رئيس التحرير
يوسف سيدهم

بروفيل هيكل‏.. أسطورة‏ ‏قلم

الخوف‏ ‏هو‏ ‏الترف‏ ‏الوحيد‏ ‏الذي‏ ‏لا‏ ‏أملكه‏ ‏ولا‏ ‏أسمح‏ ‏به‏,‏أنت‏ ‏حر‏ ‏بقدر‏ ‏ما‏‏تعتمد‏ ‏علي‏ ‏نفسك‏ ‏وأنت‏ ‏قوي‏ ‏بقدر‏ ‏ماتواجه‏ ‏الخطر‏...‏وهذه‏ ‏الحياة‏‏أعطتني‏ ‏أحلي‏ ‏وأغلي‏ ‏ماعندها‏ ‏ومن‏ ‏الحق‏ ‏أن‏ ‏أدرك‏ ‏أن‏ ‏ما‏ ‏بعدها‏‏موصول‏ ‏بها‏ ‏اتصال‏ ‏الليل‏ ‏بالنهار‏...‏كلمات‏ ‏نطق‏ ‏بها‏ ‏مختبر‏ ‏الحياة‏‏محبها‏,‏والمتصالح‏ ‏معها‏ ‏في‏ ‏الوقت‏ ‏ذاته‏ ‏محمد‏ ‏حسنين‏ ‏هيكل‏ ‏صاحب‏‏ المشوار‏ ‏الصحفي‏ ‏الأشهر‏ ‏والسياسي‏ ‏والمفكر‏ ‏بطول‏ 74‏عاما‏.‏بدأ‏ ‏هيكل‏ ‏عمله‏ ‏الصحفي‏ ‏بنشاط‏ ‏ملفت‏ ‏ونجاحات‏ ‏متسارعة ‏ ‏حلقت‏ ‏به‏‏خلال‏ ‏فترة‏ ‏وجيزة‏ ‏في‏ ‏أفاق‏ ‏المهنة‏ ‏الشاقة‏ ‏والمشوقة‏ ‏في‏ ‏ذات‏ ‏الوقت‏.‏عمل‏ ‏محررا‏ ‏للحوادث‏ ‏بصحيفة‏ ‏إيجيبشيان‏ ‏جازيت‏ ‏سنة‏1942 ‏وبعد‏‏أربع‏ ‏سنوات‏ ‏انتقل‏ ‏إلي‏ ‏مجلة‏ ‏آخر‏ ‏ساعة‏ ‏كمراسل‏ ‏حربي‏ ‏أمد‏ ‏المجلة‏‏بأدق‏ ‏وأبرع‏ ‏التقارير‏ ‏والموضوعات‏ ‏الصحفية‏ ‏علي‏ ‏جبهات‏ ‏القتال‏ ‏في‏‏فلسطين‏ ‏والعلمين‏ ‏ومالطة‏ ‏وغطي‏ ‏أحداث‏ ‏استقلال‏ ‏باريس‏ ‏وغيرها‏.‏ثم‏‏تقابل‏ ‏في‏ ‏مطعم‏ ‏باريزيانا‏ ‏بباريس‏ ‏مع‏ ‏فاطمة‏ ‏اليوسف‏ ‏بعدها‏ ‏عمل‏‏بمجلة‏ ‏روز‏ ‏اليوسف‏ ‏وكان‏ ‏نجمه‏ ‏قد‏ ‏سطع‏ ‏وواصل‏ ‏تألقه‏ ‏في‏ ‏سماء‏ ‏المهنة‏‏وعمل‏ ‏بأخبار‏ ‏اليوم‏.‏واجه‏ ‏هيكل‏ ‏الموت‏ ‏المحتمل‏ ‏أكثر‏ ‏من‏ ‏مرة‏ ‏عندما‏ ‏سافر‏ ‏إلي‏ ‏العلمين‏ ‏لمتابعة‏‏أخطر‏ ‏معارك‏ ‏الحرب‏ ‏العالمية‏ ‏الثانية‏ ‏كمراسل‏ ‏حربي‏,‏كما‏ ‏ذهب‏ ‏إلي‏‏الموت‏ ‏بقدميه‏ ‏ عندما‏ ‏دخل‏ ‏قرية‏ ‏القرين‏ ‏بالشرقية‏ ‏في‏ 8‏أكتوبر‏ 1947 ‏وكانت‏ ‏الكوليرا‏ ‏تحصد‏ ‏الرجال‏ ‏بالقرية‏ ‏الوادعة‏.