أبناء مصر المغتربين فى الخارج يراقبون الأحداث فى مصر بعد ثورة 25 يناير، وكلهم أمل فى مستقبل أفضل لوطنهم الأم، ويعتبرون أنفسهم ثروة بشرية تستطيع مصر أن تنافس بهم الدول المتقدمة، والجالية المصرية فى رومانيا هى من الجاليات المتميزة فى الخارج، كيف ينظرون إلى مصر بعد الثورة وسقوط النظام وماذا يتوقعون فى الفترة المقبلة، وماذا عن تجربة زراعة القمح فى رومانيا التى توقفت بعد الإعلان عنها
عن هذا الموضوع نحاور الدكتور عبد الله مباشر نائب رئيس الجالية المصرية فى رومانيا.
*فى البداية كيف تابعت الجالية المصرية فى رومانيا أحداث الثورة فى مصر؟
الجالية المصرية فى رومانيا جالية مثالية ويضرب بها المثل فى الأخلأق والعمل والسمعة الطيية، وهى من أقل الجاليات العربية من ناحية المشاكل، حيث إن معظمها يحملون شهادات جامعية وأعلى من الجامعية، ويعملون بمهن وأعمال يشار لها بالبنان، والجالية المصرية برومانيا متماسكة ومترابطة
بالنسبة لأحداث الثورة سافرت إلى القاهرة يوم 25 يناير، ويوم 26 يناير كنت بالأوبرا مع وفد علمى من جامعة بيوتيرا الرومانية، وتم تكريمى من المعهد العالى للتربية النوعية، حيث قدم لى الدكتور زاهى حواس درعا تذكاريا، وحضرت فى ميدان التحرير يوم 27 ،28، ورجعت رومانيا يوم 02/2/2011 كما أننى كنت شاهدا على أحداث الثورة الرومانية عام 1989، وبعد الثورة تم عقد أكثر من ندوة لمناقشة ( الثورة المصرية)، وكان ذلك بوجود السفيرة سناء عطا الله سفيرة مصر برومانيا وكذلك اثتين من رؤساء رومانيا السابقين الرئيس يون اليسكو الذى قام بالثورة الرومانية 1989 والرئيس أميل كوستانتنيسكو رئيس رومانيا السابق، ونخبة من المثقفين العرب والأجانب.
كيف تنظرون للمستقبل السياسى فى مصر وما الذى تتطلعون إليه كجاليات مصرية فى الخارج؟
يجب استحداث وزارة للمغتربين وفصلها عن وزارة القوى العاملة ولعل ما طالعتنا به ثورة الشباب هي أنها أحيت فينا أملا في أن نكون مواطنين من الدرجة الأولي نحن أكثر من ثمانية مليون إنسان مصري ومصرية نعيش في الخارج بالخارج أي 10% من الشعب المصري، وهي نسبة كبيرة ومؤثرة في أي انتخابات، بين دول هجرة مؤقتة ودول هجرة دائمة لكن الجميع لا يتذكر أن هناك مصريين لهم حق في المواطنة وحق في هذه الأرض إلا عندما يكون السباق علي التبرعات أو المزايدة في انتخابات أو في زيارات وكلمات رنانة يطرب لها القلب لكنها لا تغني ولا تسمن، ونحن لم نخرج من وطننا إلا سعيا وراء حياة كريمة ويشهد الله كم نعشق تراب هذا الوطن وعلي استعداد للتضحية من أجله بكل ما نمتلك هذه كلمات ليست للاستهلاك المحلي بل هي حقيقة يشعر بها كل من اغترب عن هذه الأرض الطيبة، فإذا كان الدستور يكفل لنا الحق في المشاركة في الإنتخابات سواء بالتصويت أو بالترشح و ذلك حق دستوري بنص المواد 40 ، 52، 62 و 63 فكيف تحرمونا من حق مشرع بالدستور؟
وان المادة 75 المعدلة و التي تمنع الترشح لمزدوجي الجنسية أو للمتزوجين بغير مصريات، هي مادة معيبة، فكيف نحكم عليهم أن ولاءهم غير كامل لمجرد أنهم ولدوا في بلد آخر، إن ازدواج الجنسية في أحوال كثيرة يأتي لأن أم الشخص أنجبته في هذه البلد الأخرى فكيف نحكم عليه أن ولاؤه غير كامل . أو نحكم على الشخص أن ولاءه غير كامل قرر السفر للخارج.
