بعد أن أصبحت من الأغنياء تقررالسيدة العجوز العودة إلي بلدتها التي طردت منها فقيرة في الماضي بسبب حبها لأحد شباب القرية الأغنياء الذي يتخلي عنها بسبب فارق المستوي الطبقي بينهما.وعقب عودة هذه السيدة العجوز الثرية تبدأ في انتقام منظم من حبيبها ومن أهل القرية.
كانت هذه هي قصة مسرحيةزيارة السيدة العجوزللكاتب السويسري المعروففريدريك دوينماتوالتي ظهرت عام1956,وتعد أحد روائع الأدب العالمي في العصر الحديث.ولعل شهرتها الكبيرة كانت وراء عرضها من خلال السينما والمسرح في كثير من دول العالم…وفي مصر عرضت قبل16عاما عندما أخرجها الفنان محمد صبحي لدار الأوبرا المصرية وقام ببطولتها الراحلة سناء جميل والمبدع جميل راتب وحملت اسمالزيارة.
وه هي اليوم تقدم علي مسرح كنيسة مارمرقس بشبرا لرابع مرة من خلال مجموعة من الشباب الواعد الهاوي والعاشق للتمثيل من خلال خدمة تقدم لشعب الكنيسة للتعريف بروائع الأدب العالمي في إطار تمصير هذه الروايات لتتناسب مع البيئة المصرية بتقاليدها ومبادئها.
المسرحية من إخراج المخرج الشاب عماد عبدالله-قدم العديد من المسرحيات الكنسية من قبل-الذي أكد أن هذه الرواية قدمت من قبل عام1987وتم إعادتها عام1991و1997 وكانت تحمل فكرةالمال أصل كل الشروروكان المحور الرئيسي الذي كان يدور حوله العمل آنذاك.أماالزيارةالتي قدمت هذا العام2007فتحمل فكرة سيطرة المال والنفوذ بالشكل الذي نعيشه في واقعنا المعاصر,حيث إن السيدة العجوز هي الدولة الغنية والشركات متعددة الجنسيات التي لا تهتم بأية قيمة إنسانية سوي ما تفرضه مصلحتها أما أهل قريةجولينهم تلك الشعوب التي تشتري علي الحساب وتستهلك فقط وتحت ضغط الحاجة تتنازل عن قيمها وإنسانيتها كما يتمثل ذلك في مشهد قتلألفريد-الشاب الذي كانت تحبه كلارافيشر السيدة العجوز في شبابها-بسكاكين الجزارين في مشهد دموي وحشي صارم ولكنه يعبر عن ما قد يصل إليه فقراء العالم إذا استمروا في العراك علي الفتات التي تلقيها الدول الغنية لهم.
العمل قدم أكثر من قالب مزج بين الجاد الصارم والكوميدي الساخر الذي كان يتجسد في شخصية عمدة البلدة من خلال بلاهته وحرصه الدائم علي إرضاء السيدة العجوزكلارافيشرباعتبارها الثرية التي سوف تنقل قريته من الفقر الشديد إلي الثراء والرخاء.
كما جاء أداء الممثلات اللاتي قمن بدور العجوز بالتناوب مفعما بالثقة بالنفس والرغبة الدفينة في الانتقام وهو الهدف الذي جاءت من أجله وذلك من خلال أداء حاد النزعة.
وأخيرا يبقي أن نذكر أن أكثر المشاهد تأثيرا في الجمهور هو مقتل ألفريد الذي جاء بنفسه ليقدم حياته ثمنا لما فعله في الماضي بالسيدة العجوزكلارافيشروبعدها يحصل أهل البلدة الفقيرة علي الأموال التي تغير مجري حياتهم.
اشتري في العمل ما يزيد علي80فردا ما بين تمثيل وديكور وإضاءة وموسيقي وإدارة مسرحية وماكياج وملابس وفريق النظام.ونظرا لكم أعداد الممثلين الذين اشتركوا في العمل تم توزيع هؤلاء الممثلين بالتناوب علي الأدوار لتقدم المسرحية من خلال فريقين مختلفين مما أظهر فروقا واضحة في الأداء التمثيلي وفتحت الباب للمقارنات مما أضعف بعض جوانب العمل بالنسبة للجمهور الذي تابع المسرحية لأكثر من يوم.
تم إعداد الموسيقي كمختارات من موسيقي الأفلام العالمية مما يناسب المسرحية أما الديكور فقد أراد القائمون علي العمل اجتذاب عقل وعين المشاهد في كل لحظة من المسرحية وقاموا بعمل خلفية شبيهة بالزجاج المشروخ(بازل)الذي تم تفكيكه خلال الفصل الثاني قطعة قطعة مع انهيار البلدة ويكشف في المشهد الأخير عن ما وراء البلدة الزجاجية ألا وهو اللوحة التشكيلية للساقية ذات المخالب والتي يقودها ضحاياها من البشر ذوي الأعين المعصوبة.
بقي في النهاية أن نشيد بفاعلية إدارة الكنيسة في توظيف مواهب الشباب في كافة قطاعات المسرح لتقديم أعمال هادفة بعيدا عن الأعمال ذات الوعظ والإرشاد الصريح والتي لا تجتذب الجمهور حولها فتقديم رسالة وقيمة إنسانية من خلال فصن المسرح حسنة تحسب بكثير من الاحترام والتقدير لمثل هذه التجارب المثمرة.