‏قال‏ ‏في‏ ‏تقريره‏ ‏عن‏ ‏القرية‏ ‏المأساوية‏ ‏معركة‏ ‏الموت‏ ‏والحياة‏ ‏علي‏ ‏أشدها‏‏في‏ ‏القرين‏ ‏فالوباء‏ ‏ينشر‏ ‏دخانه‏ ‏القاتم‏ ‏الخانق‏ ‏علي‏ ‏القرية‏ ‏الصغيرة‏‏فتنهض‏ ‏الحياة‏ ‏لتبدد‏ ‏بسماتها‏ ‏المشرقة‏ ‏هذا‏ ‏الدخان‏ ‏وتظل‏ ‏تقاومه‏.‏وقد‏‏تختفي‏ ‏الابتسامة‏ ‏المشرقة‏ ‏أحيانا‏ ‏وتحل‏ ‏محلها‏ ‏الدموع‏ ‏ومع‏ ‏ذلك‏ ‏فإن‏‏الحياة‏ ‏لاتستسلم‏ ‏أبدا‏ ‏ولاتزال‏ ‏تثبت‏ ‏في‏ ‏القرين‏ ‏أنها‏ ‏الأقوي‏.‏أصدر‏ ‏في‏ ‏عام‏1951 ‏كتابا‏ ‏بعنوانإيران‏ ‏فوق‏ ‏البركان‏ ‏ومن‏ ‏خلاله‏ ‏توثقت‏‏علاقته‏ ‏بضباط‏ 23‏يوليو‏ ‏قبل‏ ‏قيام‏ ‏الثورة‏.‏قال‏ ‏جاءني‏ ‏زكريا‏ ‏محيي‏ ‏الدين‏‏وجمال‏ ‏عبد‏ ‏الناصر‏ ‏وطلب‏ ‏مني‏ ‏جمال‏ ‏نسخة‏ ‏من‏ ‏الكتاب‏ ‏لأن‏ ‏سعره‏ ‏كان‏‏غاليا‏ (‏عشرة‏ ‏قروش‏) ‏ثم‏ ‏النقيته‏ ‏ثانية‏ ‏وكان‏ ‏في‏ ‏مهمة‏ ‏حفظ‏ ‏النظام‏‏بمنطقة‏ ‏الأزبكية‏ ‏ضمن‏ ‏الكتيبة‏ ‏السادسة‏.‏ثم‏ ‏دام‏ ‏اتصالي‏ ‏بعبد‏ ‏الناصر‏ ‏ولم‏ ‏ينقطع‏ ‏منذ‏ ‏ذلك‏ ‏التاريخ‏ ‏وكنت‏ ‏أناديه‏‏باسم‏ ‏جمال‏.‏وبعد‏ ‏أن‏ ‏تولي‏ ‏رئاسة‏ ‏الجمهورية‏ ‏كان‏ ‏من‏ ‏الصعب‏ ‏علي‏ ‏أن‏‏أقول‏ ‏سيادة‏ ‏الرئيس‏ ‏كنت‏ ‏أتصور‏ ‏أن‏ ‏الود‏ ‏الذي‏ ‏بيني‏ ‏وبينه‏ ‏لا‏ ‏يسمح‏ ‏لي‏‏أن‏ ‏أقول‏ ‏سيادة‏ ‏الرئيس‏ ‏لأنها‏ ‏تصنع‏ ‏حاجزا‏ ‏مباشرا‏ ‏ولهذا‏ ‏كنت‏ ‏أتحدث‏‏معه‏ ‏بدون‏ ‏أن‏ ‏أناديه‏.‏كانت‏ ‏المرة‏ ‏الوحيدة‏ ‏التي‏ ‏قلت‏ ‏فيها‏ ‏سيادة‏ ‏الرئيس‏ ‏عام‏1970 ‏في‏ ‏جلسة‏‏لمجلس‏ ‏الوزراء‏ ‏عندما‏ ‏كنت‏ ‏وزيرا‏ ‏للإرشاد‏ ‏وكان‏ ‏يسألني‏ ‏في‏ ‏موضوع‏‏معين‏ ‏أمام‏ ‏الوزراء‏ ‏فقلت‏ ‏لهسيادتك‏ ‏أمرت‏ ‏بكذا‏ ‏فنظر‏ ‏إلي‏ ‏وقال‏ ‏غريبة‏‏قوي‏ ‏دي‏ ‏أول‏ ‏مرة‏ ‏بتقولي‏ ‏سيادتك‏ ‏فقلت‏ ‏له‏ ‏لأن‏ ‏فيه‏ ‏ناس‏ ‏قاعدين‏ ‏فانفجر‏‏ضاحكا‏.