وصف المستثمرون، قرار لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي، مساء أمس الأحد، برفع البنك المركزي أسعار الفائدة بمقدار 200 نقط أساس (2%) دفعة واحدة، بالمفاجأة غير السارة وبالضربة الموجعة للاستثمار؛ لزيادة تكاليف الاقتراض وتحميل عبء على الموازنة العامة للدولة.
كما وصفها هاني برزي رئيس المجلس التصديري للصناعات الغذائية لرويترز، في خطوة ألقى رجال الأعمال باللوم فيها على صندوق النقد الدولي.
وكشف البنك المركزي، في بيان له عن أسباب قراره برفع أسعار الفائدة على الجنيه، إلى محاولة السيطرة على التضخم السنوي والوصول به إلى مستوى في حدود 13 % في الربع الأخير من 2018.
وقفز التضخم السنوي إلى أعلى مستوى له في ثلاثة عقود بعد قرار تعويم الجنيه في نوفمبر الماضي، وسجل 31.5 بالمئة في أبريل.
ورفع البنك المركزي خلال اجتماع للجنة السياسة النقدية التابعة له سعر الفائدة على الودائع لأجل ليلة واحدة إلى 16.75 بالمئة من 14.75 بالمئة ورفع سعر فائدة الإقراض لليلة واحدة إلى 17.75 بالمئة من 15.75 بالمئة.
وبذلك يكون وقد رفع البنك المركزي أسعار الفائدة 500 نقطة أساس منذ نوفمبر الماضي 2016.
وقال البنك المركزي في بيان له، قرار رفع الفائدة يتم استخدام أدوات السياسة النقدية؛ للسيطرة على توقعات التضخم واحتواء الضغوط التضخمية والآثار الثانوية لصدمات العرض، التي قد تؤدي إلى الانحراف عن معدلات التضخم المستهدفة.
كان وفد من صندوق النقد زار القاهرة نهاية أبريل الماضي 2017، لإجراء مراجعة بهدف تقييم جهود الإصلاح الاقتصادي للحكومة المصرية.
وقال الصندوق، في بيان، إن البرنامج شهد بداية جيدة وإنه وافق مبدئيا على صرف الشريحة الثانية من القرض البالغة قيمته الإجمالية 12 مليار دولار لدعم الإصلاحات الاقتصادية.
وكان كريس جارفيس رئيس بعثة صندوق النقد الدولي لدى مصر شدد في بيان للصندوق في وقت سابق هذا الشهر على ضرورة كبح التضخم، قائلا: “أعود وأكرر على ضرورة احتواء التضخم.”
وقال محمد السويدي رئيس اتحاد الصناعات :”القرار سيضيف أعباء جديدة تحد من قدرة الصناعة على التوسع الأفقي أو الرأسي والقدرة علي التطوير وكذلك من إمكانية جذب استثمارات جديدة”.
يحاول البنك المركزي المصري تحقيق توازن صعب بين دعم النمو واحتواء التضخم لكن القرار الأخير يعطي أولوية واضحة لمكافحة ارتفاع الأسعار الذي بات الشغل الشاغل للمصريين غير أن البعض يبدي تشككه في نجاح استخدام آلية رفع الفائدة لهذا الغرض.
وأضاف :”القرار سيؤثر سلبا على المنافسة التصديرية وفي القدرة على مواجهة السلع المستوردة سواء كان ذلك في الأسواق المحلية أو في الأسواق الخارجية”.
وناشد “السويدي”، محافظ البنك المركزي “تخصيص مبلغ مالي لإقراض الصناعة المصرية بسعر فائدة غير مرتفع وللاستثمار الصناعي حتى لا يؤثر ذلك على نمو الصناعة وتطويرها وجذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية”.
وتعهد الرئيس عبد الفتاح السيسي في ديسمبر الماضي بتحسن الظروف الاقتصادية الصعبة خلال ستة أشهر، ودعا رجال الأعمال والمستثمرين إلى مساعدة الحكومة المصرية.
وقال أشرف الجزايرلي رئيس غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات المصرية :”الأكيد أن القرار سيرفع تكلفة الصناعة، مما سيكون له أثر في زيادة الأسعار وحركة السوق ستتباطأ أكثر، والمستثمر سيفكر كثيرا قبل الإقدام على أي استثمار في الفترة المقبلة”.
وبدأت موجة ارتفاع حادة في أسعار السلع الأساسية وغير الأساسية بمصر منذ تعويم الجنيه في نوفمبر 2016 ورفع أسعار المواد البترولية.
وتوقع محمد فؤاد عضو لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، أن يكلف قرار المركزي موازنة السنة المالية المقبلة 2017-2018 ما بين 30 و32 مليار جنيه زيادة في تكلفة خدمة الدين.
وتوقع وزير المالية عمرو الجارحي في تصريحات الأسبوع الماضي، استمرار تراجع معدل البطالة ليصل إلى 11.7 أو 11.8 بالمئة نهاية 2016-2017.
وكان انخفاض نسبة البطالة وتحسن النمو الاقتصادي من بين الأسباب التي ساقها البنك المركزي لقراره يوم الأحد.
وقال إيهاب رشاد من مباشر انترناشونال :”للأسف خدمة الدين ستزيد بنسبة كبيرة، مما سيؤثر سلبيا على عجز الموازنة”.
وأضاف :”رفع سعر الفائدة لن يجذب المزيد من السيولة، بل على العكس سيحدث تباطؤ في الاستثمار؛ لأن تكلفة الاقتراض الآن وصلت لمستويات قياسية”.
وقال “فؤاد” : في حالة تحمل الموازنة العامة عبء مصروفات الفوائد الجديدة بعد الزيادة، فهذا يعني استحالة تأجيل قرارات زيادة أسعار الطاقة والمياه والكهرباء يوما واحدا بعد بداية السنة المالية الجديدة.
كل زيادة في سعر الفائدة بواقع 100 نقطة أساس ترفع أعباء خدمة الدين بالموازنة حوالي 15 مليار جنيه، وهو تأثير بالغ الخطورة على السياسة المالية.
القرار سيؤدي لتضخم انكماشي، وقد جاء استجابة لمطالب صندوق النقد الدولي.