بمناسبة تنظيم سفارة فنلندا بمصر للجسر الموسيقى المصري الفنلندي الذي تُعقد فعالياته حالياً، أجرينا هذا اللقاء الخاص مع المايسترو وعازف البيانو الفنلندي الشهير “رالف جوتوني” Ralf Gothóni حول رؤيته للجسر وأهدافه، ومدى ما تحقق من خلاله.
· وكان السؤال الأول عن أهم الأهداف التي يسعى الجسر لتحقيقها؟
أجاب المايسترو “رالف ” علينا تحقيق الفهم الموسيقي، وهذا من أهم أهداف الجسر لدينا، سواء بتقديم موسيقى الحجرة، أو موسيقى المسرح، كالأوبرا، مع تقديم فهم عميق للحياة من خلالها، وهذا هو الهدف من جلب الجسر لبلدكم، وبعد ذلك، هدفنا أن نتعلم من هنا بالطبع، من ثقافتكم التي بقيت لآلاف السنين، والتي آمل أيضا للثقافة الأوروبية أن تستمر هكذا.
· لقد واصلتم تقديم هذا الجسر الموسيقي لمدة 10 أعوام حتى الآن، هل تشعر باختلاف في ممارسة التجربة في كل عام عن الآخر؟
-أشعر باختلاف في كل مرة، نحن نحاول العثور على الموهوبين لمساعدتهم لتحقيق مستقبل أفضل. إنهم يتطلعون إلى دراسة وفهم الموسيقى، بعض السنوات كان لدينا مواهب ممتازة، ولكن هذا شيء متغير دائما.
· ما الخطوة التي تلي العثور على الأشخاص من ذوي المهارات المتميزة في الموسيقى؟
-بالطبع نحن نقدم لهم النصائح، وكيف ينبغي لهم، من وجهة نظرنا، أن يستمروا في مجالهم، ومن ثم فإننا ندعوهم إلى فنلندا في الصيف، لأن لدينا معهد الموسيقى في فنلندا يقدم فصول صيفية.
وهذا هو سبب أن لدينا الجسر هنا، لقد ناقشنا الكثير مع الطلاب حول المستقبل، عن الحياة، والأهداف، والقيم التي كانوا يعتقدون أنها تكمن في الموسيقى.
كل صيف لدينا طلاب من دول مختلفة، ثم لدينا أيضا الشراكة مع الدول العربية. والعام القادم سيكون لدينا طالب واحد من تركيا، وآخر من الأردن، وحالياً سيكون هناك اثنين من مصر.
· ماذا بعد العثور على الموهوبين وتعليمهم؟
-بعد تعليمهم، نحن نحاول مساعدتهم في العثور على وظائف في الجامعات، وكثير من الطلاب يدرسون في الخارج في فرنسا، الولايات المتحدة، في ألمانيا، في فيينا، لذلك نأمل أنهم يعودون إلى مصر لتعليم طلاب آخرين هنا، حتى تتواصل فكرة التعليم من خلال الجسر.
بعض الدارسين منهم يحصلون على وظائف في أوروبا، لكنهم يبقون هناك بطبيعة الحال.
· نحن لدينا ثقافة مختلفة جدا بين الشرق والغرب، فهل هناك نوع من الأمل في نشر هذا النوع من الموسيقى؟
-في الواقع نعم، ولكن الطريق طويل جدا، لأنها التجربة التي تنمو هي شخصية، وفهم الحياة والموسيقى والمجتمع والإنسانية، كلها جوانب مهمة خلال حياة الدارس، لذلك يحدث النمو والتطور داخل الإنسان نفسه، وبعد ذلك تكون هناك قدرة كبيرة على التواصل. وبدون الاستنارة الداخلية بالمعرفة لن توجد وسيلة للتواصل، وللمعرفة والتواصل مع شخص آخر، على المرء أن يعرف نفسه أولا.
· هل تشعر بنوع من الاختلاف بين المتدربين هنا والمتدربين في الخارج؟
-نعم بالطبع. فالتعليم الموسيقي في أوروبا هو على مستوى عال جداً، بالطبع الأمر هنا ليس كذلك، وإذا كان يوجد هنا تعليم رفيع المستوى بالمجال الموسيقي، فلا حاجة لأن نأتي إلى هنا.
لديكم هنا الكثير من الأساتذة الجيدين، ولكن المستوى وفرص التعليم هي ضيقة نوعاً ما. هناك 20 مليون شخص هنا في القاهرة (أي الفرص ليست كبيرة للتعليم).
· ما الذي يجعلك تواصل المجيء لمصر مراراً وتكراراً كل عام؟
-هناك العديد من الأسباب، أولا وقبل كل شيء، لقد جئت مع زملائي الذين يحبون ثقافة مصر بمجملها. هذا هو أهم سبب على الاطلاق. نحن لم تأتي لتحقيق الربح هنا، لقد أتينا لاكتشاف إنسانية الثقافة، والناس، لقد أتينا أيضا كي ننفتح على الطلاب هنا.
التعامل هنا أسهل بكثير مما نلاقيه في ألمانيا، ومن الملهم جدا بالنسبة لنا أن نتقابل مع الشباب المصري. نستطيع أن نقول أننا ننجذب هنا للإنسانية التي توجد وسط الواقع المصري الصعب.
· لقد أشرت خلال الاحتفال إلى رؤية فلسفية للجسر الموسيقي؛ ربطت فيها بين الموسيقى والديمقراطية وإن كان بشكل تأملي عكسي، هل يمكن أن تقدم المزيد من الإيضاح لهذه الرؤية؟
-أجاب المايسترو “رالف“: في الموسيقى لا توجد ديمقراطية، هناك سبيل وحيد فقط لفهم الموسيقى، الذي هو القيمة التي يجب أن تصل لمكاسب في كل مرة، القيمة التي لا يمكن أن تسقط أبدا، لذلك الديمقراطية لا يمكن العثور عليها في المستويات الدنيا في فهم الأشياء، فهي يمكن أن نجدها فقط في الطريقة التي يقوم بها كل إنسان بالحفاظ على الأهداف، للوصول إلى أعلى نقطة ممكنة من فهم الحياة وأعمالنا فيها. وعلى ذلك، فكل واحد من الموسيقيين من شأنه أن يعرف وضعه، وهذا ما نسميه الديمقراطية.
هذا شيء حاولنا أيضا أن نقوله للطلاب هنا، حتى يستطيعون العثور على قوتهم الذاتية، ويتواصلون مع مشاعرهم الداخلية، في الحياة وفي الموسيقى، ببذل أقصى وأقوى ما في وسعهم وهكذا، يمكنهم العثور على بعضهم البعض على نفس المستوى. وفي نهاية الحوار أكد المايسترو “رالف” على أن الموسيقى هي صرخة تنادي بالديمقراطية.