تغيرات قاسية للغاية على المشهد السياسي والاقتصادي في مصر. الآن وفى منطقتنا العربية انتهت حقبة النفط بحروب إقليميه حمقاء أنفقت فيها الدول الخليجية آخر احتياطياتها النقدية لتمويل حروب مذهبية وهمية، وضغطت على الشريك الجيوسياسي الأهم لها مصر لدفع ثمن المساعدات بالدخول طرفًا ضمن حرب الأشقاء. وحسنا فعلت القيادة المصرية التي – في ظل اشتداد أزمتها الاقتصادية، أثرت التوازن والاعتدال الحقيقي وسط جحيم سياسي مستعر .
واظهر الحلف الخليجي تباينا واضحا مع الموقف المصري، انتهى بوقف شحنات النفط من ارامكو لأجل غير مسمى وكان هذا قرار المملكة السعودية بمثابة إعلان حرب على مصر. وكانت سياستها في مجلس الأمن تناور بين مصالحها المباشرة في الوقوف ضد الإرهاب في سوريا وهو التهديد الأخطر للأمن القومي المصري وبين العلاقات الخليجية الدافعة والممولة للحروب المذهبية راعية الإرهاب بكل وضوح وبشكل قطعي.
لم تقبل السياسات الخليجية من مصر أن تراعى مصالحها المباشرة وتمالي الخليج كان الموقف تحدى وقاسى اعتمد سياسة الإخضاع والإملاء المباشر والحقيقة إن التناقض في الموقف من سوريا على وجه التحديد ومن قضية الإرهاب في المنطقة بين السياسة المصرية وسياسات الخليج هو أعمق مما يبدو على السطح هو خلاف استراتيجي لا يمكن الإخضاع فيه لأنه من مهددات الأمن القومي المصري الأساسية على وجه القطع .
وهذا ما السبيل إلى تفاديه بسياسة تبويس اللحى والكلمات الدعائية البلاغية حول الإخوة والأشقاء والمصير العربي المشترك تشكل الآن تنامي قوى الإرهاب المواقف الجوهرية للفرقاء وهذا يشكل جوهر مواقفهم الحقيقية حتى لا يمكن المقاربة بين تلك المواقف الحدية ذات الطبيعة العسكرية فهي حروب مشتعلة وممتدة تشكل سوريا الأساس فيها، وبالجوار حروب ثانوية ولكنها هامه لمصر على حدودها في اليمن وليبيا للحلف الخليجي مواقف منها متناقضة مع الموقف المصري اشد التناقض لا سبيل إلى استسلام مصر للموقف الخليجي الراعي والداعم للإرهاب التي تطالنا ناره داخليا بالتأكيد والمسكوت عنه في الموقف المصري هو رعاية الإرهاب في شبه جزيرة سيناء واليد الخفية التي تدفع مصر لدفع الأثمان الغالية في سيناء كذلك الضغط الذي حدث في قضية الجزيرتين تيران وصنافير والموقف في حوض النيل .
حاولت السياسة المصرية أن تتجاوز المحنه الاستراتيجية الرهيبه بينها وبين الحلف الخليجي بالمناورة ودفع الحد الأدنى من الإثمان لكن المطلوب كان اكبر من قدرة مصر على الاحتمال ولا مواقف بينيه ولا في الوسط ولا مراعاة للمصالح المصرية المؤكدة في سائر تلك القضايا كان المطلوب هو الإخضاع والإملاء ما دفع مصر في الأخير إلى الموافقة على الشروط القاسية لصندوق النقد بكل الخطورة الاجتماعية والضغط على الداخل الذي يدرك بوعي مصري تاريخي عميق انه لابد من التحمل ودفع الثمن الصعب داخليا .
تصمد مصر الآن تحت ضغوط داخليه هائلة لانجاز برنامج إصلاحي تكلفته الاجتماعية عاليه وعلى سبيل رحمات القدر جاء فوز الرئيس الأمريكي ترامب وموقفه الواضح من قضية الإرهاب وموقفه المختلف عن الإدارة الأمريكية الديمقراطية المتحالفة مع الخليج بمثابة قبلة الحياة للموقف المصري وتحول الضغط إلى الحلف الخليجي الذي سيدفع الثمن حتما وستتناقض سياساته الداعمة للإرهاب مع مواقف الراعي الرسمي الجديد للخليج كله ما يشكل فترة استراحة ضرورية للغاية للسياسة المصرية قد تدفع الفرقاء لإعادة مقاربة الموقف من جديد وهو ما حاولت السياسة المصرية فعله صار ممكنا الآن أفضل من اليوم الذي سبقه. هذا إذا استطاعت قراءه خليجيه راشدة للأحداث أن تتبينه وتبني عليه. واعتقد إن زيارة ولى عهد الإمارات بالأمس تأتي مباشرة إشارة في هذا السياق البناء ممكن البناء عليه لانجاز مقاربات حقيقية بين الموقفين المتباعدين تخفف القبضة على الخليج ومصر في آن واحد ..
أخيرا كانت الدعوات الغامضة لثورة في هذا اليوم 11/11 تشكل رسائل ضاغطة إقليمية على النظام المصري للتطويع، والآن وقد انفرجت المواقف وظهرت الاتجاهات الدولية الجديدة أصبح الأمر واضحا لا سبيل إلى تطويع الموقف المصري بالقوة والتهديد ولابد من بناء سياسة مصريه من جديد على أسس أفضل هذا هو الأمل في الأيام القادمة.