حلوان الضاحية الجميلة التي تقع جنوب القاهرة بحوالي 25 كيلو مترا, شرق نهر النيل بحوالي ثلاثة كيلو مترات,في منطقة مرتفعة نوعا عن القاهرة وتتمتع بحماماتها الكبريتية الدافئة والمندفعة من باطن الأرض منذ مئات السنين والتي تضارع الحمامات الموجودة في فيش بفرنسا ومدينة سان جرفيه ليبان في سويسرا, ولهذا يطلق علي حلون اسم حلوان الحمامات أما العين المعدنية التي اكتشفت في منتصف القرن الماضي فتقع في شمال حلوان قرب المكان الحالي لجامعة حلوان وتصلح لعلاج بعض أمراض الجهاز الهضمي – بينما تقع العيون الكبريتية في جنوب حلوان وتستخدم لعلاج الكثير من أمراض الروماتيزم والأمراض الجلدية – كما تمتاز حلوان بشوارعها المستقيمة المتقاطعة دون التواءات أو حوار وتحمل أسماء كبار المصريين أمثال رياض باشا وشريف باشا وحيدر باشا وزكي باشا, وكانت سكنا لكبار رجال مصر مثل الخديوي توفيق ابن الخديوي إسماعيل الذي ظل مقيما بقصره بحلوان حتي وفاته سنة 1892 وتحول قصره بعد وفاته إلي مدرسة حلوان الثانوية للبنين, كما سكن حلوان البرنس عباس وأنشأ بها قصرا جميلا علي الطراز الأوربي به حديقة واسعة كان يربي بها بعض الغزلان وأصبح القصر حاليا مقرا لرئاسة حي حلوان, كما اتخذ حلوان سكنا له حمدي باشا سيف النصر والوزير صليب باشا والشيخ مصطفي المراغي شيخ الأزهر – كما انتشرت في حلوان الكثير من الفنادق الضخمة مثل فندق جراند أوتيل في وسط حلوان والذي استخدم أثناء الحرب العالمية الثانية سنة 1945/1939 كمستشفي لمصابي الحرب من قوات الحلفاء وهدم بعد ذلك لتقام مكانه عدة عمارات – هناك أيضا فندق جلانز قرب محطة حلوان الذي هدم حاليا وأصبح مقرا لبعض دور السينما – هذا وقد كانت بعض مساكن حلوان في فصل الشتاء مشتي عالميا ومقصدا لسكني بعض الأجانب والعائلات المصرية الهاربة من برودة الجو. وكانت غالبية مساكن حلوان من دور واحد متسع ملحق بها حديقة واسعة تسمح بتخلل الشمس والهواء لها ليتمتع سكانها بالجو الجميل الرائع لحلوان.
كما اشتهرت حلوان بدار د. بهمان الخاصة بعلاج الأمراض النفسية والعصبية وتقع في منتصف الطريق الصاعد إلي مرصد حلوان الفلكي, أما الحديقة اليابانية التي أنشئت في أوائل القرن العشرين في الطريق الشرقي لمدينة حلوان والتي تتميز بتماثيل للإله بوذا وبحديقة مائية في بعض أجزائها تسحر زوارها بجمالها وهدوئها كمنتجع للراحة والاستجمام.
حلوان الآن
تغيرت حلوان كثيرا عن ذي قبل حتي يتوه فيها بعض سكانها ومريديها السابقين خصوصا مع بداية الربع الأخير من القرن الماضي وبداية إنشاء المصانع الحربية القريبة من حلوان حيث هدمت أغلب المساكن القديمة ذات الدور الواحد أو ذات الدورين وأقيمت مكانها العمارات الشاهقة ذات العشرة أدوار وفقدت منازلها الاتساع الذي يميزها, وتحولت حدائق المنازل إلي مبان مرتفعة ضيقة, كما أصبح جو حلوان ملوثا بمخلفات المصانع المجاورة لحلوان, ومصانع الأسمنت في منطقة طرة شمال حلوان وأيضا مصنع الأسمنت جنوب حلوان, علاوة علي مصنع الحديد والصلب ومصانع النسيج وغيرها جنوب حلوان, وأصبح التلوث سمة الحياة في حلوان لدرجة أن هجرها عدد من سكانها القدماء.
صاحب جريدة مصر اليومية