رغم أنّ إسماعيل أدهم تركي الجنسية، ولكن لأنه ولد في مصر (إسكندرية تحديدًا) وعاش معظم سنوات حياته القصيرة في مصر، واحتكّ بشعبنا وثقافتنا القومية، لذلك بدأ في كتاباته على أنه أحد المثقفين المصريين، خاصة وقد دافع عن خصائص شعبنا القومية، كما أنه فرّق بين المصريين والعرب، واعتبر أنّ ما ينطق به شعبنا في حياته اليومية (لغة مصرية مستقلة لا علاقة لها باللغة العربية) لدرجة أنْ كتب عنه الشاعر جميل صدقي الزهاوي ((نحن نقرأ ما يكتبه إسماعيل أدهم مع الإعجاب والأسف، نـُعجب بالنظرة الصائبة التي نظر بها إلى معنى الرقى الاجتماعي، وهى نظرة زعماء تركيا وأدبائهم، ونأسف لأنه ليس بين أدبائنا في مصر من ينظر هذه النظرة. فإنّ تركيا أدركتْ أنّ نجاتها متوقفة على التخلص من العقلية العربية، سواء في الأدب أم في الاجتماع بالرجوع إلى نفسها وإحياء عنصريتها والاندماج في الأسرة الأوروبية المتحضرة. أما نحن فما زلنا مُـنغمسين في الأدب العربي، وقد غمرتنا العقلية العربية في كل شيء تقريبًا، وأنا معه في الدعوة إلى القومية الفرعونية والتخلص من العقلية العربية والاندماج في الأسرة الأوروبية المتحضرة. وللأسف بيننا رعاع غوغاء يقرأون السخف في الأدب العربي القديم ويحسبون أنهم أدباء. ولو أننا كنا نـُدرك مغزى النهضة الحديثة والتقدم البشري في القرن العشرين ، لكافأنا إسماعيل أدهم ما يُـكافأ به كاتب لكي لا ينقطع عن الكتابة في النصح لنا وتعيين الطرق للرقى، ولكننا نجهل مغزى النهضة الحديثة ، ولذلك نحن نـُصادر كتبه ولذلك – أيضًا – تتقدم تركيا وتتأخر مصر)) (المجلة الجديدة- إبريل1937).
كما أنّ إسماعيل أدهم دافع كثيرًا عن الحضارة المصرية وعن التعليم المدني، وكتب ((إذا كان الذي يربط الدولة بالأزهر، ذلك الماضي الذي خرجتْ منه مقيدة إليه ، فليس ذلك يعنى أنْ تنقطع مصر عن موجة الفكر الإنساني وروح العصر وتبقى مربوطة إلى الماضي، فلا تعمل على تلقيح الفكر المصري بالأفكار الجديدة في العلم والفلسفة والتاريخ والأدب، وبجانب هذا لابد من برنامج للتعليم يقوم على أساس علماني لجميع طبقات الشعب)) (قضايا ومناقشات – دار المعارف المصرية – عام 86- الجزء الثالث – ص 33، 38)
وإسماعيل أدهم كان شديد الإعجاب بالتجربة التي قام بها أتاتورك ، وقد بدأتْ الأحداث الدراماتيكية التي أوجدها مصطفى كمال أتاتورك (أبو الأتراك) بتكوينه الحزب الوطني التركي عام 1919. ثم بدأ في تكوين جيش لمحاربة الجيش اليوناني، الذي احتل أزمير وبدأ يستعد لاحتلال الأناضول (الوطن الأصلي للأتراك العثمانيين) فأخذ أتاتورك يعقد المؤتمرات ويُثير همم مواطنيه لرد العدوان على بلادهم. وبدلا من أنْ يبتهج السلطان محمد السادس لتخليص بلاده من محاولات اليونان لاحتلال بلاده، إذا به يُصدر أمرًا بقتل أتاتورك بحجة ((خروجه عن طاعته)) بينما السبب الحقيقي أنّ ذاك السلطان كان دمية في يد الحلفاء (خاصة الإنجليز) الذين أغاظهم وأرعبهم ما فعله أتاتورك الذي يسعى لاستقلال وطنه وتخليصه من محاولة اليونان لاحتلال تركيا كلها بعد احتلال أزمير. أقام أتاتورك حكومة موازية منافسة في أنقرة ، وانتهز فرصة وجود خلافات بين الحلفاء فشنّ هجومًا قويًا على اليونانيين وطردهم من الأناضول (1921- 22) وأعلن في أول نوفمبر سنة 22 إلغاء السلطنة ونفى الأسرة السلطانية. وأقام جمهورية تركيا سنة 23وتمّ انتخابه رئيسًا وألغى الخلافة سنة 24 وفصل الدين عن الدولة.
