* في معاملة أهل الكتاب المقيمين ببلاد المسلمين
أهل الكتاب المقيمين في بلاد المسلمين مثل النصاري في مصر كانوا أهل الذمة قديما وقت الحكم بالشريعة, ومع نشوء الدولة المدنية بتحكيم القوانين البشرية في النصف الأخير من القرن التاسع عشر الميلادي ,سقطت عن أهل الكتاب بمصر ونحوها من البلدان هذه الصفة ,والدستور وهو أبو القوانين في هذه البلاد لا ينص علي مصطلح أهل الذمة وإنما ينص علي مبدأ المواطنة فهم بالنسبة للمسلمين أهل كتاب غير معاهدين
ويقول البعض إن النصاري مازالوا أهل ذمة والقول بإنهم أهل ذمة يتعارض تماما مع مبدأ المواطنة المعمول به في هذه الدول, لأن المواطنة تساوي بين المواطنين سكان البلد الواحد في الحقوق والواجبات, وهذا بخلاف عقد الذمة الذي يلزم أهل الكتاب المقيمين في دار الإسلام بشروط تفرق بينهم المسلمين.ومن أراد معرفة شروط الذمة فليطلع عليها في كتاب المغني لابن قدامة الحنبلي أو في كتاب أحكام أهل الذمة لابن القيم أو في كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لابن تيمية رحمهم الله.وشروط الذمة ليست من الاجتهادات المتغيرة بمرور الزمان, بل إنها ملزمة لجميع المسلمين عند القدرة علي العمل بها لأنها سنة خليفة راشد وهو عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقال النبي ص: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي رواه الترمذي ثم أجمع الصحابة في عصرعمر ومن بعده علي شروط الذمة ولم يخالفه أحد ممن يعتد بقوله ,وإجماع الصحابة حجة قطعية ملزمة لجميع المسلمين باتفاق أهل العلم.
التمييز في شروط الذمة
التمييز الوارد في شروط الذمة هو في الأصل مستفاد مما تواتر عن النبي ص ــ تواترا معنويا ــ من الأمر بمخالفة اليهود والنصاري,ومن قوله ص الإسلام يعلو ولا يعلي عليه رواه الطبراني
ومع ذلك فنحن نري وجوب معاملتهم بالحسني وعدم التعرض لهم بأذي وننصح جميع المسلمين بذلك لأسباب منها:
1ــ أنهم ليسوا هم الذين أسقطوا عن أنفسهم عقد الذمة ,وإنما ترتب ذلك علي تحكيم القوانين الحديثة التي تجري علي الجميع مسلمين غير مسلمين.
2ــ أن الغالب عليهم معاملتهم للمسلمين بالحسني, فيجب معاملتهم كذلك بحسب قاعدة المعاملة بالمثل إلا فيما لا يجوز شرعا.
3ــ إنهم جيران المسلمين في السكن والعمل والدراسة,والإحسان إلي الجار من مسلم وغير مسلم واجب شرعا وليس مجرد استحباب لقول النبي ص في الصحيح : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره.
وفي نفس الوقت فإننا ننصح النصاري بمعاملة المسلمين بالحسني وعدم استفزاز مشاعرهم بأي أعمال عدوانية,وذلك للمحافظة علي أدب حسن الجوار من الطرفين سكان البلد الواحد.
وبالنسبة لنصاري مصر فإن النبي ص قد أوصي بهم وصية خاصة في الإحسان إليهم لأن لهم رحما وصهرا الحديث برواياته رواه مسلم عن أبي ذر رضي الله عنه, أما الرحم فإن السيدة هاجر أم إسماعيل عليه السلام مصرية وهي جدة النبي ص ,وأما الصهر فإن السيدة مارية القبطية وهي مصرية هي سرية النبي ص وأم ابنه إبراهيم رضي الله عنه.