شاءت العناية الإلهية أن ألتقي مع قديس العصر مثلث الرحمات الأنبا شنودة الثالث لإجراء سلسلة من الحوارات الصحفية مع قداسته التي أعتبرها تاجا علي جبيني وإضافة إلي رصيدي الصحفي والروحي و إلي خبراتي ،وكنت أعرف قداسة البابا فقط من خلال عظته النصف شهرية بالكاتدرائية المرقسية بالإسكندرية والتي كنت أحرص علي حضورها منذ الصغر مع والدي رحمه الله ثم رأيته عن قرب خلال حفلات الوحدة الوطنية في شهر رمضان التي كانت تقام كل عام وكان يتيح لي الدكتور كميل صديق عضو المجلس الملي السكندري دعوة للحضور أثناء الإفطار ونوال البركة من قداسته , ولكن لم يدر أي حوار بينا وتكونت في نفسي رغبة كبيرة أن أتحدث معه ولكن عندما أنظر إليه أرتبك ولم أنطق إلا بجملة واحدة , وهي صلي من أجلي يا سيدنا أنبتك نيفين , ظل هذا الوضع علي مدار أربع سنوات وفي عام 2007 دار حوار بيني وبين الكاتب الصحفي عبد الجواد أبوكب الصحفي بمجلة صباح الخير ورئيس تحرير موقع روز اليوسف حاليا وقال لي لماذا لا تفكري في إجراء حوار صحفي مع قداسة البابا شنودة الثالث ؟ فقلت له ومن يتيح لي هذه الفرصة وكيف وأنا في بداية حياتي المهنية أن احاور قامة كبيرة مثل قداسة البابا شنودة , وكيف يقتنع بي كصحفية فقال حاولي .
وبدأت في رحلة السعي لمحاولة إجراء الحوار فكنت أتردد بين الحين والآخر علي المقر البابوي بالإسكندرية و أقابل القمص شاروبيم الباخومي وكيل البطريركية المرقسية بالإسكندرية في هذا الوقت وكان يعرفني من خلال الدكتور كميل صديق و المستشار فؤاد جرجس و الدكتور جورج عبد الشهيد أعضاء المجلس الملي بالإسكندرية فطلبت منه أن يتوسط لي عند قداسة البابا لإجراء حوار وطلب كتابة ورقة بذلك ليقوم بعرضها علي قداسته في الزيارة القادمة وبالفعل كتبت هذه الورقة وأنا لا أعرف مصيرها هل سوف تصل يد قداسة البابا ام لا .
( محاولات متكررة)
مرت الأيام وبعد خمسة شهور طلبت من الدكتور كميل صديق أن أدخل إلي المقر يوم وصول سيدنا و بالفعل أستجاب الدكتور كميل لطلبي فكنت في غاية السعادة والفرح و بالفعل وصلت قبل الموعد المقرر أن ينتظرني فيه بفناء الكنيسة المرقسية وعندما وصل الدكتور كميل إلي الكنيسة أصطحبني إلي حجرة مخصصة لأعضاء المجلس الملي بالقر البابوي وكان يمكث بها بعض أعضاء المجلس منهم الدكتور جورج عبد الشهيد و المستشار فؤاد جرجس وتبادل الجميع أطراف الحديث و أنا في حالة من السعادة تغمرني وكان الدكتور كميل بين الحين والآخر يقوم بالأتصال بالأستاذ رمزي عبد المسيح الأمين العام للبطريركية وقت ذلك لأنه هو المكلف بالأتصال بالعميد عمرو المكلف بالحراسة الشخصية لقداسة البابا ليعرف منه أين هم في طريقهم للوصول إلي الكاتدرائية حتي يتسني للجميع النزول قبلها بفترة ينتظرون قداسته في فناء المقر لأستقباله ونوال البركة و بالفعل نزل الجميع من أعضاء المجلس الملي بالإسكندرية والقمص شاروبيم الباخومي والآباء الكهنه من الإسكندرية وبعض الشخصيات الأخري من رجال وسيدات الذين أعتادوا الحضور في هذا اليوم ودخلت سيارة الحراسة أولا من الباب الخلفي للبطريركية بشارع النبي دانيال كما هو معتاد وبعدها مباشرة سيارة قداسة البابا شنودة فشعرت برهبة شديدة جدا تتملكني ووقفت السيارة ونزل منها قداسة البابا شنودة و بدأ أولا الآباء والقمص شاروبيم الباخومي في تقيبل يده ثم أعضاء المجلس الملي وفجأة وجدت نفسي أمام قداسته ولم تتملكني مشاعري في الأنخراط في البكاء بشكل غير طبيعي وقال لي قداسة البابا بتبكي ليه يا بنتي .
فأجبته أنا أسمي نيفين كميل أريد مقابلة قداستك فقال لي حاقبلك وقبلت يده و انصرفت جانبا وتوالت سلامات الناس لقداسته حتي آخر فرد في فناء المقر و بدأ قداسة البابا يتجه نحو باب الصعود إلي المقر بشكل لا إرادي أمسكت طرف ثيابه ودون أن يدير وجهه ويعرف من الذي فعل هذا قال قلت لك حاقبلك يا بنتي وكانت إحدي المكرسات من الأسقفية تقف بجواري وتعرفني فقالت : لماذا لم تكتبي ورقة وترسليها مع عم عزيز وهو أحد المكلفين بخدمة قداسة البابا وهو الذي يستطيع الدخول إليه لمعرفة بعض إحتياجاته
( ورقة صغيرة )
وبالفعل كتبت ورقة صغيرة سطرين أنا إبنتك نيفين كميل أرغب في مقابلة قداستك فأنا في أشد الإحتياج إليك ولو خمس دقائق و لم أكتب بالورقة رقم تليفوني أو أني صحفية وصعد عم عزيز بالورقة و أنتظرت أنا بغرفة بالدور الأرضي بالمقر ويطلق عليها غرفة أمن الكنيسة أنتظرت لمدة ساعة ونصف و لم أعرف لماذا أنتظرت كل هذا الوقت !!
