* البعض استفادو من القيامة والبعض قاوموا القيامة
* مثل الزارع وتطبيقه في مواقف الناس من القيامة
* بذار سقطت علي صخر
* بذار خطفها الطبر
* بذار في وسط الشوك
* بذار في أرض جيدة انتجت ثمار متفاوتة
ما أكثر المعجزات التي حدثت وقت صلب المسيح: الشمس أظلمت.. والأرض تزلزلت والصخور تشققت.. والقبور تفتحت وحجاب الهيكل أنشق..
ولكن هل استفاد الكل من هذه المعحزات! كلا انما استفادة كل إنسان تكون علي قدر استعداد فلبه..
لما تزلزلت الأرض آمن اللص, ولكن لم يؤمن الكهنة ورؤساؤهم ولما خرج الدم والماء من جنب المسيح, آمن القائد المائة وجنوده, ولم يؤمن قادة الشعب.
إن المسألة لا تتعلق بالمعجزة ومدي قوتها.. بل تتعلق بالأكثر بمدي استعداد قلب الانسان من الداخل ورغبته في الاستفادة.
في معجزة منح البصر للمولود اعمي آمن الرجل ولم يؤمن الفريسيون مع أن المعجزة واضحة القوة. بل ثاروا علي الرجل لما دافع عن المسيح الذي شفاه واخرجوا خارج المجمع يو 9, 24 وهكذا لما شفي المسيح صاحب اليد اليابسة, رفضوا أن يستفيدوا من المعجزة بسبب أن الرب شفاه في يوم السبت.. أن هذا كله يذكرنا بمثل الزارع الذي شرحه الرب.
لقد كان نمو الزرع يتوقف قبل كل شيء علي حالة الأرض: هل هي معجزة أم جيدة أم بها اشوك.. الزارع هو نفس الزارع والبذار هي نفس البذار.. ولكن الأرض التي تقبل البذار من الزارع تختلف في مدي جودتها وتقبلها للزرع الألهي..
وهكذا حدث في قصة القيامة, وفي قصة الصلب.. المعجزات موجودة ولكن الناس يخافون, منهم من استفادوا ومنه من لم يستفيدوا..
بذار علي أرض محجرة (علي صخر)
ان رؤساء الكهنة وقادة الشعب اليهودي شاهدوا الشمس قد اظلمت في وقت الظهر, وقت صلب المسيح.. ومع ذلك لم يستفيدوا. لأن قلوبهم كانت أشد ظلمة من الظلمة التي علي وجه الأرض.
بل إنه بعد هذه المعجزة التي آمن بسببها اللص اليمين وقائد المائة, ذهبوا إلي بيلاطس يقولون له عن المسيح ياسيد قد تذكرنا أن ذلك المضل قال وهو حي اني بعد ثلاثة أيام أقوم بضبط القبر إلي اليوم الثالث, لئلا يأتي تلاميذه ويسرقوه,ويقولون للشعب أنه قام من الأموات.. فتكون الضلالة الأخيرة أشر من الأولي (متي 24: 62 ـ 64)
وهكذا أخذوا معهم جندا, ومضوا وضبطوا القبر بالحراس وختموا النقبر ولم يبالوا أن يفعلوا كل ذلك في يوم سبت.. وهم الذين قالوا أن المسيح خاطيء لأنه شفي المرض في يوم سبت.
طالما تحسسوا السبت, وعادو المسيح بسببه, بل أنهم طلبوا كسر ال؟؟؟ وانزالهم , فلا تبقي الأجساد علي الصليب لئلا تنجس السبت.. حماس مجيب من أجل السبت!
ومع ذلك يأخذون معهم جنودا في ليلة السبت ويختمون القبر في ليلة السبت ويقيمون الحراس لحراسة القبر في السبت.. ولا يكون في كل ذلك خطية!!
وأكنهم قالوا في قلوبهم اذ ختموا القبر في السبت!! أما المسيح فإنه ــ بينما كانوا يختمون قبره ـ كان قد افرج عن المندبين من الجحيم, وفك اختام الفردوس المغلق, وادخل فيه الراقدين علي رجاء..
أما سهل علي الناس أن يلعبوا بضمائرهم كما شاءون.
هناك أشخاص ضمائرهم مكررة تتخرج علي أي وجه.. اينما انزلقت رست واستقرت!!. وقد كان رؤساء اليهود من ذلك النوع.
