بعض ممن يقرأون هذا العنوان لأول مرة يظن أنه مجرد تلاعب بالألفاظ وقد ينصرفون عن قراءته عملا بالمثل الشعبي القائل بإنالجواب يبان من عنوانه.والحقيقة أن وراء هذا العنوان القضية حيوية كما أن هذه المفاهيم المتضمنة في العنوان ذات دلائل وشواهد تمس صميم حياتنا اليومية الحالية.
وكلمةثقافةفي حد ذاتها قد تكون من أكثر الكلمات تداولا,ولكن ذلك لا يعني أن هناك إجماعا ضمنيا علي مدلول واحد ومعني واحد لها.والكلمة نفسها عنوان لوزارة واختصاص لوزير,ومسمي للعديد من المؤسسات في بلادنا.ومن المهم أن نتأمل مضمون هذا الكلمة لنري حقيقة ما تعبر عنه وما يجب أن تعبر عنه في حياتنا.
ومن المعلوم أن المهتمين بالدراسة والبحث في الشئون الثقافية حسب القواعد الأكاديمية يعرفون تعدد التعريفات التي صكها العلماء لهذا المفهوم,كما يحفظون تعريفا كلاسيكيا كان قد قدمهتايلور,والذي جاء فيه أنها ذلك الكل المركب من المعرفة والعقيدة والفن والأخلاق والأعراف والعادات والقانون والقدرات الأخري التي يكتسبها الإنسان بوصفه عضوا في جماعة..وهناك فئات التعريفات الأخري لهذا المفهوم والتي تدور في مجملها حول حقيقة أن الثقافة تعني طريقة حياة شعب من الشعوب.وللثقافة لهذا المعني جوانبها المادية التي تتمثل في كل ما أنتجه واستخدمه شعب من الشعوب من أدوات ومنتجات طالما أن الإنسان أدخل علي خامات الطبيعة فكره وجهده بحيث تتحول إلي حالة غير التي توجد عليها في صورتها الخام.بل إن الطبيعة الخام قد تتحول إلي جزء من الثقافة إذا خلع عليها الناس قيمة أو قداسة خاصة,فالبقعة التي يؤدي عليها المسلم صلاته مثلا تتحول إلي مسجد-ولو مؤقت-وتنال بذلك قيمة ثقافية.
إن هذا المعني العام لكلمة ثقافة يجعلنا نتساءل عما إذا كانت وزارات الثقافة ومؤسساتها تتخذه موجها لها في تحديد اختصاصاتها ومهامها,أم أنها تختزله في معني محدد يظهر فيما تتبناه من برامج وأنشطة ثقافية تقتصر علي ممارسات تمرتبط ببعض الفنون أو ألوان من الأدب وقليل من الأنشطة المرتبطة بالفكر وبعض برامج تهتم بالتراث الأثري.وقد يكون هذا الاخترال مطلوبا لتحديد الاختصاصات ولكنه ما لم يرتبط برؤية واستراتيجية
أستاذ علم الاجتماع بآداب المنيا/مفكر تنموي