سارة بالين هي أنسب علامة تعجب تنتهي بها فترة حكم بوش. فلقد مررنا بفترتين رئاسيتين لإدارة كانت تعتقد أنها تستطيع خلق الواقع الخاص بها.
عجز الميزانية لا يهم. عزيزتي, إنك تبلين بلاء حسنا. يجب أن تكون أسلحة الدمار الشامل في مكان ما.
والآن تأتي إلينا بالين, مرشحة منصب نائب الرئيس المبتسمة والمليئة بالحيوية, والتي تسافر في عالم من اللغة البديلة. وبالنسبة لبالين, فإن أشياء مثل السياق والتراكيب وتوافق الإجابات مع الأسئلة أمور لا معني لها.
في ملاحظاتها الختامية في المناظرة بين المرشحين لمنصب نائب الرئيس, أشارت بالين في جدية, وفي غير دقة, إلي مقولة لرونالد ريجان. كان ريجان قد حذر من أنه إذا لم يكن الأمريكيون يقظين لحماية حريتهم, سيجدون أنفسهم يمضون سنين شيخوختهم يقصون علي أبنائهم وأبناء أبنائهم كيف كان الأمر في أمريكا عندما كان الرجال أحرارا.
ما لم تقله بالين, هو أن الخطر الذي كان يهدد الحرية وكان ريجان يتحدث عنه هو برنامج الرعاية الصحية. كما يشير المؤرخ روبرت داليك, حيث كان ريجان يري برنامج الرعاية الصحية مقدمة للاشتراكية, التي يمكنها أن تغزو كل ساحة للحرية في هذه البلاد.
هل توافق بالين علي هذه الفكرة الكارتونية؟ أو هل هذا نموذج آخر لحاكمة آلاسكا وهي تتحدث بكلام لا معني له؟
ها هي بالين أثناء المناظرة: قل إنها ليست كذلك جو! ها أنت تشير إلي الماضي مجددا.. الآن تبا لهذا, دعنا ننظر إلي الأمام ونقول للشعب الأمريكي إن علينا أن نخطط من أجلهم في المستقبل. لقد ذكرت التعليم, وأنا سعيدة أنك فعلت. أعلم أنك متحمس له لأن زوجتك كانت تعمل معلمة لمدة 30 عاما, فليرحمها الله. ستلقي ثوابها في السماء, أليس كذلك؟.
إن لم يعجب السؤال الحاكمة بالين, أو لم تعرف الإجابة, أجابت وكأنها سئلت سؤالا آخر. إنها لا تتردد في الأمر, وقالت في بداية المناظرة: ربما لا أجيب عن الأسئلة بالطريقة التي تريد مديرة المناظرة أو تريدون سماعها.
تكمن المشكلة في ترشيح بالين في أن جون ماكين ربما يفوز في هذه الانتخابات بالفعل, وإذا حدث أمر فظيع, يمكن أن ينتهي الأمر بالبلاد بأكثر من مجرد علامة تعجب عندما تكون رئيسة لها.
بعد أن نسجت بالين شباكها اللغوية الخاصة التي لا يمكن فهمها, تحول جو بيدن إلي مديرة المناظرة جوين إيفيل وقال: جوين, لا أدري من أين أبدأ.
بالطبع لم يعرف من أين يبدأ لأن كلمات بالين لم تعن أي شيء, بل كانت مجرد علامات ترقيم.
إنها لحظة خطيرة في التاريخ الأمريكي, ولذا فمن الصعب تصديق أن شخصا له مهارات بالين المحدودة من الممكن أن يلعب دورا قياديا. في اليوم السابق للمناظرة, قدم قائد قوات الناتو في أفغانستان الجنرال ديفيد ماكيرنان التماسا عاجلا لإرسال المزيد من القوات, قائلا إن هناك حاجة عاجلة قدر الإمكان إلي جنود بريين, بالإضافة إلي المزيد من المروحيات والمعدات الحيوية الأخري.
في الصباح التالي للمناظرة, أعلنت إدارة العمل أن وضع العمالة في الولايات المتحدة متدهور أكثر مما توقع الخبراء. فقد فقدت البلاد حوالي 160.000 وظيفة في سبتمبر, وهو عدد يفوق ضعفي الخسارة الشهرية التي حلت في يوليو وأغسطس.
إن الأوضاع أسوأ مما تشير إليه هذه الأرقام لأن إحصائيات الحكومة لم تعكس بعد رد فعل أصحاب الأعمال تجاه أزمة الائتمان التي كان لها وقع كبير في الأسابيع القليلة الماضية.
ما علاقة هذا بالمنظور؟ أسواق الائتمان تجمدت, وكبير قادتنا في أفغانستان يطلب النجدة, ومئات الآلاف من الأمريكيين يفقدون وظائفهم. وها هي سارة بالين تتأكد من أننا نعرف أن الشعار هو الحفر, يا عزيزي, الحفر, وليس الحفر, الحفر, الحفر.
لقد أمضي جون ماكين معظم حياته يتحدث عن حبه لبلاده. ربما يري في سارة بالين شيئا ما لا يراه معظم الأمريكيين. ربما يعرف عنها قدرات جعلته يعتقد أنها ستكون ثابتة مثل فرانكلين روزفلت عند قيادة أمريكا أثناء الكساد الاقتصادي الطويل. ربما ستكون حكيمة وحذرة في الطوارئ القومية مثلما كان جون كينيدي أثناء أزمة صواريخ كوبا.
ربما يجد السيناتور ماكين سببا لكي يعتقد أنه لن يكون أكثر الأخطاء فداحة إذا وضع بالين علي بعد لحظة من الرئاسة. إن لديه أربعة أسابيع ليطلعنا علي هذه الأفكار.
نيويورك تايمز
نقلا عن الشرق الأوسط اللندنية