د.أحمد عكاشة:تجرد المجتمع من الأحزاب فانتمي الناس للعقيدة وليس الوطن.
يوسف سيدهم:علينا التبشير بثقافة الاختلاف لنصل إلي الاتفاق.
محمد عبد القدوس:لاينتمي الإنسان لوطن ضاعت فيه حقوقه
د. مصطفي النبراوي:أصحاب المرجعيات الدينية يعطلون المواطنة
لماذا يشعر معظم الناس في مصرنا بأنهم مظلومون.مقهورون محرومون,وبات يتفاقم الشعور بغياب العدل وضياع الحقوق,وبات الجميع يتصورون أن المواطن سلعة مجانية؟لكل منا آمال وأحلام يبقي تحقيقها علي أرض هذا الوطن لكن لم يحتونا الوطن فانكسر الحلم,وترنحت الآمال التي تلعب الدور الرئيسي في تعزيز الانتماء لدي المواطن واكتشاف الطاقات الكامنة,وبلورة ضمير مجتمعي يقظ.
انكفأ الجميع علي أحوالهم ينعونها,وترسخ الشعور بالظلم,وغابت المواطنة التي هي السبيل الوحيد لقيام مجتمع سوي.فماذا لو استمر غياب المواطنة؟وما سبب انتحار الضمير المجتمعي؟وكيف يخرج المصري من هذا المأزق؟كان هذا موضوع صالون المواطنة الذي عقدته جريدةوطنيبالتعاون مع لجنة الحريات بنقابة الصحفيين…والسطور التالية تعرض لرؤي وهموم وآمال مصر, والتي عبر عنها المشاركون في الصالون:
افتتح الصالون محمد عبد القدوس رئيس لجنة الحريات بنقابة الصحفيين وقال:كل الحقوق مفتقدة في بلدنا,فهل يمكن أن يرتبط الإنسان بوطن لايحصل فيه علي حقوقه!هل يمكن أن ينتمي إليه في ظل شعوره بالظلم؟!هل يمكن أن يستقيم المجتمع دون إقرار بالمواطنة..لجميع أفراده دون تفرقة لأي سبب؟… إنها تساؤلات تدور في أذهاننا جميعا.
يوسف سيدهم:رئيس مجلس إدارة ورئيس تحريروطنيطرح في بداية كلمته تساؤلا جادا وجوهريا قال: المواطنة تمثل مأزقا,إذ تطرح تساؤلا ملحا فهل هي الأرضية المشتركة التي يقف عليها المتفقون أم هي الأرضية المشتركة التي يقف عليها المختلفون؟وهنا يجب أن نراجع ثقافتنا المغلوطة نعم فثقافة الاختلاف لدينا يشوبها كثير من المغالطات…فهناك جيلان من المصريين نشئا في ظل مناخ تعليمي مقاوم لثقافة الاختلاف لذلك ما نحتاج التبشيربة هو المظلة التي يجب أن تتعايش تحتها كل الاختلافات,فالمواطنة حقا لبني الوطن أجمعين حتي لو اختلفوا سواء في العقيدة أو الجنس أو التوجه السياسي أو الانتماء الاجتماعي أو المستوي الاقتصادي.ولكن يبقي الوطن مشتركا وتبقي المواطنة الكاملة حق للجميع دون تمييز لفئة علي أخري.
