شادية وبهية…اسمان لأختين ترددا في الأوساط الحقوقية في الآونة الأخيرة بعد أن تفجرت قضيتهما بصدور الحكم ضدهما بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبدأ تنفيذ الحكم علي شادية بينما لم يتم التنفيذ علي بهية لهروبها خشية دخول السجن!!
الحكم الصادر في الشهر الماضي جاء مستندا إلي أن والدهما أشهر إسلامه عام 1964وقام علي أثر ذلك بتعديل ديانة طفلتيه المسيحيتين إلي الإسلام ومضت السنوات وشادية وبهية تكبران وتعيشان حياة مسيحية حتي فوجئت بهية بأنها متهمة بتزوير بطاقتها الشخصية رغم اعتراف والدها في محضر رسمي بمسئوليته الكاملة عن تلك الواقعة..كما فوجئت شادية بأنها متهمة بالإدلاء ببيانات مضللة في عقد رسمي هو عقد زواجها..كيف بدأت القضية؟التفاصيل والرأي القانوني والحقوقي فيها هو ماتعرضه وطني في السطور التالية,,إبراهيم ناجي إبراهيم السيسي الأخ الأصغر لشادية وبهية روي لنا القصة منذ بدايتها قال:تزوج والدي من والدتي في ميت غمر عام 1959 وأنجبا بهية عام 1960 ثم أنجبا شادية عام 1962 وبعد عامين وعلي أثر تفاقم الخلافات بيته وبين والدتي قام والدي بإشهار إسلامه في 1964 وإمعانا في العناد أقام دعوي لتغيير بيانات شهادتي الميلاد لشادية وبهية وتسجيلهما في خانة الديانة مسلمتين .
في هذه الأثناء كان والدنا قد هجر المنزل وأقام في القاهرة فكبرت الأختان معنا برعاية والدتنا وفي حضن الكنيسة وهو ما يفسر موافقة الآباء الكهنة علي تزويجهما لعلمهم بأنهما مسيحيتان وكان وكيلهما خالنا كما أنه معلوم لدي المنطقة التي نقطن بها أن أسرتنا مسيحية.
في سنة 1970 استطاعت والدتي أن تحل المشاكل التي ثارت بينها وبين والدي معا فعاد للمنزل وعاد كذلك للمسيحية بقلبه وضميره وأمام الكنيسة لكنه خاف أن يغير أي بيانات رسمية ولم يعدل خانة الديانة في بطاقته الشخصية خوفا مما سمعه عن حد الردة لكنه بعد فترة أراد أن يصحح وضعه رسميا فلجأ إلي شخص يدعي رمضان الذي أوهم والدي أنه يعمل في جهاز الشرطة ثم اصطحبه للسجل المدني ليعدل رسميا عن إشهار إسلامه ويعدل بياناته واستخرج له بطاقة تفيد أنه مسيحي تتيع سجل مدني مدينة السلام.
فرح أبي ولكنه علم أن ذلك يعد تزوير لكنه لم يكن لديه خيارا آخر في ظل الرعب المتأصل في نفوس الذين يريدون العودة للمسيحية بعد إشهار إسلامهم.
بعد ذلك فكر والدنا في استخراج بطاقة أخري لبهية إذ أنها وشادية لم يكن لديهما بطاقة شخصية كما أنهما لاتعرفان القراءة والكتابة فاصطحب بهية واستخرج لها بطاقة مزورة دون علمها أما شادية فلم تستخرج بطاقة نهائيا مع العلم أن بهية لم تعلم شيئا عن إسلام أبيها ولا عن واقعة التزوير وكان ذلك في عام .1995
في عام 1996 تم القبض علي رمضان-المزور-وبإجراء المباحث لتحرياتها وجدت ضمن الأوراق التي قام بتزويرها ما يخص ناجي-الوالد-فاستدعته النيابة وأدلي بأقواله واعترف بكل ما حدث ونفي التهمة عن بهية في محضر رسمي كما شهدت أمي آنذاك بأن جميعنا لانعلم شيئا عن إسلام أبي السابق.