‏تحمس‏ ‏حسنين‏ ‏هيكل‏ ‏لمشروع‏ ‏ثورة‏ ‏يوليو‏ ‏واقترب‏ ‏من‏ ‏جمال‏ ‏عبد‏ ‏الناصر‏‏وآمن‏ ‏بالتجربة‏ ‏إلي‏ ‏حد‏ ‏الإعجاب‏ ‏بالمشروع‏ ‏التنموي‏ ‏القومي‏.‏واستطاع‏‏من‏ ‏خلال‏ ‏رئاسته‏ ‏لتحرير‏ ‏جريدة‏ ‏الأهرام‏ ‏في‏ ‏عام‏1957 ‏أن‏ ‏يسخر‏ ‏كل‏‏إمكانيات‏ ‏الجريدة‏ ‏لخدمة‏ ‏الثورة‏.‏نجح‏ ‏العملاق‏ ‏في‏ ‏ثلاث‏ ‏سنوات‏ ‏كرئيس‏ ‏لتحرير‏ ‏الأهرام‏ ‏في‏ ‏تشكيل‏ ‏أهم‏‏هيئة‏ ‏تحرير‏ ‏في‏ ‏تاريخ‏ ‏الصحافة‏ ‏المصرية‏ ‏ضمت‏ ‏الشيوخ‏ ‏والشباب‏ ‏من‏‏كل‏ ‏الانتماءات‏ ‏الفكرية‏ ‏ورفع‏ ‏توزيعها‏ ‏من‏60‏ألف‏ ‏نسخة‏ ‏في‏ ‏اليوم‏ ‏إلي‏‏مليون‏ ‏نسخة‏ ‏يوميا‏ ‏وأضحت‏ ‏الأهرام‏ ‏أحد‏ ‏أهم‏ ‏عشر‏ ‏صحف‏ ‏في‏ ‏العالم‏‏وأقواها‏ ‏مصداقية‏ ‏وتأثيرا‏ ‏في‏ ‏الرأي‏ ‏العام‏.‏صك‏ ‏الأستاذ‏-‏وهو‏ ‏لقبه‏ ‏الأشهر‏-‏تعبير‏ ‏النكسة‏ ‏عقب‏ ‏هزيمة‏ ‏مصر‏ ‏في‏‏حرب‏1967 ‏مع‏ ‏إسرائيل‏ ‏وهي‏ ‏الحرب‏ ‏التي‏ ‏شكلت‏ ‏ضربة‏ ‏قاصمة‏ ‏لثورة‏‏يوليو‏ ‏ونظام‏ ‏عبد‏ ‏الناصر‏.‏وكان‏ ‏يهدف‏ ‏التقليل‏ ‏من‏ ‏حجم‏ ‏الصدمة‏ ‏علي‏‏المصريين‏ ‏بديلا‏ ‏عن‏ ‏تعبير‏ ‏الهزيمة‏ ‏وهكذا‏ ‏أدار‏ ‏دفة‏ ‏الأهرام‏ ‏وطوعها‏‏لمصلحة‏ ‏الثورة‏ ‏من‏ ‏خلال‏ ‏علاقته‏ ‏الحميمة‏ ‏بجمال‏ ‏عبد‏ ‏الناصر‏.‏دشن‏ ‏هيكل‏ ‏بذكائه‏ ‏الصحفي‏ ‏مرحلة‏ ‏جديدة‏ ‏بالأهرام‏ ‏عقب‏ ‏نكسة‏ 1967 ‏عندما‏ ‏كتب‏ ‏في‏ ‏مقال‏ ‏شهيرعبد‏ ‏الناصر‏ ‏ليس‏ ‏أسطورة‏ ‏داعيا‏ ‏إلي‏‏ضرورة‏ ‏تقنين‏ ‏الثورة‏ ‏في‏ ‏نظام‏ ‏حكم‏ ‏يعتمد‏ ‏علي‏ ‏المؤسسات‏ ‏والإدارة‏‏الحديثة‏ ‏وحكم‏ ‏القانون‏ ‏مطالبا‏ ‏بإنهاء‏ ‏عصر‏ ‏زوار‏ ‏الفجر‏ ‏الذين‏ ‏كانوا‏‏يأخذون‏ ‏كل‏ ‏صاحب‏ ‏رأي‏ ‏مخالف‏ ‏من‏ ‏الدار‏ ‏إلي‏ ‏النار‏.