ماذا حدث في مصر؟
بدأ الدكتور أحمد عكاشة أستاذ الطب النفسي البارز والضيف الرئيسي للصالون قائلا:لم أر بلدا يستخدم لفظ المواطنة سوي مصر,فلا الفرنسيون ولا الإنجليز أو حتي الهنود الذين ينتمون لبلد بها ما لايقل عن 200 عقيدة يستخدمون هذا اللفظ,ولا أحد هناك يعاني من مشاكل في المواطنة بسبب العقيدة ومصر ذاتها لم تكن هكذا فماذا حدث في مصر؟
هناك شيء أخلاقي أصابه الخلل في السنوات الأخيرة ولم يكن موجودا من قبل… لماذا تم تزييف التاريخ الذي ندرسه للأطفال؟لماذا نصنف أنفسنا علي أننا عرب بينما جذورنا فرعونية,وحتي العرب هم القبائل اليمنية فقط وبقية مايطلق عليهم عرب هم مستعربون وليسوا عربا؟
لماذا لم تظهر مشاكل المواطنة في أيام مكرم عبيد والنحاس باشا؟ويجيب عكاشة:لوجود هدف نصب عيون المصريين وهو تحقيق الجلاء الإنجليزي عن مصر وحل القضية الوطنية بالاستقلال.أما الآن فلايوجد هدف معلن!!في الماضي كانت الصفوة تؤدي أمام الأغلبية دور القدوة أما الآن فمن يعلنون علينا الأهداف لايعملون بإخلاص من أجلها!!بالإضافة إلي أنها أهداف منفصلة عن المواطن انفصالا شديدا بحيث يستوي تحقيقها أو عدم تحقيقها.ويبقي المواطن مفتقدا للحاجات الأساسية,والأهداف الطبيعية لأي إنسان والتي تمثل في علم النفس ما يسمي بهرم ماسلوفالعالمماسلوكون هذا الهرم ليعرف الحاجات الأساسية للإنسان ورتبها ترتيبا تصاعديا
جاء في قاعدة الهرم والتي تمثل المساحة الكبيرة المأكل والمشرب والمسكن ثم تلاها الحماية وفي المرتبة الثالثة الانتماء.إذا لكي يتحقق الانتماء لابد وأن توفر البلد الحياة المادية الكريمة والحماية,فمن لايملكون كل هذا لايمكن أن يكون لديهم انتماء لأي شيء في الدنيا.
أما في المرتبة الرابعة جاء التعليم ثم الثقافة ثم التذوق الجمالي حتي نصل لقمة الهرم التي تمثل مساحة ضيقة لكنها القمة وهي تحقيق الذات,فالإنسان حتي يشعر بتحقيق الذات لايحتاج المال أو الجاه أو السلطة ولا القوة إنما يحتاج إنجازا يفيد البشرية وهو مالايمكن أن يحققه إذا ما فقد الحاجات الأساسية الموجودة في قاعدة الهرم.لذلك قد يحتمل الناس الفقر وحده,لكن فقرا دون عدل لايمكن أن يتحمله المواطن,وليس أدل علي ذلك مما سمعناه عن الشخص الذي سألوه تحارب عشان خاطر مصر؟فقال لأ.قالوا ليه,قال:بتدينا إيه؟
خلل في الانتماء
إذا حدث خلل في الانتماء بسبب عدم الثقافة وعدم المساءلة وعدم تبادل السلطة ,كل ذلك يتم دون النظر لأهم عنصر للصحة النفسية وهو النسيج الاجتماعي أي الأصدقاء,الأسرة,المجموعات المحيطةرياضية-دينية-سياسيةفلابد من الانتماء إلي مجموعة ما حتي يكون الإنسان صحيحا لكن للأسف تلاشت جميع المجموعات إذ تم تجريد لعقلانية الإنسان المصري عندما جردنا المجتمع من الأحزاب,والطلبة منعوا من التعبير عن انتماءاتهم السياسية في الجامعة.
إذا جردنا المجتمع من مجموعات الحماية ولم يتبق سوي الجامع والكنيسة يزوجان المحتاج ويعالجان المرضي و…إلخ فأصبح الانتماء الحقيقي للعقيدة وليس للوطن.لذلك عاد البعض للأفكار السلفية بل وللتعصب والكراهية,ورغم أن الإنسان يولد بميل معين إلي أن المجتمع عليه المهمة الكبري في توطيد الميل أو تغييره,فكل المتشددين أو السوداويين الذين يولدون بنظرة تشاؤمية كان من الممكن تغيرهم لولا توجه المجتمع الذي ساعدهم علي ذلك.
