إذا كنا نريد أن نحيا حياة أكثر رحابة وعمقا,وليست مجرد حياة سريعة الإيقاع,يتعين علينا أن نتحلي بالصبر..مع أنفسنا ومع الآخرين,ومع الأحداث الصغيرة والكبيرة في الحياة نفسها..إن الصبر والقدرة علي الانتظار ربما يكونان أعظم حكمة علي الاطلاق..تلك الحكمة التي تجعلك تغرس البذرة وتنتظر حتي تؤتي ثمارها,إن أي بستاني يستطيع أن يخبرك أن دورات الطبيعة تتطلب الصبر,إنه مفتاح كل شئ ,بالصبر نصبح مسئولين عن أنفسنا وقادرين علي التحكم في تصرفاتنا,والمثل الهولندي يقول##حفنة من الصبر خير من تل من الذكاء##. إن عالمنا الذي أصبح يتسم بالإيقاع السريع من الممكن أن يجعلنا نشعر بالاندفاع والتعجل, وكذلك بالتوتر والحزن طوال الوقت تقريبا,وبما أن صحتك هي انعكاس لأحداث حياتك…يجب أن تعرف أن التأثيرات البيولوجية الناتجة عن التعرض للتوتر والغضب تضم زيادة معدل ضربات القلب وزيادة ضغط الدم,وزيادة في إفراز الحامض المعدي,وعندما تثور ثائرتك يطلق عقلك هرموني الأدرينالين والكورتيزول,مما يؤدي إلي إضعاف جهاز المناعة وانقباض الأوعية الدموية وسرعة خفقان القلب,الحل الوحيد لكي تقي نفسك كل ذلك يكمن في تعلمك عادة الصبر,فالصبر يقف حائلا بينك وبين الغضب,ويجعلك تتحكم في نفسك وتضبط أعصابك عندما تشعر بأن زمام الأمور قد بدأ يفلت من بين يديك. يجب أن تعرف أن الصبر شيئا تمارسه,وليس شئ تتملكه أو تفتقر إليه,وأن التحلي به كالتحلي بأيه عادة نريد أن نكتسبها..يتطلب خليطا من الدافع لذلك ##الرغبة##والانتباه إلي أنفسنا##الإدراك##والممارسة##التدريب##….بالنسبة للرغبة فهي أساس التغيير,ويقول الملياردير الأمريكي المشهور ترامب##إذا كنت تريد أي شئ ستجد الوسيلة وإن لم ترد ستجد العذر##إذا رغبت أن تتعلم الصبر ستجد الوسيلة بسهولة,ليس الصبر شيئا نمتلكه أو لا,ولكنه قرار نتخذه أو خيار نأخذه مرارا وتكرارا,في كل يوم,ولحظة بلحظة,القرار قرارك….,أما الإدراك فيطلق العنان للواقع حتي يقوم بتغييرك,فأنت يمكنك التحلي بالصبر من خلال عملية التحليل العقلية..أن تفكر أولا في رد الفعل قبل اتخاذك لقرارك,أن تختار بحكمة الصبر,والمثل الصيني يقول##اصبر علي غضبك أربع ثواني..تقي نفسك من الندم أسبوعين##…..,وأما بالنسبة للتدريب والممارسة فلقد أثبت أحد التقارير الطبية الصادرة عن كلية الطب بجامعة هارفارد,أن طريقة التنفس من البطن بوضع إحدي اليدين تحت السرة,ثم الشهيق وحبس النفس ثلاث عدات,يؤدي إلي تقليل الضغط في دقيقة واحدة. أيا كان مدي انشغالنا,فنحن جميعا لدينا الوقت الكافي للقيام بالتنفس ##البطني##كذلك من أفضل الطرق إلتي يمكن بها التوصل إلي السلام والهدوء والصبر أن تركز لا علي أفكارك وإنما علي جسدك,أيضا تعود علي أنك عندما تجد نفسك مضطرا إلي الانتظار في طابور طويل..خذ إجازة ذهنية في هذا الوقت..تخيل أهدأ مكان يمكنك أن تفكر فيه,حاول أن تري وتسمع نفسك وأنت هناك,وأن تستحضر المشاعر التي يثيرها بداخلك هذا المكان. إن معظم العظماء في هذه الحياة كانوا يتحلون بعادة الصبر,لقد قام مايكل إنجلو بالرسم علي سقف كنيسة##سيستين شابيل##وهو علي ظهره لمدة 4 سنوات كاملة,وقال ألبرت أينشتاين:أفكر وأفكر لشهور وسنين وبعد تسع وتسعين محاولة أصل إلي نتيجة خاطئة,وفي المرة المائة أصل إلي النتيجة الصحيحة##,كذلك استطاع نيلسون مانديلا بالصبر والإصرار الهادئ أن يحدث معجزة,لا لنفسه فقط ولكن لما يقرب من 43 مليون شخص من السود والبيض,الذين يسكنون جنوب أفريقيا,حيث قضي مانديلا 27 عاما في سجون جنوب أفريقيا,ولكنه كان يتمسك بالصبر الذي هو فن التمسك بالأمل وحياته تعد أروع الأمثلة علي قوة الصبر. الحياة قصيرة جدا,ولذلك يجب أن نتحرك فيها ببطء أكثر..الحياة انتظار..علي الأقل في جزء منها,لذلك يجب أن تهدئ من روعك,فسوف تتساوي كل الاشياء بعد مائة عام من الآن,إن الحليم خير من القوي,ومن يحكم نفسه خير ممن يحكم مدينة,ومدي ما تصل إليه في الحياة يعتمد علي رقتك مع الصغار ورحمتك مع المسنين وتعاطفك مع المكافحين وتسامحك مع الضعفاء والأقوياء,لأنك ستصبح كل هؤلاء خلال رحلتك في الحياة,أشكرك علي صبرك حتي نهاية المقال,وتذكر دائما أن الماضي لا يساوي المستقبل,فمهما كان الماضي..بكرة دائما أحلي.