ثارالشعبان التونسى والمصرى ضد الاستبداد ، ثم توالتْ انتفاضات شعوب سوريا واليمن وليبيا. صكّ الاستعمارالغربى مصطلح (الربيع العربى) فهل هذا المصطلح ترجمة لواقع حقيقى أم أحد (الأوهام السياسية) لزغزغة مشاعرالشعوب؟ إذا كان ترجمة للواقع فهويعنى أنّ مطالب الشعوب قد تحققتْ وأهمها ترسيخ مبادىء الحرية الفردية والسياسية + العدالة الاجتماعية + تطبيق المفهوم العلمى لمعنى (المواطنة) أحد أهم مبادىء الليبراليةالتى تنص على أنه لافرق بين مواطن وآخرإلاّبعمله وليس بديانته أوموقعه الطبقى أومنصبه الوظيفى. ومن هذا التعريف فإنه لافرق بين الفلاح ورئيس الدولة فى حقوق المواطنة. فهل هذه المطالب تحققتْ؟ الوقائع التى تلتْ انتفاضات الشعوب تؤكد العكس. فشعبنا المصرى رفع أحد أهم شعاراته فى يناير2011(لاعسكرية ولادينية.. مدنية مدنية) تغلبتْ الرومانسية السياسية على شعبنا فى مساء 11فبرايربعد بيان (تخلى مبارك عن الحكم) ابتلع شعبنا سم المؤامرة مع (العسل المغشوش) إذْ أنّ قرار(التخلى) الذى ألقاه عمرسليمان ينطبق عليه ما قيل عن وعد بلفور(من لايملك أعطى لمن لايستحق) فكيف لرئيس حكم الشعبُ بسقوط شرعيته يمنح العسكرسلطة إدارة شئون البلاد بالمخالفة لدستورالنظام نفسه؟ فى هذا المساء سمعتُ مع أصدقائى كبارالسن الزغاريد والهتاف العاطفى. وبعد أنْ كان الشعارالسائد طوال 18يومًا (الشعب يريد إسقاط النظام) هتف الإسلاميون (الله وحده أسقط النظام) عند هذه اللحظة تأكدتُ من بداية سرقة دماء الشهداء. وعندما صرختُ مع أصدقائى بعدم ترك الميدان، كانت العواطف الشخصية والظلم الاجتماعى طوال عدة عقود أقوى من صرخاتنا التى تبدّدتْ فى سماء الميدان وابتلعتها رياح شهرأمشيرالعاصفة. وفى اليوم التالى اتصلتْ بى الصديقة د. مرفت عبدالناصرالمُقيمة فى منيل الروضة وقالت لى أنّ الإسلاميين ذبحوا العجول وفرّقوا لحومها على الفقراء ((حلاوة الثورة الإسلامية))
الإسلاميون الذين أدانوا تحركات الشباب يوم 24يناير، وأيدوا مبارك ونظامه، سارعوا بلقاء العسكر. بدأتْ خيوط المؤامرة على شعبنا بعد ثلاثة أسابيع من مساء11فبرايرالأسود بالسماح لثلاثة آلاف مصرى بالعودة إلى مصرمن المُتواجدين فى كهوف أفغانستان المؤمنين بأنّ جوازالمرورللجنة على جثث المُختلفين معهم. ومِنْ بينهم مَنْ تم السماح لهم بإنشاء أحزاب دينية بالمخالفة للقوانين التى أصدرها العسكرالذين تعمّدوا قتل أية محاولة للتحقيق فى فتح السجون وهروب الإسلاميين الذين سطوا على المشهد السياسى. ثم كانت كارثة استفتاء19مارس والانتخابات قبل الدستور، ثم كوارث قتل الشباب والسحل وكشف العذرية فى سجون العسكر، وكل ذلك بالتواطؤبين المجلس العسكرى والإسلاميين والأمريكان، لذا كانت مكافأة الرئيس الإسلامى للعسكرالأوسمة بدلامن تقديمهم للمحاكمة.ومكافأة الإسلاميين المشتركين فى جرائم قتل بمشاركتهم فى كتابة الدستورالذى تفوح منه رائحة دماء الشهداء مع تكريس الدولة الدينية.
الشائع عن (الربيع) أنه فصل تفتح الزهور والطقس المعتدل إلخ فهل الربيع يعنى قتل عشرات الآلاف فى سوريا وليبيا واليمن وتونس ومصر؟ هل (الربيع) الذى روّجتْ له الإدارة الأمريكية هوسرقة دماء الشهداء وتسليم السلطة لأعداء التعريف العلمى لمفهوم المواطنة؟ هل (الربيع) هو استمرارقتل الشعب السورى، حتى تأتى اللحظة المناسبة التى تـُحدّدهاأمريكا لرحيل الرئيس القاتل ولو كان الثمن قتل وتشريد ملايين السوريين؟ لقد كان الرئيس التونسى الطبيب الجنرال أذكى (الأشرار) إذْ (خدها من قصيرها) وفق تعبيرشعبنا البليغ وهرب قبل أنْ يزداد عدد القتلى ولم ينتظرمن يقول له (سنضمن لك الخروج الآمن) كما فعلوا مع حكام مصر، اليمن، ليبيا وحاليًا مع سوريا. فى الدول الخمس سطا الإسلاميون على الحكم، وامتلأتْ السجون بشباب الليبراليين الذين كانوا وقود الثورة مع زملائهم الشهداء والمصابين. إذن فإنّ الربيع الكاذب الذى روّجتْ له أمريكا هوسطوالإسلاميين على الحكم فى البلاد الخمسة. فالتطابق يكاد يكون واحدًا ، ففى تونس قالت أم محمد البوعزيزى الذى كان انتحاره المأساوى سبب تفجيرالثورة ((ابنى ضحى بحياته مقابل لاشىء)) وذلك بفضل وصول حركة النهضة الإسلامية للحكم. ومازال الجنرال هاربًا فى مأواه الآمن. ولايزال الرئيس اليسارى (المنصف المرزوقى) يُعانى من مؤامرات الإسلاميين ضده لشل يده عن تحقيق العدل والمساواة لكل المواطنين. إنّ الغنوشى رئيس حركة النهضة الإسلامية أحد معوقات (النهضة) بالمعنى العلمى، ومع ذلك كان صريحًا عندما حذرمن ((الفوضى وتحويل تونس إلى صومال جديدة)) وفى الدول الخمس يرتفع نفس خطاب التخوين والتكفيرضد كل معارضة بناءة. وهوذات الخطاب الذى لجأ إليه كل دكتاتورقبل الربيع المزعوم. وكما جاء الدستورالمصرى لتكريس الفاشية الدينية، قال الحقوقيون فى تونس أنّ مشروع الدستورالتونسى ((يحمل مواصفات الدكتاتورية الدينية)) ومع تزايد عنف الإسلاميين ضد خصومهم فإنّ الإسلاميين ((انتقلوا من عصرالتغييربالقلب إلى التغييرباليد)) والشرطة المُ
أعتقد أنّ الأمانة العلمية تقضى بالاعتراف بأنّ سطوالإسلاميين على ثورات الشعوب سببه ضعف حركة التنويرالليبرالية. بل ومغازلة الكثيرمن اليسارللإسلاميين. ومع افتراض حُسن النية فإنّ التوصيف العلمى هونوع من (الحول السياسى) الذى جعل الشاعرس.عيعترف بأنه أعطى صوته لمرسى (هربًا من شفيق) (أخبارالأدب- 6يناير2013) وجعل الإعلامى ح. ق
بعد كارثة الدستور الفاشى تعلم الشاب الحر الدرس وهتفوا ((المره دى بجد موش ح نسيبها لحد)) أى أنهم أدركوا خطأهم عندما تركوا الميدان مساء 11فبرايرالأسود . وهذا الإدراك (المتأخر) دليل