كل رقم في الكتاب المقدس له رمز معين يدل عليه,سواء في الرقم ذاته,أو مضاعفاته وكثير من القديسين الذين كتبوا في تفسير الكتاب لهم تأملات في هذا الموضوع,ومن أشهرهم القديس أوغسطينوس,الذي كان يقف أحيانا عند بعض الأرقام ويسبح في تأملاته.
وبعض الأرقام ترمز إلي الكمال:
مثل الرقم7,والرقم 10 وسنتكلم عنهما فيما بعد,لأنه من أجل شهرتهما يعرف الناس عنهما الكثير.
والرقم 3 يدل علي الكيان: أو يدل علي الوجود,وقد نشرنا عنه مقالا طويلا من قبل
ونود اليوم أن نكلمك أيها القارئ العزيز عن بعض أرقام غير مطروقة كثيرا,ولنبدأ بالرقم.6
الرقم 6 ستة
الرقم 6 يرمز إلي كمال العمل
وهكذا قيل في الوصايا العشر في ستة أيام تعمل,وتصنع جميع عملك خر 20:9 وعلل ذلك بقوله لأن في ستة أيام صنع الرب السماء والأرض والبحر وكل ما فيها خر 20:11.
الرقم 6 يرتبط بعمله خالقا,كما يرتبط أيضا بعمله فاديا.
ولذلك نصلي في الساعة السادسة ونقول له يامن في اليوم السادس وفي الساعة السادسة,سمرت علي الصليب.
لقد أكمل الخلق في اليوم السادس,والفداء في اليوم السادس وفي الساعة السادسة.
ولماذا كانت ظلمة علي الأرض كلها في الساعة السادسة لو 23:44؟
لأنه في تلك الساعة وضعت علي السيد كل ظلمة الإنسان,كل ما ارتكبه البشر من خطايا وآثام كلنا كغنم ضللنا.ملنا كل واحد إلي طريقه.والرب وضع عليه إثم جميعنا ش53:6.
كل ما عملته البشرية من خطية,وضع علي صليبه,فأظلمت الأرض كلها:
ولماذا أظلمت الأرض ثلاث ساعات؟ لأن الرقم 3 كما قلنا يرمز إلي الكيان,أو الوجود.إذن كمال عمل الخطية بكل كيانه وكل وجوده عبرت عنه ثلاث ساعات بدءا من الساعة السادسة.
حتي كمال العمل بالنسبة إلي الأرض كان يرمز إليه الرقم 6 أيضا:
وهكذا كانت الأرض تزرع علي مدي ستة أعوام,وتستريح في العام السابع.وهكذا قال الرب في الوصايا التي أعطاها لموسي النبي:
ست سنين تزرع أرضك وتجمع غلتها.وأما في السابعة فتريحها خر 23:10.
وهكذا كان الرب يبارك في غلة العام السادس فيكفي لعامين إنه كمال عمل الأرض.
ونحن حاليا نرهق الأرض ,إذا لا نعطيها راحة,تدخلها فيه الشمس والهواء…
وكأن الرقم 6 يرمز أيضا إلي كمال عمل العبد:
إذا خدمك ست سنوات,يكفي هذا لكمال عمله في العبودية,فتطلقه في العام السابع لكي يستريح من نير العبودية.وهكذا قيل في سفر أرميا النبي …. الذي بيع لك,وخدمك ست سنوات ,فتطلقه من عندك أر 34:14.
وكمال عمل البشر في معجزة عرس قانا الجليل,أنهم ملأوا ستة أجران بالماء يو 2:7.6.
وبقيت معجزة الرب بعد ذلك في تحويل الماء,بطريقة تحمل خلق مادة جديدة.وجميل أن يرتبط الخلق هنا بالستة أجران,كما ارتبط بستة أيام الخليقة.إنه رمز إلي كمال العمل…
حتي كمال العمل بالنسبة إلي اللاجئ ,كانت ترمز إليه ست مدن مدن الملجأ.
