الدكتورة حكمت أبو زيد هى أول وزيرة فى مصر وثانى وزيرة فى العالم العربى ، مضت رحلة النضال لأكثر من سبعون عاماً ، بين الشهرة والبناء و النضال الوطني بالاضافة الى النفي والتجريح ، شخصية ثرية عالمة جامعية ووزيرة مسئولة بالدولة ولاجئة سياسية.
الدكتورة حكمت أبو زيد هى أول وزيرة فى مصر وثانى وزيرة فى العالم العربى ، مضت رحلة النضال لأكثر من سبعون عاماً ، بين الشهرة والبناء و النضال الوطني بالاضافة الى النفي والتجريح ، شخصية ثرية عالمة جامعية ووزيرة مسئولة بالدولة ولاجئة سياسية.
ولدت عام 1922 م بقرية الشيخ داود التابعة للوحدة المحلية بصنبو بمركز القوصية بقرية تخلو نهائياً من المدارس وقتها في الثلاثينيات من القرن الماضي، كان والدها ناظراً بالسكك الحديدية إهتم بإبنته ووفر لها إمكانية السفر يومياً من قريتها لبندر ديروط لتتلقي التعليم بالمدارس الابتدائية والإعدادية حتي جاءت المرحلة الثانوية فتغربت الدكتورة حكمت أبو زيد عن أسرتها لتكمل مسيرتها التعليمية بمدرسة حلوان الثانوية بالثلاثينيات من القرن الماضي، ولم يكن بحلوان حينذاك مدن جامعية فأقامت بجمعية “بنات الأشراف” التي أسستها الراحلة الزعيمة نبوية موسى.
المناضلة الصغيرة
خلال دراستها الثانوية تزعمت ثورة الطالبات داخل المدرسة ضد الإنجليز والقصر مما آثار غضب السلطة ففصلت من المدرسة واضطرت لاستكمال تعليمها بمدرسة الأميرة فايزة بالإسكندرية.
وفي عام 1940م التحقت بقسم التاريخ بكلية الآداب جامعة فؤاد الأول ، وكان عميد الكلية وقتها الدكتور طه حسين والذي تنبأ لها بمكانة رفيعة في المستقبل لملاحظته قدرتها العالية في المناقشة الواعية ورغم محاولته إقناعها بالإلتحاق بقسم اللغة الفرنسية لتفوقها في هذا المجال وكونها خريجة مدارس أجنبية بالإسكندرية إلا أنها فضلت العلوم الإجتماعية لاهتمامها الوطني بالمجتمع الإنساني ومعرفتها منذ الصغر بأهمية أن يكون لها رؤية ورسالة واضحة بالحياة.
لم تكتف حكمت أبو زيد بهذا القدر الهائل من التعليم ، بل حصلت على دبلوم التربية العالي بالقاهرة عام 1944م ثم حصلت على الماجستير من جامعة سانت آندروز باسكتلندا عام 1950م حتي حصلت على الدكتوراه في علم النفس من جامعة لندن بإنجلتزا عام 1955م.
الكفاح الوطني
في عام 1955م عادت لمصر وتم تعيينها فوراً في كلية البنات بجامعة عين شمس وفي نفس العام إنضمت الدكتورة حكمت أبو زيد إلي فرق المقاومة الشعبية حتي حدثت حرب 1956م فبدأت تتدرب عسكرياً مع الطالبات وسافرت إلي بورسعيد مع سيزا نبراوي وإنجي أفلاطون وكن يشاركن في كل شيء من الإسعافات الأولية حتي الإشتراك بالمعارك العسكرية وعمليات القتال العسكري.
في عام 1962م أختيرت عضو في اللجنة التحضيرية للمؤتمر القومي 1962م ومن خلال ذلك دارت مناقشاتها حول بعض فقرات الميثاق الوطني مع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وكانت تميل إلي الخلاف في الرأي مع الزعيم الراحل حول مفهوم المراهقة الفكرية ودعم العمل الثوري مما آثار الإعجاب الشديد من قبل الزعيم عبد الناصر بها.
في أوائل الستينات أصدر الزعيم الراحل جمال عبد الناصر قراراً جمهورياً بتعيين الدكتورة حكمت أبو زيد وزيرة للدولة للشئون الإجتماعية لتصبح اول سيدة في مصر تتولي منصب وزير، ومن خلال منصبها حولت الوزارة إلي وزارة مجتمع وأسرة كما نقلت نشاطها لكافة القري والنجوع بالجمهورية بإنشاء فروع لها ، وأقامت للمرة الأولي عدة مشروعات ما زالت مستمرة منها مشروع الأسر المنتجة ومشروع الرائدات الريفيات ومشروع النهوض بالمرأة الريفية كما قامت بحصر الجمعيات الأهلية وتوسعت أنشطتها وخدماتها التنموية.