ثقوب في الضمير المصري
وهناك خمسة أمزجه يتوزع الناس عليها:الأول الاكتئاب والثاني العصبي الذي يحمل شحنة انفجارية ثم يتأسف بعد تفريغها ,والثالث القلق الخائف باستمرار والرابع يتناوب بين المتفائل والمتشائم أما الخامس فهو النشط الطموح محتمل المسئولية.
ونحن نولد بأحد الأمزجة لكن الخلق العام يؤثر في أمزجتنا وأخلاقنا فالضمير مثلالمنخللايمرر أي شيء سوي ما يجب أن يمر,ولكن للأسف اتسعت الثقوب جدا في الضمير المصري,والمدهش أن من يرفض الرشوة حاليا يمنح مكافأة كما لو كان هذا الفعل هو الاستثناء!رغم أن المفترض أن هذا السلوك هو القاعدة.
الأخلاق مالت للتطرف وكره الآخر.تأ كدنا من ذلك عندما قمنا بعمل دراسة علي المصريين وسلوكهم تجاه بعضهم البعض خاصة الذين يعيشون ويعملون في بلاد عربية,إذ وجدنا انحدارا في السلوك وكرها شديدا ووشايات لدي الرؤساء مع تأليب للجماعات والأفراد كل علي الآخر,والعجيب أننا عندما درسنا هذه الظاهرة في الجاليات الأخري في ذات الدول لم نجدها سوي في المصريين الذين فقدوا انتماءهم للوطن الذي عجز عن الوفاء بحاجاتهم الأساسية!!
0 حنان فكري-صحفية بوطني-ما الذي طرأ علي الشخصية المصرية تحديدا فاتسعت ثقوب الضمير لديها…وماذا يتوجب علي كل فرد ليخرج من حالة عدم الرضا في محاولة للتغيير؟
0 د. أحمد عكاشة:أي مجتمع يمكن أن يتعرض الضمير العام فيه لهزات وقلاقل وعلي قدر عنفها أو بساطتها يتبدي لنا حجم الأسف علي ما اعتري هذا الضمير العام من عطب أو مالحق به من ثقوب فأصبح ينفذ من خلالها مالا يجوز نفاذه.وإذا طبقنا ذلك علي الضمير المصري نجد تحولا واختلافا وانهيارا في القيم بسبب مايشعره المواطن المصري في ظلم فما طرأ علي الشخصية المصرية هو عدم الإحساس بالمواطنة الكاملة,انخفاض درجة التضحية في سبيل الغير,التمركز حول الذات,الفقر,التفكك الأسري,البطالة,الازدحام,الحال المتدهور للتعليم,الفهم الخاطيء للدين,غياب العدالة,الغش وعدم احترام القانون,تدهور هيبة الدولة,الفساد,التأرجح الدستوري بين الرأسمالية والاشتراكية,تحول الدولة لقوة بوليسية,غياب القدوة علي كل المستويات.
هذا هو ما طرأ علي المجتمع والشخصية المصرية فانتحر الضمير العام…لذلك علينا أن نجد حلولا للنهضة بضمير المجتمع من القمة إلي القاع.
مواطن مكتئب جدا
0 ناجي أبوالنجا-صحفي-ومواطن مكتئب جدا هكذاعرف نفسه:في سوق السيدة عائشة يقف الباعة بأكوام من فضلات الأطعمة المتخلفة عن كبري فنادق القاهرة,الكيلو سعره سبعة جنيهات,نشتريه لنشبع أولادنا,ندفع إيجار المسكن ثم نقضي أيام الشهر في ضيق شديد.أنا بأمانة شديدة جدا مفتقد للعدالة وكرهت البلد والمشكلة أنني ليس لدي بلد آخر لأذهب إليه كرهته لأن الناس كرهوا بعضهم البعض.
