يحفل الزواج في السودان بالعادات والتقاليد التي قد تتعدد بتعدد القبائل (أكثر من 500قبيلة) حيث يبدأ اهتمام المجتمع السوداني بالفتاة بمجرد أن تبلغ سن الثالثة عشر فتقوم الأم بتعليمها كيفية تصفيف شعرها إلي ضفائر صغيرة وهو أشهر ما يميز المرأة السودانية,ثم تدرج إلي تعليمها دروس الطهي وأهمها الكسرة وهي عجينة من الذرة.
وخلال هذه الفترة الحرجة بالنسبة للفتاة الصغيرة يقل خروجها بشكل عام إلي أن تبلغ سن الزواج ويعتبر هذا بمثابة دعوة للشباب للتقدم للزواج منها.
وللزواج السوداني العديد من العادات المتفردة التي بدأ بعضها في الاندثار في ظل التطور العام ولكن معظمها لا يزال باقيا في الريف ووسط الأسرة التقليدية,وقد ساهم تماسك النسيج الاجتماعي علي استمرار معظم عادات الزواج في المجتمع السوداني.
فطلب يد الفتاة للزواج له أصول وترتيبات,فالشاب عندما يسمع أن الأسرة الفلانية لها بنت في سن الزواج يرسل لها امرأة لتصف له ملامحها أولا وبعد أن يوافق وتوافق الأسرة يتولي والده مهمة إبلاغ والد الفتاة الذي عادة ما يطلب إمهاله مدة أسبوعين للتشاور مع الأسرة وخلال هذه الفترة تجري مشاورات لمعرفة إن كان هناك من يريدها من أبناء عمومها وإن لم يوجد تعطي الموافقة.
وقبل تحديد موعد الزفاف تأتي أم العريس ومعها بناتها المتزوجات وإخواتها إلي والدة العروس لتطلبها مرة ثانية من أمها ويأتي إعلان الموافقة بعبارة شهيرة (خير وألف خير) وبعد سماع هذه الجملة تقوم أم العريس بوضع مبلغ رمزي من المال وهذه العادة تسمي (فتح الخشم) أي تقديرا لوالدة العروس التي رحبت بأهل العريس.
وبعدها تنطلق الاستعدادات للزفة الكبري حيث تقوم أسرة العريس بتقديم ما يعرف بـ (الشيلة) لأسرة العروس وهي عبارة عن مهر العروس من المال والملابس والعطور والذهب وكافة المأكولات التي ستقدم للضيوف في يوم العرس وعند إحضارها يتم تحديد موعد الزفاف.
وتقوم والدة العروس بحبس ابنتها مدة تصل لثلاثة أشهر داخل غرفة لا تصلها الشمس وتحفر لها حفرة عميقة يوضع بداخلها إناء فخاري كبير تدس داخله أعوادا من أشجار الطلع والشاف وتشعل فيها نارا هادئة لتجلس العروس علي حافة تلك الحفرة بعد أن تخلع ملابسها وتلتف بقطعة كبيرة من قماش الصوف الوبري الخشن تسمي (الشملة) ويمسح جسمها بزيت خاص ولا تقوم من تلك الفترة حتي يتصبب منها العرق لمدة تتجاوز الساعتين وتسمي هذه العادة (بالدخان) وهو حمام بخار تداوم عليه العروس لفرك جسدها بعجينة الذرة والزيت تسمي (اللخوخة) لنعومة البشرة وصفائها.
وأثناء فترة حبس العروس تقوم والدتها وخالاتها بإعداد العطور الخاصة لها,وقبل ثلاث ليال من يوم الزفاف تجهز الغرفة التي بها العروس إيذانا ببدء مراسم وضع الحناء من قبل امرأة متخصصة تسمي (حنانة) وتشمل تجهيزات الغرفة بوضع جريد النخل الأخضر الذي تزين به الجدران في أشكال بديعة.
ثم تفرش الغرفة بسجاد أحمر اللون ويأتي بسرير من الخشب المخروط يوضع فوقه بساط من سعف النخيل يسمي البرش مطلي باللون الأحمر وتجلس عليه العروس مرتدية الثوب السوداني المعروف ويكون أيضا أحمر اللون وتبدأ الحنانة وضع الحنة علي أغاني صديقات العروس.
ولا يقتصر وضع الحناء للعروس فقط بل توضع كذلك للعريس قبل يومين من ليلة الزفاف ويرتدي الزي الشعبي الجلابية والسروال الطويل ويقوم أصدقاؤه خلال الحفل بإعلان تبرعاتهم المالية للعريس ويطلق عليها (الكشف) وهي تفوق تكاليف الزواج.
ويأتي يوم العرس حيث تذبح فيه الخراف والثيران وتنطلق قطع الحلوي والتمر في الهواء وبعدها يبدأ لبس العروس بمساعدة امرأة تدعي (المزينة) وأهم شئ هو (الرحط) وهي مجموعة من الخيوط الحمراء الحرير توضع في شكل حزام علي خاصرة العروس ثم تبدأ تقوس (الجرنق) حيث توضع (الغريرة) وهي مسحوق من العطور الجافة علي رأس كل منهما ويتبادلان بعد ذلك (بخ اللبن) علي بعضهما تفاؤلا من الأهل بأن حياتهما ستكون بيضاء.
المحررة
[email protected]