الأزمة المالية الأمريكية, ردتني إلي ما تعلمته من الماركسية خاصة الجانب الاقتصادي, وتوقفت أمام تحليلات ماركس ثم لينين حول الإمبريالية أعلي مراحل الرأسمالية, ثم ما بعد الإمبريالية, وما كتبوه حول تصدير رأس المال المالي, بمعني أن قانون رأس المال الماركسي الأساسي كان نقود – بضاعة – نقود فيما بعد الإمبريالية, تظهر الطغم المالية, وتلغي البضاعة من المعادلة, وتصبح: نقود – نقود بمعني أن تتحول النقود إلي سلعة! وينحي جانبا مفاهيم العمل ومفاهيم الصناعة أو الإنتاج إلخ. أي كل عوامل التفاعل الإنساني, وبمعني أكثر دقة يغيب الجهد الإنساني عن تجسيد النقود في بضاعة, ومن ثم تتحول النقود من وسيلة إلي غاية, وتتحول كل أدوات الإنتاج من موارد إلي تاريخ, وتتحول أساليب الإنتاج من تكنولوجيا إلي وهم! وهكذا يحدث اغتراب البشر وتفقد أشياء كثيرة قيمتها, فلم تعد البضاعة أو الإنسان هما اللذان يحددان قيمة النقود المدفوعة كأجر للإنسان أو كثمن للبضاعة بل العكس.. ويترتب علي ذلك غياب حقيقي لكل ما تربينا عليه من علوم إنسانية مثل التنمية وعلم الاجتماع وغيرها, وتتصدر المحاسبة والتحليل النفسي للنقود المشهد! وارتباطا بذلك سوف تتقدم مفاهيم العدوانية والتوسعية الاقتصادية, وتتراجع الرؤوس النووية والصواريخ, وتتقدم الأسهم والمضاربات الدول وتترك مكانها للشركات, وتتبدل ميادين المعارك التقليدية وتدار المعارك في البورصات. وتتجلي الغيبيات وتشوه الأديان ولا تترك الأزمة أمام الإنسان العادي إلا البحث عن المعجزات والخوارق.
وبالطبع تفقد مصطلحات كثيرة معناها مثل البترول والذهب, أما نحن في العالم الثالث فسوف نكون مثل الأطرش في الزفة وربما نكون أكثر سعادة من الغربيين ولن نشعر بعمق الأزمة لأننا مغيبون منذ زمن طويل, ونعيش الخرافة بمعناها الحقيقي.. ونحمد الله علي تخلفنا!