سؤال من الابنة ج.ج.ن – المنصورة:
تقول إنها تواجهها مشكلة هي أن لها وجهات نظر في الحياة جديدة لا تتفق فيها مع عائلتها. فهم يرونها مغلقة وأنها يجب أن تكون متفتحة مع الحياة, فمثلا يحضونها علي أن تضع علي وجهها مكياجا وما إلي ذلك من أمور تري هي أنها لا تتناسب مع حياتها الجديدة في المسيح, وهذا يضطرها أن تدخل في مناقشات حادة مع والدتها. وبسبب ذلك تهاجمها خواطر سريعة تحاول أن تغزو تفكيرها تتمثل في مشاعر من الضيق والغضب يجتاحها وشتائم في فكرها تحاول أن تجعلها لا تستقر في تفكيرها حتي لا يكون في ذلك خطيئة تحاسب عليها أمام الله, وهي في كل ذلك تطلب النصيحة.
الجواب:
ليس في الأمر غرابة. فمن الطبيعي جدا أن تجدي ذاتك وقد اخترت طريق الله, وما يتطلبه هذا الطريق من الالتزام بمظاهر الاحتشام والحياء والهدوء. ما يغضب والدتك لأنها تخشي أن يؤول الأمر إلي تعطيل زواجك. وكل أم حريصة جدا علي أن تري ابنتها قد تزوجت وسعدت بزواجها واستقرت في بيت الزوجية, ولذلك تخشي أن يكون مظهر ابنتها منفرا للشباب وبالتالي معطلا عن زواجها.
وأنت في حيرة من أمرك لأنك بحاستك الدينية الجديدة تريدين أن تكوني باطنا وظاهرا مرضية لله أولا وقبل كل شيء. ومع ذلك تجدين طريقك ليس سهلا. إنه طريق جهاد مع النفس ورغباتها خصوصا وأنت شابة صغيرة, وطالبة في المرحلة الجامعية. وفي نفس الوقت, تجدين ذاتك في حرب مع جبهة أخري خارجية, وهي أسرتك ثم زميلاتك وغير زميلاتك من الشباب, والمجتمع الخارجي من حولك.
إنه لأمر طبيعي أن تكوني أيتها الابنة في مرحلة صراع, لأنك تحاربين في أكثر من جبهة, وأنت شابة صغيرة, وليست لك خبرة ناضجة لتعرفي طريقك جيدا, وتقفي صامدة أمام الجاذبيات المختلف التي تشدك إليها سواء من الداخل أو من الخارج.
علي أنني أريد أن تنتبهي أولا وقبل كل شيء, إلي أن والدتك مدفوعة في معارضتها لك بمحبة الأم الشغوفة علي زواج ابنتها, ومن هنا فإنني أنصح لك أن تكوني بارة بوالدتك, مقدرة لمشاعرها من نحوك, دون أن تنقادي انقيادا لنظرتها إلي مظهرك, فإنها كأم مدفوعة بعاطفة الأم ولكن عاطفتها مشوبة بنظرتها المتعجلة في شأن زواجك, والتي قد لا تكون ملتزمة بالمبادئ الروحية التي أخذت علي نفسك العمل بها في حياتك الجديدة وفي طريقك مع المسيح.
وإذا كانت المسألة تتعلق بالماكياج maquillage, طلي الوجه بالمساحيق أو بمستحضرات التجميل, فأنت علي حق في أن صبغ الوجه والشفتين بهذه الأصباغ الصارخة أو غير الصارخة لا تناسب الفتاة السائرة في طريق الله والفضيلة, فإن الفتاة في صورة نظيفة, ومن دون أصباغ هي أجمل في حقيقتها من كل جمال مصطنع, حتي لو كان هذا الجمال المصطنع يخطف البصر بسرعة. والحق أنه لا يسبي الإنسان المتزن إلا الجمال الطبيعي الهادئ والذي يعكس جمال النفس الباطنة.