كان المفكر الكبير إسماعيل أدهم (1911- 1940) رغم صغر سنه آنذاك يُتابع ما يحدث في وطنه الأصلي. ولأنّ نبوغه العقلي متقدّم فقد آمن بكل ما فعله أتاتورك، لذلك عندما علم بالمؤامرة التي دبّرها المُتباكون على إلغاء الخلافة العثمانية لاغتيال أتاتورك كتب إلى شقيقته في الأستانة وأطلعها على تفاصيل المؤامرة التي كانت تتم في منزل والده. وبالفعل تولتْ شقيقته تحذير المُقربين من أتاتورك فتم وأد المؤامرة. هذا الفصل من حياة إسماعيل أدهم هو أحد فصول مأساته الإنسانية، إذْ ظلّ يتذكر ما حدث طوال حياته وهو ما أفضى به لرئيس تحرير مجلة الحديث السورية أ. سامي الكيالي. تكمن مأساة أدهم في أنها مأساة مزدوجة، ليس لأنّ مؤامرة اغتيال أتاتورك تمّتْ في منزل والده وبتشجيعه لدرجة أنْ دفع مبلغ خمسمائة جنيهًا مصريًا من جيبه لمن سيُنفذ خطة الاغتيال، إنما ضاعف من المأساة أنّ هذا الوالد كان أحد الذين اشتركوا مع أتاتورك في حرب الاستقلال، فإذا به يشترك في مؤامرة اغتيال محرر تركيا.
وحكى أدهم أنّ والده كان يستقبل المتآمرين وأنه ((فتح لهم بيتنا على مصراعيه وأنفق عليهم بسخاء، فكانوا يأكلون ويشربون ويُصدرون الأحكام القاسية على الذين زلزلوا الخلافة. وكنتُ أنا الصغير الذي لم يتجاوز الرابعة عشر استمع إلى هذه الأحكام بمضض وقد أذهلني أنْ تنتهي هذه الأحاديث إلى تدبير مؤامرة الاغتيال))
تفاءل إسماعيل أدهم بما أحدثه أتاتورك من تغييرات جذرية في المجتمع التركي، فكتب ((إنّ تركيا شقــّـتْ طريقها للحياة. ويُمكنها أنْ تخطو خطوات في الاندماج في الأسرة العالمية المُتحضرة. أما الشرق العربي فللأسف لا يزال أمامه الطريق مظلمًا. ورسالتي كإنسان قبل أنْ أكون كتركي أنْ أعمل على إنارة السبيل أمام هذا الشرق)) (رسالة ضمن رسائله لمجلة الحديث- العدد العاشر- أكتوبر ونوفمبر1940) ولكن ذاك التفاؤل دهسه الواقع المُتغير في تركيا بعد سيطرة الأحزاب الإسلامية على الحكم. ويحق للأحرار من الشعب التركي إعادة النظر وتأمل المشهد في مسيرة التجربة التركية : من أتاتورك محرر تركيا من الاحتلال اليوناني وباعث النهضة والذي قضى على استغلال الشعوب تحت اسم (الجزية) التي كانت تحصل عليها الخلافة العثمانية من الدول التابعة لها ، والمؤسس لليبرالية والحداثة ولمبدأ (المواطنة) من خلال (علمنة مؤسسات الدولة) وأنّ النظام العلماني هو الذي يُحقق المساواة التامة بين المواطنين بغض النظر عن دياناتهم ومذاهبهم، فإذا بتركيا تنتقل من عهد أتاتورك العلماني، إلى عهد أردوغان الإسلامي الحالم بحلم طوباوي مريض بعودة الخلافة الإسلامية. وإجبار الزمن بالعودة للخلف وبالتالي للتخلف. من تركيا التي ((تخطو خطوات في الاندماج في الأسرة العالمية المُتحضرة)) وفق تعبير إسماعيل أدهم، إلى تركيا المُعادية للتحضر وتدبير المؤامرات ضد شعبنا وشعوب المنطقة لخدمة المخطط الصهيوني/ الأمريكي لتنفيذ مشروع الشرق الأوسط الكبير.
