عادل بولاد: العنف تم تقنينه، والعنصر النسائي موجود
انتهينا في الجزء السابق من حوارنا الممتع مع د. عادل بولاد حول اعتراضات اليونسكو بشأن العنف، ولكن على حد علمي فإن فنون قتالية أخرى تم إدراجها في قائمة اليونسكو، إذن لماذا رفضوا التحطيب كونه يحتوي على العنف؟
الكابويرا وحدها هي من تم تسجيلها في القائمة، وكان ذلك في العام 2014. وهو فن قتالي احتفالي أيضًا مثل التحطيب، وتم تقنينه ففقد عنفه، كما قمنا في التحطيب. فلو كنا نجحنا في إعداد الملف ومقابلة الوفود لكنا سجلنا رياضتنا نحن أيضًا في نفس العام. تلك الرياضتان تم تسجيلهما في قائمة اليونسكو للتراث العالمي اللامادي لأنهم لديهم منظومة كاملة رياضية واجتماعية وقتالية ولهم تاريخ وتحولوا إلى لعبات، وغير هاتين اللعبتين استبعد تسجيل أي رياضات قتالية أخرى.
الرياضتان متشبهتان تمامًا فالاثنين –إلى جانب كونهم ذوي طابع احتفالي- فكلاهما من أفريقيا، أما الكابويرا فقد انتقلت إلى البرازيل عبر العبيد بينما بقى التحطيب في مصر حيث نشأ، هناك ميزة ثانية يتفوق فيها التحطيب عن الكابويرا، فالتحطيب مسجل على جدران المعابد والمقابر على عكس الكابويرا الذي لا نجد عنه أي نقوش أثرية.
فماذا فعلتم بشأن تلك الاعتراضات؟
قلت للسفير لدينا أجوبة على كل ذلك، لذا فلنقابل الوفود ونقنعهم، فأجابني بعد عودته من اليابان. لكن عندما عاد من اليابان قال إنه لن يقوم بمقابلة الوفود إلا بعد موافقة وزارة الثقافة، وهنا كان يتعين عليّ العودة للقاهرة لمقابلة المسئولين هناك. فعدت في نوفمبر 2014 وهناك قابلت المسئول الذي قد كنت قابلته في بداية مشواري لليونسكو، فقال لي سوف نسحب الملف لنقوم بالتعديلات لكنه لم يغير شيء جوهري فقام بتغيير الكلمة من tahtib إلى tahteeb وأضاف بعض الجمل، وقدم الملف ثانيةً في مارس 2015.
وبعد ذلك تلقيت اتصالًا من اليونسكو كمسئول في جمعية الصعيد عن ملف التحطيب، وقالوا لي إن الملف دخل المنظومة فذهبت لأرى ما حل به لأتفاجئ بأنه لم يغير شيء جوهري ولم يجاوب على اعتراضات اليونسكو بالإضافة إلى أن الملف لم يكن ممهورًا بخاتم وبإمضاء وزير الثقافة، وكان كل ما اضافه مكتوبًا في ورقة خارجية عن الملف بينما كان يتعين عليه أن يكتب كل شيء داخل الاستمارة الخاصة باليونسكو. فاعتذرت لهم وقلت لهم إن هذا الملف الخاطئ فسأسحبه وسأرسل لهم الملف الصحيح، فأعطوني فرصة يومًا واحدًا وكان اليوم الخميس، فقلت لهم: “الجمعة إجازة رسمية في مصر بالإضافة إلى السبت والأحد إجازة هنا.” فمنحوني مهلة ثلاثة أيام حتى الاثنين. فذهبت إلى مصر وقلت للمسئول عما يجب فعله ومرة يوم ولم يتم أي شيء، فقمت بنفسي بتعديل الملف، ثم أرسلت الملف ثانيةً إلى اليونسكو الذين أبلغوني بوجوب إمضاء الوزير على الملف والذي يجب أن يتم قبل يوليو.
