يقال أن في فبراير 1979م إحتفلت سيدة إيرانية مع أشقائها الرجال بسقوط نظام الشاه ونجاح الثورة الإيرانية ، وبعد أسبوعين من وصول الخميني للحكم قام بإصدار قرار بإلغاء قانون الأسرة الذي كان يحظر الزواج المؤقت وأصدر بدلا منه قرارا بتعديل سن الزواج للفتيات من 14 إلى سن 9 سنوات
يقال أن في فبراير 1979م إحتفلت سيدة إيرانية مع أشقائها الرجال بسقوط نظام الشاه ونجاح الثورة الإيرانية ، وبعد أسبوعين من وصول الخميني للحكم قام بإصدار قرار بإلغاء قانون الأسرة الذي كان يحظر الزواج المؤقت وأصدر بدلا منه قرارا بتعديل سن الزواج للفتيات من 14 إلى سن 9 سنوات ، بعدها خرجت مظاهرات لحقوقيات وناشطات إعتراضا على هذا الإنتهاك للقانون ، لكن السلطة ردت عليهم بالقمع ، وبعد مرور 15 شهر على حكم الخميني أصدر قرار أخر بإلزام لبس الحجاب في المؤسسات الحكومية ، وأيضا خرجت مظاهرات عارمة من مختلف التيارات للتنديد بهذا القرار ، لكن قوبلت هذه المظاهرات بمظاهرات من أنصاره مؤيدة لهذا القرار ،وتم الاعتداء بوحشية على المعارضين وسط صمت مطبق من رجال الداخلية ، وبعدها تم فصل كل امرأة لم تلتزم بهذا القرار ثم صدر قرار أخر بمنع عمل المرأة في القضاء وفصل كل النساء اللاتي يعملن بهذا المنصب ، وكانت هذه مقدمات لتحويل ايران (صاحبة الإرث الحضاري العظيم ) إلى دولة كهنوتية تقمع وتسحل وتقتل باسم الدين . فهل نحن امام تجربة مشابهة ، حول وضع الأسرة والمرأة والطفل كان لنا هذا التحقيق .
لا يعبر عن المصريين
فى البداية تقول الدكتورة ايمان بيبرس خبيرة التنمية الاجتماعية وقضايا النوع : لا افصل فى الدستور بين حقوق المرأة والرجل، فالدستور بمجمله يقضى على الديمقراطية والمساواة ومبادئ المواطنة وحرية الرأى والتعبير، ويقضى على التعليم ويشجع على العبودية ويقضى على حقوق الأقليات من نساء وأطفال ، ويشجع على عمالة الأطفال وبيعهم والاتجار بهم والزواج المبكر ، فهو لا يعبر عن الشعب المصرى وهدفه الوحيد سيطرة التيارات الدينية على السلطة .