إن دولة مثل رومانيا وهي من الدول المصدرة للعمالة مثل مصر، في الانتخابات الأخيرة، كان هناك في إيطاليا وحدها أكثر من 15 لجنة انتخابية لإشراك المواطنين في العملية الانتخابية في بلدهم و لحرص بلدهم واهتمامها بأصواتهم .
ويجب عدم الاستهانة بالثروات البشرية المصرية وهذا هو الفرق الجوهري بين مصرنا و دول أخرى فهي تستعين بثرواتها الخارجية والداخلية، وأعني هنا الثروات البشرية والمادية وتحترمها وتجلها وتستعين بها في نهضة الدولة في جميع المجالات وأولها التعليم، ويجب عدم التقليل من أهمية التحويلات المادية فهي تقترب من 50 مليار دولار سنوياً، وهو ضعف دخل قناة السويس، هذا غير المصريين الذين يأتون إلى مصر سنوياً للسياحة ما يبلغ الاثنين مليون سائح والدخل الذي يدرونه يقارب الثلاث مليون دولار سنوياً على أقل تقدير.
دعيني أقول لكي شئ مهم أننا لسنا عبء وهذا هو الفارق بين البلاد المتقدمة والبلاد النامية أنها تتعامل مع مواطنيها سواء في الداخل والخارج على أنهم عبء ولكن البلاد المتقدمة تتعامل مع مواطنيها على أنهم ثروة بشرية قيمة.
فنحن في بلادنا العربية لدينا البترول الذي يدر علينا الأموال الطائلة ومع ذلك لسنا متقدمين علمياً ولسنا في مصاف الأمم لأننا تركنا الاهتمام بالعنصر البشري وبالعلم والعلماء، نحن لدينا البترول ولكنهم لديهم العلم وهو ما يجعلهم متقدمين عنا .
. إن المصريين اكتسبوا احترام العالم أجمع وهذا شيء يجب أن نحافظ عليه، حيث إن الجميع أشاد بالثورة المصرية، وأصبحت تدرس عالميا، ويطلب منا كمصريين أن نحاضر عن ثورتنا بالجامعات والتجمعات الرومانية.
كان هناك تفكير لدى الحكومة فى مصر لزراعة القمح فى رومانيا، فلماذا لم تتكمل الفكرة وهل ما زالت متاحة؟
نحن كرابطة مصرية فى رومانيا قمنا بإعداد دراسة علمية كانت تتلخص في أن نشتري مساحات كبيرة من الاراضي في رومانيا بحق انتفاع 50 سنة، وأن يتم زراعتها بالقمح وتوريده إلي مصر بدلا من الاستيراد من الخارج، وكانت هذه التجربة ستوفر القمح لمصر بأسعار تقل بنسبة 40 % عن سعر استيراده من الخارج، وبتكلفة أقل أيضا من إنتاجه في مصر، حيث يتم زراعة القمح في شهر ديسمبر من كل عام حيث تتكون الثلوج التي توفر الرطوبة اللازمة للأرض وللأنبات بعد ذلك، ويتم الحصاد في شهري أبريل ومايو.
وتم عرض هذه الدراسة علي د. فايزة أبو النجا وزيرة التعاون الدولي وبدأت خطوات إيجابية في هذا الاتجاه لكن توقف كل شئ بسبب الضغوط الدولية من جانب الدول التي نستورد منها القمحو أن الدولة لم تكن ستتحمل أي تكلفة مادية في عملية شراء هذه الأراضي في رومانيا بل تتحملها مجموعة رجال الأعمال المصريين برومانيا، وكان لابد وأن توافق مصر علي المشروع، وأن تضمن لنا حصولها علي ناتج هذه الأراضي من القمح، وأن البعض أخذ يسخر من كيفية زراعة هذه الأراضي.
وأن الفرصة مازالت متاحة حتي الآن. وإن كان سعر الأرض قد بدأ يتزايد خاصة بعد دخول دول أخري لتنفيذ الفكرة، بالإضافة إلي دخول رومانيا في عضوية الاتحاد ال الأوربي وقد ساهم كل ذلك في ارتفاع أسعار كل شئ، ومع ذلك فالفرصة مازالت متاحة قبل الارتفاع الكبير للأسعار، وأن تنفيذ هذه التجربة والتي سبقنا إليها الآخرون ستعمل علي تأمين احتياجات مصر الاستراتيجية من القمح.