تفاقمت ظاهرة العنف بين الشباب في الجامعات خلال السنوات الأخيرة وتجلت في أسوأ مظاهرها في انتخابات الاتحادات الطلابية حيث يتنافس تياران سياسيان في السيطرة علي كافة الأنشطة الطلابية,الأول يقوده طلاب التيار الديني وهم يسعون للاستحواز وحدهم دون غيرهم علي الاتحادات والأنشطة ويرفض هذا التيار مشاركة زملائهم المنتمين لتيارات سياسية وأخري الطلاب البعيدين عن الأنشطة السياسية ويشتكي هؤلاء دائما من تزوير لصالح طلبة لحزب الوطني…وقد قام أنصار التيار الديني العام الماضي باستعراضات عنيفة أثارت الاستياء لاسيما أن التعليمات كانت تأتي إليهم من خارج الجامعة,وعاود هذا التيار ممارسة سلوكياته هذا العام وقاموا بالاشتباك مع زملائهم وتحطيم بعض الكراسي في جامعة عين شمس بحجة تزوير الانتخابات الطلابية واستبعادهم من الترشيح.علي الجانب الأخر وقع أنصار التيار الثاني-أنصار الحزب الوطني-بأخطاء كبيرة لاسيما أنهم لم يشجعوا التيارات السياسية المدنية الأخري وقاموا باستبعادها من الانتخابات وبالتالي بات المشهد الطلابي محصورا بين تيارات بعينها تسعي للسيطرة والاستحواز,وإقصاء المخالفين,وبين إدارات في أغلب الجامعات تمارس أساليب إدارية صارمة تطورت في بعض الجامعات لتصل إلي حدالشطبوالحرمان من حق الترشيح..وتورط الطرفان في دوامة العنف والمواجهة اللاديموقراطية…وانزوت جموع الطلاب.
-الأغلبية الصامتة-وفضلت الانسحاب من المشهد.
-هذه محاولةللاقتراب من المشهد الجامعي لمناسبة الانتخابات الطلابية الأخيرة.
بداية رأي شريف أيمن-طالب بجامعة عين شمس-أن أحداث العنف الأخيرة في الجامعة هي ظاهرة كانت موجودة في التسعينيات حيث قام طلبة التيارات الدينية بالاعتداء علي زملائهم ومحاولة فرض التشدد بالإكراه,وقد عادت الظاهرة مرة أخري خلال العام الماضي بالعرض المفزع الذي قام طلبة الإخوان المسلمين به في جامعة الأزهر واتهم شريف هؤلاء الطلبة بأنهم المسئولون عن تفاقم هذه الأحداث لأنهم يريدون السيطرة وحدهم حتي لو باستخدام البلطجة والعنف وأيضا أخطأت الإدارة الجامعية عندما تورطت في الرد عليهم وبالتالي تحولت الجامعة إلي ساحة للخلاف السياسي بين تيار المحظورة وتيار الوطني.
ورأي سمير منير-طالب بجامعة المنيا-أنه فكر في الترشيح في انتخابات اتحاد الطلبة للاشتراك في الأنشطة المختلفة لكنه تراجع عن الفكرة لأن الاتحاد تحول إلي كيان هلامي خاصة أن ميزانية الاتحاد أصبحت ضخمة ولذلك يسعي طلبة التيار الإسلامي إلي عضوية الاتحاد من أجل التحكم في أوجه إنفاق الميزانية علي الأنشطة التي تدعم أفكارهم المتشددة وتواجدهم داخل أسوار الجامعة وبالمثل يسعي طلبة الحزب الوطني لعضوية الاتحاد للاستفادة من الاتحاد علي مستوي الأنشطة والجوائز والقرب من أساتذة الكلية.