نصوص قاصرة وترسخ للتمييز
تنتقد انتصار السعيد المحامية ومديرة مركز القاهرة للتنمية النصوص الخاصة بالمرأة مثل المـادة (10) والتى تنص على أن : الأسرة أساس المجتمع، قوامها الدين والأخلاق والوطنية . وتحرص الدولة والمجتمع على الإلتزام بالطابع الأصيل للأسرة المصرية، وعلى تماسكها واستقرارها، وترسيخ قيمها الأخلاقية وحمايتها على النحو الذى ينظمه القانون. وتكفل الدولة خدمات الأمومة والطفولة بالمجان، والتوفيق بين واجبات المرأة نحو الأسرة وعملها العام .” وتؤخذ عليها انها تسمح بتدخل المجتمع لحماية الطابع الأصيل والقيم الأخلاقية والآداب العامة والأموال والأعراض وفقا لقانون جديد يشار اليه فى الدستور لأول مرة، ويمكن أن يكون ذلك سندا لقانون الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ومصدرا للعنف الإجتماعى. أما النص على خدمات الأمومة والطفولة فى نطاق الأسرة فهو قاصر ولا يلبى الحد الأدنى المطلوب للتماسك الأسرى أو لحماية المرأة والطفل، كما أن النص يجب ألا يقتصر على حماية دور الأم وإنما أيضا دور الأب الذى لا يقل أهمية ويتكامل مع دور الأم فى الحفاظ على الأسرة المصرية. وأيضا المـادة (33) التى تنص ” المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم فى ذلك.” و يلاحظ أن هذا النص تم فيه حذف الإلتزام بعدم التمييز على أساس الجنس أو الدين أو العقيدة أو الرأى أو الوضع الإجتماعى أو الإعاقة؟! وهذا يخالف جميع الدساتير المصرية ، اما المـادة (70) والتى تنص ان لكل طفل، فور الولادة، الحق فى اسم مناسب، ورعاية أسرية، وتغذية أساسية، ومأوى، وخدمات صحية، وتنمية دينية ووجدانية ومعرفية ، وتلتزم الدولة برعايته وحمايته عند فقدانه أسرته، وتكفل حقوق الطفل المعاق وتأهيله واندماجه فى المجتمع ، ويحظر تشغيل الطفل، قبل تجاوزه سن الإلزام التعليمى، فى أعمال لا تناسب عمره أو تمنع استمراره فى التعليم ، ولا يجوز احتجاز الطفل إلا لمدة محددة، وتوفر له المساعدة القانونية، ويكون احتجازه فى مكان مناسب يراعى فيه الفصل بين الجنسين والمراحل العمرية، ونوع الجريمة والبعد عن أماكن احتجاز البالغين ، ترى السعيد ان هذه التزامات على الدولة بموجب إتفاقية حماية حقوق الطفل التى صدقت عليها مصر ثم رفعت التحفظات السابق ابدائها عليها، كما ضمنتها قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 وتعديله بموجب القانون رقم 126 لسنة 2008 ، ويمثل حظر تشغيل الأطفال وحظر زواجهم وهم دون سن الثامنة عشر أهم التزامات المجتمع المصرى حرصا على حصولهم على الحد الأدنى للتعليم والرعاية ، كما ينص قانون الطفل على امكانية عمل الأطفال فى الأجازات الصيفية فى أعمال مناسبة وغير خطرة بشرط تجاوزهم سن الثالثة عشر.
وحول المادة 73 والتى تنص على يحظر كل صور القهر و الإستغلال القسرى للإنسان وتجارة الجنس ، ويجرم القانون كل ذلك. توضح ان الإتجار بالبشر جريمة لها تعريف محدد فى المادة (2) من القانون رقم 64 لسنة 2010 تهدف لمنع التعامل بأى صورة على أى شخص طبيعى رجلا كان أو أمرأة أو طفلا أو الاستغلال بما فى ذلك الإستغلال الجنسى أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة أو التسول أو استئصال أعضاء بشرية أو أنسجة أو جزء منها. والمقصود من ادراج حظر الاتجار بالبشر هو حماية النص التشريعى بنص دستورى.
غياب التمثيل السياسى للمرأة
توضح ابتسام حبيب النائبة السابقة بمجلس الشعب أن المادة 219 والتى تنص على مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والفقهية ومصادرها المعتبرة في مذاهب أهل السنة والجماعة ، تجعل المجال واسع امام الاجتهاد والتشدد نظرا للاختلاف بين المذاهب واراء الفقهاء ، مع المادة 4 والتى تتحدث عن مرجعية الازهر نجعلها تزج علماء الازهر بالدور السياسى المتغير والمتقلب مما يفتح المجال للجدل حول قضايا هامة ومنها ما يخص المرأة مثل ختان الاناث وسن الزواج الى جانب ذلك كان يجب أن يتضمن الدستور تجريم التمييز ضد المرأة والعنف ضد المرأة والطفل والاتجار بالبشر وتجريم منع المرأة فى حقها بالارث وعمالة الاطفال دون السن القانونى .