‏ولد‏ ‏محمد‏ ‏حسنين‏ ‏هيكل‏ ‏في‏23‏سبتمبر‏ ‏سنة‏1923- ‏عام‏ ‏حصول‏ ‏مصر‏‏علي‏ ‏أول‏ ‏دستور‏ ‏بعد‏ ‏قرون‏ ‏من‏ ‏الاحتلال‏ ‏الأجنبي‏ ‏حصل‏ ‏علي‏ ‏دبلوم‏‏التجارة‏ ‏المتوسطة‏,‏ثم‏ ‏دبلوم‏ ‏الدراسات‏ ‏القانونية‏ ‏بالمراسلة‏ ‏من‏ ‏إحدي‏‏الجامعات‏ ‏الأجنبية‏.‏كان‏ ‏عاشقا‏ ‏للقراءة‏ ‏منذ‏ ‏صباه‏ ‏وموهوبا‏ ‏بالقدرة‏ ‏علي‏ ‏التعبير‏ ‏وسرعة‏‏البديهة‏ ‏وفن‏ ‏الحكي‏ ‏وقوة‏ ‏الملاحظة‏ ‏والالتزام‏ ‏بالنظام‏.‏سافر‏ ‏هيكل‏ ‏إلي‏ ‏كل‏ ‏أنحاء‏ ‏العالم‏ ‏وغطي‏ ‏الحروب‏ ‏والأحداث‏ ‏في‏‏أماكنها‏ ‏الساخنة‏ ‏من‏ ‏الفالوجة‏ ‏سنة‏1948 ‏إلي‏ ‏فيتنام‏ ‏والبلقان‏ ‏وإيران‏‏واليمن‏. ‏وتنفس‏ ‏دخان‏ ‏المعارك‏ ‏في‏ ‏ميادين‏ ‏القتال‏ ‏لكن‏ ‏أهم‏ ‏مكان‏ ‏إلي‏‏روحه‏ ‏كان‏ ‏حديقة‏  ‏بقصر‏ ‏في‏ ‏قرية‏ ‏برقاش‏ ‏لا‏ ‏يخلو‏ ‏ركن‏ ‏فيها‏ ‏من‏ ‏لمسة‏‏جمال‏ ‏أنيقة‏ ‏وشجرة‏ ‏نادرة‏ ‏وتحفة‏ ‏وضعتها‏ ‏بصبر‏ ‏وإيمان‏ ‏برسالته‏‏شريكة‏ ‏حياته‏ ‏السيدة‏ ‏هدايت‏ ‏تيمور‏,‏وهي‏ ‏الوحيدة‏ ‏التي‏ ‏خفق‏ ‏لها‏ ‏قلبه‏‏بمجرد‏ ‏أن‏ ‏زارته‏ ‏في‏ ‏مكتبه‏ ‏بالأهرام‏ ‏تطلب‏ ‏مساعدته‏ ‏للجمعية‏ ‏الخيرية‏‏التي‏ ‏تعمل‏ ‏بها‏.‏رفض‏ ‏هيكل‏ ‏فراق‏ ‏الأهرام‏ ‏أكثر‏ ‏من‏ ‏مرة‏,‏بداية‏ ‏أصدر‏ ‏عبد‏ ‏الناصر‏ ‏قرارا‏‏بتاريخ‏ 26‏أبريل‏1970 ‏بتعيينه‏ ‏وزيرا‏ ‏للإرشاد‏ ‏القومي‏.‏وبرغم‏ ‏رفضه‏ ‏إلا‏‏أنه  ‏قبل‏ ‏بعد‏ ‏ذلك‏ ‏نزولا‏ ‏علي‏ ‏رغبة‏ ‏الرئيس‏ ‏الذي‏ ‏يرتبط‏ ‏معه‏ ‏بعلاقة‏‏صداقة‏.‏بعدها‏ ‏رفض‏ ‏منصب‏ ‏مستشار‏ ‏إعلامي‏ ‏للرئيس‏ ‏السادات‏ ‏ثم‏‏جاء‏ ‏الفراق‏ ‏القسري‏ ‏في‏ ‏أول‏ ‏فبراير‏ 1974 ‏عندما‏ ‏أقاله‏ ‏السادات‏ ‏من‏‏الأهرام‏ ‏لكن‏ ‏القرار‏ ‏لم‏ ‏ينجح‏ ‏في‏ ‏إبعاده‏ ‏عن‏ ‏مهنته‏ ‏التي‏ ‏عشقها‏...‏يومها‏‏قال‏ ‏لأمه‏:‏لاتنزعجي‏ ‏يا‏ ‏أمي‏.