وهكذا ما خصصه الرب في سفر اللاويين لا 35:6.,لكي يهرب إلي هذه المدن الست الإنسان المطالب بدم..
حتي في النسل أيضا..
نري كمال ما وصل إليه أبونا يعقوب في الإنجاب,مع الصراع الكبير بين ليئة وراحيل في ذلك المجال,يقول عنه الكتاب جميع النفوس ليعقوب التي أتت إلي مصر,الخارجة من صلبه…جميع النفوس ست وستون نفسا تك 46:26 .كان يرمز إليها أيضا الرقم .6
حتي في القوة أيضا…
وردت في سفر النشيد تخت سليمان حوله ستون جبارا…كلهم حاملون سيوفا نش 3:7
سليمان يرمز إلي المسيح..والجبابرة يرمزون إلي القوة في الإيمان.ورقم 60 يعني ستة *عشرة:الستة كمال العمل.والعشرة ترمز إلي كمال الوصايا وهذا هو سر هؤلاء الجبابرة.
حتي في الشر أيضا…
الوحش الذي قيل أن عدده هو 666 هل تري رقم 6 هنا يرمز إلي كمال شره,بينما تكراره 3 مرات,والثلاثة ترمز إلي الوجود والكيان,فإثبات لكيانه ووجوده في كمال شره.
أما أن هذا الرقم يرمز إلي عدد حروف اسمه,إن كان إنسانا أم شعبا أم حكما..فهذا ما لست أدري.
فكما نتكلم عن رقم 6,نتكلم أيضا عن مضاعفاته:
فكمال العمل في نشر المسيحية قام به 12 اثنا عشر رسولا هم 6*2 رقم ستة عن كمال عملهم.وهو هنا مضاعفا,لمضاعفة عمل النعمة فيهم.
ونفس الوضع نقوله عن الاثني عشر سبطا..
وكمال عمل الإنسان يتمثل في الوقت من أيام وشهور وسنين.
وهكذا رأي ذلك كله من مركبات الرقم ستة.فالسنة اثنا عشر شهرا,والشهر ثلاثون يوما,واليوم 24 ساعة والساعة ستون دقيقة,والدقيقة ستون ثانية.
وكلها من مضاعفات الرقم 6,وأحيانا الرقم 5 أيضا.فما رموز هذا الرقم الأخير؟
الرقم 5 خمسة
الرقم خمسة يرمز إلي البشر
يرمز إلي الإنسان الذي يعيش بخمس حواس.وبخمس فتحات في وجهه وبخمسة أصابع في أطراف يديه وقدميه..
وهنا نفهم لماذا الرقم خمسة,في مثل العذاري الحكيمات والعذاري الجاهلات متي 25؟
الخمس العذاري الحكيمات رمز لكل البشر الحكماء الأبرار.والخمس العذاري الجاهلات رمز لكل البشر الجهلة الأشرار.ولايقصد هنا التساوي في العدد,إنما التساوي في البشرية.بينما بعضهم خلصوا وبعضهم هلكوا.
ونفهم بهذا أيضا الخمس وزنات.
فالخمس وزنات التي أخذها العبد الأول مت 25:45
ترمز إلي أقصي مسئولية يمكن أن تعطي لإنسان وكونها ربحت خمس وزنات أخر,فهذا يرمز إلي أقصي ربح يحصل عليه إنسان.
وبنفس الوضع نفهم معجزة إطعام الجموع:
كانوا نحو خمسة آلاف رجل مت 14:21 بالإضافة إلي المعني الحرفي,فهم يرمزون إلي أكبر عدد من البشر.وقد شبعوا من خمس خبزات باركها الرب.وهذه الخمس خبزات قدمها غلام يو6:9رمز لأقصي ما يمكن أن يقدمه البشر.
وقد أمر الرب أن تكئوا خمسين خمسين لو 9:14 أو مئة مئة,خمسين خمسين مر 6:40 وكلها مضاعفات للرقم خمسة,ترمز إلي النظام في ترتيب البشر.