الأمر المدهش أنه بعد أن أطلقت النيابة سراحهم جميعا فوجئوا برفع قضية ضدهم واستدعاء بهية باعتبارها مزورة وكذلك شادية..كان ذلك في عام 2003 وكانت الاستدعاءات جميعها ترسل باسم شادية مصطفي وبهية مصطفي ولم نستلم منها شيئا لاختلاف اسم الوالد,لذلك تم الحكم في القضية غيابيا لعدم حضورهما .
وفي هذا الوقت توفي الوالد الذي اعترف قبلاـ بواقعة التزوير ثم جاءت قوة تنفيذ الأحكام في عام 2004 ولم يعثروا علي أي منهما لا شـادية مصطفي ولا بهية مصطفي,ولم يرد في أذهاننا طوال هذه المدة أن هناك أي تطابق في الشخصيات حتي عادت قوة تنفيذ الأحكام أخيرا هذا العام تبحث عن شادية وبهية المسيحيتين وتم القبض علي شادية باعتبار أنها زورت في أوراق رسمية عندما تزوجت من مسيحي مع العلم أن شادية متزوجة منذ مايزيد علي ربع قرن!!أما بهية فحال سماعها نبأ القبض علي أختها هربت وأتساءل هل نحاسبهما علي خطأ ارتكبه أبوها منذ نصف قرن ومات؟!
أنا مسيحية!
أما زوج شادية-طلعت فوزي عبد السيد فسبقه دموعه كلماته عندما روي لنا مأساة شادية قائلا:تزوجت شادية عام 1980 وأمضينا حياتنا بلا مشاكل إلي أن جاء يوم القبض عليها في 2007/8/25 حيث فوجئنا بشخص يطرق الباب ويقولعايز شادية مصطفيفأجبناه مافيش حد بالاسم دهسألني اسمي واسم مراتي فناديت عليها ثم فوجئت به يقولإحنا حكومةلكن كان لابسا ملكيا ومعاه ميكروباص.
سأل مراتي اسمك إيه؟قالت شادية ناجي إبراهيم السيسي فقال لها بطاقتك فين؟فقالت مش معايا بطاقة إحنا ناس بسطاء وأنا مش محتاجة البطاقة في حاجة أنا ربة منزل وعايشين في الأرياف-ميت غمر-لكن معايا قسيمة الزواج وبعد أن اطلع عليها أخذ شادية!!
أضاف الزوج:داخل قسم الشرطة سألت الضابط عن الموضوع فقال لي:شادية مراتك هي شادية مصطفي ومزورة البطاقةفقلت له:إزاي وهي ماعندهاش بطاقة من الأساس وقسيمة الجواز يا بيه ماهي عندكملكنة أنكر القسيمة تماما كما أنكر ماهو مثبت في شهادة وفاة والدها المثبت فيها أنه مسيحي ثم أحضرت شادية التي ارتمت في أحضاني باكية ولم تقل سوي كلمة واحدة أنا مسيحية!
ومرت الأيام وحكمت المحكمة علي شادية بالسجن 3 سنوات يوم 207/11/21 وهي دلوقتي مسجونة وللأسف أجلنا فرح ابننا إللي كان باقي عليه أربعة أيام وقت القبض عليها وأولادنا مش قادرين يخرجوا الشارع لأننا في أرياف والناس بتعايرنا,وده ممكن يعمل فتنة في البلد وابني مش قادر يروح شغله وشادية مرمية في السجن بدون ذنب فهي لازورت بطاقة ولا أسلمت كل مافعلته أنها عاشت في بساطة لاتعلم مايدور حولها سواء عن إسلام أبيها أو تزويره لبطاقته فهل جوازها من مسيحي علي نفس دينها اللي هي مؤمنة بيه ده جريمة تتسجن علشانها؟
4 أخوة مسيحيين!
لماذا صدر الحكم علي شادية وبهية دون بقية إخوتهنا رغم وجود 4 أخوة لهما هذا السؤال طرحناه علي بيتر النجار محامي شادية فقال:لشادية أربعة أخوة هم إبراهيم ورؤوف ووليد وفخري وجميعهم استخرجوا بطاقات سليمة لأن شهادات ميلادهم سليمة يرجع ذلك لأنهم ولدوا بعد عام 1970 وهو العام الذي عاد فيه ناجي والدهم إلي الأسرة وإلي المسيحية فقام بتسجيلهم في شهادات الميلاد باعتبارهم مسيحيين لذلك لم يترتب علي استخراجهم للبطاقات الشخصية الخاصة بهم أية مسئوليات أو مخالفات قانونية.
