الملاحات الموجودة علي طريق مصر-الإسكندرية الصحراوي قنبلة مليئة بالمشكلات التي تمثل محافظة الإسكندرية طرفا في بعضها ورجال الأعمال طرفا في مشكلات أخري يعاني الصيادون البسطاء من مشكلات متعددة ورغم استفحالها إلا أنها لم تجد طريقا للحل حتي الآن.
ومع انتشار التلوث بسبب إلقاء مياه الصرف الصحي في الملاحات تأثرت الثروة السمكية والتي تعد مصدرا مهما للصيادين, كذلك هناك بعض المناطق المتنازع عليها بين رجال الأعمال والمحافظة ويدفع الصيادون الثمن وحدهم!
حول هذه المشكلات وكيفية مواجهتها تقدموطنيهذا التحقيق.
منذ عامين وإلي الآن فوجئت إدارة شركة المكس للملاحات بطلب استغاثة من قبل أفراد أمن الشركة الذين يحرسون الملاحات بجانب طريقأم زغيوالدولي بمدخل العجمي, وجاء مضمون الاستغاثة أن هناك مجموعة من عربات النقل تقذف الطوب لردم جزء من الملاحات وعند اعتراض الأمن لتلك العربات,أشار سائقيها إلي أن هذا الجزء من الملاحة تم تخصيصه لأحد التجار – تم حفظ اسمه – بعد موافقة محافظة الإسكندرية, كما قدم المدعي مجموعة من المستندات والصور الضوئية التي تؤكد قيامه بسداد تأمين تلك المساحة لجهاز أملاك الدولة من خلال أوامرالتوريد الخاصة بتخصيص مساحة بالملاحة بمبلغ 34 ألف جنيه كتأمين,وصورةضوئية أخري لأمر توريد آخر صادر بمبلغ800 ألف جنيه بالإضافة إلي تقديم العديد من المخاطبات الرسمية المختومة بشعار الجمهورية والتي تؤكد في مجملها اكتمال عملية التخصيص للمدعي بامتلاك جزء من الملاحة, وبالتالي أدي هذا إلي اشتعال ثورة داخل شركة المكس للملاحات والتي سبق أن خاضت من قبل معركة شرسة مع محافظة الإسكندرية. قبل ذلك بسنوات قامت المحافظة بالموافقة علي تخصيص مسطح من الملاحة بمساحة 150 فدانا لصالح الشركة السعودية للبتروكيماويات وذلك استقطاعا من المساحة الكلية لعقد الاستغلال المبرم بين المحافظة وشركة المكس للملاحات, الأمر الذي يعد انتهاكا, حيث إن الشركة السعودية كانت تنوي إقامة مصنع لإنتاجالبوليسترومشتقاته علي تلك المساحة,مما يؤدي إلي تدمير الملاحة وتلوثها, وبناء علي ذلك كان قرار رئيس الوزراء السابق الدكتور عاطف عبيد بوفق تسليم أية أراضي للملاحة من قبل محافظة الإسكندرية تكون شركة النصر أو شركة المكس للملاحات طرفا فيها, وتم تنفيذ القرار علي الفور في عام 2001م.
التعدي علي أملاك الشركة
وحول الاعتداء الذي وقع منذ عامين قام جهاز حماية أملاك الدولة برئاسة اللواء حمد سليمان سابقا بإجراء تحقيق حول هذا الموضوع كشف عن عدم صحة الخطابات الصادرة من الجهاز والواردة من حي العامرية بعدم وجود أية مبالغ تم تسديدها للجهاز أو حتي وجود أية ملفات باسم المدعي لدي الجهاز عن طلب تخصيص قطعة أرض بمساحة 4200 متر مربع برقم 894 بتاريخ 2006/5/2م, لذلك قام جهاز حماية أملاك الدولة بإخطار شركة المكس للملاحات بنتائج التحقيق التي تضمنت أن جهاز حماية الأملاك لايختم بشعار الجمهورية بل بختم خاص بالخزينة, كما أن أمر التوريد الخاص بالتحصيل لا وجود له بهذا الرقم في دفاتر الخزينة, وطالب الجهاز شركة المكس للملاحات بضرورة إبلاغ المحامي العام لنيابات غرب الإسكندرية بالتعدي علي أملاك الشركة.
المشكلات عديدة
قال المهندس أحمد عبد الرحمن الجناحي مدير إدارة الثروة السمكية بالإسكندرية إن المشكلات كثيرة جدا بالملاحات الواقعة علي طريق مصر-الإسكندرية الصحراوي والقريبة جدا من مدينتي العامرية ,النوبارية,فالملاحات هناك تعد المصدر الأساسي للأسماك إلا أنها أصبحت ملوثة بسبب صرف مخلفات بعض المصانع داخلها, بالإضافة إلي تلوث مياهها في الأصل بالصرف الصحي.كما أن هناك ظروف معيشية سيئة للصيادين نتيجة تأثر الثروة السمكية بتلوث الملاحات, ودفع رسوم تصاريح خاصة تسمح لهم بالصيد بخلاف الإتاوةالتي تفرض علي الصيادين من قبل بلطجية الملاحات.
أضاف المهندس الجناحي أن مشكلات الصيادين قائمة بالفعل فأدوات الصيد لديهم بسيطة وبلا صيانة والشباك والمراكب قديمة لاتسمح لهم بالصيد في الشتاء.كما تستهلك أسماك الملاحات سنويا منذ بداية شهر أبريل وحتي حلول شهر نوفمبر, حيث يعمل الصيادين خلال تلك الفترة طوال الـ24 ساعة .مما يعني العشوائية في التصرفات الخاصة بحركة الصيادين داخل الملاحات وأيضا في عملية البيع,ومع زيادة التلوث والردم من خلال التجفيف الذي قد يؤدي إلي القضاء علي مصدر رزق ألف أسرة تتم إعالتها من خلال الصيد في تلك الملاحات.