ورغم تفاؤل إسماعيل أدهم إلاّ أنه كان ثاقب النظر عندما كتب ((إنّ في الشرق استسلامًا محضًا للغيب، وفى الغرب نضالا محضًا مع قوى الغيب. وبين منطق الغرب وروح الشرق تسير البشرية في قافلة الحياة)) وبينما يُصر أردوغان وأتباعه على عودة (الخلافة الإسلامية) وأنّ للمسلمين حق (سيادة العالم) من منظورهم المريض بأنّ البشر(كتلة واحدة صماء) وأنه لا فرق بين مجتمع إنساني وآخر(ناهيك عن الدعوة الصريحة للاستعمار) فإنّ إسماعيل أدهم كان من أنصار المدرسة الأنثروبولوجية التي ترى أنّ الشعوب تختلف في عاداتها وأنساق قيمها، فكتب أنّ العقل الألماني يختلف عن العقل الفرنسي، وطبيعة العقليْن الألماني والفرنسي تختلفان عن طبيعة العقل الإنجليزي وهكذا رغم أنّ الشعوب الثلاثة يعيشون في قارة واحدة (أوروبا) انطلق إسماعيل أدهم ( في مجال التفرقة بين الشعوب) بما أطلق عليه (روح الأمة) وكان يعنى به أنّ لكل شعب في العالم تراثه التقليدي الذي خرج به من ماضيه، والذي يحف به في حاضره، والذي تكمن فيه مقدمات مستقبله. وأنّ مصطلح (روح الأمة) هو الذي يربط ماضي جماعة من الجماعات الإنسانية بحاضرها ويمضى في الزمان إلى مستقبلها، وذلك أثر من آثار البيئة ، وليس بفعل الوراثة العرقية. وأنّ ما أطلق عليه (روح الأمة) قريب لما يُسميه Taine أي الحرارة المعنوية.
وكان لإسماعيل أدهم اهتمامات ومساهمات جادة في مجال العلوم الإنسانية بجانب اهتماماته بالعلوم الطبيعية ، إذْ حصل على الدبلوم العالي من معهد الطبيعيات الروسية عام 1932 وحصل على درجة الدكتوراه في الرياضيات البحتة من جامعة موسكو عام 1933 وتقدّم للدكتوراه برسالته عن (ميكانيكية جديدة مستندة إلى حركة الغازات وحسابات الاحتمال) وكانت عبارة عن رسالة في الطبيعيات النظرية. وحصل على درجة علمية أخرى (دكتوراه) في العلوم وفلسفتها مع مرتبة الشرف. ومع ذلك ترك تراثــًا مهمًا في مجال النقد الأدبي، فكتب عن الأدب العربي ((أول شيء نلمسه في الآداب العربية أنها ذاتية. لذا فهي تنقصها الطاقة على التجرد من الشخصية وجعل الظواهر الموضوعية في طبيعتها، ذلك لأنّ طبيعة العربي تأثرتْ بفكرة الوحدة والاطراد غرستها فيه طبيعة البلاد التي نشأ فيها، ومن هنا كان غرض العربي فرديًا، فصوّر إعجابه بنفسه وبشجاعته، لهذا كانت كل آدابه خالية من الروح الفنية، التي تلقى نورًا شعريًا على دائرة غنية من الفكر. لذلك كان قليل الخيال . وهذه الروح طبعتْ الأدب العربي بالسكون، بينما يغرق في التفاصيل التي ليستْ لها أهمية (درامية) كما فعل الشاعر (طرفه) في وصفه للجمل، وهذا الوصف ينقصه التجرد عن الذاتية. في حين أنّ من يُطالع الإلياذة وكيف وصف هوميروس درع أخيل، حيث ينصهر الدرع ويصقل أمام بصر القارئ، في هذه الحالة يكمن الفرق الكبير بين الأدب العربي والأدب الأوروبي المُفعم بالدراما. ومن هنا يمكننا أنْ نقف عند السبب الذي جعل الأدب العربي يتخلف، لأنّ التصوير الدرامي يستلزم التجرد عن الذاتية وعرض الظواهر الطبيعية في طبيعتها الموضوعية. وهذه بعيدة عن طبيعة العقل العربي.