ولكن هذا الذي فعلوه كان ضدهم لا لهم, فلو لم يختموا القبر بانفسهم ويقيموا الحراس من قبلهم, لكان بإمكانهم أن يحتجوا فيما بعد ويقولوا أن التلاميذ قد سرقوا الجسد. أما الآن قد ضبطوا القبر بالحراس وختموه فماذا ينوون والقبر فارغ وقد قام المسيح بمجد عظيم, وخرج من القبر المختوم, كما خرج في ولادته من بطن العدراء وبتوليتها مختومة.
وبعد قيامة المسيح حدثت زلزلة عظيمة ولان ملاك الرب نزل من السماء وجاء ودحرج الحجر من الباب وجلس عليه, وكان منظره كالبرق ولباسه أبيض كالثلج. فمن خوفه ارتعد الحراس وصاروا كأموات (متي 27: 2 ـ 4)
فهل استفاد الحراس من هذه المعجزة! هل استفاد منها رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب! كلا لقد كانت البذار المقدسة قد وقعت علي رض حجرية.. صدق ابونا ابراهيم عندما قال ولا أن قام واحد من الموتي يصدقون (لو 16: 21).
ان كان يلتمس عذر للجند الأمميين الذين لا يعلمون شيئا عن المسيا ومجده فماذا عن الكهنة معلمي الناموس
المفروض فيهم أن يكونوا حريصون علي وصايا الرب وتنفيذها.
أنهم لما سمعوا بالقيامة من الجند, اعطوهم رشوة, ووضعوا كلام كذب في افواههم, وقالوا لم قولوا ان تلاميذه اتوا ليلا وسرقوه ونحن نيام.. وإذا سمع ذلك عند الوالي فنحن نستعطفه ونجعلكم مطمئنين. فأخذوا الفضة وفعلوا كما علموهم فشاع ذلك القول (متي 28: 11 ـ 15)
وهكذا لم يتسفيدوا من معجزة القيامة, بل زادوا شرا.
كذبوا وعلموا غيرهم الكذب. ولم يكن كذبا متقنة. سرقوه ونحن نيام!! فإن كنتم نياما, فكيف عرفتم في نومكم أن تلاميذه اخذوه؟! صحيح ان حبل الكذب قصير..
ولكنهم لم يكتفوا بالكذب بل الصقوا تهمة بغيرهم زورا وبهتانا, اذ الصقوا السرقة بالتلاميذ.. ودفعوا رشوة ليغطوا عملهم. واساءوا إلي سمعة الجند. وخدعوا الوالي. واضلوا الشعب كله, الشعب المخدوع فيهم..
وفي كل ذلك الضلال وصفوا المسيح بأنه مضل. وكأنهم يقولون عنه لبيلاطس: انقذ الناس من هذا المضل, لكيما نضلهم نحن!!
ان بذار معجزة القيامة, رذ وقت في قلوب اولئك القادة, انما وقعت علي الأرض معجزة, فلم تؤثر فيهم.. كان تفكيرهم في الحفاظ علي مناصبهم يطغي علي التفكير في ابديتهم.
وفي هؤلاء نري كيف ينحدر الانسان من خطية, في سلسلة طويلة من الخطايا إلي غير نهاية.
مبدأ خطاياهم هو محبة المجد الباطل.
وهذه المحبة قادتهم إلي الحسد, فحسدوا المسيح اذ كانوا يريدون ان يكونوا وحدهم في الصورة دون ان يقف إلي جوارهم أحد, فكيف بالاكثر هذا الناصري الذي غطي علي شهرتهم وكشف رياءهم.
وخطية الجسد قادتهم إلي التآمر, والتآمر قادهم إلي شهادة الزور في محاكمة المسيح, وهذا كله قادهم إلي القسوة في صلبه, وإلي تضليل الشعب كله. وموقفهم الخاطيء هذا قادم إلي الخوف. والخوف قادهم إلي ضبط القبر وختمه, مع كسر السبت, واشراك الناس في هذا الكسر وخطبتهم هذه ـ اذ فضحتها القيامة ـ قادتهم إلي الرشوة والكذب والتحريض عل الكذب وتضليل الناس وعدم الإيمان.
واذ ارادوا بكل هذا ان يكبروا في أعين انفسهم واعين الناس, اضاءوا انفسهم ولم يستفيدوا لاسماء ولا أرض.
انهم ارض محجرة.. خطبة يلفها الخوف.. كانوا يخافون المسيح حتي بعد موته.. كانوا يخافون قيامته لانها تهدم كل ما فعلوه. كانوايشعرون ان المسيح علي الرغم من قتلهم له ما يزال له عمل…
ان القاتل يخاف من القتيل ومن صوته…
وصدق علماء النفس عندما قالوا ان القاتل يحوم دوما حول مكان الجريمة.. وهؤلاء ايضا جعلوا يحومون حول مكان جريمتهم.
