والقيامة بالجسد تعطينا فكرة ـ نحن البشر ـ عن القيامة بالروح, فإن كانت الخطية موتا, تكون التوبة قيامة.. كما قال الأب عن عودة ابنه الضال ابني هذا كان ميتا فعاش (لو 15: 24), وكما نقول في القداس الإلهي أعطيتني القيام من سقطتي وكما قيل في سفر ميخا النبي لا تشمتي بي ياعدوتي, فإني إن سقطت أقوم (ميخا 7: 8), وكما يقول الرسول استيقظ أيها النائم, وقم من بين الموات فيضيء لك المسيح (1 ف 5: 14) ويقول الرسول أيضا ونحن الأموات بالخطايا, أحيانا مع المسيح (أف 2: 5).
هذه هي القيامة الروحية التي نتذكرها أيضا في هذه الأيام فنتذكر الحياة في التوبة.
وهكذا تصلي وتقول للرب أعطني القيامة من سقطتي أنشد في أذني أنشودتك الحلوة التي تقول ابني هذا كان ميتا فعاش.
وإذ نتذكر قيامة المسيح وفرح التلاميذ بها.أتذكر بيتين من الشعر كتبتهما تحت صورة القيامة في أواخر الأربعينيات وهما:
قام المسيح الحي هل/
مثل المسيح تراك قمت
أم لا تزال موسدا/
في القبر ترقد حيث أنت
إنهما نوعان من القيامة, قيامة السيد المسيح هي قيامة الجسد, وقيامتنا نحن هي القيامة من سقطة الجسد, أو من سقطة الروح أيضا وحدها أو مع الجسد.
اللص اليمين قام من سقطته لذلك استطاع أن يتمتع مع المسيح في الفردوس (لو 23: 43) ويفرح من هناك في يوم سبت الفرح وأعطانا مثالا عن الفرح مع الرب عن طريق التوبة وعبارة نحن بعدل جوزينا (لو 23: 41).
نقطة أخري عن هذه الفترة التي قضاها التلاميذ مع الرب بعد القيامة, وهي أنها كانت فترة إعداد للخدمة.
لأنهم قبل ظهور المسيح لهم, كانوا في خوف من اليهود, وقد أغلقوا علي أنفسهم في العلية وما كان ممكنا لهم وهم في هذه الحالة أن يخدموا الرب, فلما ظهر لهم الرب بعد قيامته, أعطاهم الثقة والفرح والشجاعة التي استطاعوا بها فيما بعد أن يقولوا لرؤساء اليهود ينبغي أن يطاع الله أكثر من الناس (أ ع 5: 29).
وكانوا أيضا في شك فلما ظهر لهم الرب وأثبت لهم قيامته, وعاش معهم الأربعين يوما يحدثهم عن الأمور المختصة بملكوت الله, أزال منهم كل شك, وغرس في قلوبهم الإيمان الذي نادوا به في كل مكان, ومن مشارق الشمس إلي مغاربها, بلغت أقوالهم (مز 19).
كما أنه أعطاهم التعليم الذين سينقلونه إلي كل الناس, ولذلك قال لهم قبل صعوده اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به (مت 28: 19, 20), وهذا الذي قد أوصاهم به, كان في هذه الفترة في الأربعين يوما.
لقد قواهم المسيح من الداخل, وقال لهم في وعد بقوة مستقبله ولكنكم ستنالون قوة متي حل الروح القدس عليكم, وحينئذ تكونون لي شهودا…
(أع1 : 8) ومنح سلطان الكهنوت والتعليم والمعمودية (يو 20: 22, 23) (مت 28: 19, 20) وأهلهم للخدمة وتحقق فيهم قول المرتل في المزمور إن سرت في وادي ظل الموت لا أخاف شرا لأنك أنت معي (مز 23).
هذه القوة, وكل هذا الإعداد للخدمة هي بعض من روحيات الأربعين يوما التي قضاها التلاميذ مع الرب.
