فى هذه الأيام تأتى الذكرى الثالثة لفض اعتصام ميدان رابعة العدوية , و الذى اتخذ منه الإخوان وقتها مقراً لممارسة أعمالهم الإرهابية و الوحشية , تحت دعوة حق التظاهر و التجمهر من أجل ما يسمى – فى مخيلتهم فقط – الشرعية و إعلائها أو المطالبة بعودة رئيسهم المخلوع محمد مرسى , بعد الإطاحة الشعبية به فى ثورة 30 يونيه …… لا يمكن ان ينكر أحد حجم الخسائر المادية و البشرية و التى تكبدتها مصر جراء هذه الأحداث , و التى تعمد الإخوان من خلالها الاشتباك مع مصر وطناً , و قيادةً , و شعباً , و إن كانت دائمة الاشتباك معها …..
وهذا الإشتباك لم يكن وليد اللحظة , إنما ترجع وقائعه نهاية عام 2012 , بعد توتر العلاقة بين مرسى و أنصاره من ناحية , و بين المصريين من ناحية أخرى , و على رأسهم القوى المعارضة , بعدها تصاعدت الخلافات السياسية , و فشلت الجماعة فشلاً واضحاً فى إدارة البلاد ، هذا الى جانب ممارستها للعديد من الأعمال الإرهابية ، الأمر الذى أدى الى إشتعال غضب المصريين والإطاحة بهم فى ثورة 30 يونيو الشعبية التى إنحاز لها القوات المسلحة درع الأمة وحمايتها , ليعلن إنهاء حكم الإرهابية , و الإطاحة برئيسها محمد مرسى الذى يتمسك بالحكم ومن هنا قرر أنصاره التجمع فى ميدان رابعة فى حالة من الضغط على المصريين , و تحريك القضية , و تدويلها , حتى أن أنصار الجماعة استغاثت بالغرب فى أكثر من لقاء إعلامى و مناشدة .
اعتراف الجماعة
و تؤكد مصادر من داخل الجماعة فى ذكرى الفض على تسلح كافة أعضاء الجماعة وقت الاعتصام برابعة , حيث اعترفالقيادي بجماعة الإخوان، أحمد المغير، بأن الاعتصام كان مسلحًا ويضم أسلحة آلية وقنابل يدوية، وكتب المغير، في تدوينة عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” تحت عنوان “سرية طيبة مول”: “هل اعتصام رابعة كان مسلح؟ الإجابة ممكن تكون صادمة للكثيرين: أيوة كان مسلح ، أسلحة نارية، كلاشات ، طبنجات وخرطوش وقنابل يدوية ومولوتوف ويمكن أكتر من كدة”.
إرهاب الجماعة
و لم يقتصر إرهاب الإخوان وقتها على جرائم رابعة قط , بل أمتد ليشمل كافة أنحاء الجمهورية , و لعل حريق كنائس و مبانى خدمات , و مدارس الأقباط , أشهر هذه الأحداث الإرهابية , لهذه الجماعة وقتها , وانتشر جرمها بالعديد من المحافظات ، وتكبدت المنيا التى لازالت تعانى أكبر الخسائر ، كما كان لمحافظة الإسكندرية نصيب مؤلم فى تلك الأحداث حيث تجمهر أعضاء الإخوانية فى شوارع الإسكندرية وقطعوا الطرق و خرجوا فى مسيرات عنيفة اشتبكوا فيها مع الأهالى واستخدموا فيها الأسلحة النارية،
وشملت جرائمهم فى احداث مكتبة الاسكندرية مقتل الضابط حسام البهى، ومجندين و13 مواطنًا وإصابة أكثر من 68 من المواطنين ورجال الشرطة .
ثم جاءت الجريمة الكبرى التى خفق لها قلوب الملايين ممن شاهدو مقطع فيديو تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعى، بقيام أعضاء من الجماعة من بينهم محمد رمضان الذى حكم عليه بالإعدام والذى كان يحمل العلم الأسود الخاص بتنظيم القاعدة، والذى اعتلى سطح أحد العقارات ومعه آخرون، وقام بقتل طفل طعناً بالسكين ثم ألقى به من أعلى سطح العقار بمنطقة سيدى جابر فى 6 أغسطس العام قبل الماضى.
وكشفت تحقيقات النيابة العامة وقتها، أن أنصار جماعة الإخوان استغلت ظروف وفاة أحد أعضائها، وتجمهروا بمنطقة مقابر المنارة وحملوا الأسلحة النارية الآلية والمسدسات وأسلحة الخرطوش والسيوف والسكاكين والمطاوى والحجارة وزجاجات المولوتوف، واتجهوا فى مسيرة ناحية ميدان الإبراهيمية، ثم سيدى جابر، واشتبكوا مع الأهالى فى مصادمات عنيفة، وأطلقوا صوبهم النيران بطريقة عشوائية، وأسفرت تلك الأحداث عن مقتل 29 شخصًا، وإصابة 30 آخرين.
وتتواصل جرائم الإخوان، وخدعهم فى تكوين جماعة أطلق عليها فتيات 7 الصبح، استغلوا فيها الفتيات الصغيرات، واستخدموهم فى قطع الطرق الرئيسية، فى وقت مبكر من اليوم لتعطيل الحركة المرورية وإتلاف الممتلكات العامة.
