تتمتع الأجيال الجديدة بخبرات وذكاء يفوق تصوراتنا.حفيدتي وعمرها أربع سنوات وثمانية أشهر تشاهد التليفزيون,وتشاهد دي.في.دي,وتمارس الألعاب في الكمبيوتر وتفشل وتظل تعاود اللعب حتي تنجح…إنها مثل معظم جيلها تكتسب المهارات والإصرار والصبر والمعلومات ومفردات اللغة…لذلك أنصح ألا تستهين بأسئلة طفلك التي يطاردك بها,إنه يريد أن يعرف وهذا حقه…ولكن هذه المسئولية تسبب لي حرجا هائلا مع حفيدتي مع أني أقول الصدق لها دائما.
جلست أمام التليفزيون أشاهد نشرة الأخبار,وجاءت حفيدتي وجلست إلي جواري.كانت أمامنا لقطات لأحداث في غزة حيث قادت قوات حماس بعض الشباب -عراة إلا مما يستر عوراتهم- إلي معبر إسرائيلي,والشباب العراة تغطيهم الدماء وآثار عدوان بدني. قالت حفيدتي ##مين الأشرار في دول؟##. فقلت ##دول إخوات وزعلانين مع بعض ومتخانقين##. قالت ##برضه مين وحشين؟## وقبل أن أبحث عن إجابة أنقذتني النشرة بأن بدأت تعرض حدثا آخر,مظاهرة ضخمة في أحد الشوارع تحمل الأعلام وتردد الهتافات,وفي آخر الشارع وقفت حشود متراصة من قوات الشرطة يحملون الدروع والعصي. فقالت حفيدتي ##مين الأشرار في دول؟##. فقلت لها ##الناس دول عندهم مشاكل وعاوزين الحكومة تحلها,وإللي لابسين أسود عاوزينهم يروحوا بيوتهم##…وفي لحظات بدأت الشرطة تلقي قنابل مسيلة للدموع ثم هجموا علي المتظاهرين يضربونهم بالعصي فجري الناس وسقط بعضهم علي الأرض وتجمع حولهم الجنود وجذبوا بعضهم إلي داخل عربات الشرطة. قالت حفيدتي ##البوليس دول أشرار؟##.
وجدت لزاما أن أفسر لها الموقف بإسهاب وبساطة…فقلت ##يا حبيبتي المجتمعات فيها تيارات مختلفة,والحكومة تريد أن تسيطر وتفرض الأمن في الشارع لذلك تقاوم إبداء الرأي في الشوارع…صحيح أن هذا حقهم الدستوري غير أن مبدأ فرض الأمن يتغلب علي موقف الحكومات وخصوصا في الدول غير الديموقراطية##.
نظرت إلي حفيدتي بانزعاج,وأعطتني ظهرها وهي تقول باقتضاب شديد وبحسم ##أنت من أول الحكايات وأنت بتخرف يا جدو##.