‏مادام‏ ‏القلم‏ ‏معي‏ ‏فأنا‏ ‏لم‏ ‏أفقد‏ ‏شيئا‏ ‏ومن‏‏كتابه‏ ‏خريف‏ ‏الغضب‏ ‏أفاض‏ ‏وأسهب‏ ‏عن‏ ‏السادات‏.‏أثبت‏ ‏هيكل‏ ‏أن‏ ‏الجورنالجي‏ ‏الحقيقي‏ ‏لايموت‏ ‏فأمتع‏ ‏القارئ‏ ‏العربي‏‏والدولي‏ ‏بسلسلة‏ ‏من‏ ‏الكتب‏ ‏والدراسات‏ ‏عبر‏ ‏سنين‏ ‏وتسابقت‏ ‏علي‏ ‏نشر‏‏مقالاته‏ ‏وشهاداته‏ ‏وكتبه‏ ‏كبريات‏ ‏الصحف‏ ‏ودور‏ ‏النشر‏ ‏العالمية‏ ‏وحافظ‏‏علي‏ ‏علاقة‏ ‏صداقة‏ ‏متميزة‏ ‏مع‏  ‏قادة‏ ‏الفكر‏ ‏وزعماء‏ ‏التحرر‏ ‏في‏ ‏العالم‏‏أمثال‏ ‏جيفارا‏ ‏وميتران‏ ‏وجارودي‏  ‏وسارتر‏ ‏وكاسترو‏ ‏والملك‏ ‏حسين‏‏والحبيب‏ ‏بورقيبه‏ ‏ومن‏ ‏قبلهم‏ ‏تيتو‏ ‏ونهرو‏ ‏وشواين‏ ‏لاي‏ ‏وخروشوف‏...‏فأثبت‏‏أنه‏ ‏وهو‏ ‏بعيد‏ ‏عن‏ ‏المنصب‏ ‏الصحفي‏ ‏وقيود‏ ‏الوظيفة‏ ‏أكثر‏ ‏انطلاقا‏‏واستقلالية‏ ‏وإبداعا‏ ‏وقوة‏ ‏تأثير‏.‏في‏ ‏سن‏ ‏الثمانين‏ ‏أعلن‏ ‏أسطورة‏ ‏القيم‏ ‏مقولته‏ ‏الشهيرةاستئذان‏ ‏في‏‏الانصراف‏ ‏وكان‏ ‏يقصد‏ ‏انصرافا‏ ‏وليس‏ ‏اعتزالا‏ ‏وابتعادا‏ ‏عن‏ ‏المنصب‏‏وليس‏ ‏غيابا‏ ‏كما‏ ‏فهم‏ ‏كثير‏ ‏من‏ ‏أحبائه‏ ‏ومريديه‏ ‏وبعد‏ ‏الانصراف‏ ‏كانت‏‏كتبه‏ ‏وكتاباته‏ ‏مصدرا‏ ‏لاينصب‏ ‏للمعرفة‏ ‏والتعلم‏ ‏ومتعة‏ ‏القراءة‏.‏كانت‏ ‏كتاباته‏ ‏ومدرسة‏ ‏صحفية‏ ‏تدرس‏ ‏علي‏ ‏مستوي‏ ‏العالم‏ ‏لأبناء‏ ‏المهنة‏‏فكانت‏ ‏تضم‏ ‏معلومات‏ ‏موثقة‏ ‏بالتواريخ‏ ‏وتتصف‏ ‏بالسرد‏ ‏السلسل‏‏والترتيب‏ ‏المنطقي‏ ‏للمعلومات‏ ‏وكانت‏ ‏لديه‏ ‏قدرة‏ ‏لغوية‏ ‏عالية‏ ‏سواء‏ ‏في‏ ‏ثراء‏‏مفرداته‏ ‏واستخدامها‏ ‏في‏ ‏المكان‏ ‏المناسب‏ ‏أو‏ ‏في‏ ‏تركيبة‏ ‏الجملة‏ ‏والفقرة‏‏بشكل‏ ‏دقيق‏ ‏كما‏ ‏لو‏ ‏كانت‏ ‏بناء‏ ‏معماريا‏ ‏محكما‏ ‏ولا‏ ‏عجب‏ ‏فهو‏ ‏المحلل‏‏الذي‏ ‏ترجمت‏ ‏أعماله‏ ‏إلي‏ ‏عشرات‏ ‏اللغات‏ ‏العالمية‏.