وتحدث بولس الرسول عن ذلك بالنسبة إلي عمل اللسان البشري:
فقال ولكن في الكنيسة أريد أن أتكلم خمس كلمات بذهني بفهم…أكثر من عشرة آلاف كلمة بلسان بغير فهم 1كو 14:.19
واستخدم عن التعبير عن آلامه:
فقال من اليهود خمس مرات,قبلت أربعين جلدة إلا واحدة 2 كو 11:24.ومع أن الرقم له واقعيته الحرفية ,إلا أنه في نفس الوقت له دلالته الرمزية.
وحتي في الشر البشري استخدم هذا الرقم نفسه:
فقال الرب عن الانقسام حتي في محيط العائلة لأنه من الآن يكون خمسة في بيت واحد,منقسمين ثلاثة علي اثنين,واثنان علي ثلاثة لو 12:52…أي بشر أو أناس في بيت.الكثرة فيه ضد القلة.والقلة أيضا ضد الكثرة.
وفي خطية المرأة السامرية
في معاشرتها لرجال كثيرين,قال لها الرب حسنا قلت ليس لي زوج.لأنه كان لك خمس أزواج.والذي لك الآن ليس هو زوجك يو18..فالخمسة يرمزون إلي البشر الذين عاشرتهم في الخطية.
أما إذا أضفنا إليهم السادس الذي معها الآن,ورقم 6 يدل علي كمال العمل كما قلنا.فيكون الستة رجال رمز إلي كمال العمل البشري في حياة الخطية التي عاشتها تلك المرأة السامرية..
وهذا الرقم أيضا استخدمه الرجل الغني الذي عاشر لعازر المسكين:
قال لأبينا إبراهيم عن لعازر أسألك إذن يا ابني أن ترسله إلي بيت أبي.لأن لي خمسة إخوة.حتي يشهد لهم,لكي لا يأتوا هم أيضا إلي موضع العذاب هذا لو 16:28,27.
ولاشك أن هذا الرقم يمكن أن يرمز في نفس الوقت إلي جميع البشر الذين يحتاجون إلي نفس الإرشاد والإنذار.
والذين قال عنهم أبونا إبراهيم إن عندهم موسي والأنبياء.
ومن مضاعفة هذا الرقم أيضا يمكن أن نتحدث عن الرقم خمسين بنفس المفهوم:
فخطايا البشر استخدم لها الرب هذا الرقم في حديثه مع سمعان الفريسي لما انتقد المرأة الخاطئة التائبة.فقال له:مداين كان له مديونان: علي الواحد خمس مائة دينار,وعلي الآخر خمسون.وإذ لم يكن لهما ما يوفيانه ,سامحهما جميعا فأيهما يحبه بالأكثر؟ لو 12:42,41 وهنا طبعا ليس المقصود الرقم في ذاته,وإنما خطايا البشر في عددها ومقارنتها.
وبنفس الرمز نفهم رؤساء الخمسين,الذين أرسلهم أخزيا الملك إلي إيليا النبي:
ثلاث مرات ,أرسل إليه في كل مرة,رئيس خمسين,والخمسين الذين له 2 مل1:9 ـ13.ليس المهم هنا الحرف بقدر ما هو الرمز:أرسل عشرات من البشر,لثلاث مرات,ترمز إلي كيان الإرسالية ووجودها.
الرقم عشرة سأعود إليه مرة أخري بإذن الله,لنري رمزه:
وهو إما أن يكون مضاعفة للرقم خمسة الذي يرمز للإنسان والبشر…أوأن يكون له معني خاص قائم بذاته كما يرمز أحيانا لوصايا الرب الوصايا العشر خر 20,تث 5 كما سوف نري..
ولكننا قبل أن ننتقل من رموز الرقم خمسة إلي مضاعفاته أو إلي غيره من الأرقام,نحب أن نضيف ونقول:
أول شريعة مكتوبة قدمها الله للبشر,كانت في خمسة أسفار: