ليس من المنطق ولا من العدل أن يطلب من الكنيسة الاعتراف بالزواج المدني لأن الزواج في عُرف الكنيسة هو سر مقدس يتم بحلول الروح القدس، وبالتالي كيف يمكن للكنيسة أن تعترف بالزواج المدني!؟ خاصة ان المقترح هو أن يوضع ضمن قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين أي أنه خاص بالمسيحيين فقط، وبالتالي تكون الكنيسة راضية عنه إذا ارتضت تضمينه فى القانون.
الزواج المدني هو مسئولية الدولة وليس الكنيسة.. أنا شخصياً من أشد المؤيدين له بشرط وضوح الرؤية، بأن الزواج الكنسي والزواج المدني طريقين متوازين لا يلتقيا. فإذا قرر إنسان الطلاق مدنياً لا يجوز له أن يطالب الكنيسة بتزويجه بعد الطلاق، بل له أن يستمر في الطريق المدني..
إذا ما هي فائدة قانون للزواج المدني؟
الفائدة – في نظري، هي أنه إذا احتفظ الزوج والزوجة المتزوجين مدنياً بديانتهما المسيحية فإن الكنيسة تقبل أولادهما وتعمدهم، فالكنيسة لا يمكنها رفض قبول أي نفس للمسيح. وبذلك تكون الكنيسة قد أنقذت ما يمكن إنقاذه لأنه إن لم تفعل الكنيسة ذلك قد يلجأ البعض إلى إنكار المسيح كلياً لهم ولأولادهم في حالة إصرارهم على إنهاء زواج قائم وإقامة زواج ثان.
المشكلة في الواقع منحصرة في عدد قليل من الناس الذين يعانون من مشاكل في الزواج. الشئ الطبيعي عند وجود مشاكل غير قابلة للحل هو الإنفصال وحتى إذا انطوى ذلك على مشاكل نفقة أو حضانة أو… أو… فهي مشاكل يتم حلها – أو تكون غير قابلة للحل – عن طريق الأهل أو الأصدقاء أو الكنيسة أو المحاكم. ولكن يعيش كل زوج بعيداً عن الآخر ويتعايش مع المشاكل. ولكن عندما يريد أحد المنفصلين الزواج مرة أخرى – هنا تنشأ المعضلة فيبحث عن الطلاق. وعند حدوث الطلاق تعطي الكنيسة الطرف المظلوم تصريح بالزواج الثاني ولا تعطيه للطرف الظالم. إذا في النهاية المشكلة هي خاصة بالأشخاص الذين لا يريدون أن يكتفوا بالإنفصال بل يريدون زواج ثاني ويكونوا في نظر الكنيسة غير مؤهلين له.
اعتقد أنه في حالة الوصول لهذا الطريق المسدود فإن هؤلاء الاشخاص يكونوا قد فصلوا أنفسهم عن الكنيسة، فلماذا لا يتاح لهم زواجاً مدنياً ترعاه الدولة وليس الكنيسة التي هي مطالبة بالأساس بتنفيذ تعاليم الإنجيل؟ علماً بأن الباب مازال مفتوحاً أمام الأولاد للانضمام إلى الكنيسة.
أما عن القول بأن الزواج المدني سيفتح الباب أمام المسيحيين للخروج عن تعاليم الكنيسة التي هي تعاليم الإنجيل، فأعتقد أن الذين سيختارون الزواج المدني سيفعلون ذلك وهم بالفعل منفصلون عن الكنيسة، أي أن الأمر تحصيل حاصل. ولم نعهد في الكنيسة على مدى تاريخها الطويل اجبار أي شخص على أي شئ، فالمسيحية والكنيسة ليس فيها إجبار أو إكراه.
مختصر القول: الزواج الكنسي والزواج المدني طريقان — رغم المبررات الوجيهة لكل منهما — فهما لا يلتقيان بل ولا يجب أن يكون بينهما تلاقي.