تعد السوق الجزائرية من الأسواق المهمة والواعدة بالنسبة لمصر, حيث تمثل محورا مهما لسياسة مصر التجارية والاقتصادية, وذلك لعدة اعتبارات أهمها: أن الجزائر ثاني أكبر دولة عربية بعد مصر من حيث تعداد سكانها الذي يبلغ أكثر من 35 مليون نسمة حاليا, هذا إلي جانب أن السوق الجزائرية تعد سوقا استهلاكية بالدرجة الأولي, ومن خلال تحليل هيكل الواردات الجزائرية من مختلف دول العالم يتضح أن أهم وأكثر السلع التي تستوردها هذه السوق هي سلع ومنتجات رأسمالية واستهلاكية ومواد غذائية بصفة أساسية, وهذه السلع علي وجه الخصوص تتمتع مصر بميزة تنافسية نسبية كبيرة في إنتاجها, كما يؤكد هيكل الصادرات الجزائرية لدول العالم الخارجية أن معظم صادراتها تتركز في المنتجات النفطية.
وأكدت الدراسة التي أعدتها الشعبة العامة للصادرات التابعة لاتحاد الغرف التجارية مدي أهمية تحديد استراتيجية تجارية شاملة وخطط عملية طويلة المدي لاستغلال كافة الإمكانات التجارية والاقتصادية المتاحة بين مصر والجزائر, والعمل بين الجانبين علي سبل دعم وتنمية العلاقات التجارية, المباشرة بينهما وزيادة تدفق الاستثمارات المشتركة خلال المرحلة المقبلة, مشيرة إلي ضرورة التغلب والقضاء تماما علي كافة المشاكل والعقبات التي مازالت حتي الآن تقف حائلا أمام انسياب حركة التبادل التجاري بين مصر والجزائر, من أجل زيادة معدلات الصادرات المتبادلة بينهما, لذلك فلابد من الاتجاه إلي إنشاء خطوط ملاحية مشتركة منتظمة بين البلدين لتيسير عمليات نقل وشحن البضائع, وتسهيل حركة التجارة المشتركة بينهما, وتشجيع القطاع الخاص بكل منهما علي إقامة مشروعات واستثمارات متنوعة ومشتركة, وتعزيز التعاون بين الجانبين في المجالات الفنية التي تتضمن الرقابة علي الصادرات والواردات والمشاركة في المعارض العامة والمتخصصة المقامة في مصر والجزائر, وتنظيم بعثات تجارية بين رجال الأعمال الجزائريين ونظرائهم المصريين, وذلك بهدف التعريف بأهم الإمكانات والفرص التصديرية المتاحة بين الجانبين, ومتطلبات واحتياجات كل من السوق المصرية والجزائرية, وكذلك القوانين والقواعد الأساسية المنظمة لحركة التجارة في كلا البلدين. هذا ويتم حاليا دراسة إنشاء منطقة صناعية كبري في الجزائر, وإبرام اتفاقية تجارة حرة للسماح للصادرات المصرية بدخول السوق الجزائرية دون أي رسوم جمركية أو ضريبية. خاصة وأن الجزائر لم تصبح حتي الآن عضوا أساسيا عاملا في اتفاقية التجارة الحرة العربية. وتتيح هذه الاتفاقية الجديدة الموقعة بين الطرفين الاستغلال الأمثل لكافة الفرص والإمكانات الواعدة في اقتصاديات مصر والجزائر معا. خاصة وأن الجزائر تمتلك العديد من الخامات المعدنية والثروات الطبيعية غير المستغلة فعليا حتي الآن, علي الجانب الآخر تمتلك مصر الخبرات في إقامة المناطق الصناعية المتخصصة مما يتيح الفرص لإنشاء مشروعات صناعية مصرية- جزائرية مشتركة كبيرة من أجل تصدير إنتاجها إلي الخارج بما يوفر العديد من فرص العمل الجديدة للمصريين والجزائريين معا.
وأشارت الدراسة أيضا إلي وجود العديد من الفرص في مجال التعاون التجاري والاقتصادي مع الجزائر, وإقامة مشروعات مشتركة في مختلف القطاعات, مؤكدة علي تقديم كافة التيسيرات والتسهيلات والامتيازات الاستثمارية اللازمة لإقامة هذه المشروعات وإزالة كافة العقبات التي تواجه انسياب حركة التجارة ورؤوس الأموال بين الجانبين. حيث تأتي مصر في المرتبة الأولي بين الدول الأجنبية بصفة عامة المستثمرة في الجزائر في غير قطاع البترول, وقد بلغت قيمة الاستثمارات المصرية هناك بصفة عامة حوالي 3 مليارات و280 مليون دولار, موزعة ما بين مشروعات زراعية وصناعية ومواد بناء وخدمات واتصالات, وجميعها مشروعات أساسية هناك ومقامة بالفعل, هذا بالإضافة إلي الاستثمارات الأخري الجديدة في مراحل الإعداد واستكمال الدراسات والبيانات وجمع المعلومات الخاصة بها, وإجراءات بدء التنفيذ وتشمل مجالات الحديد والأسمنت والأسمدة والمقاولات.
جدير بالذكر أن معدلات الصادرات المصرية إلي الجزائر حققت هذا العام زيادة ملحوظة حيث بلغت قيمتها نحو 198 مليون دولار وذلك مقابل حوالي 139 مليون دولار فقط خلال نفس الفترة من العام الماضي, وذلك طبقا لأحدث البيانات والإحصاءات الصادرة عن مصلحة الجمارك الجزائرية, وفيما يتعلق بحركة الواردات المصرية من الجزائر فتوضح البيانات مدي الانخفاض الملحوظ فيها لتصل إلي 420 مليون دولار فقط حاليا مقابل نحو 598 مليون دولار خلال نفس الفترة من العام الماضي. وحقق العجز في الميزان التجاري بين مصر والجزائر انخفاضا ليصل إلي 222 مليون دولارهذا العام, وذلك مقابل حوالي 459 مليون دولار خلال نفس الفترة من العام الماضي.