سقوط الحق في التقاضي
للنصوص القانونية أيضا رأي صريح في هذه القضية هذا ما أكده رمسيس رؤوف النجار المحامي والموكل بالدفاع عن شادية فأوضح:واقعة الزواج التي اتهمت شادية بأنها أدلت فيها ببيانات غير صحيحة في عقد رسمي كانت عام 1981 والتحقيق في القضية كان عام 1996 والقانون ينص علي انقضاء حق الدولة في المقاضاة وسقوط حق التقاضي إذا مرت عشر سنوات علي الواقعة!حيث تنص المادة 15 من قانون الإجراءات الجنائية عليانقضاء الدعوي الجنائية في مواد الجنايات بمضي عشر سنوات من يوم وقوع الجريمة وفي مواد الجنح بمضي ثلاث سنوات وفي مواد المخالفات بمضي سنة كذلك تنقطع المدة بإجراءات التحقيق والاتهام أو المحاكمة.
الإرادة لاتورث!
لاستطلاع الرأي الحقوقي التقينا بالدكتور مصطفي النبراوي الناشط الحقوقي والأمين العام لمركز الحوار الإنساني قال:الاعتقاد أو الدين شكل من أشكال ممارسة الإرادة ونحن في بدايات الألفية الثالثة لايمكن أن نصدق أن يحدث مثل هذا القهر والسطو علي الإرادة الإنسانية فالديانة لاتتعدي الشخص لأي من أبنائه ولايورثهم إياها وبالتالي إذا تحول الأب بإراداته من ديانة لأخري فلا ينسحب ذلك علي من حوله أو أي من أفراد أسرته فكل منهم له إرادة حرة.
وقد نصت العهود الدولية والاتفاقيات العالمية لحقوق الإنسان علي حرية العقيدة لذلك لابد من الإفراج عن شادية لأن مافعله والدها ليس لها شأن به ولايمكن أن نقول لامرأة في سن الخمسين من عمرها وعاشت طوال العمر مسيحية أنها فجأة يجب أن تتبع والدها الذي أسلم منذ نصف قرن ومات,فكيف نعلق إرادتها وحياتها بماضي لاتمت له بأية صلة ولماذا يدفع الأبناء ثمن ما ارتكبه الآباء؟
العفو من رئيس الجمهورية
علي الجانب الآخر قامت منظمة الاتحاد المصري لحقوق الإنسان برئاسة المستشار نجيب جبرائيل بالتقدم باستشكال لوقف تنفيذ الحكم وذلك يندرج تحت صلاحياتها كمنظمة حقوقية كذلك أرسلت المنظمة وفدا لرئاسة الجمهورية الخميس 2007/11/29 للتقدم بالتماس للسيد الرئيس ليصدر عفوا عن شادية إذ أن ذلك من صلاحياته كرئيس للجمهورية طبقا للدستور المصري.
وهم حد الردة
المفكر الإسلامي جمال البنا قال:يلزمنا أن نعيد صياغة تفكيرنا تجاه العقائد التي هي في الأساس حرية وحق أصيل لايمكن أن ننكره علي الإنسان ولايمكن اجباره عليها,فإذا كانت شادية عاشت مسيحية بكامل إرادتها ولم تتلاعب أو تزور فكيف نحكم عليها بأنها أدلت ببيانات غير صحيحة إذ أنها أدلت بما يوافق ما في قلبها من إيمان ومن هنا يجب علينا أن ننبه إلي أنه لايوجد مايسمي بحد الردة ولا توجد حالة واحدة طبق عليها هذا الحد في عهد الرسول وإنما هو رأي أجمع عليه بعض الفقهاء منذ مئات السنين ليس فيه من صحة.
فلا يوجد في القرآن ما يشير إلي ذلك وإنما المفسرون هم الذين قاموا بتأويل بعض الآيات لتخدم فكرهم.