تركت الحصاوي تتشبع في كليتها.. وكرست حياتها لتخفيف الدهون عن كبد ابنها
* لأنه مكتوب في العالم سيكون لكم ضيق فما أكثر المتضايقين والمتعبين والمرضي وثقيلي الأحمال من حولنا.. في كل صباح يغد إلينا بعضهم, ونتلقي عشرات الرسائل والمكالمات التليفونية من البعض.. نري بعيوننا ونسمع بآذاننا مآسي وآهات البشر.. ولأن شعارنا الذي رفعناه منذ بداية عملنا في حقل الخير قول بولس الرسول إلي العبرانيين لأنه فيما قد تألم مجربا يقدر أن يعين المجربين فإننا نستقبلهم بترحاب واثقين أنه مهما كانت ضيقاتهم ثقيلة, ومتاعبهم صعبة, وأمراضهم مستعصية, فسيؤازرنا الرب بعمله ويمد يده قبل أيادينا يفك ضيقاتهم, ويخفف متاعبهم, ويشفي أمراضهم.. نلمس هذا ونعايشه مع كل رحلة جديدة مع مريض جاء يئن ولا يجد علاجا يسكت آلامه.. ونلمسه أيضا في مؤازرة أصدقائنا صناع الخير الذي يساهمون بعطاياهم في تخفيف آلام المتضايقين والمتعبين والمرضي وثقيلي الأحمال.. ونشعر به أيضا في عمل الله فيهم فقد أعطاهم اليد التي تعطي, والخير الذي يعطون منه, والأكثر أنه أعطاهم محبة العطاء وأنعم بها عليهم, فكانت جزءا من مؤازرته لنا وسبب بركة لرحلاتنا, ووفرة لحصاد حقل الخير..
وحتي لا تبقي هذه الكلمات مجرد حروف مرصوصة علي الورق, أدعوكم اليوم لتعيشوا معنا قصة شابة من هؤلاء المتضايقين والمتعبين والمرضي وثقيلي الأحمال.. لترو عمل الله فتمجدوا أباكم الذي في السموات.
** دخلت علينا فتاة شابة هزيلة تحمل في يدها بعض الأوراق.. ظننت أنها تعاني مرضا مستعصيا جف له عودها.. دعوتها علي الفور للجلوس فقد خشيت أن يختل توازنها فتسقط من شدة الإعياء المرسوم علي وجهها الذابل وجسدها الهزيل.. تلقيت منها الأوراق التي بيدها وأخذت أطالعها واحدة وراء الأخري.. الأولي كانت تحمل رسالة من القمص يوحنا فؤاد كاهن كنيسة الشهيد العظيم مارمينا والبابا كيرلس السادس بالخصوص يوصي فيها برعاية الابنة مريم ظريف التي في احتياج إلي إجراء جراحة وظروفها المتواضعة جدا لا تسمح بمواجهة هذا العبء الطاغي.. والورقة الثانية تحمل تقريرا طبيا من الدكتور ثابت إلياس استشاري جراحة الكلي والمسالك البولية بمستشفي السيدة العذراء بالزيتون يوصي فيه بإجراء عملية تفتيت حصوة وتوسيع الحالب وتركيب دعامة بتكلفة تزيد عن ثلاثة آلاف جنيه..
استرحت لأوراقها فالقمص يوحنا فؤاد من الآباء الذين يتابعون عملنا في حقل الخير ويرفعون الصلوات ليسندنا الرب في رحلاتنا مع إخوة الرب الذين تكتظ بهم خدمته في منطقة الخصوص.. والدكتور ثابت إلياس من الأطباء المعروفين لنا والمشهود له بالكفاءة والمهارة وسبق وأجري لمرضانا الكثير من عمليات تفتيت الحصاوي.. ومستشفي السيدة العذراء من المستشفيات المتعاقدة معنا لعلاج أحبائنا المرضي.. واسترحت أكثر لأنها قطعت جزءا ليس بقليل من الرحلة التي نقطعها مع كل مريض.. وهدأت أنفاسي فهي واحدة من المآسي البسيطة التي نقابلها, علي عكس ما توقعت من نظرتي إليها.. لكن أنفاسي لم تهدأ كثيرا.. الأوراق لم تفصح عن الحقيقة الكاملة لمأساتها وعمقها الغائر في جسدها الذي أضعفته تداعيات مأساتها.. مأساتها ليست مجرد قلة إمكانياتها, ولا في الحصاوي التي تفتك بكليتها ولا تملك التخلص منها.. مأساتها أن وراء كل هذا قلب أم يتمزق علي كبد ابنها المثقل بالدهون, والسبب الخفي وراء قلة إمكانياتها وإهمالها في علاج كليتها مضحية بكل غال ورخيص حتي بكليتها التي تركت الحصاوي تتمدد وتتشبع فيها من أجل ابنها كيرلس.. تركت الأوراق جانبا وأخذت استمع إلي المأساة الحقيقية للأم الشابة.