‏قال‏ ‏عنه‏ ‏رفيق‏ ‏مدرسته‏ ‏الصحفية‏ ‏مكرم‏ ‏محمد‏ ‏أحمد‏ ‏كان‏ ‏مخبرا‏ ‏صحفيا‏‏فذا‏ ‏أخلف‏ ‏وراءه‏ ‏سيرة‏ ‏حافلة‏ ‏تقترب‏ ‏من‏ ‏أن‏ ‏تكون‏ ‏أسطورة‏ ‏عنوانها‏‏الإقدام‏ ‏والكبرياء‏ ‏والاعتداد‏ ‏بالنفس‏ ‏وترك‏ ‏إرثا‏ ‏صحفيا‏ ‏ضخما‏ ‏في‏‏عشرات‏ ‏الكتب‏ ‏وآلاف‏ ‏المقالات‏ ‏يضعه‏ ‏في‏ ‏مصاف‏ ‏رجالات‏ ‏مصر‏‏الكبار‏.‏ومن‏ ‏الصعب‏ ‏أن‏ ‏تفاجئه‏ ‏بفكرة‏ ‏أو‏ ‏خبر‏.‏كان‏ ‏قلمه‏ ‏كالساحر‏ ‏يأخذ‏‏قارئه‏ ‏كالمشدوه‏ ‏إلي‏ ‏نهاية‏ ‏المقال‏ ‏دون‏ ‏أن‏ ‏يرفع‏ ‏رأسه‏ ‏من‏ ‏صحيفته‏.‏ودع‏ ‏هيكل‏ ‏صحافة‏ ‏الأسلوب‏ ‏التي‏ ‏تعلمها‏ ‏من‏ ‏أستاذه‏ ‏محمد‏ ‏التابعي‏‏وصحافة‏ ‏الخبر‏ ‏المشوق‏ ‏التي‏ ‏نجح‏ ‏فيها‏ ‏مصطفي‏ ‏وعلي‏ ‏أمين‏ ‏وأنطون‏‏باشا‏ ‏الجميل‏ ‏وأسس‏ ‏صحافة‏ ‏المصداقية‏ ‏والحقيقة‏ ‏وماوراء‏ ‏الخبر‏.‏وجه‏ ‏هيكل‏ ‏قلمه‏ ‏ضد‏ ‏الرئيس‏ ‏السادات‏ ‏وهاجم‏ ‏قرار‏ ‏وقف‏ ‏إطلاق‏ ‏النار‏‏بعد‏ ‏حرب‏ ‏أكتوبر‏ 1973 ‏رغم‏ ‏وقوفه‏ ‏إلي‏ ‏جواره‏ ‏في‏ ‏بداية‏ ‏حكمه‏ ‏فقد‏ ‏رأي‏‏أن‏ ‏الرئيس‏ ‏أعطي‏ ‏الولايات‏ ‏المتحدة‏ ‏دورا‏ ‏أكبر‏ ‏مما‏ ‏ينبغي‏ ‏بعد‏ ‏انتصار‏‏تحقق‏ ‏بسلاح‏ ‏جاء‏ ‏من‏ ‏الكتلة‏ ‏الشرقية‏ ‏وعلي‏ ‏رأسها‏ ‏الاتحاد‏ ‏السوفيتي‏‏وهو‏ ‏ما‏ ‏كلفه‏ ‏تركه‏ ‏الأهرام‏ ‏عندما‏ ‏طلب‏ ‏منه‏ ‏السادات‏ ‏أن‏ ‏يترك‏ ‏منصبه‏‏مقابل‏ ‏أن‏ ‏يعمل‏ ‏مستشارا‏ ‏إعلاميا‏ ‏للرئيس‏ ‏ورفض‏ ‏فأقاله‏.‏جاءت‏ ‏علاقته‏ ‏بالرئيس‏ ‏مبارك‏ ‏مثل‏ ‏علاقته‏ ‏بالسادات‏ ‏بدأت‏ ‏بالتأييد‏ ‏ثم‏‏المعارضة‏ ‏ثم‏ ‏جاءت‏ ‏المحاضرة‏ ‏التي‏ ‏ألقاها‏ ‏هيكل‏ ‏سنة‏2002 ‏بالجامعة‏‏الأمريكية‏ ‏بمثابة‏ ‏الرصاصة‏ ‏في‏ ‏قلب‏ ‏النظام‏ ‏عندما‏ ‏قال‏ ‏إن‏ ‏السلطة‏‏شاخت‏ ‏في‏ ‏مواقعها‏ ‏وهناك‏ ‏مخططا‏ ‏واضحا‏ ‏لتوريث‏ ‏الحكم‏ ‏ومهما‏ ‏كانت‏‏الصورة‏...