وكانت جريمة القتل فى وضح النهار لسائق تاكسى، كل ذنبه اعتراضه على قيامهم بقطعهم الطريق العام وعدم قدرته على كسب العيش فى ظل هذه التظاهرات المستمرة، فما كان منهم إلا ذبحه بسكين أبيض وضاع دمه بين المئات منهم من الذين تجمعوا فى اشتباكات بمنطقة فيكتوريا وسيدى بشر.
و يظل السؤال الأقوى و الأكثر إلحاحاً فى هذه الذكرى هل استوعب الإخوان الدرس ؟! , فهل أدرك الإخوان , قوة مصر و شعبها فى ذكرى الإطاحة بهم , أما لا زالت الإرهابية تحاول من أجل إقحام نفسها فى مشهد سياسى ؟! , أو حتى على الأقل قبولها اجتماعياً مرة أخرى بين أبناء الوطن و أطيافه ، وللإجابة عن هذا السؤال دعونا نستعرض اراء الباحثين و المتخصيين فى الحركات الاسلامية
تعامل الدولة مع الإخوان
يقول د. ” عمار على حسن ” _ الكاتب و المحلل السياسي _ إن القضية , ربما لم تكمن استيعاب الإخوان للدرس , بقدر ما تكمن فى المعرفة الحقيقة و الإيمان بقوة الشعب المصرى , فالشعب هو من أتى بهذه الجماعة , بانتخاب مرشحها , و حينما أدرك جرائمها تمكن من الإطاحة بها , و انحاز له الجيش فى 30 يونيه , و تجمهرت كافة القوى السياسية من أجل هدف واحد , و تمكنوا من التصدى ليس فقط لجرائمهم و أعمالهم الإرهابية , بل ايضاً تمكنوا من التصدى لدعاويهم و ذرائعهم , و تابع ” حسن ” بقوله ثمة دعوات وجهت من أجل التصالح مع الإرهابية , و لكن سريعاً ما يتم كتمانها خوفاً من المصريين من جانب , و من جانب آخر الإخوان انفسهم , لا يرحبون بالتصالح , و إن قبلت الكوادر و القيادات , يرفض الشباب , مشيراالى ان مصر تتعرض لضغوط خارجية من أجل دمج الإخوان مرة أخرى , و ربما ثمة رؤى تتجه نحو ضرب الجماعات ببعضها البعض , فمنهم من يقبل بالدمج و منهم من يعارض , و هنا اللعب على التفكيك , و عن الانشقاقات داخل التنظيم , اختتم ” حسن ” بقوله هناك فرق بين الانشقاقات و الخلاف , قد تختلف الجماعة , و لكنها لا تنقسم , فهيكلها التنظيمى بعافيته , و مازالت متماسكة .
أيديولوجية التنظيم
و يضيف إسلام فرغلى _ الباحث فى الجماعات الإسلامية _ بقوله يختلف إتجاهات أعضاء التنظيم و هيكله عن إتجاهات أفراده , فما يدركه و يستوعبه التنظيم , يختلف عما يدركه و يستوعبه الأفراد , و إن كان مبدأ السمع و الطاعة مازال متواجد داخل التنظيم , بالرغم من افتقاره للعديد من دعائمه , و فى مقدمتها عدم القدرة على الحشد , ضعف التماسك , و الأهم تخلى الكثير من مموليها , و يشير ” فرغلى ” التنظيم منشق , فثمة فريق يؤيد بل و يسعى من أجل المصالحة , و آخر يدعم مواصلة الهيجان و مواصلة العنف و الإرهاب ” مكملين ” و عن تعامل مختلف , و استراتيجية جديدة لإدارة ملف الإخوان , يؤكد ” فرغلى ” على أن الدولة المصرية لديها ثوابت راسخة فى التعامل مع هذه الجماعة , و هى ضرب افكارها , بأفكار من داخلها أيضاً , مشيراً إلى قرب انتهاء ما يعرف بالجماعة و فكرها .
وزر أعمالها
و يختتم الشيخ “نبيل نعيم ” _ الباحث فى شئون الجماعات الإسلامية_ فيقول ليس للإخوان الحق فى المشاركة فى أى عمل سياسي أو حتى العودة للقبول بهم فى كفصيل داخل المجتمع المصرى , فالجماعة كلها تحمل وزر العمل الإرهابى , و كافة الأعمال التى شهدتها مصر منذ إندلاع ثورة 25 يناير 2011 و حتى وقتنا هذا, و ما يحدث من مخططات يدعو للغرابة من عدم خضوع هذه الدول و الداعمة للإرهابية لإرادة الشعب المصرى , فلازالت تدعم هذه الجماعة و تدفع بها فى الأنشطة و الحياة السياسية فالقضاء المصرى صنفها جماعة إرهابية و لا بد من العزل السياسي و الاجتماعى لكافة أعضائها سواء أثبت تورطهم أو لم يثبت, و يستطرد “نعيم” يجب الحذر فقد تدفع هذه الجماعة و تميز شخصيات مقبولة إجتماعياً و من الممكن أن يعاد التعاطف معها من جديد .