** صديقتنا مريم ولدت في أول يونية 1988 بمدينة أسيوط, وكان ترتيبها الرابعة بين إخواتها الخمسة.. وبحثا عن حياة أفضل جاء والدها بأولاده الصغار إلي القاهرة منذ أكثر من عشرين عاما وألحقهم جميعا بالمدارس, وكان من نصيب مريم أن حصلت علي دبلوم المدارس الثانوية التجارية, وحرص والدها الذي توفي منذ خمس سنوات أن يزوجها بعد تخرجها.. وبحسبة بسيطة هي عمرها الآن 28 عاما رغم أن من يراها لا يعطيها هذا العمر, الأكثر أن من يراها لا يصدق أنها تزوجت منذ تسع سنوات وأنها أم لطفلين كيرلس وبولا.
** مأساتها بدأت مع ابنها البكر كيرلس عندما كان عمره خمس سنوات إذ لاحظت وجود هالات زرقاء تحت عينيه, وينتابه خمول دائم فينطوي وحده لا يشارك جيرانه وأصدقاءه اللعب والحركة ولا حتي داخل البيت مع شقيقه -بولا- الذي يصغره بأربعة سنوات هي بالتمام سنوات مرض كيرلس الذي يبلغ الآن التاسعة..
تقبلت الأم مأساة صغيرها بهدوء, وبقدر حبها لابنها كان داخلها سلام من عند الرب.. لم تنزعج رغم أن التحاليل كانت تكشف ارتفاع نسبة الأنزيمات إلي 120 وهو مؤشر خطير حذرها منه الأطباء فالطبيعي لا يتجاوز 37.. وبإيمان قوي يملأ قلبها واصلت مع كيرلس رحلة العلاج واثقة أن الشفاء من عند الرب.. وعاودت عمل التحاليل وفي كل مرة كانت نسبة الأنزيمات ترتفع أكثر, وهي صامتة في هدوء وسلام واثقة أن الله لن يخذلها, مرنمة مع داود النبي هوذا البنون هبة من عند الله, طوبي للذي ملأ جعبته منهم..
** لم تكن مأساة مريم تقف عند مرض كيرلس فقط.. عمق المأساة عندما زادت تكاليف علاجه, ولم يستطع الأب الذي يعمل في إحدي محال عصير القصب أن يواجه احتياجات الابن لأدوية منشطات الكبد..
وحتي عندما فكرت الأم أن تبحث عن عمل يساعد في توفير العلاج لفلذة كبدها, أعيتها الحيلة فهي لا تستطيع أن تترك الابن الذي يخضع لنظام غذائي ودوائي دقيق.. وهداها الرب إلي معهد الكبد.. وبدأت منذ نوفمبر 2015 رحلة علاج صعبة لإنقاذ صغيرها.. كل ثلاث شهور ترافقه إلي معهد الكبد.. يقضيان معا أياما ثلاثة تجري خلالها مجموعات من التحاليل والإشعات ويعودا ليواصلا رحلة العلاج.
المؤلم أنه مع كل هذا نسبة التحسن كانت بسيطة, والدهون مازالت تتراكم علي الكبد الصغير.. وأخيرا -في فبراير الماضي- اضطر الأطباء بمعهد الكبد إلي الدخول بالمنظار وسحب 62% من كمية الدهون, ومن هنا بدأت حالة كيرلس تتجه إلي الأفضل.. لكن بقيت محاذير طبيب التغذية بالمعهد الذي أخضعه لنظام غذائي دقيق يصعب أن ستجيب له أي طفل في عمر كيرلس يشتهي ما قد تقع عليه عينيه.. ومن هنا كان لابد أن تتفرغ الأم تماما له, ولا تغمض عينيها عنه لحظة..
** عندما وصلنا إلي هذا الجانب من مأساة مريم قلت لنفسي: هذا شئ مقدور عليه من أم يفيض قلبها بالحب والعطاء.. ولكني عدت إلي التقرير الذي جاءت تحمله من الدكتور ثابت إلياس.. وسألت نفسي.. كيف تواجه هذه الأم البشوشة آلام حصاوي الكلي وهي تبتسم لابنها المريض؟!.. سألت نفسي ولم أطلب إجابة.. أسرت بها إلي الدكتور ثابت ليسكن آلامها التي تتحملها لسنوات في صمت.
فيكتور سلامة
===================
صندوق الخير
1000 جنيه من يدك وأعطيناك
200 جنيه من يدك وأعطيناك
200 جنيه علي روح المرحوم صالح إسحق
200 جنيه هاني
50 جنيها من يدك وأعطيناك
250 جنيها يسوع يقدر بأسيوط
350 جنيها من أسيوط (يسوع يقدر)
200 جنيه صديق من العريش
———
2450 ألفين وربعمائة وخمسون جنيها لا غير
==================
تليفون الخير
تسهيلا للتواصل مع أصدقائنا صناع الخير وأحبائنا المرضي والمتألمين خصصنا تليفونا برقم مميز
7244 001 0101
===================
أصدقاءنا المرضي والمتعبين.. وأصدقاءنا صناع الخير.. مرحبا بكم وندعوكم للتواصل معنا عبر المحمول رقم 01010017244 أو عبر البريد الإلكتروني [email protected]