منذ عدة أعوام قمت بتطليق زوجتي وطلبت من صديق لي أن يشهد علي عقد الطلاق,ولم أعلم سوي بعد عشر سنوات أنه مسيحي,لماذا طغت الطائفية علي مجتمعنا؟لماذا نري العدل في إسرائيل وفي السعودية بينما لا نلمسه في مصر؟متي يأتي الفرعون العادل في مصرنا؟أنا مكتئب جدا جدا ورغم أنني لا أثق في أي علاج إلا أنني أسألك هل لديك علاج؟
0 د. أحمد عكاشة:أنا أعالج الاكتئاب النفسي فقط أما اكتئاب الوطن…
ماقدرش عليه لأني بأعاني منه زيك تمام
0 سامح سامي:أحد أسباب عدم رضا المجتمع الذي نحياه حاليا هو الانقلاب الاقتصادي الذي هدم أعمدة مجتمعنا وأثار في النفوس الإحساس بالقهر, وأصبح المصري ريشة في مهب الريح,كل وافد يؤثر فيه,والمفترض أن الوافد لايؤثر علي الأصيل,بينما ماحدث هو العكس فأهل الخليج الذين توافدوا علي مصر بثقافات غريبة خليجية وبدوية أثروا في كل مناحي الحياة في مصر.
تزوير التاريخ:
0 القس أسطفانوس ميخائيل:راعي كنيسة العذراء بفم الخليج:للتعليم أثر كبير علي التغيرات التي حدثت في مجتمعنا…فما حدث من تطوير للمناهج كان تغييرا شاملا لتدريس الدين الإسلامي للجميع المسيحي والمسلم وتجلي ذلك في منهج التاريخ بجامعة الإسكندرية,كما أن منهج المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية يلغي الآخر الديني,فلاوجود سوي للمسلم حتي صار الأطفال يخلطون بين الدينين.
0 د. أحمد عكاشة:توجد سبعة قرون من التاريخ القبطي لايتم تدريسها في المدارس أو الجامعات,كما أن 70% من التاريخ يرجع إلي الحكي من الذاكرة و30% ,حقائق فالناس تضيف من مفاهيمها الخاصة وتنقل حسب توجهاتها وشخصيتها,فكل التاريخ الذي بين أيدينا مكتوب بواسطة أفراد لهم اتجاهات ورؤي تؤثر فيما ينقلوه إلينا.لذلك لابد أن تكون البداية من تدريس التاريخ الصحيح للأطفال دون تزييف أو إعلاء لطرف علي الآخر.
0 عماد شهاب-شاعر:لي تجربة خاصة مع الآخر الذي لم أكن أعرفه قبل سنوات, فمنذ خمس سنوات قررت أن أفتح قلبي ومنزلي لإخوتي المسيحيين, وطهرت قلبي ومددت يدي لأبانوب ومريم ومينا,صادقت أسرتهم وفتحنا منازلنا كل علي الآخر فنعلم أبناءنا معني الآخر في حياتهم بصورة عملية,ولكن المخاطر تأتي إذا استمر دور التعليم في هدم مانزرعه في أولادنا!!
الطب النفسي السياسي
0 د. مختار الشريف-خبير اقتصادي:
المجتمع المدني كفيل بحل مشكلة المواطنة والقيام بالدور الذي كان يجب علي المؤسسات الأخري أن تلعبه,لذلك لابد من تعميق دوره.
أما بالنسبة للقوي السياسية في مصر فظهر حاليا علم النفس السياسي الذي يدرس اللاعب في المجال السياسي ويعطي صورة لما يمكن أن يتخذه من قرارات تؤثر علي المجتمع.فهل الطب النفسي في مصر يفعل ذلك مع السياسيين البارزين؟
0 د. أحمد عكاشة:نعم يوجد طب نفسي سياسي علي اعتبار أن التفكير في السياسة يأتي من الفكر الموجود في المخ,ويمكن للطبيب النفسي أن يتتبعه ويحلله,كما أن رأي السياسي وحكمه علي الأمور وفهمه لها يؤثر علي الشعب كله.لذلك فأي شخص يستمر في السلطة لمدة طويلة ينتابه الشك فيمن حوله,والقصة المدللة علي ذلك أحد الحكام الذي أصابه الاكتئاب فأتوا إليه بالأطباء النفسيين بعد أن امتنع عن تناول الطعام,وعند ما أشار عليه الأطباء بتناول الأدوية أعدمهم جميعا.
