تشغل مشكلة دارفور الساحة السياسية المصرية من وقت لآخر حسب التحركات المصرية في هذا الشأن وهو ما يجد معه رد فعل مختلف في كل مرة حسب الأحداث واللقاءات التي يجريها الجانب المصري من أجل التوصل إلي حل يرضي جميع الأطراف وينهي إراقة المزيد من الدماء السودانية في دارفور.كما أن تجديد مذكرة اعتقال وتوقيف البشير تزيد من سخونة الوضع في السودان,ولذا تبذل مصر مجهودا مضاعفا من أجل احتواء الأمر في السودان.
أكدت مصر حرصها الدائم علي التعامل مع مشكلة دارفور من خلال منظور أوسع يحافظ علي أمن واستقرار السودان ووحدة ترابه,مشيرة إلي التزامها بتقديم العون الإنساني والخدمات الطبية للتخفيف من معاناة شعب دارفور فضلا عن إسهامها في القوات الأممية والأفريقية المشتركة التي تتولي مهمة حفظ السلام في الإقليم بأكثر من1300 من قوات الشرطة والجيش.
وهنا يري أمين يسري سفير مصر الأسبق في اليمن وسورية وعضو المكتب السياسي في الحزب العربي الناصري غياب دور مصر في مشكلة دارفور,ويعتبر أن هذا الغياب محبط لأن مصر تركت الأمر للولايات المتحدة الأمريكية لتحدد ما يجب أن يحدث في دارفور,برغم أن مصر والسودان كانتا بلدا واحدا فيما مضي كما أنهما يشكلان إقليما واحدا…ويري يسري أن مصر أهملت العلاقات الأفريقية وخاصة العربية منها وأن ما تفعله من وقت لآخر يأتي في إطار نظريةرفع العتبعنها أمام الرأي العام الداخلي والعالم العربي والإفريقي.
وفي الوقت الذي رحبت فيه مصر بالتقارب بين السودان وتشاد,وطالبت المجتمع الدولي ممثلا في الأمم المتحدة والاتحاد الأوربي والجامعة العربية والصين وروسيا والولايات المتحدة تقديم العون لإحلال السلام في دارفور ينتقد أمين يسري سياسة مصر في أخذ رأي الولايات المتحدة باستمرار فيما يتعلق بمشكلة دارفور لأنه لابد أن يكون لمصر رأي مستقل في هذا الشأن لأن السودان وأمنها يمثل الحماية الطبيعية لمصر من جهة الجنوب ومن جهة أفريقيا خاصة بعد زيادة مطامع الدول الأوربية والولايات المتحدة في دارفور لظهور الثروات الطبيعية بها بوفرة وخاصة البترول واليورانيوم وبعض الثروات الطبيعية الأخري.
كان الرئيس حسني مبارك بحث مؤخرا تطورات الأوضاع في السودان وإقليم دارفور مع النائب الأول للرئيس السوداني سيلفاكير,وتناولت المباحثات بينهما مشروعات التنمية التي تنفذها مصر في الجنوب السوداني,وجهود مصر لدعم السودان وتحقيق الاستقرار والسلام والحفاظ علي وحدة أراضية.
أكد سيلفاكير أن هناك أملا في أن يظل السودان موحدا إذا ما كان الشريك الآخر في الائتلاف الحاكم بالسودان جادا في هذه المسألة,وقالما تم الاتفاق عليه,يتمثل في وجود سودان موحد مع وجود احتمال آخر للانفصال إذا لم يتم تفعيل الوحدة,فإذا لم تكن الوحدة جذابة لجنوب السودان فإنه سيفضل الانفصال.
وحول ما إذا كان هناك أمل في استمرار السودان موحدا رغم الخلافات بين الشمال والجنوب,قال إن شمال السودان لم يقم بواجبه في جعل الوحدة جذابة والخيار سيكون للجنوب في مسألة تفضيل الوحدة أم الانفصال.
قال سيلفاكير إنه بحث مع الرئيس مبارك قضايا السودان وكيفية تنفيذ اتفاق السلام والتطورات في إقليم دارفور وسبل دعم العلاقات المصرية-السودانية في مختلف المجالات.
وقال الدكتور هاني رسلان الخبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام والمتخصص في ملف السودان قد أشار إلي خطورة الوضع في السودان وانعكاسه علي مصر… في حوار صحفي قائلا ما سيحدث في السودان سيكون له اعكاسات خطيرة علي مصر فالأمن القومي المصري مرتبط بما سيحدث هناك لأنه سيتأثر بأشكال مباشرة وغير مباشرة….فالتأثير المباشر سيأتي حينما يتحول السودان إلي فوضي وهذا أحد السيناريوهات المطروحة,فمن الممكن أن تحدث عملية نزوح جماعي من السودانيين إلي داخل الحدود المصرية علي اعتبار أنه لا توجد حدود طبوغرافية صعبة أو موانع طبيعية تمنع النزوح من السودانيين إلي مصر.
كما أن التأثير غير المباشر سيكون أخطر لأنه في حالة الاضطرابات ستكون المنطقة الجنوبية منطقة فوضي واضطرابات,وسيمتد هذا إلي منطقة القرن الأفريقي ومنطقة البحيرات وسوف تعاد صياغة التوازنات الاستراتيجية في المنطقة,وتتشكل خريطة جديدة وسيكون هناك توازنات استراتيجية جديدة ستكون علي حساب مصر,لأن هذا التوازن سيكون من دول صغيرة ومجزأة وواقعة تحت حماية الدول العظمي والولايات المتحدة الأمريكية,وأيضا سينتقل ملف المياه بالكامل إلي إيد معادية لمصر وسيستخدم هذا الملف في إملاء المواقف علي الحكومة المصرية.
كما سيتأثر أمن البحر الأحمر بما سيحدث في السودان,وإثيوبيا وهي دولة بها6قوميات كل قومية منها لها من الناحية النظرية والدستورية حق تقرير المصير وكل منها لديه تذمره وتململه الداخلي وحركة تمرد أو حركة تحرير,ولو حدث انهيار في السودان سيؤدي هذا إلي انهيارات أخري في القرن الإفريقي.