كما أوضح د. مجدي محيي مدير إدارة تنمية المشروعات بالهيئة العامة للثروة السمكية أن قضية التلوث من القضايا الأكثر حساسية وخطورة وتقتضي بالضرورة التعامل المسئول والجاد معها,فكلفتها الاجتماعية, الاقتصادية تتضاعف يوما بعد يوم والصيادون بحاجة إلي كثير من الرعاية فهناك فئة كبيرة منهم تعيش في مستوي معيشي منخفض حيث لايعمل معظمهم في حرفة الصيد والبيع معا, لكن مؤخرا أنشئت عدة جمعيات لحماية الصيادين ورعاية حقوقهم بهدف منع احتكار أي شخص لمنطقة خاصة بالملاحات, كما وفرت تلك الجمعيات في تقديم الشباك والمواتير وكافة مستلزمات الصيد,بأسعار معقولة وتقسيط مريح بدون فوائد بالإضافة إلي تسويق صيدهم بأعلي الأسعار ومع ذلك فالمعوقات مازالت قائمة.
المعوقات بالملاحات
أكد د. حسان عبد الرحمن رئيس قسم البيولوجي بكلية العلوم بجامعة القاهرة أن تطوير العمل داخل الملاحات يستلزم جمع بيانات وإجراء أبحاث تتعلق بالكائنات الدقيقة والعناصر الغذائية الرقيقة بالملاحات,وذلك باستخدام نظام المعلومات الجغرافي لتحديد درجة الملوحة وتدرجها, بجانب الاتفاق مع أصحاب الملاحات علي تركيب شباك وعمل حواجز صخرية أمام فتحات التغذية لمنع دخول ذريعة الأسماك داخل الملاحات لعدم هلاكها, القضاء بالتالي علي الثروة السمكية بها. لذلك يجب وضع خطة لتخفيض أيام الصيد في الملاحات مع توحيد حرف الصيد العاملة داخلها وإلزام الجمعيات التعاونية لصائدي الأسماك بقانون الصيد وتدعيم دورها في خدمة الصيادين, لأن التلوث القائم الآن بهذه الملاحات تقضي علي الكائنات الدقيقة بها والأسماك الصغيرة, بالإضافة إلي عدم وجود الملح النقي الذي يصل سمك طبقاته إلي 3 أمتار والذي يطلق عليه اسم الطبقة الأمنتيجة تلوث مياها بأنواع الصرف المختلفة.
وأضاف أنه يجب مقاومة طائر غراب البحر التي تصل أعداده إلي 15 ألف طائر سنويا – الذي يلتهم أكثر من 5 أطنان من أسماك البلطي والبوري كما يجب مقاومة مراكب الصيد المخالفة والتي تعمل دون ترخيص .
تطهير الملاحات.
أوضح العالم البيئي العالمي الدكتور محمد عبد الفتاح القصاص أن الملاحات المصرية الخالية من المخلفات الصناعية والصحية تنتج أفضل أنواع الأسماك منها البلطي,البوري.بجانب الملح اليودي الخشن والناعم.إلا أن ملاحات طريق مصر-الإسكندرية الصحراوي.تحتاج لخطة ضرورية لتطهيرها من التلوث, وذلك بالشروع في إنشاء محطة معالجة للصرف الصحي, بجانب إنشاء شبكة مستقلة للصرف الصناعي منفصلة عن الشبكة العامة للصرف الصحي,وذلك لضمان تصريفها الأمني في مكان خاص بها خارج الملاحات.بالإضافة إلي تفعيل قانون حماية البيئة ولائحته التنفيذية واتخاذ الإجراءات القانونية لمنع تصريف المخلفات الخطرة الصناعية في شبكة الصرف الصحي بما في ذلك مخلفات المصانع, مع تنفيذ برنامج شامل للتوعية البيئية بمخاطر التلوث البيئي بمختلف أشكاله ومصادره في الملاحات, ومكافحة البعوض وبعض الحشرات الأخري المنتشرة هناك, وأيضا القيام بالفحص الطبي المستمر للصيادين المسئولة عنه إدارة الصحة العامة والسكان.
تجربة رائدة
كان محافظ شمال سيناء السابق أحمد عبد الحميد قد قام بتجربة رائدة حيث أنشأ مصنع للملح علي ملاحةسبيكةبشمال سيناء بطاقة 150 ألف طن سنويا وتجري أعمال التوسعات في الملاحة وتطهيرها لتصل طاقتها إلي 300 ألف طن سنويا.
بعدما كانت الملاحات تدار بإسلوب استغلال القطاع الخاص لها لمدة 3 سنوات بالمزاد العلني,وهي طريقة تعتمد علي الاستفادة فقط من قبل المستثمر بالملح المنتج الخام.لكن مع زيادة مدة الاستغلال إلي 15 سنة للمستثمر في الملاحات.أعطي ذلك له الفرصة في التطوير وشق قنوات اتصال جديدة بالبحر مع تطهير الملاحات, وسمح له ذلك أيضا بإنشاء مصانع لتنقية الملح الخام وتعبئته وإعداده للتوزيع. مما أدي إلي إتاحة فرص عمل للشباب بالإضافة إلي دعم مجالات التعاون بين المحافظة والجهات المعنية لتنمية الثروة السمكية وزيادة الإنتاج السمكي وتطوير طرق الصيد ودعوة المستثمرين لصناعة أدوات الصيد,معداته ليصل عدد الصيادين المسجلين في الجمعيات التعاونية إلي أكثر من 4800 صياد بعد أن كانوا 1698 صيادا فقط عام .1981