وكان من رأيه أنّ الإسلام ليس إلاّ حركة دينية في ظاهرها، ولكنها في الواقع حركة اجتماعية وسياسية واقتصادية بدتْ في ثوب ديني، ولهذا السبب كان نقده لكتاب د. محمد حسين هيكل (حياة محمد) الذي اعتمد فيه على المنهج التقريري في سرد الأحداث واستخلاص النتائج. واكتشف أنّ د. هيكل اعتمد في مصادره (سواء العربية أو الأوروبية) دون أنْ يتعامل معها بنظرة (نقدية) فاحصة. ودون مراعاة للملابسات التاريخية التي أحاطت تلك الكتابة التاريخية. فالمراجع الإسلامية تأخر العهد بكتابتها من عهد الرسول، خاصة وقد تفشـّتْ في التاريخ الإسلامي دعايات سياسية وأخرى دينية. وكان اختلاق الروايات بعض وسائلها للذيوع والانتشار. وكان لابد من النظر في كل ما يصل إلينا من عهد الرسول بعين الحيطة والحذر. ونقد كل رواية قبل قبولها، لأنّ النقد هو المحك الصحيح لفرز الزائف من تلك الروايات. وقد ارتكز إسماعيل أدهم على علم ( الأديان المقارن ) في نقده للروايات التي اعتمد عليها د. هيكل في مصادر كتابه. ورأى أنّ المصادر التاريخية (حتى الأوروبية) التي اعتمد عليها ليست لها قيمة كبيرة ( د. أحمد إبراهيم الهواري – في كتابه ” إسماعيل ادهم ناقدا ” دار المعارف المصرية- عام 1990- أكثر من صفحة).
وبعد الهجوم على عميد الثقافة المصرية (طه حسين) من الأصوليين الإسلاميين بسبب كتابه (في الشعر الجاهلي) وخاصة ما ذكره في الصفحة رقم 22 من الطبعة الأولى والتي قال فيها ((للتوراة أنْ تـُحدّثنا عن إبراهيم وإسماعيل، وللقرآن أنْ يُحدّثنا عنهما أيضًا، ولكن ورود هذين الاسمين في التوراة والقرآن لا يكفى لإثبات وجودهما التاريخي))، لم يكتف إسماعيل أدهم بالكتابة عن حرية الرأي والتعبير، كما فعل الكــُـتاب بعد يوليو52، وإنما أيّد رأي طه حسين فكتب ((إنّ آباء اليهودية الأول كإبراهيم وإسحاق ويعقوب ليسوا أسماء أشخاص، بل طواطم اعتقدتْ قبائل بني إسرائيل في غرارتها الأولى، جهلا بأنها متسلسلة منهم فعبدتها. فلما تقدّم الزمن حوّلوا هذه الطواطم إلى أسماء أشخاص اعتقدوا بأنها آباءهم الأول. ومباحث روبرتسون وأرنست رينان وفريزر في هذا الباب لا تضع مجالا للشك في هذه الحقائق. وأنّ قصور الشرقيين عن الاتصال بثقافة الغرب، تسبّب في عدم فهم طه حسين فعدوه غير ذي منطق)) ( مجلة الحديث – إبريل 1938).