في عام 1964م ساهمت بوضع قانون 64 وهو أول قانون ينظم الجمعيات الأهلية ، فلها يعود الفضل في تطوير العمل الإجتماعي والرعاية الأسرية من خلال توليها منصب الوزارة ما جعلت للمرة الأولي من مهام وزارتها ضم رعاية مؤسسة الأحداث بكل مشاكلها مما يعد خطوة حاسمة وفعالة في العناية بهؤلاء الأحداث.
عندما حدثت هزيمة 1967م ونظراً للثقة الكبيرة من الزعيم الراحل جمال عبد الناصر في ديناميتها ووطنيتها كلفها بالاهتمام الكامل بالرعاية الإجتماعية لأسر الجنود الموجودين على الجبهة المصرية وبالفعل حققت نجاح منقطع النظير في هذا المجال.
وفي عام 1969 قامت الدكتورة حكمت أبو زيد بالإشراف على مشروع تهجير أهالي النوبة بعد تعرضها للغرق عدة مرات من مشروع كامل في القري النوبية الجديدة ما بين كوم أمبو وأسوان وحرصت على نقل النسيج والبنيان النوبي كما كان قبل الغرق وتفاعلت إنسانياً مع أهالي النوبة مما جعل الزعيم جمال عبد الناصر يطلق عليها لقب “قلب الثورة الرحيم”
بعد رحيل الزعيم جمال عبد الناصر عام 1970م عادت الدكتورة حكمت أبو زيد إلي الحرم الجامعي لتدريس الإجتماع الريفي والحضري وتنقل حصيلة تجربتها الميدانية إلي طلابها وطالباتها في جامعة القاهرة ولم تفقد يوماً ذاتها القومية والثورية إلي يومنا هذا.
الخلاف الحاسم
في السبعينيات إختلفت بشدة مع قرار الرئيس الراحل محمد أنور السادات لمبادرة السلام مع إسرائيل وشككت في النوايا الصهيونية للأمة العربية مما جعلها تتلقي أبشع التهم والإتهامات حتي أطلق عليها ألفاظ الإرهابية والجاسوسة وإتهامها بالخيانة وبأنها المصرية غير المنتمية وذلك لمجرد أنها أفصحت عن رأيها بصراحة تجاه السلطة الحاكمة.
لم يتم وضع حراسة على أملاكها أو مصادرتها أو اسقاط الجنسية المصرية عنها وذلك طبقاً للحوار الذي أجراه معها الاعلامي محمود سعد ببرنامج مصر النهاردة حلقة يوم 15/12/2010ولكن تم منعها من تجديد جواز السفر ومصادرته، حتي إضطرت للتغريب عن أحضان الوطن الذي عاشت لأجله وأصبحت لاجئة سياسية هاربة لمدة عشرين عاماً بعيداً عن وطنها. في فبراير عام 1991م أصدرت المحكمة العليا قرارها بالغاء الحراسة على ممتلكاتها وحقها في حمل جواز السفر المصري والتمتع بالجنسية المصرية وفور علمها بذلك قررت العودة لأحضان الوطن الذي عاشت لأجله.
تكريم عالمى
قبل عودتها وجهت لها دعوة من الزعيم الليبي معمر القذافي فأقيم لها ولزوجها إحتفالاً تاريخياً ومنحت خلاله أنواط الفاتح العظيم من الدرجة الأولي مع العلم بأن هذا النوط لا يمنح إلا لرؤساء الدول ولكن لمكانتها القومية جعلت منها إضافة للوسام أكثر من كونها إضافة لتاريخها المشرف. كما وجه لها دعوة أخرى من ملك المغرب الملك الحسن لحضور إحتفالاً عظيماً يتم فيه منح السيف الذهبي من الذهب الخالص للدكتورة حكمت أبو زيد علماً بأنه لا يملك هذا السيف الا ملك المغرب مما يعد تكريماً أسطوري .
العودة
فور رجوعها لأرض مصر في 2 مارس عام 1992م فتحت لها صالة كبار الزوار بمطار القاهرة وخرجت من المطار فوراً للتوجه إلي ضريح الزعيم جمال عبد الناصر ليكون أول مكان تراه.
توفيت الدكتورة حكمت أبوزيد عن عمر يناهز 89 عاما بعد معاناة لفترة طويلة مع المرض نتيجة هبوط حاد في الدورة الدموية والتنفسية وذلك يوم 30 يوليو 2011 م.