قال أحد الشعراء:
يا ابنتي إن أردت آية حسن
وجمالا يزين جسما وعقلا
فانبذي عادة التبرج نبذا
فجمال النفوس أسمي وأعلي
يصنع الصانعون وردا ولكن
وردة الروض لا تضارع شكلا
هذا وأن الأطباء والخبراء ينبهون البنات والنساء إلي أضرار الأصباغ وإتلافها لجلد الوجه, وتأثيرها السيء علي نضارة الوجه, وينصحون بالاكتفاء بالنظافة باطنا وظاهرا, ويدعون إلي استخدام الكريمات creme مرهم للتجميل المرطبة لجلد الوجه والجسم فإن هذه الكريمات تفيد صحة الجلد ونضارته وحيويته. ويقول الأطباء بحق إن حياة الإنسان هي حياة جلده.
وعلي ذلك فيمكنك الانتفاع بهذه النصيحة باستخدام الكريمات creme, فإن ما فيها من دهون نافع لصحة الجلد والبدن, وامتنعي عن استخدام الأصباغ الكيميائية فإنها ضارة بالجلد وبصحة البدن عموما.
وقد أباح الرب يسوع المسيح دهن الرأس وشعر الرأس بالزيت لما فيه من فوائد صحية. قال له المجد متي صمتم فلا تكونوا عابسين كالمرائين… أما أنت فمتي صمت فادهن رأسك واغسل وجهك (متي 6: 16, 17).
ولقد عاتب له المجد الفريسي الذي دعاه إلي وليمة في بيته ولم يغسل له رجليه ولم يدهن رأسه بزيت كما هو المألوف في إكرام المضيف لضيفه أنت لم تدهن بالزيت شعري (لوقا 7: 46). وعلي العكس فإنه مدح المرأة التي ضمخت بالطيب قدميه (لوقا 7: 38, 46), كما أنه أثني علي صنيع مريم أخت لعازر التي سكبت الطيب علي رأسه (مرقس 14: 3), (متي 26: 7), وعلي جسده ودهنت بالطيب قدميه ومسحتهما بشعر رأسها (يوحنا 11: 2), (12: 3), (مرقس 14: 8), (متي 26: 12).
وزاد علي ذلك بأن جعل الزيت دواء, وباستدعاء روح القدس يتزود بقوة علوية, فيصير سرا من أسرار الكنيسة السبعة وهو ما يعرف بسر مسحة المرضي أو سر القنديل, قال الإنجيل عن الآباء الرسل ودهنوا بالزيت كثيرا من المرضي فشفوهم (مرقس 6: 13). انظر أيضا (يعقوب 5: 14).
وفي مثل السامري الصالح يذكر المسيح له المجد أن السامري لما وجد المريض الذي جرده اللوصوص من ثيابه وأصابوه بجراح, أشفق عليه وتقدم نحوه وضمد جراحه وصب عليها زيتا وخمرا (لو 10: 34) فازيت دهن نافع للجلد.
والخلاصة, أنك أيتها الابنة علي حق في عدم استخدام الأصباغ التي تلطخ بها النساء وجوههن بقصد التجميل مع أنها علي العكس تماما تضر بجلد وجوههن, وتسئ إليه, وتؤذيه وتضر صحتهن – وهذه حقيقة رائعة أن الدين والصحة يمشيان معا لصالح الإنسان روحيا وجسديا, معنويا وماديا.
وأخيرا نذكر هنا نصيحة الكتاب المقدس للنساء:
لا تكن زينتكن الزينة الخارجية, بضفر الشعر والتحلي بالذهب, والتأنق في الملابس, بل داخلية بما في باطن القلب من زينة الروح الوديع الهادئ الذي هو قدام الله كثير الثمن. كذلك كانت قديما النساء القديسات المتكلات علي الله يزين أنفسهن (1بطرس 3: 2-5).
النساء يزين ذواتهن بلباس الحشمة مع ورع وتعقل, لا بشعر مجدول وذهب ولآلئ وثياب فاخرة, بل بأعمال صالحة تليق بنساء تعاهدن بتقوي الله (1تيموثيئوس 2: 9, 10).
انظر أيضا (أشعياء 3: 16-24)