وإسماعيل أدهم رغم عمره القصير (حوالي 29سنة) يُعتبر عبقري زمانه. وخسرتْ البشرية كثيرًا برحيله المُبكر (مات منتحرًا) وكان في كل كتاباته في مجال العلوم الإنسانية يُحرّض على ضرورة الخروج من العصور الوسطى . وعندما استقر في مصر بدأ يهتم بالعلوم الإنسانية. ودعا إلى التخلص من العقلية العربية. ورأى أنّ مصر بحاجة إلى ثورة كبيرة للتعرف على خصائصها القومية. وكتب أنّ العلم والثقافة الغربية يُجهزان أبناء مصر بمحراث قوى يشق لهم سبيل الحياة. ودعا شعبنا المصري إلى ضرورة التخلص من (( الكابوس العربي والعودة إلى طبيعتهم الفرعونية )) (وكان يقصد الاهتمام بالحضارة المصرية) وأنْ يلحقوا ثقافتهم بأسباب الذهنية الأوروبية. ووصل الأمر لدرجة أنْ دعا شعبنا المصري إلى التخلي عن اللغة العربية. وكانت حجته أنّ شعبنا له لغة قومية، نظمها ووضع لها القواعد . فكتب ((تحرروا من ربقة اللغة العربية)) وأنّ القول بأنها عامية العربية خطأ. وقال يخاطب المصريين ((فهذه هي لغتكم . وهى أولى بعنايتكم من إحياء لغة بدو لا يربطكم بهم صلة ولا رابط)) ( إسماعيل أدهم – قضايا ومناقشات – الأعمال الكاملة – دار المعارف المصرية – عام 1986- ج3- وانظر أيضًا كتاب “النقد ومستقبل الثقافة العربية” تأليف د. فريال حسن خليفة- دار العالم الثالث- عام 2002- من ص 145- 151) وأعتقد أنّ ما كتبه إسماعيل أدهم عن أننا نحن المصريين لنا لغة خاصة بنا أطلق عليها ((اللغة المصرية)) وأنّ القول بأنها ((عامية العربية خطأ)) هي الكتابة الأولى في تاريخ مصر الحديث . وأعتقد كذلك أنه لم يتوصل إلى الاختلاف بين اللغتيْن المصرية والعربية، إلا إذا كان قد تعمّق في علم اللغويات وعرف شيئا عن اللغة المصرية القديمة، وقد ساعده على ذلك إتقانه عدة لغات.
وكما حدثتْ ردة ثقافية في مصر بعد كابوس ضباط يوليو1952، الذين ارتكبوا جريمة محاولة (وأد) التجربة الليبرالية السابقة على عهدهم المظلم، حدث نفس الشيء في تركيا بعد التقدم الذي أحرزته بفضل جهود كمال أتاتورك، وكتابات إسماعيل أدهم وأجيال العلمانيين المتعاقبة. وبدأتْ مسيرة التراجع بعد انتشار الأحزاب الإسلامية التركية برعاية أمريكية.
وبينما الحزب الإسلامي الحاكم في تركيا (حاليًا) يُحاول الانقضاض على المُنجز الحضاري الذي أحدثه أتاتورك، وأنّ أردوغان وتابعيه لم يهتموا بتحذير إسماعيل أدهم عن ((الشرق المُستسلم للغيب)) فإنّ الأحرار من الشعب التركي الذين يُنظمون مظاهرات الاحتجاج والتمرد ضد حكم الحزب الإسلامي، يرفعون صور محرر تركيا (أتاتورك) ولديهم وعى بمنجزه الحضاري الذي عبّر عنه كثيرًا في خطبه ومنها- كمثال- ((إنّ الغرض من التغيير الذي أحدثناه ولا نزال جادين فيه هو أنْ يكون لأهل هذه الجمهورية نظام اجتماعي من أحدث النظم ومن أكثرها مطابقة للعصر الحاضر. يجب علينا أنْ نطرح كل فكر لا يتفق مع هذا المبدأ . ويجب أنْ نقتلع كل الخرافات من عقولنا. والتعصبات من عاداتنا . عار على الأمة الحية أنْ تعتمد على الأموات. لا أرضى أبدًا أنْ تبقى في المجتمع التركي المتمدن تلك العقول التي تتطلب خيرها الأدبي والمادي من شيخ قد يعمل ضد ما تطلبه العلوم الحديثة. يا إخواني تعلمون أنّ تركيا لا يمكن أنْ يبقى شعبها دراويش ومشايخ وتلامذة للدراويش وللمشايخ . إنّ الشعب الحقيقي هو الشعب الذي يكون عضوًا في محفل الأمم المتمدنة)) (د. أحمد إبراهيم الهواري – مصدر سابق- ص 412، 413 )
***