من هنا تقلص دور الطب النفسي السياسي لأن الحكام السياسيين ينكلون بالأطباء إذا لم يتوافقوا مع أهوائهم.وأصبحت العلاقة سيئة بين الحكام والأطباء النفسيين,لذلك يفضل الطرف الأخير الابتعاد عن الحكام لأن إقامة علاقة معهم غالبا ماتكون نهايتها غير حميدة.
نعود لاستمرار السلطحة لمدة طويلة وهو مايقلص الحريات السياسية ويجمد التطوير,نجد في مهاتير محمد في ماليزيا تجربة رائعة.استهدف منها شعور الجميع بالنهضة والرخاء,إذ إنه كان حازما عندما اتخذ قراره التاريخي إذ اختار طوعا بمحض إرادته ترك السلطة وقال إن أحدا لم يمكن يعلم بنيته حتي زوجته ,وحين فاجأ الماليزيين في خطابه بقرار التنحي عن السلطة كان ذلك صدمة للجميع,لكنه مضي في قراره ,وقال قبيل مغادرته السلطة:هذا قرار نهائي,وإذا كانت ماليزيا بعد أكثر من عشرين عاما من تجربتي في الحكم غير قادرة علي أن تمضي بمفردها,يصبح كل مافعلناه خطأ وما لم تجد البلاد قيادات سياسية جديدة تكمل طريق ماليزيا إلي المستقبل فالمعني الوحيد لذلك…أنني قد فشلت.
0 أيمن عبد المجيد-صحفي بروز اليوسف:
كيف نخرج من فكرة الفجوة التي يعانيها قادة الرأي مابين ما يطالبون به ومابين مايفعلونه؟
0 د. عكاشة :في كل شعوب العالم توجد نسبة من الأذكياء 20% والباقي متوسطي الذكاء,وهذه النسبة إما أن تخدم نفسها أو تخدم المجتمع كله.
في الدول المتقدمة وبعض الدول الديموقراطية نسبة الـ20% تخدم نسبة الـ80% أما في مصر فنسبة الـ80% تخدم الـ20% وربما تخدم 1% فقط,ومن هنا جاءت الفجوة التي تحتاج لصياغة المجتمع من جديد للخروج من الأزمة.
0 أحمد شعبان-باحث بمركز ابن خلدون:
أنا كمسلم مصري أعمل بقول اللهإن الله لايغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهموبالتالي علينا البحث عن الآليات التي يمكن تغيير أنفسنا بها,فالجميع يتسلطون علي ما دونهم ويخشون ممن فوقهم,مما يثير الكراهية.وربما إذا استقر العدل تكامل أفراد المجتمع.
فوضي اللغة
0 سامية كامل-مدرسة لغة عربية: تفعيل المواطنة يتحمل مسئوليتها رجال التعليم…والداء موجود في البراعم,علينا أن نفحص من يعلمونهم ,فهل تتصورون أن أحد الأطفال الذين ينتمون لعائلات ثرية قال لي ذات مرة:ياريت أمريكا تدخل عندنا زي مادخلت العراق,علي الأقل يدونا فلوس ويرحمونا من اللي إحنا فيه.
إذا كان هذا هو تفكير أبناء الأثرياء فما بالنا بأبناء العشوائيات.
0 د. عكاشة:ما تقولينه صحيح تماما والسبب فيه فوضي التعليم,فوضي في اللغة التي يتناقلها الجميع,فالمنظومة الفكرية للإنسان تعتمد علي اللغة.وفي مجتمعنا تتعدد اللغات فالتليفزيون والفضائيات تتحدث لغة,والمنزل لغة أخري,والمدرسة لغة أخري,والصحف لغة ثالثة,ومنازلنا تنطق لغات مختلفة, واختلاف تلك اللغات التي تتحدثها كل شريحة كفيل بالقضاء علي الإبداع, فماذا ننتظر من أبنائنا في المدارس بعد تلك الفوضي فيما نعيشه ونسمعه ونتناقله عن ذوينا.