ويرجع حمزة محمد-طالب بجامعة أسيوط-أسباب انتشار ظاهرة العنف إلي عدم وجود ممارسات سياسية عادلة لكل التيارات داخل أسوار الجامعة وأن الأدارة تركت التيار الديني يعمل وينشط وسط الطلبة ويبث أفكارهم المتشددة طوال العام في حين يبتعد طلبة الحزب الحاكم عن زملائهم ولا يعرفونهم إلا قبل إجراء الانتخابات مما أدي إلي ضعف تواجد طلبة الحزب الحاكم في مواجهة التيار الإسلامي فلجأت الحكومة إلي التزوير وهي سياسة خاطئة حيث كان من المفترض أن تعطي الفرصة للأحزاب والتيارات المدنية للعمل والتواجد والتنافس معا في مواجهة التيار الديني…وإذا كان هذا هو رأي طلبة الجامعات في أحداث العنف الأخيرة بينهم وبين إدارة الجامعة أو الأمن فهناك رأي الخبراء والمتخصصين في هذه الأحداث إذ يري الدكتور قدري حفني أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس بأن أحداث العنف الأخيرة في الجامعة تم تضخيمها من قبل وسائل الإعلام إذ أن هؤلاء الطلبة هم قلة في العدد ولكن يتلم التركيز عليهم ولذا يظهرون وكأنهم أعداد كبيرة في حين أن باقي الطلبة يعيشون في السلبية لأن الجامعة شأنها شأن المجتمع فالفاعلون قليلون,ويؤكد دكتور قدري بأن معظم الطلبة لا يعرفون اتحاد الطلبة إذ أن هناك دراسة حديثة في العلوم السياسية جاءت نتيجتها بأن هناك82%من الطلبة لم يسمعوا عن اتحاد الطلبة ولم يهتموا بالموضوع من أصله.
حول العلاقة بين الحياة بالسياسية في الجامعة وخارجها يري المفكر د.وسيم السيسي بأنه لا توجد حياة سياسية في الخارج حتي تكون هناك علاقة في الداخل,ويري إنه لابد من الحزم لأن الجامعة مكان للعلم وليست للتطاول والعنف ولذا لابد أن تكون الإدارة حازمة وليست رخوة.
ويختتم د.وسيم كلامه مؤكدا علي أن اتحاد الطلبة ليس له فائدة للطلبة أو يضيف شيئا للعلم وما يحدث في مصر الآن لا يحدث في أي دولة حتي ولو كانت أفريقية أو آسيوية…بينما يلقي الدكتور سيف الدين عبد الفتاح أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة باللوم علي الأجهزة الأمنية والتي أدت إلي زيادة العنف بسبب تعاملها مع ملفات سياسية علي أساس أنها أمنية ومنها ملف الطلبة في الجامعة وأشار سيف الدين بأن العنف لا يولد إلا العنف المضاد وأكد علي أن كل طالب من حقه أن يرشح نفسه في انتخابات اتحاد الطلبة ولكن ما يحدث عكس ذلك حيث تقوم الجامعة باختيار من تريده ولذا يحدث التصادم بين الجامعة وبين باقي الطلاب وهو انعكاس للحياة السياسية خارج الجامعة حيث أصبح العنف سمه أساسية من سمات المجتمع فلا يعقل مثلا أن يقتل سائق سيارة راكبا لمجرد إنه لم يدفع60قرشا أجرة بدلا من50قرشا فقط..فالمجتمع نفسه تحول إلي العنف والذي ينتج عنه عنف مضاد…
ويؤكد علي ما سبق محمد منيب المحامي والناشط الحقوقي المعروف حيث يري أن العنف في الجامعة يعود لعدة أسباب لعل أبرزها الخلاف بين التيارات السياسية المختلفة التي ينتمي إليها طلاب الجامعة كذلك الأسر الجامعية والتي بدأت في الانقراض في الوقت الحالي ومن ثم لم تعد تفرز الكوادر السياسية القادرة علي قيادة المجتمع والذي بدأ يخلو من القيادات والكوادر السياسية الشابة.