تضيف حبيب كما نجد ورود الفاظ مثب تحذر ، تكفل ، تحرص الدولة وكلها كلمات فضفاضة فيما يخص المرأة والطفل الى جانب عدم وجود مادة تنص على التزام مصر بالمعاهدات والمواثيق العالمية الخاصة بالمرأة والطفل واكتفى بمادة تحظر التميز لكنة لم يذكر بها المرأة , كونها تنص على أن ” المواطنين لدى القانون سواء وهم متساوون فى الحقوق والواجبات العامة ولا تميز بينهم فى ذلك ، وكان يجب ان يكون هناك نص عن حق المرأة فى المشاركة السياسية و حقها فى التمثيل السياسى للمرأة فى جميع المجالس المنتخبة بداءا من المجالس المحلية بنسبة تتوافق مع تواجدها العددى فى مصر بنسبة لا تقل عن 30% .
وأكدت النائبة السابقة انه رغم أن المبدأ العام للدساتير ان القوانين تنظم المواد الدستورية وتفسرها ولكن نظرا لانها فضفاضة فتعطى فرصة للاجتهاد مما يعرضها للتفسير الخاطئ بل وتفتح المجال للطعن عليها بعدم الدستورية .
رقابة اهل السنة والجماعة
تؤكد فريدة النقاش الكاتبة ورئيس ملتقى تنمية المرأة ، أن الدستور الذى تم التصويت عليه باطل واللجنة التى صوتت عليه باطلة اما عن المواد الخاصة بالمرأة والاسرة ففى البداية نجدها تخضع لرقابة الاخلاق العامة الذى تكفلها الدولة ( المادة 11 ) اى أن المجتمع اى كان من المواطنين من جماعة النهى عن المعروف او الشيوخ الذين يعتبرون انفسهم اوصياء على المجتمع من حقهم ان يتدخلوا فى الحقوق الشخصية للاسرة والحريات العامة بالاضافة الى ربط حقوق المرأة بمبادئ الشريعة فنجد المادة ( 219 ) التى تحيل لاهل السنة والجماعة تفسير مبادئ الشريعة الإسلامية التى هى المصدر الرئيسي للتشريع ( المادة 2 ) ومن لا يعرف اهل السنة والجماعة انها جماعة متشددة دينية ، بالتالى لا نتعجب ان وجدنا قوانين تبيح ضرب الزوجات وزواج القاصرات والاتجار بالبشر .
وبالنسبة للأطفال ترى النقاش أن ( المادة 70 ) تبيح عمل الأطفال والشرط الوحيد هو أن لا تناسب عمره, أو تمنع استمراره في التعليم وهو شرط واهى وباطنه السماح لعمل الطفل تحت سن ال18 وهو ما يجرمه قانون حقوق الطفل 126 لسنة 2008 واتفاقية حقوق الطفل الموقعة عليها مصر . وعندما تسأل عن حقوق المرأة لا تجد نص يعبر عن حقوقها ومنع التمييز ضدها بل تجد مادة يمكن ان يحرم عليها بعض الأعمال ( المادة 10 ) والتى تنص على “تكفل الدولة خدمات الأمومة والطفولة بالمجان، والتوفيق بين واجبات المرأة نحو الأسرة وعملها العام” ، كما نجده لا يتحدث عن الحقوق السياسية للمرأة وان كان كفلها للشباب فى مادة بالدستور ( المادة 71 ) وكأن ليس من حق المرأة العمل السياسى ، مؤكدة ان هذا الدستور يؤسس لدولة دينية يعتدى على الحريات العامة وينتقص من مبادئ المواطنة ويرسخ الاستبداد والسلطات المطلقة للرئيس فيجب ان نقول لا فالتغيير هنا للاسوء ويرجع بنا للوراء وبلغى كل سنوات الكفاح للمرأة طوال نصف قرن ، فهو دستور ضد المرأة والطفل والاسرة والفقراء والعمال وحرية الصحافة ويدعو للاستبداد .
إ س