المجتمع والتي ترتب عليها ظهور الثورة الصناعية.
وتناول ظاهرةالكوكبية,ويقصد بها موت المسافة زمنيا ومكانيا بفضل ثورة الاتصالات والإنترنت الذي عمل علي إلغاء الحدود.
واختتم كلمته بأن تأسيس العلمانية الديموقراطية يحتاج إلي قرون وقال:يجب أن ننمي رباعية الديموقراطية بعدها يحدث الحوار حول الصندوق الانتخابي.
مستقبل مظلم للتعليم
وأكدت الدكتورة مني أبو سنة الاستاذة بكلية التربية بجامعة عيد شمس أن الإجابة علي سؤال :إلي أين تتجه مصر؟ لا يحتاج مجرد استقراء للحاضر واستخلاص المسارات المحتملة لكن أيضا طرح رؤية مستقبلية تتجاوز الواقع لكنها تتخذ منه نقطة إنطلاق مع مراعاة التأثير بالمناخ الكوني ومدي القدرة علي المشاركة بندية في إنتاج المعرفة الجديدة.
وأضافت أن مستقبل التعليم العام مظلم ولا يختلف عن التعليم الجامعي نتيجة فساد العقل والذي تتجلي مظاهره في سيطرة الخرافة والسحر علي عقول المصريين ويحتاج إصلاح هذا الفساد إلي ثورة جذرية في ذهنية المتعلم والمعلم وإتاحة الفرصة للإبداع الذي يشترط وجود الفكر الناقد والحرية وإلغاء الوصاية علي العقل.
القضاء سلطة تابعة
أكد الدكتور ثروت بدوي أستاذ القانون الدستوري بكلية الحقوق جامعة القاهرة في كلمته حول أوضاع مصر أن السلطة القضائية حكم بين السلطات لأنها تحدد للحاكم والمحكوم ماله وما عليه ولذلك يجب أن يكون القضاء مستقلا بمعني الكلمة ولن يتحقق ذلك دون الاستقلال العضوي للهيئات القضائية فلا يكفي النص بأنه لايجوز التدخل في أحكام القضاء لكن يجب أن تختار السلطة القضائية أعضاءها بذاتها وأن يتوقف تعدي السلطة التنفيذية علي القضاء والذي بدأ مع ثورة يوليو التي ضربت القضاه باستخدام سياسة العصا والجزرة.وأصبح القضاء حاليا سلطة تابعة.
وأثار الجدل عندما سأله أمين بطاح أحد البهائيين عن موقف طائفته القانوني فيما يتعلق بالأوراق الرسمية فأجاب بأنه لم يسمع عن البهائيين إلا مؤخرا وأنه لايري ضرورة للاهتمام بالهوية الدينية للبهائيين لأن هذا يضر بالسلام الاجتماعي للوطن!! كما أشار الدكتور بدوي إلي قضية الراغبين في العودة مرة أخري إلي المسيحية ورأي أنهم متلاعبون بالأديان!!
سيطرة السلطة التنفيذية
حول مستقبل القضاء في مصر قال أمير سالم المحامي ومدير الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان والتنمية البشرية إن كفاح القضاء من أجل الاستقلال مستمر منذ سنوات طويلة لكن مازالت السلطة التنفيذية تؤثر بشكل مباشر في السلطة القضائية فرئيس الجمهورية هو الرئيس الأعلي لمجلس الهيئات القضائية ووزير العدل ممثل السلطة التنفيذية يرأس المجلس الأعلي للقضاء أعلي السلطات القضائية.وأضاف أن الدولة فتحت المجال لكثير من القضاة بمجلس الدولة للندب بالسلطة التنفيذية والعمل كمستشارين في الوزارات المختلفة وهو ما يؤثر علي نزاهة القاضي خاصة أنه يفصل في منازعات الحكومة أحد الأطراف فيها.
وانتقد سالم تعيين رئيس الجمهورية للنائب العام وقال أنه يجب انتخابه من قبل الهيئات القضائية ثم يقره المجلس الأعلي للقضاه لأنه يمثل المواطنين في رفع الدعاوي العمومية.
عام المواطنة
وأوضح المهندس يوسف سيدهم رئيس تحرير وطني أن وضع المواطنة في صدر الدستور لا يكفل وحده تغيير الواقع لذلك يجب علي المجتمع أن يفعلها ويترجم المواطنة إلي تشريعات وواقع ملموس يغير حياة الناس.وفي هذا السياق رفع مؤتمر المجلس القومي لحقوق الإنسان شعار المواطنة,وانتهي إلي اصدار وثيقة الإعلان العام للمواطنة ويطالب فيه السلطة التشريعية ممثلة في مجلسي الشعب والشوري بأن يكون العام القادم 2008 عام المواطنة وأن يفعل المبادئ التي وردت بالوثيقة والتي تعرضت للبطالة وانتقدت التمييز الواقع بين فئات المجتمع في حق العمل وتقلد المناصب سواء كان علي أساس الدين أو الجنس أو العقيدة أو الناتج عن انتشار الوساطة.
كما طالبت الوثيقة بأن تسحب الهوية الدينية من الأوراق الرسمية لمعالجة بعض المشكلات التي يعاني منها العائدون للمسيحية أو البهائيون أما إذا حدث توافق عام علي ضرورة الإبقاء علي هذا البيان في الأوراق الرسمية فإنه يجب ترسيخ حق كل مواطن في أن يضع هويته الدينية التي يرتضيها سواء كانت أديان سماوية أو عقائد أخري وتناولت الوثيقة القانون الموحد لدور العبادة الذي يضع شروطا عامة علي بنائها.