0 د. مصطفي النبرواي -الأمين العام لمركز الحوار الإنساني:اختلف في إحدي زوايا الطرح لدي د. عكاشة فحق المواطنة ليست مطلب أقليات دينية ففي تقديره جميعنا يعاني من نقص حاد في حق المواطنة…إذا كل الناس لها مطلب ومن حقها أن تساهم في رسم سياسات الوطن والتمتع بخيراته.
إذا فهناك علاقة بين المواطنة والانتماءات السياسية.وكلما تدنت الانتماءات السياسية كلما ضاعت حقوق المواطنة…هناك أيضا علاقة واضحة بين تدني حق المواطنة والتحول الديموقراطي فالدولة عندما تمارس التحول الديموقراطي عليها تفعيل المواطنة ومعايير الكفاءة لذلك لابد من سؤال:ما هي القوي التي تعطل تفعيل المواطنة؟
و الإجابة هي ذات القوي التي تقف أمام التحول الديموقراطي,وفي المقام الأول أصحاب المرجعيات الدينية نتيجة لأسبقية الانتماء الديني لديهم علي الانتماء الوطني.
اللامبالاة
0 د. عكاشة:نحن في حالة من العجز واليأس وعلينا الخروج منها لنتدفع إلي الأمام,ولكن أخطر شيء في مصر اللامبالاة..هل تعلمون قصة الفأر والكهرباء؟فهناك باحث أجري تجربة علي فأر,إذ ظل يصعقه بالكهرباء لمدة أربعة أيام,في اليوم الأول والثاني كانت استجابة الفأر قوية,في اليوم الثالث تضاءلت,في اليوم الرابع ظل يصعقه دون أن يشعر الفأر بشيء إذ تبلد أحساسه,طبق الباحث هذا علي الإنسان,فالإنسان الذي يعيش في قفص شمولي مهما صعقته الكهرباء يتبلد..ويكون لامباليا!!
ماجدة رشوان:أود أن ألخص ماجاء من آراء اليوم فيما قاله الكاتب المسرحي محمود دياب عن الإحساس بالانتماء في كلام شديد العمق راغبا في التغيير عن أن النهوض بالظروف الاجتماعية والاقتصادية للناس يمكن أن يخرجهم من الواقع المرير,أما إذا ظلوا مهمشين سيأتي الانفجار لامحالة.
واليكم بعض كلمات محمود دياب من مسرحية باب الفتوح:
المركب توشك أن تغرق ولكي ننقذها
لابد وأن نتخفف من بعض الأثقال ووسيلتنا إعتاق عبيد الأمة.
لايوجد بلد حر بغير شعب حر
ما من شيء يدفع عبدا أن يستشهد
ليصون الحرية للأسياد
أن يحمي أرضا لايملك فيها شبرا
أن يحفظ نهرا لايشرب منه جرعة ماء
الحرية قبر الجد وأمل الغد
الحرية وقبة جامع أدوا فيه صلاة الفجر
الحرية وضحكة طفل في ظل البيت
الحرية وذكري حب
الحرية بأوجز كلمة
عظمة أمة:
فادي لبيب-صحفيبوطني:كيف نتعامل في ظل الظروف الضاغطة-بنفس سليمة ونصل للنجاح ؟
0 د.عكاشة:هذا أصعب سؤال طرح في هذه الليلة لكن عليك باتخاذ المؤشر الذي لم يخطيء أبدا ويتلخص في أن الصحة النفسية هي تمركز حول الآخر ومساعدته,والمرض النفسي هو تمركز حول الذات,فإذا استطعت رغم القهر والشمولية أن تعطي الآخر أؤكد لك أنك في حالة نفسية جيدة.