ذهبت إلى مصر وقابلت المسئول فلم يأت إلى بإمضاء محمد أبو سعدة، والتي كان من الممكن أن تكون كافية لإدخال الملف إلى المنظومة وليس لإنجاحه. وكنت حينها أفكر في أن يكون الملف ممهورًا بإمضاء وزيري الثقافة والرياضة، لأن تطوير اللعبة سيكون في المجال الرياضي وليس الثقافي.
وفي إحدى المرات –وكان ذلك في نوفمبر 2015- كنت عائدًا من إمبابة راكبًا سيارة أجرة والتي مرت أمام وزارة الثقافة فنزلت من السيارة ودخلت إلى الوزارة وطلبت مقابلة الوزير، وعندما قابلته و تحدثت إليه وطلبت إمضاءه، فقال لي إن التحطيب تم تسجيله بالفعل. ثم أعطيته الملف وقلت له أريد إمضاءك وإمضاء وزير الرياضة. فقال لي “لا توجد مشكلة غدًا سيعقد اجتماع وزاري بشرم الشيخ وهناك سأقابل وزير الرياضة وسأحصل منه على إمضاءه”، لكن ما حدث هو إنه مضى لكنه لم يحصل على إمضاء وزير الرياضة.
وفي مارس 2016 عن طريق صديق استطعت الوصول إلى عضو مجلس الشعب عن المعادي، جمال الشريف،والذي قال لي إنه سيضع الأمر أمام وزير الرياضة في مجلس الشعب، ثم عاد ليقول لي إنه ينبغي عليّ مقابلة شخص يدعى أحمد عفيفي وهو من سيصلني بالوزير. فقابلته ولم يكن على دراية بأي شيء فعدت إلى فرنسا وأنا عازم على عدم الاستمرار في أي شيء في مصر إلا فيما يخص بملف اليونسكو.
ثم عن طريق سفير مصر في فرنسا استطعت مقابلة وزير الرياضة، خالد عبد العزيز، حيث كان في زيارة إلى فرنسا فسألني عن سبب رغبتي في الحصول على إمضاءه في وجود إمضاء وزير الثقافة، فقلت له “إن اهتمت وزارة الثقافة فقط بالأمر سينتهي تاريخ تلك اللعبة الطويل في الأرياف، ومجتمع الأرياف في مصر في انكماش مستمر، وستنتهي اللعبة إلى عرض في المسارح. ولو اعطيت اهتمامك لتلك اللعبة، ستكون أنت الوزير الذي نجح في نقل ها الفن من الريف إلى المدينة، وسنستطيع إقامة اول بطولة للتحطيب في مصر في مايو 2017” ثم قلت له “سأمنحك سنة من حياتي حتى نستطيع إقامة أول بطولة”، فمضى على الملف.
وكان هناك عدة طلبات منها وضع التحطيب على قائمة اليونسكو وتأسيس اتحاد مصري للتحطيب المعاصر وتطبيق دورة إعداد المدربين، فوافق على كل الطلبات جميعًا لكن بالنسبة للاتحاد قال إنه سيتم وضعه كلجنة في إحدى الاتحادات ثم بعد ذلك بستة أشهر سيتم تأسيس اتحاد بعد أن يتم تأسيس مدارس تعليم تحطيب بعدة أماكن. وبعد يومين أرسل لي رسالة على هاتفي الخلوي إنه ارسل الملف بعد إمضاءه على اليونسكو لكني لم أر الملف.
فيما بعد وجدت نفسي عدت إلى نفس النقطة السابقة، وهي إننا الدبلوماسية المصرية ترفض مقابلة الوفود إيمانًا منهم بأنه “لا داعي لذلك” إن “مصر قوية”.