وطالب سيدهم الأقباط كمواطنين تعرضوا للظلم المجتمعي بالرجوع إلي المجتمع وشغل المساحة التي تركوها فارغة فيشاركون علي جميع المستويات وفي مختلف الأنشطة.
وعبر عن تفاؤله قائلا إن مصر تخطو في مجال الإصلاح الاقتصادي بنجاح واضح ويعول علي ذلك في إنقاذ الشرائح المطحونة التي ارتمت في أحضان الدين لانتشالهم من دائرة اليأس إلي دائرة الأمل وأضاف علينا الانتظار خمس سنوات لجني ثمار هذا الإصلاح..وعن الإصلاح السياسي تساءل حول جدوي وجود عشرين حزبا ليس لديهم ثقل في الشارع واقترح تجميع القوي السياسية في ائتلاف قوي يضم جميع تيارات المعارضة يمكنه المنافسة والمشاركة في الحكم.
التعايش في مصر
وتحدث الدكتور شريف دوس عن مستقبل التعايش في مصر بين المسلمين والأقباط وقال إنه يعتمد علي ثلاثة محاور:
أولا: أن تدعم الدولة والحكومة المواطنة بقوانين تنفيذية لا تسمح بإهدار حق أي مواطن وإصدار التوجهات نحو رفع التمييز والتهميش ضد المسيحيين في كل القطاعات.
ثانيا: العمل علي تهدئة الاحتقان الشعبي بين المسلمين والمسيحيين بتفعيل المواطنة والإصرار علي أن ينال كل مواطن حقوقه المدنية والدستورية وممارسة حرية إقامة الشعائر الدينية.
ثالثا: التأكيد علي وطنية الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بالشواهد التاريخية والمواقف الوطنية وذلك لفصل المؤثرات العالمية المحيطة بقضايا الشرق الأوسط والخليج والسودان ولبنان علي العلاقة بين الأغلبية المسلمة والأقلية المسيحية في مصر.
وأضاف دوس أن للدولة دورا رئيسيا في المحاور الثلاثة.
حرية الاعتقاد
وتناول المفكر البارز الدكتور سيد القمني الحديث عن مستقبل الدولة الدينية في مصر,ورد في البداية علي ما أثاره الدكتور ثروت بدوي وقال أنه من الطبيعي أن ينال كل فرد يعيش في مصر حرية الاعتقاد مادام يخلص للوطن ويقدم ما ينفعه ,فالمواطنة لا تستثني أحدا وإلا أصبحت طائفية,وأوضح القمني أن الإسلام ليس به مفهوم الدولة فهذه مزايدة علي الدين,فمن الأكرم التعامل مع الإسلام باعتباره دينا فقط للتقرب من الله في العبادات وليس باعتباره يعبر عن الدولة.
وأوضح أنه لا مستقبل لدولة دينية مشيرا إلي حركة حماس لم تطبق الشريعة الإسلامية رغم النص عليها في البند الأول من الدستور لأنها تعرف أن الزمن اختلف وما كان يحدث في عصر مضي لا ينطبق علي عصرنا الحالي.والتمس القمني في نهاية كلمته العذر للمواطن البسيط في إحداث تغيير حقيقي في المجتمع وقال أن المؤسسات في مصر من مدرسة وإعلام ومؤسسات دينية الجامع والكنيسة تسير كلها في خط فكري واحد عنوانه الدين,وهذا الزخم لم يعط المواطن فرصة للتمييز بين أكثر من فكرة لأن المعروض عليه في النهاية هو فكرة واحدة.
دولة مدنية
في حين أشار السفير محمود قاسم أن مصر حاليا أصبحت دولة مدنية بغطاء ديني كثيف يتزايد سمكة يوما بعد يوم إلي أن تنتهي إلي دولة دينية كامة وقال إن النظام الموجود حاليا يدعي أنه يمثل دولة مدنية ويستخدم الغطاء الديني في نفس الوقت ليعطي لنفسه الشرعية ويستمر أكبر فترة ممكنة.وفي الجهة المقابلة هناك من يعمل لتطبيق الدولة الدينية بشكل كامل وأضاف أن نشأة حركة الإخوان المسلمين جاءت بشكل مواز للحركة الوهابية الثالثة في السعودية ودعمتها الإمبراطورية البريطانية في ذلك الوقت من أجل انقسام المصريين ما بين مسيحيين ومسلمين.
وأوضح نبيل عبد الملك رئيس المنظمة الكندية المصرية لحقوق الإنسان أن مصر كدولة تختلف عن بقية البلدان في رأسمالها البشري وهو الإنسان المصري الذي تحدي الطبيعة وبني الحضارة ,وقال إنه حتي نصنع الدولة والحكومة لابد أن نتحرر أولا من خلال الإيمان بمبادئ حديثة واحترام حقوق الإنسان بشكل كامل وبدون تقسيط حتي يستطيع المواطن المشاركة والبناء في نهضة الوطن ,وأضاف أن مصر ستواجه مشكلة في غاية الخطورة إذا لم تطبق الديموقراطية وتحترم حقوق الإنسان وليس أمامنا سوي خيار واحد لنصعد من القاع ونساهم في دفع المخلصين وليس الفاسدين ليمثلونا.