تلاميذ المسيح نسوا قوله انه سيقوم في اليوم الثالث اما أولئك الكهنة والشيوخ الخائفون من المسيح فلم ينسوا
قالوا لبيلاطس, تذكرنا ان ذلك المضل قد قال اني بعد ثلاثة ايام اقوم… عجيب انهم تذكروا هذه العبارة, ولم يتذكروا قولهانا والأب واحد (يو 10: 30) ولم يتذكروا أنه عمل اعمالا لم يعملها احد من قبل.. لم يتذكروا اقامته للعازر بعد موته بأربعة ايام, ولم يتذكروا منحه البصر للمولود اعمي.. تذكروا قيامته, لان فكرة القيامة كانت تغلق افكارهم وتزعجهم… فارتكسوا ما ارتكبوه لكيما يتخلصوا منها.
انهم عينة تعطينا فكرة عن البذار التي وقعت علي الأرض المحجرة. وهناك عينات اخري منالارض…
بذار وسط الشوك:
هناك بذار وقعت علي ارض فنبتت ثم خنقها الشوك, ابرز مثل لها في حوادث القيامة هو مريم الجدلية.
أما عن تأثير القيامة في نفوس تلاميذ المسيح, فكان يشبه البذار التي اكلها الطير؟؟؟ إلي التلاميذ هو شيطان الشك الذي خطف ايمانهم وطار. فكيف حدث ذلك!
وكيف حولهم المسيح إلي جسدة نبت مائة؟ وكيف رد الإيمان إلي قلوبهم وقلب المجدلية. هذا ما سنشرحه الآن…
بذار خطفها الطير:
كم كان اقصي علي قلب الرب ان يحدث ما حدث…
حتي تلاميذه الاحد عشر شكوا في قيامته, ولم يصدقوا…
ولكنه لم يقابل هذا الشك باللوم, وانما بكل حب احتضن ضعفهم, وعالج شكهم بالاقناع.
* ذهبت اليهم مريم المجدلية واخبرتهم بقيامة الرب فلما سمع اولئك انه حي وقد نظرته لم يصدقوا (مر 16: 11).
* ولما رجع النسوة من القبر, واخبرتهم بقيامة الرب وتراءي كلامهم لم كالهذيان ولم يصدقوهن (لو 24: 11).
* ولما ظهر الرب لتلميذي عمواس ذهب هذان واخبرا الباقين فلم يصدقوا ولا هذين (مر 16: 21)
* وحتي عندما ظهر لهم الرب بنفسه, لم يصدقوا انه قام بل جزعوا وخافوا وظنوا انهم نظروا روحا 0لو 25: 37).
كانت بذار الايمان التي القاها الرب في ارضهم, قد اختطفها شيطان الشك وطار بها. فاضطر الرب ان يتنازل إلي ضعفهم ليقنعهم بقيامته.
هكذا تصرف مع تلميذي عمواس البطيئين في فهمهما, اذ ابتدا من موسي, ومن جميع الأنبياء يفسر لهما الأمور المختصة به في جميع الكتب (لو 24: 27)… وظل بهما حتي انفتحت اعينهما وعرفاه وذهبا فقالا للاحد عشر.
وهؤلاء الاحد عشر ايضا تنازل الرب إلي ضعفهم. وقال لم ما بالكم مصطربين ولماذا تخطر افكار في قلوبكم انظروا يدي ورجلي, اني انا هو. جسوني وانظروا فان الروح ليس له لحم وعظام كما ترون لي (لو 24: 39,38). واذ بالرب الذي قام بحسد ممجد, يتنازل لاقناعهم فيقول لهم اعندكم ههنا طعام!.
فقدموا له جزء من سمك مشوي وشيئا من شهد العسل. فاخذ واكل قدامهم (لو 24: 43).
ولما كان نوما غائبا , ظهر له الرب خصيصا ليعالج شكه ويقدمه…
وظل الرب بهم حتي آمنوا, وتثبتوا, واستمر يريهم نفسه حيا ببراهن كثيرة (1 ع 1: 3) ولم يتركهم.
مكث معهم اربعين يوما, يظهر لهم, ويحدثهم عن الامور المختصة بملكوت الله وطرد عنهم الطير الذي يخطف بذارهم. وحولم الي ارض جيدة. تنبت ليس ثلاثين فقط او ستين بل مائة. وصار الايمان فيهم شجرة كبيرة مثمرة بكل نوع ثمر صالح.