أتريد أن تأخذ من روحيات تلك الأيام خذ هذه القوة وعدم الخوف, والشهادة للرب في كل مكان وأمام كل أحد.. والاستعداد للخدمة.
وقد يقول أحد: أنا لست خادما, أو تقول امرأة أنا لست بخادمة!! كلا إن الخدمة ليست هي مجرد التعليم في الكنيسة وإنما هناك مجالات أخري عديدة للخدمة.
اخدموا الرب عن طريق تعليم أطفالكم الأمور المختصة بملكوت الله وتدريبهم علي الحياة الروحية.
فأنتم مسئولون عنهم أمام الله, وأمام الكنيسة, وأمام المستقبل, إن الأمهات والجدات هن اللائي غرسن الإيمان في قلوب أطفال روسيا, حينما كانت الكنيسة تقاسي من ضغوط الشيوعية الملحدة لمنعها عن التعليم.
ليس فقط واجب الأسرة أن تعلم أطفالها طريق الرب وإنما أيضا أن تدربهم علي الروحيات.
وأيضا تأتي الخدمة عن طريق تقديم القدوة الصالحة.
إنها فترة إعداد للخدمة فإن لم تكن لكم المعرفة اللازمة للخدمة, اقرأوا وادرسوا, لكي تعلموا أولادكم.. في هذه الفترة نفخ السيد في تلاميذه وقال لهم.
اقبلوا الروح القدس.. (يو 20: 22).
فإن قد قال لهم ذلك في مجال الكهنوت, فعلي الأقل ـ بالنسبة إليكم ـ ليكن الروح القدس عاملا فيكم لتقديسكم من الداخل, ولتقويتكم علي عمل الخير في كل مجال, قل له يارب: إنني قد أخذت الروح في سر الميرون… ولكني أريد إشعال قوته في, لكي أدخل في شركة الروح في كل عمل…
إن قال أحد: إن فترة الخماسين ليس فيها صوم ولا مطانيات, نقول له: ولكن هذه الفترة فيها الصلاة والمزامير, والقراءة والتأمل, والتداريب الروحية علي كل فضيلة, وفيها أيضا الاعتراف والتناول.. إلخ.
حاول مثلا أن تعوض المزامير التي لم تقلها طول أسبوع الآلام.
استغل هذه الفترة في صلاة أكثر بالمزامير, وأيضا في حفظ المزامير وترديدها في مناسبات عديدة وفي التأمل في المزامير والتعمق في معانيها.
وإن كنت في أسبوع الآلام قد تدربت علي ترديد صلاة مرات عديدة جدا وهي شبحة البصخة لك القوة والمجد والبركة والعزة إلي الأبد آمين… حاول بنفس الأسلوب أن تختار لك صلاة معينة تناسب قلبك ومشاعرك وترددها بنفس الأسلوب حتي تصبح جزءا راسخا في فكرك.
بالمزامير والصلوات المتكررة تحفظ عقلك مع الله.
وتربط عقلك بتأملات روحية وتدخل في عمق كل عبارة وفي روحياتها, وتطبقها علي حياتك وتأخذ منها غذاء روحيا ليس في وقت الصلاة فقط وإنما في حياتك بصفة عامة, فينشغل عقلك بالصلاة حتي إن توقف لسانك يبقي عقلك مرددا لها.
أمامك أيضا فرصة للقراءة الروحية
مع إعطاء عقلك فرصة للتأمل
هناك ملاحظة أخري أقولها لكم بمناسبة عدم وجود صوم في فترة الخماسين وهذه الملاحظة هي:
عدم الصوم ليس معناه التسيب في الأكل
ليس معناه أن تأكل بلا ضابط!! أو تأكل عشية وباكر ووقت الظهر, وفيما بين الوجبات وبكمية تجلب للبعض أمراضا.. كن إذن حريصا في نوعيات أكلك وكمياتها, والفوائد الروحية التي حصلت عليها في الصوم الكبير كله وأسبوع الآلام بوجه خاص.. لا تفقدها. وليكن الرب معك في إفطارك كما في صومك.