مع علمي بأن الجميع صعدوا إلي غرفهم بالمقر بما فيهم قداسة البابا و قادتني قدماي مرة أخري إلي الكنيسة وقلت أصلي أمام صورة العذراء وحامشي وكانت الكنيسة في هذا اليوم مزدحمة و فجأة وقعت عيناي علي عم عزيز و رأيته يمحلق في الناس الموجودين بفناء الكنيسة فهو لم يتحقق من ملامح وجهي فذهبت إليه وعندما رأني قال أنت فين يا بنتي دواختيني نصف ساعة و أنا أبحث عنك قداسة البابا بيقول لك تعالي بكره الساعة 12 ظهرا فلم أصدق نفسي وغمرتني مشاعر متضاربة سعادة فرح رهبة و قلت لعم عزيز أنت متأكد أن قداسة البابا قال لك خليها تيجي بكرة فأخذ الرجل يضحك و قال ربنا بيحبك وذهبت الي المنزل وتحدثت مع والدتي و قلت لها قداسة البابا أعطاني موعد بكرة الساعة 12 أنا مش عارفة حأعمل أيه أخذ بركته فقط ؟ و لا أستعد لإجراءحوار معه فأنا لم أشير إلي ذلك في الورقة التي كتبتها له فقالت والدتي أستعدي بأسئلة حوار و أنت وحظك المهم تأخذي بركة قداسة البابا و تجلسي معه وبالفعل قمت بتحضير أسئلة للحوار و أتصلت بأحد المصورين وهو ماركو إبراهيم ليأتي معي فقال المصور مش معقول أن قداسة البابا وافق بهذه السرعة أن تقومي بإجراء حوار معه قلت أنا لم أذهب لحوار ولكن كفاية مقابلته و ألتقاط صور تذكارية مع قداسته .
( مشغولا بلجنة البر )
وبالفعل ذهبت إلي الكاتدرائية وكان يوم سبت وقداسة البابا مشغول بلجنة البر و كنت حضرت قبل الموعد المحدد لي بساعة فقلت لأحد عمال الكنيسة فيه مصور سوف يأتي معي و لكن أنا حضرت قبل منه من فضلك لما يجي أدخله فقال ” عارفين قداسة البابا قال لي في صحفية جاية النهاردة تعمل معي حوار فأستغربت من كلام الرجل و بعد ذلك فتح لي الأستراحة الموجودة بالمقر القديم في الدور الأول كي أنتظر فيها و بعد نصف ساعة حضر المصور و أدخلوه معي و أنتظرنا نصف ساعة تقريبا وحضر القمص شاروبيم الباخومي و قال يلا قداسة البابا هايقابلك في مكتبه و أخذنا الأسانسير أنا والقمص شاروبيم و المصور و عند خروجي كان في إستقبلنا نيافة الأنبا يوأنس و أول جملة قالها لي بإبتسامة عريضة و بشاشة أنت إزاي خليتي قداسة البابا يوافق علي إجراء حوار صحفي معك !! فإستغربت أيضا من كلام نيافة الأنبا يوأنس و لكن كنت في غاية السعادة فقداسة البابا أخبر الجميع أن هناك صحفية تأتي لإجراء حوار صحفي دون أن أطلب شيئا و حدد لنا الأنبا يوأنس أماكن جلوسنا و كانت أول مرة أدخل فيها مكتب قداسة البابا بالمقر القديم : مكان غاية في الروعة و هدوء الأعصاب رغم بساطة الديكور الموجود فيه وجلسنا ننتظر و قلبي يخفق من الخوف و الرهبة كيف أنا أحاور قداسة البابا هذا الرجل العظيم الموسوعة الدينية و التاريخية و الثقافية و عندما دخل قداسة البابا من الباب نهضت فورا من علي الكرسي وجلس قداسته علي رأس ترابيزة كبيرة أمام مكتبه أعتقد أنها مخصصة للأجتماعات و جلست أنا في الكرسي المجاور له و قلت له أنا مش قادرة أصدق أنني أجلس مع قداستك وشعر قداسة البابا بأرتباكي في بداية الأمر فإذ به يبتسم أبتسامة صافية تشع نورا ومحبة أعطتني ثقة و أطمئنانا في بدء الحوار الذي كان من المفترض أن يكون خمس دقائق فأمتد خمس ساعات وكان هذا أول حوار مع قداسته تناولنا فيه العديد والعديد من الموضوعات التي تهم الكنيسة و الشأن القبطي وتشغل تفكير العديد من الأقباط و أجاب البابا شنودة علي كل الأسئلة دون أن يرفض أي سؤال و في نهاية كل سؤال أقول له هذا أخر سؤال فيبتسم ويقول هذا السؤال قبل الأخير حتي وصل عدد الأسئلة الي أكثر من ثلاثين سؤالا وفي نهاية الحوار قال لي طلبتي خمس دقائق وصلت خمس ساعات هذا هو قداسة البابا الأب الحنون أفتقدك كثيرا كثيرا يا سيدنا و لكن دائما سوف أتذكر كلماتك و حواراتك القيمة التي أمتلات بها صفحات جريدة وطني و أتذكر تشجعيك لي في الأستمرار بمهنة الصحافة رغم الصعوبات التي واجهتني و أطلب منك أن تشفع لي و لنا جميعا عند رب المجد يسوع وللحديث بقيه فكان لكل حوار مع قداسته قصة .