هنا أود أن أقول إن الدين لايمنح الصحة النفسية المتوازنة بينما يمنحها الإيمان والفارق كبير فاعتناق الإنسان لإيمان وعقيدة ماهو الإيمان أما الدين هو ممارسة طقوس معينة,والإيمان هو مايجعل الإنسان سليما نفسيا بل ويقهرأ آلامه
0 إيمان أحمد حسام-طبيبة إذا كان الأمر هكذا لماذا يحاكم كل منا الآخر,لماذا نرفض بعضنا بسبب العقيدة؟لماذا رفضنا البهائيين وهم مواطنون مثلنا تماما ورغم أنني مسلمة إلا أنني أجد أن معهم كل الحق,فالدين علاقة خاصة بين العبد وربه وحق مكفول,لماذا يقهر بعضنا البعض ونصبح جميعا غير أسوياء ودائما في حالة صراع؟
سيد نصري صحفيبوطنيماهي الأدوات والإجراءات التي يمكن أن تحسن الحالة الاجتماعية للمواطنين؟
0 د. عكاشة:أن يعلم كل فرد قدراته وإمكانياته فتتلاشي الفجوة بين الطموح والإمكانيات وتتفاوت الإمكانيات كل حسب فكره ودرجة نضجه.
دكتور زاهر فريد رئيس مجلس إدارة جريدة حقوق الإنسان:
المادة الأولي من الدستور في تعديلاتها الأخيرة عام 2007 تنص علي أن مصر نظامها ديموقراطي قائم علي أساس المواطنة وأن المصريين جميعا سواء, ولكننا نجد كافة أشكال التمييز والممارسات التي تفرق بين فئة وأخري من هنا نشأت الفجوة بين مايقره الدستور والقانون وما يمارسه المواطنون والقائمون علي تنفيذ القانون وتطبيق الدستور,لذلك كان شعور الناس بالقهر والظلم وانتهاك أبسط حقوقهم التي إذا ماحصلوا عليها سيتغير المجتمع للأفضل.
رغم اختتام الصالون بحديث المواطنة الدستورية والفجوة بينها وبين الواقع إلا أن الحوار ترك في كل منا تساؤلات حائرة عما يمكن أن يقدمه كشريك في هذا الوطن مساهما في ممارسة مايستطيع ممارسته من مفاهيم المواطنة,فلن يستقيم المجتمع إلا إذا بدأ كل بذاته.
دعوة للإحياء والتجديد
إذا سألني أحد عن الأسباب الرئيسية التي تحول دون مصر وتحقيق هذه الأهداف الاستراتيجية الواضحة,وكثيرا ما تسببت في تشتيت تفكيرها في أمور أخري أكثرها من القشور التي لا تفيد,بل وفي تعطيل حركاتها وقدرتها سأقول أيضا بغير تردد إنها تكمن أساسا في ثلاث مسائل متداخلة ذات طابع نفسي وثقافي واجتماعي وهي:
التردد لفترة طويلة في تطبيق الإصلاحات الجذرية والتخوف من تبعة هذه الإصلاحات باعتبار أن كثيرا منها يتعارض مع شعارات رفعت في الماضي ومع مصالح اكتسبها المستفيدون من أوضاع خاطئة والذين مازال لهم قول مؤثر فيما يتخذ من قرارات,وقد رأينا الحظ بداية لتراجع هذا التردد والتخوف في السنوات الأخيرة,كما أن رئيس الدولة أعلن أكثر من مرة تحيزه الكامل للإصلاح ولمصالح الأغلبية الفقيرة.لكن طريق الإصلاح مازال طويلا وشاقا وفي حاجة إلي مواصلة الخطوات الشجاعة في جميع المجالات.
عجز المجتمع المصري في مجموعه حتي الآن عن أن يجد صيغة مناسبة للتوفيق بين قيمه الموروثة وما يتطلع إليه من تقدم في العصر الحديث بحيث يتمكن من تغليب مصالح المستقبل علي اعتبارات الماضي,أي بحيث لايجعل قيم الماضي قيدا علي التقدم بل يجعلها حافزا لبناء مستقبل أكثر تحررا وأكثر اهتماما بالمساواة والعدالة وبالحكم الديموقراطي والعمل الإنتاجي طبقا للمفاهيم العصرية لهذه المباديء.
