أخطر رجل في الجامعة
لماذا؟
لأنه يفسد عقول الشباب
أي نوع من الفساد تقصد؟
الفساد عبر التنوير
ومن وقتها أصبح التنوير، وما يدور في فلكه أخطر؛ وفقا لتصورات رجال الأمن ومن يتعاون معهم؛ من أمور أخرى.
مشاهد كثيرة في العقل المصري تدل على الخوف من التنوير؛ الذي هو ببساطة سلطة العقل؛ والذي معه تمتنع السلطتان الدينية والسياسية أن يكون لهما مكانا في عقل الشخص المستنير.
خلال الأيام الماضية زاد الجدل والحيرة حول تفتيش شرطة المصنفات الفنية للمركز الإعلامي للطائفة الإنجيلية الذي يتعاون مع قناة سات 7، التي تعمل تحت رعاية مجلس كنائس الشرق الأوسط منذ ما يقرب من 20 عاما.
والأزمة ليست في قضية التفتيش أو المناقشة حول إجراءات الترخيص، أو الأسباب التي أدت إلى تفتيش مكان يعمل منذ وقت طويل، في النور والعلن. لكن في ذهنية المتحكم في الأمر. ذهنية الخوف من التنوير، أو تقديم إعلام مختلف. الإعلام المسيحي عامة لا يشكل خطرا؛ لأنه يتحدث عن أسقف ما، أو زيارة هنا أو هناك للبابا، وأقصى ما يفعله الحديث بـ”طبطبة” حول مشاكل الأقباط، بما لا يخالف قاعدة “الأقباط مع النظام”. لكن أن يوجد إعلام مسيحي يتحدث عن التنوير ووعي الناس، وأن يتناول الموضوعات المثارة بموضوعية قدر استطاعة الإنسان، بل يتحدث عن تجديد الخطاب المسيحي بالتوازي مع تجديد الخطاب الإسلامي؛ حيث غرضه الحق هو استنارة العقول، وليس ملء فراغات في الفضاء، فهو بذلك يقلق الذهنية المتحكمة الخائفة من التنوير؛ لأنه خطر على العقول.
في كتاب الفيلسوف الكبير د. مراد وهبه “مسار فكر”، أشار إلى أن من يقف ضد العلمانية والتنوير إنما يقف ضد نظرية دوران الأرض حول الشمس. وكل التجارب السابقة تؤكد أن المنع ليس حلا. أما الفيلسوف الكبير عمانوئيل كانط فأصدر كتابه “الدين فى حدود العقل وحده”. وعند صدوره فى عام ١٧٩٣ تلقى كانط خطاب لوم رسميا من وزير المعارف باسم الملك جاء فيه “أنه يستهين بالعقيدة الدينية، وأن هذه الاستهانة مرفوضة، وأن عليه أن يكف عن هذا المسلك، وإذا لم يذعن لهذا المطلب فالعاقبة سيئة”. وقد أرسل كانط خطاب اعتذار إلى الملك يتعهد فيه بعدم الكتابة فى الدين بصفته “تابعا جد أمين لجلالة الملك”. وهذه العبارة قصد منها كانط أن تعهده مؤقت بحياة الملك. وبالفعل عاد إلى الكتابة فى المسائل الدينية بعد وفاة الملك عام ١٧٩٧؛ لأن منع التنوير، في عصر التكنولوجيا، كمن يرفض ركوب القطار، مصمما ركوب الحمار.