إن مريم العذراء التي رُفِعَت بنعمةِ الله، بعد إبنها، فوق مصاف الملائكة والقديسين والبشر بوصفها أُمُّ الله الفائقةِ القداسة. واشتركت في أسرار المسيح أي في سريّ التجسد والفداء، لذا تكرمها الكنيسة بحق تكريماً خاصاً. وتطلق عليها لقب ” أم الله ” لأن المسيح كلمة الله المتجسّد في احشائها هو اقنوم إلهي.
بهذه الكلمات نفهم قول اليصابات الذي نطقت به بإلهام سماوي عندما ذهبت إليها العذراء مريـم لتخدمها للحال قالت اليصابات : ” من أين لي أن تأتيني أُمُّ ربي ؟” (لوقا ١ : ٤٣). فالقول أنَّ مريم هي ” أُمّ الله ” هو من حقوقها لإن الولادة لا تقوم بتكوين الجسم ووضعه فحسب، بل في شخص المولود صاحب الجسم.
ومريم إذ حملت ووضعت يسوع، فإنها وضعت شخصاً كاملاً بطبيعته الإلهية والإنسانية مع خواصهما بلا اختلاط ولا إمتزاج.
وقد آمنت الكنيسة بهذه الحقيقة منذ بداية نشأتها ، لذلك قال القديس مار افرام السرياني : ” إنَّ عظامي لتصرخ من القبر: إن مريم ولدت الله، وإن شَكَكَت في ذلك فلترذلني الحقيقة، وإن خامر نفسي بعض الشك أو أي تردد، فليقض عليَّ بالنار الابدية ” .
وإنطلاقاً من هذه الحقيقة حثّت الكنيسة على تكريم ومحبة العذراء مريم والتوسل إليها والإقتداء بها.
وهذا التكريم الرائع لمريم وإن كان فريداً من نوعهِ إلاّ أنّهُ يختلف إختلافاً جوهرياً عن تكريم العبادة الذي نؤديه للكلمة المتجسد مع الاب والروح القدس.
كما ان إكرامنا لمريم هو في نهايةِ الأمر إكرام لإبنها، وحُبّنا لها هو إنتماؤنا لابنها وثقتنا به .
يا ام الله صلي لأجلنا.