3- شيوع الفساد الظاهر والمستتر في الجوانب المختلفة للحياة المعاصرة وذلك كظاهرة اجتماعية عامة وليس كمجرد ظاهرة بيروقراطية تقتصر علي بعض الموظفين العموميين.
0 التوفيق بين الماضي والمستقبل:
يحول العجز عن التوفيق بين اعتبارات الماضي والمستقبل دون تغليب الحداثة في التفكير والتشريع والممارسات,وقد نتج هذا العجز عن عدة اعتبارات معقدة أهمها:
الاتجاه العام لدي الشعب المصري لأسباب تاريخية واجتماعية إلي تمجيد الماضي والحط من الحاضر وما يتبعه من تقديس أقوال الأولين وأفعالهم وتغليب الآراء السلفية علي الآراء الحديثة مع إحاطة الماضي بسياج من المثالية ليس له دائما سند وقد تزامن التاريخ مع اتجاه متزايد في منطقتنا وفي مناطق أخري نحو إثارة الرموز والشعارات الدينية,بل والتعصب لما يميز كل مجموعة داخل المجتمع من هوية دينية أو عرقية.
تحكم الطبقة المتوسطة ذات الأصول الريفية في جهاز الحكم مع غلبة القيم المعلنة لهذه الطبقة وهي قيم سلفية في الأساس تكتسب تأييدا واسعا بسبب جذورها الدينية هذا مع التفاوت الواضح بين القيم المعلنة والسلوكيات الفعلية.
3- التوسع الكبير في الخطاب الديني في التعليم والإعلام دون اعتبار مسبق لما يترتب علي ذلك من حيث مجالات العمل لتخريجي التعليم الديني وتأثيرهم العام في تفكير المجتمع.فقد تضاعفت أعداد طلاب المعاهد الأزهرية عدة مرات وكثرت المدارس الأهلية ذات الطابع الإسلامي أو المسيحي وزادت المقررات الدينية في جميع المدارس وتعددت كليات الشريعة والقانونوظهرت الصفحات الدينية في الصحف والمجلات بما لم يكن معروفا من قبل,وشاعت البرامج والمواعظ الدينية في أعمال الإذاعة والتليفزيون بما لايقاس بالوقت المخصص للبرامج العلمية ولمناقشة الأفكار المعاصرة,بل بما جعل البرامج الأخيرة تتخذ أحيانا طابعا دينيا هي الأخري.
وأدي هذا التوسع الكبير إلي أن تخطي الأمر مطالبة الناس بالتمسك بدينهم وتعدي ذلك إلي حالات من التعصب والتشنج الديني حتي سادت في أماكن كثيرة في مصر الدعوة إلي أن يعيش الناس في الواقع في نهاية القرن العشرين علي ما كان عليه سكان شبه الجزيرة العربية في القرن السابع,ليس فقط فيما يتعلق بمكارم الأخلاق أو شئون العبادات وإنما أيضا في ملبسهم وتعاملهم اليومي وشئون الحكم فيهم.وفي هذا المناخ العام أصبح كثير من الدعاة الذين عينوا أنفسهم لهذا العمل وحظوا بدعم واسع من أجهزة الإعلام الرسمية رموزا للفكر في المجتمع,وانحسرت القيم التحررية في المجال الديني وفي غيره وسادت مظاهر في السلوك تعتمد علي أكثر التفاسير تشددا وأبعدها عن التلاؤم مع مقتضيات الحياة في مجتمع حديث,والأهم من ذلك أن العقلية التي نجمت عن هذه الإجراءات كلها قد زادت بدعوتها إلي الحلول السطحية في تعقيد المشاكل السياسية والاجتماعية التي تواجه المجتمع في مصر وتشجيع الفهم الديني الخاطيء.
تفشي الأمية بين البالغين وضعف مستوي التعليم عند الأطفال والشباب بما يسهل علي الذين يستغلون الدين لأغراض سياسية مهمتهم ويدفع السياسيين إلي مسايرة التيار اكتسابا للشعبية.
5- أنتشار البطالة السافرة والمقنعة التي تورث اليأس بقدما تتيح المناخ والوقت لرواج الدعوات المتطرفة.