في يوم 26 يونيو من عام 1934 ذهب المستشرق الفرنسي والأب الروحي للحوار الإسلامي المسيحي لوي ماسينيون إلي قلاية الأب قنواتي, إذ كان في حينها راهبا وتحدث معه عن العلاقات بين الإسلام والمسيحية. وإثر ذلك تكررت اللقاءات في باريس وفي القاهرة وفي المؤتمرات الدولية. وكان آخر لقاء بينهما في 14 أكتوبر 1962 ومات ماسينيون في 31 أكتوبر من العام نفسه. ومن يومها والأب قنواتي يري نفسه الوريث الشرعي للحوار الإسلامي المسيحي ومهندس هذا الحوار وفي هذا المعني ألقي محاضرة في جامعة القديس توما بروما في 29 نوفمبر من عام 1963, أي بعد عام من رحيل ماسينيون, وكان عنوانها الإسلام في زمن المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني (1962-1965). وفي ختام المحاضرة قال: إن العقائد غير قابلة للتغيير. ولهذا من العبث الاقتراب منها. وفي ذلك اليوم نفسه أعلن البابا بولس السادس في خطاب أرسله إلي الكاردينال تيسران عن نيته في تأسيس لجنة للأديان غير المسيحية, وفي تعيين الأب قنواتي مستشارا لهذه اللجنة.
وفي نوفمبر من عام 1990 عقدت مؤتمرا دوليا في القاهرة تحت عنوان الثقافات: صراع أم حوار؟ وقد انعقد بمشاركة من المجلس الباباوي للثقافة بالفاتيكان ورئيسه الكاردينال بول بوبار. واقترحت علي الأب قنواتي إلقاء بحث بعنوان من حوار الأديان إلي حوار الثقافات للإفادة عن خبرته في هذين النوعين من الحوار. ومع ذلك جاء بحثه الإسلام والمسيحية: لقاء ثقافتين في الشرق في العصر الوسيط, وفكرته المحورية تدور حول التدليل علي صحة عبارات طه حسين الواردة في كتابه المعنون مستقبل الثقافة في مصر (1938) والتي يمكن إيجازها في أن مصر كانت دائما جزءا من أوروبا في كل ما يتصل بالحياة العقلية والثقافية علي اختلاف فروعها وألوانها, وأن المثل الأعلي للمصري في حياته المادية إنما هو المثل الأعلي للأوروبي في حياته المادية, وأن ليس في الأرض قوة تستطيع أن تردنا عن أن نستمتع بالحياة علي النحو الذي يستمتع بها عليه الأوروبيون. وبناء عليه فإن الأب قنواتي في بحثه يتحدث عن العلاقة الحميمة بين مصر وأوروبا في سياق العلاقات بين الإسلام والمسيحية. أوروبا لم تعد مسيحية لأنها تبنت الطريق العلماني إذ تحررت الدولة من الكنيسة وتفرغت الكنيسة لإشاعة مناخ روحاني الأمر الذي دفعها إلي أن تستوعب الأديان غير المسيحية, أما فيما يخص الإسلام فقد أصدر المؤتمر الثاني للفاتيكان بيانا تاريخيا أعلن فيه لزوم نسيان الماضي من أجل إحداث تفاهم متبادل بين المسيحيين والمسلمين من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية والقيم الأخلاقية والسلام والحرية. وفي الاحتفال بألفية الفيلسوف الإسلامي ابن سينا أرسل الكاردينال تيسران دعوة إلي عالم إسلامي كبير هو محمود الخضيري لزيارة مكتبة الفاتيكان للاطلاع علي مخطوطات الترجمات اللاتينية لمؤلفات ابن سينا وبعد ذلك شاع التبادل الثقافي بين المسيحيين والمسلمين مع تجاوز الخلافات العقائدية, وهو تبادل لازم في هذا الزمان حيث مناخ السلام والمحبة يكون مؤسسا لوضع قادم.
ومع ذلك كله فقد دار جدل حاد بين الأب قنوات والدكتور محمد الشهرستاني رئيس الجامعة العالمية للعلوم الإسلامية بلندن عندما اصطدمت العقيدتان المسيحية والإسلامية في الحوار الدائر. وقبل رحيله بستة شهور سألني الأب قنواتي: ما رأيك فيما هو حادث؟ فأجبته بسؤال: وما هو هذا الذي هو حادث؟ أجاب: التعصب. فأجبته بلا تردد: من أسبابه أصولية دينية مغلفة بحوار ديني.