«بابا السلام في مصر السلام»، هذا هو شعار الزيارة التاريخية التي سيقوم بها قداسة البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، لمصر، بعد ساعات قليلة جدا و ها اختم معكم الآن سلسلة مقالات البابا فرنسيس .. مرحبا في “أم الدنيا” التي جاءت ترحيبا بهذا البابا العظيم الذي يزداد كل يوم اشتياقه لزيارة مصر حيث الأرض المقدسة، أرض الآباء و الأنبياء و لا يفوتني و نحن نختم معا هذه المقالات أن نتحدث سويا في قراءة تحليلة لكلمة بابا السلام للشعب المصري و الحقيقة الملفت لي أنها بدأت بالسلام عليكم و انتهت بقول البابا تحيا مصر، و هذا ما جعلني أشعر أن البابا يستحق أن نفتح له قلوبنا لنستقبل بالحق رسالة المصالحة و السلام و المحبة.
تأتي هذه الزيارة دعمًا لمصر في حربها ضد الإرهاب، وفي أعقاب الأعمال الإرهابية التي وقعت مؤخرًا في طنطا والإسكندرية، و لا شك أن وجود البابا على الأرض المقدسة تعطي بعدًا جديدًا، وتؤكد أهمية وقوف العالم خلف مصر في الحرب التي تخوضها ضد الإرهاب، حماية لها ولدول العالم أجمع.. و هذا ما ركز عليه قداسته حينما قال “إن عالمنا، الممزق من العنف الأعمى الذي ضرب أيضا قلب وطنكم العزيز يحتاج للسلام، وللمحبة، وللرحمة؛ إنه يحتاج لصانعي السلام، لأشخاص أحرار ومحررين، لأشخاص شجعان يعرفون كيف يتعلموا من الماضي ليبنوا المستقبل، دون أن ينغلقوا في الأحكام المسبقة؛ إنه يحتاج إلى بناة جسور للسلام والحوار والأخوة والعدل والإنسانية.” .. يؤمن البابا أن مصر بالحق هي أرض القداسة و السلام و هذا ما جاء في قوله “سأزور بعد أيام قلائل وطنكم العزيز: مهد الحضارة، وهبة النيل، وأرض الشمس والضيافة، حيث عاش الآباء البطاركة والأنبياء، وحيث الله، الرؤوف والرحيم، القدير والواحد، أسمع صوته.. أني لسعيد حقا أن آتي كصديق، وكمرسل سلام، وكحاج إلى الأرض التي قدمت، منذ أكثر من ألفي عام، ملجأ وضيافة للعائلة المقدسة، عند هربها من تهديدات الملك هيرودس.. يشرفني أن أزور الأرض التي زارتها العائلة المقدسة.. أحييكم بمودة وأشكركم على دعوتكم لي لزيارة مصر، والتي تسمونها “أم الدنيا”.
و الحقيقة مصر والفاتيكان تحتفظان بعلاقات ودية ومستقرة في مختلف وجهات النظر منذ بدء تبادل العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين في 23 مايو 1947، حيث يوجد اتفاق عام في سياسة الدولتين تجاه قضايا أساسية، وعلى رأسها عملية السلام في الشرق الأوسط والتوصل إلى حل نهائي بشأن وضعية القدس، وإخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل، وتعضيد الحوار بين الأديان (الإسلامي-المسيحي)، والحفاظ على الترابط الأسري، وتحريم الإجهاض والمحافظة على البيئة، ومكافحة الإرهاب وتعد هذه الزيارة هي الثانية من نوعها لأحد بابوات الفاتيكان لمصر، بعد زيارة البابا الراحل يوحنا بولس الثاني إلى مصر في 24 فبراير عام 2000.
وفي الإطار ذاته كانت هناك زيارتان لرؤساء مصر للفاتيكان، الأولى كانت مارس 2006، والتي قام بها الرئيس الأسبق حسني مبارك، والتقى خلالها البابا بنديكت السادس عشر، والثانية في نوفمبر 2014.
وقام بها الرئيس السيسي في بدايات جولاته الخارجية عقب انتخابه رئيسًا للبلاد والتقى البابا فرنسيس.. و يثمن الفاتيكان الدور الذي تلعبه مصر في مجال الحوار الإسلامي المسيحي.
كما يعتبرها ركيزة أساسية على هذا الصعيد بالنظر إلى مكانتها التاريخية في العالم الإسلامي من جانب، ولاحتضانها الأزهر الشريف على أراضيها من جانب آخر، و تمنى البابا في كلمته أن تشكل الزيارة هذه أيضا إسهاما مفيدا في حوار الأديان مع العالم الإسلامي.
و يرى البابا أن هذه الزيارة زيارة لمسيحي الشرق الأوسط، و أن الصلاة من قلب مصر هي رسالة لجميع المسيحيين بالمنطقة، فيقول أتمنى أن تكون هذه الزيارة بمثابة عناق تعزية وتشجيع لجميع مسيحيي الشرق الأوسط؛ ورسالة صداقة وتقدير لجميع سكان مصر والمنطقة.
و بالحقيقة لا أجد في نهاية كلمة البابا فرنسيس تحليلا لأنه قالها بمشاعر الأب المشتاق لأبناءه بمشاعر فياضة بالمحبة التي تغمر القلوب فبصوت حنون حاملا فيه كل أيات و معاني السلام .. “أيها المصريون الأعزاء، شباب وشيوخ، نساء ورجال، مسلمون ومسيحيون، أغنياء وفقراء.. أعانقكم جميعا بمودة، وأطلب من الله العلي القدير أن يبارككم ويصون بلدكم من أي شر.. من فضلكم صلوا لأجلي.. شكرا وتحيا مصر”.