وقبل جلسة أديس أبابا باسبوعين وصلني خطاب من اللجنة المصرية الوطنية لليونسكو -كشخص مسئول عن ملف التحطيب- لأن اللجان العربية في اليونسكو عقدوا اجتماعًا في تونس للتنسيق حول جلسة أديس أبابا، فاتصلت بسفير مصر في فرنسا وتساءلت حول سبب رفضه لمقابلة الوفود، فاستجاب هذه المرة وأرسل نهلة إمام من وزارة الثقافة.
ثم تحدث إليّ احمد نصار نائب سكرتير السفارة قائلًا “لابد من العمل سويًا لنرد على اعتراضات الوفود” فعلمنا لمدة ثلاثة أيام وأعددنا ملخص قوي. ثم حثتني نهلة إمام قبل سفرها طلبت مني صور ومعلومات فأرسلت لها نشرة بها معلومات وصور مصرية قديمة لأشخاص يمارسون التحطيب وصور من التحطيب المعاصر. ولأني لست عضو في اللجنة فلم استطع الهاب ومن قاموا بالذهاب فقط هم نهلة إمام واحمد نصار وكنت سعيد بهذا لأن من تحدث إلى الوفود هم امرأة وشاب وهؤلاء هم مستقبل البلاد. وبالفعل تم التصويت على التحطيب في 30 سبتمبر وتم إدراج التحطيب في قائمة اليونسكو.
إحدى الفيديوهات حول التحطيب في مسيرة تسجيلها في قائمة اليونسكو
[T-video embed=”tztsGfusxcA”]
ماذا عن الطلبات الأخرى؟
ذهبت إلى وزارة الرياضة في شهر يونيو بهدف تطبيق دورة المدربين، فطلب مني الوزير أن احضر يوم 15 يوليو لعقد اجتماع مع مديرين الأندية ومراكز الشباب، فذهبت في الموعد المحدد لأكتشف إن الوزير مش موجود ولا أحد يعلم بأي شيء عن هذا الأمر.
ثم حدث إن أحد المسؤلين نصحني بالذهاب إلى نادي شباب الجزيرة وابلغهم إنك من طرف الوزارة لتقوم بإعداد ورش اختيار المتدربين هناك. فذهبت كما قال لي لأفوجئ بمسئولي المركز يطلبون مني 5 آلاف جنيه حتى أقوم بإعداد الورشة هناك، فدفعت المبلغ ونفذنا الورشة ثم نفذت ورش اخرى في أماكن مختلفة مثل الجريك كامبس ونادي الصيد، واضعين شروطًا مثل الخلفية الرياضية لدى المرشح ومعرفته بفن قتالي ولديه خبرة في التدريب. وبدأنا التدريب وفي الشهر القادم سنقوم باختبار المتدربين، وكل ها ووزارة الرياضة غائبة عن المشهد.
وفي إطار آخر قابلت علي عبد المجيد عميد كلية تربية رياضية جامعة حلوان والذي أفصح لي عن رغبته في وجود قسم للتحطيب المعاصر بالكلية، وطلب مني أن أذهب بخطاب لوزارة الرياضة حتى يتواصلوا مع جامعة حلوان. وعند ذهابي للوزارة قابلت محمد الحلو الرجل الثاني في الوزارة، فأعطيته الخطاب والذي كان قد كتبه عميد الكلية فقال بعد 48 ساعة سأكون حصلت على إمضاء الوزير، وبالرغم من إمضاء الوزير فقد تأخرنا شهرًا كاملًا، ثم مضى شهر ونصف مابين الجامعة والكلية. فقلت للعميد “الورق تم إمضاؤه فمتى يمكننا أن نتقابل” فرد “ليس الآن، فلابد من التأكد إن الاعتماد يتقرر العام القادم.” وحتى الآن لم أر جديدًا في هذا الأمر.
هل هناك مشاكل أخرى تواجه عادل بولاد بشأن التحطيب في مصر؟ هذا ماسنعرفه في الحلقة الرابعة والأخيرة من الحوار.
لمتابعة الحلقات السابقة اضغط الروابط التالية: