* من الصيدلة.. إلي الرهبنة.. إلي الاهتمام بالتراث.. كيف كان الطريق؟!
** عندما ترهبنت بدير مارمينا بمريوط وهو دير كان حديثا نسبيا – يخلو من المكتبات والمخطوطات.. وضعت نصب عيني أثناء فترة الاختبار الوصول بكتب التراث القبطي وكتابات الآباء إلي الدير.. خاصة أنني تتلمذت علي فكر قداسة البابا شنودة, وكنت أعشق القراءة, وأذكر أن المتنيح الأنبا مينا آفامينا رئيس الدير شجعني علي هذا وطلب مني أن أحضر معي مكتبتي الخاصة.. ولم أكن أعرف ماذا يرتبه لي الرب للخدمة.. وكان مسئول مكتبة الدير وقتها أبانا أرشليدس آفامينا – نيافة الأنبا ديمتريوس أسقف ملوي وأنصنا والأشمونين حاليا – وفكرنا في مجموعة من الرهبان منهم أبونا سلوانس آفامينا, وأبونا تيموثاوس آفامينا أن نجتهد لسد الفراغ الموجود بمكتبة الدير.. وفيما نحن نفكر دبر الرب أن نتعرف علي الدكتور فيكتور غبريال صاحب إحدي شركات الميكروفيلم.. وبما قدمه من أجهزة للدير أدركنا أننا وصلنا إلي ضالتنا المنشودة.. وبدأنا في تصوير المخطوطات القبطية وحفظها علي الميكروفيلم.. وكنا نستعير المخطوطات من الأديرة ونقوم بترميمها ثم تصويرها وإعادتها مرة أخري إلي الأديرة بعد ترميمها.. ولقيت الفكرة نجاحا لدي الجميع فهم يستفيدون من ترميم مخطوطاتهم, ونحن نستفيد بتصويرها والاحتفاظ بصورة منها.. بدأنا بإيبارشيات البحيرة والمنوفية وكفر الشيخ ودير القديسة دميانة, وانتقلنا إلي كل الأديرة حتي أديرة أخميم.. وبعد أن تجمع لدينا عدد كبير من المخطوطات بدأنا نختار أكثر المخطوطات قدما وأهمية.. وعندما جاء عام 1990 كنا نمتلك بالدير 1200 مخطوطة مصورة علي المكيروفيلم, وأصبح الدير يضم مكتبة تراثية ضخمة تشمل أهم مخطوطات الأديرة والكنائس.
* تكوين مكتبة بالدير تحوي هذا العدد الضخم من المخطوطات ليس بالعمل السهل.. وأعتقد أن من قام بهذا الجهد هو أكثر الناس تقديرا له وأكثرهم حرصا علي الاستفادة منه.. كيف تعاملت مع هذا الوليد؟!
** بعدما تكونت المكتبة عكفت علي دراسة كل المخطوطات.. ومرة أخري كان ترتيب الرب يرشد خطواتي.. ففي هذا الوقت – 1988 – ظهر الكمبيوتر في مصر, وكان علينا أن نساير ثورة المعلومات, خاصة لأهمية الكمبيوتر في فهرسة الكتب والمخطوطات.. وبدأت أعلم ذاتي داخل مكتبة الدير.. وأرشدنا الرب إلي الدكتور عادل إسكندر الذي قدم لنا المهندس رضا عزت, وتعاونا في عمل برنامج للكتاب المقدس.
** وفي عام 1990 جاء قداسة البابا الأنبا شنودة الثالث لزيارة الدير.. ووقف قداسته علي الجهد المبذول في ترميم المخطوطات وتصويرها بالميكروفيلم, وأشاد بالمكتبة, وأبدي إعجابه الشديد لمواكبة الكنيسة للتقدم العلمي.. وكانت زيارة البابا وتشجيعه لنا حافزا لي.. وأمضيت سنوات معتكفا بقلايتي لوضع الكتاب المقدس وحساب الأبقطي وقطمارس الكنيسة القبطية علي الكمبيوتر.
* وماذا بعد هذه السنوات الصعبة التي كللها الرب بهذا العمل الذي نقل الكنيسة إلي لغة العصر؟!
** في عام 1995 طلب قداسة البابا شنودة الثالث من المتنيح الأنبا مينا آفامينا أن أحضر مقابلة قداسته.. وفاجأني قداسته بمتابعته لكل ما أنجز داخل الدير.. وضمني إلي سكرتارية قداسته.. وكان أول تكليف من قداسته بتكوين مركز لتكنولوجيا المعلومات بالكاتدرائية.. وبدأ المركز يباشر عمله بجهد عدد قليل من العاملين, ولكن نشاطه اتسع سريعا, وبدأ في إذاعة محاضرة قداسة البابا الأسبوعية علي الإنترنت, وصمم موقعا للكنيسة القبطية الأرثوذكسية.
* هل تعد هذه البداية هي النواة الأولي لإنشاء المركز الثقافي القبطي؟!
** للمركز الثقافي القبطي قصة طويلة.. ففي عام 2000 افتتح قداسة البابا شنودة الثالث مركز المعلومات, وفي نفس العام وضع حجر أساس المبني.. ولكن لم يكن إنشاء المبني بغرض أن يصبح مركزا ثقافيا, ولكن ليكون مبني للخدمات.. وبالفعل تم تصميم المبني علي هذا الأساس, واستمر البناء إلي أن انتهت الأعمال الإنشائية سنة 2002, وفي الوقت الذي قارب العمل في المبني علي الانتهاء من بناء الدور الخامس, راودت الدكتور نبيل صبحي – المتنيح – عميد معهد الدراسات القبطية آنذاك فكرة إقامة مركز ثقافي قبطي, وهو نفس ما كان يراود الدكتور فوزي إسطفانوس مؤسس مركز مارمرقس للدراسات التاريخية.. وما كان يراودهمها لم يكن بعيدا عن فكر وقلب البابا شنودة, إذ كان في فكره وقلبه إنشاء مكتبة قبطية عامة تضم التراث القبطي بروافده المتعددة, سواء كانت مخطوطات أو مطبوعات أو وسائط متعددة.. وفي اجتماع دعا إليه قداسة البابا, حضرته والدكتور نبيل صبحي والدكتور فوزي إسطفانوس, وافق قداسته علي أن تشغل المكتبة طابقا أو أكثر من مبني الخدمات.. وتعد هذه هي نقطة البداية لتحويل المبني إلي مركز ثقافي.. ففي عام 2004 صدر القرار البابوي رقم 33/14 بتشكيل اللجنة العامة للمكتبة العامة للكنيسة القبطية برئاسة قداسته