عندما تعيد الكنيسة القبطية بتذكار الشهداء عامة .. وعيد النيروز خاصة ، الموافق الأول من شهر توت من كل عام .. وهو أول شهور السنة القبطية، نذكر جميع الشهداء بكل إعزاز وتقدير.
والكنيسة تلقب القديس يوحنا المعمدان بالشهيد .. ويعتبر ضمن أنبياء العهد القديم وهو آخرهم .. ويحسب من أوائل شهداء العهد الجديد لأنه عاين السيد المسيح له المجد، وشهد له وعمده في نهر الأردن .. ومهد الطريق أمام الرب يسوع وإستشهد من أجل “كلمة الحق” .. لأن يسوع المسيح مات من أجل البشر بعدما تحمل آلام الصليب.
لذلك تضع الكنيسة إسم القديس يوحنا المعمدان بعد إسم القديسة العذراء مريم أم النور في قائمة القديسين الذين يذكرون في المجمع أثناء صلاة القداس الإلهي.
(لوحة القديس مارمرقس الرسول بريشة وجدي حبشي)
من أشهر الشهداء القديس مرقس الرسول كاروز الديار المصرية .. عندما عذب وسالت دماؤه على أرض الأسكندرية لتمسكه بالإيمان الصحيح وتأسيس كنيسة الأسكندرية.
توالت أحداث سفك دماء الشهداء على مر العصور .. ومن هؤلاء القديسين الشجعان المشهورين في الكنيسة القبطية العظيم مارجرجس .. ومارمينا .. ومرقوريوس أبو سيفين .. والقديس ابسخيرون القليني .. والقديسة دميانة والأربعين عذراء .. والطفل أبانوب .. والقديس إستطفانوس .. وغيرهم من الأبرار الذين قدموا أنفسهم ذبيحة حية أمام محبة الله محب البشر.
الفنان القبطي رسم في الأيقونة كلتا العينين واسعتين دليل على البصيرة الروحية التي تمتع بها القديس أو القديسة .. ونلاحظ أيضاً الأنف دقيقة .. والفم رسم بإبتسامة رقيقة بدون ألوان براقة ليرمز إلى أن هؤلاء الأبرار عاشوا زاهدين في الحياة .. كما نجد رسم هالة من النور حول رأس صاحب الأيقونة وذلك لإظهار كرامة المجد الذي حصل عليه من خلال تعاليم يسوع المسيح له المجد.
(أيقونة أثرية لإستشهاد يوحنا المعمدان الموجودة بكنيسة العذراء وماريوحنا بالزقازيق)
حتى في عصرنا هذا، شجرة الكنيسة لازات تروى بدم الشهداء .. فتذكرنا بما حدث للأقباط في صعيد مصر .. ومدن القاهرة والأسكندرية .. وحتى على أرض ليبيا التي ارتوت بسفك دماء الشهداء .. وعن أعمال مؤسفة بحرق وهدم محتويات بعض الكنائس .. ونهب منازل ومحلات الأقباط .. وغيرها بقصص مختلفة وبلا سبب معروف .. وعدم إحترام المواطنة وحب الآخر.
وعيد النيروز وأيقونة الشهداء تكون بإستمرار حافزاً لنا أن نكون أيضاً ثابتين على إيماننا إذا تعرضت حياتنا لنوع من الضيق أو الألم .. أو الإضطهاد .. فالأيقونة القبطية نموذجاً ومثلاً أعلى لنا أن نعطي حياتنا بحب .. مثلما قال مخلصنا الصالح “ليس حب أعظم من هذا أن يبذل أحد نفسه عن أحبائه”.
معظم أيقونات الشهداء المرسومة تبرز الشهداء وقد أقبلوا على الموت بإستهانة لأنهم أدركوا أن بعد الموت قيامة .. مثلما قام المسيح بعد صلبه وداس الموت.
الأيقونة هي لوحة مقروءة تعلم الإيمان والحب والسلام والخير للإنسانية حتى نصل إلى الأبدية في آخر السنين.