اقرأ المزيد

بطرس‏ ‏بطرس‏ ‏غالي.. بدر‏ ‏البدورر

‏* ‏أول‏ ‏أمين‏ ‏عام‏ ‏حاول‏ ‏تخليص‏ ‏المنظمة‏ ‏من‏ ‏الهيمنة‏ ‏الأمريكية‏..‏‏* ‏أول‏ ‏أمين‏ ‏عام‏ ‏تستخدم‏ ‏أمريكا‏ ‏الفيتو‏ ‏ضد‏ ‏تجديد‏ ‏مدته‏..‏‏* ‏شكل‏ ‏لجنة‏ ‏تقصي‏ ‏حقائق‏ ‏في‏ ‏أحداث‏ ‏البوسنة‏ ‏برئاسة‏ ‏المحام ‏‏المصري‏ ‏الأمريكي‏ ‏د‏.‏شريف‏ ‏بسيوني‏.. ‏ورفضت‏ ‏أمريكا‏ ‏اللجنة‏..‏‏* ‏أول‏ ‏أمين‏ ‏عام‏  ‏يصدر‏ ‏تقريراً‏ ‏بإدانة‏ ‏إسرائيل‏ ‏في‏ ‏عدوانها‏ ‏علي‏ ‏جنوب‏‏ لبنان‏..‏ كانت‏ ‏هيئة‏ ‏الأمم‏ ‏المتحدة‏ ‏قد‏ ‏قررت‏ ‏إرسال‏ ‏طائرة‏ ‏خاصة‏ ‏لنقله‏ ‏من‏‏المستشفي‏ ‏إلي‏ ‏باريس‏ ‏لاستكمال‏ ‏علاجه‏ ‏وإجراء‏ ‏عملية‏ ‏جراحية ‏‏جديدة‏.. ‏لكن‏ ‏ملاك‏ ‏الموت‏ ‏كان‏ ‏أسبق‏..‏وكان‏ ‏آخر‏ ‏من‏ ‏زاره‏ ‏محمد‏ ‏فائق‏ ‏رئيس‏ ‏المجلس‏ ‏القومي‏ ‏لحقوق‏ ‏الإنسان‏.. ‏خرج‏ ‏من‏ ‏الزيارة‏ ‏ليقول‏ ‏رغم‏ ‏حديثه‏ ‏معي‏ ‏حول‏ ‏المجلس‏: ‏شعرت‏ ‏من‏‏كلماته‏ ‏أنه‏ ‏يودع‏ ‏الحياة‏.‏‏الذي‏ ‏يريد‏ ‏أن‏ ‏يتعرف‏ ‏علي‏ ‏شخصية‏ ‏د‏.‏بطرس‏ ‏بطرس‏ ‏غالى‏ ‏عليه‏ ‏أن‏ ‏يقرأ ‏‏كتابه‏ ‏الأخير‏ ‏بدر‏ ‏البدور‏ ‏حكايات‏ ‏عن‏ ‏أحداث‏ ‏واجهته‏ ‏في‏ ‏مسيرة‏ ‏حياته ‏‏السياسية‏ ‏خوصا‏ ‏في‏             ...

اقرأ المزيد
Page 74 of 111 1 73 74 75 111

ذودا‏ ‏عن‏ ‏غزة‏.. ‏ومن‏ ‏أجل‏ ‏فلسطين‏ ‏حرة‏..‏ تتواصل‏ ‏الأصوات‏ ‏الحرة

المزيد

الأكثر مشاهدة

العدد الأسبوعي