نجد في الأناجيل الأربعة أن مملكة يسوع تصل إلي أوجها وذروتها علي الصليب.فالإنجيليون الأربعة يتحدثون عن الخشبة التي كتب عليها سبب الحكم علي يسوع بالصلب.وكانت هذه الخشبة عادة رومانية تستخدم للإعلان عن سبب الجريمة التي ارتكبها المحكوم عليه بالموت.
ولكن إنجيل يوحنا يعطي …لما كتب علي هذه الخشبة أهمية خاصة.خاصة حينما يجعل بيلاطس نفسه هو المسئول عما كتب علي هذه الخشبة.فهو يركز علي اللغات الثلاث التي كتبت عنها اللغة العبرية الآرامية والتي كانت اللغة التي يستخدها اليهود,واللغة اللاتينية:وهي لغة السلطة المحتلة لأرض الميعاد.واللغة اليونانية: اللغة الرسمية للامبراطورية.
كما أن يوحنا الإنجيلي جعل مما كتب علي خشبة الصليب موضوعا للمجادلة بين بيلاطس وبين زعماء اليهود.فبيلاطس الذي تنازل لليهود بكل شئ لينفذوا حكم الموت علي يسوع يظهر في الجدال حول ما كتب عن خشبة الصليب,عنيدا وسلطته حازمة وصارمة.فهو يرفض تغيير أي شئ مما كتب علي خشبة الصليب ويقول ما كتب قد كتب في يوحنا فصل 19/.22
ومنذ ذلك الحين أصبح ما كتب علي خشبة الصليب البداية الحقيقية لإعلان مجئ المملكة المسيحانية ليسوع فهو محاط بأوائل من آمنوا به خاصة أمه مريم والتلميذ الذي كان يحبه… إن عبارة ما كتب قد كتب معناها أن هذ المملكة التي كتب عنوانها باللغات الثلاث ذات البعد العالمي بحسب الأناجيل هذه المملكة مفتوحة لكل الثقافات وكل البشر فهي غير محددة بحقبة تاريخية معينة أو بمكان محدد.فهذا الإعلان المكتوب باللغات الثلاثة موجه إلي كل قراء هذا الإنجيل في أي عصر وفي أي مكان علي الأرض.
إن حدث القيامة هو الذي يسمح لهذه المملكة التي جسدها يسوع أن تصبح مجرد أوتوبيا.فيسوع القائم من بين الأموات يفتتح مملكة مختلفة تماما عما كان يتصوره معاصروه من اليهود.فهي مملكة بلا حدود جغرافية متواجدة في كل مكان يعيش فيه تلاميذ يسوع.وهذه المملكة لازالت غير مكتملة,ولن تكتمل إلا في لحظة المجئ الثاني ليسوع في مجده,ومن الآن حتي المجئ الثاني,يعيش المسيحيون في هذه المملكة في صورة صوفية حقيقية غير ظاهرة,رغم اندماجهم في الحياة المدنية مع الآخرين,سواء من كانوا مؤمنين أم لا.