إن الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد، هو أساس إيماننا، ومنه تستلهم الكنيسة تعليمها وطقوسها وصلواتها. وقد نظن للوهلة الاولى أننا لن نجد أثراً لمريم او تنويها بها في العهد القديم، والحقيقة هي بعكس ذلك.
فحبّنا وإكرامنا لمريم له جذوره المتأصلة في الكتاب المُقدّس . لأن أسفار العهد القديم تصف تاريخ الخلاص كتمهيد لمجيء المسيح إلى العالم، وترسم لنا صورة تزداد وضوحاً شيئاً فشيئاً لأم الفادي. وتظهر ملامح هذه الصورة من خلال النبؤة. ففي الوعد الذي قطعه الخالق لأبوينا الأولين على أثر سقوطهما، نرى صورة مريم في المرأة التي تسحق رأس الحية ( تكوين ٣ : ١٥ ). وفي سفر المزامير نسمع داؤود النبي يتغنى بجمال الملكة القائمة في المجد عن يمين الملك الجالس على عرش لا تزعزعه الدهور ” من بينِ كَرائِمكِ بناتُ الملوك، قامت مَلِكَةٌ عن يَمينِكَ بذَهبِ أُفير ” (مزمور ٤٥ [٤٤] : ١٠). ونرى اشعياء النبي يتهلل للنور المنبثق من العذراء ليضيء حياة الشعب السالك في الظلمة فهي آية قدرة الله. فيقول: “ها ان العذراء تحبل وتلد ابناً ويدعى اسمه عمانوئيل ” (اشعياء ٧ : ١٤)
وهي التي تبرز بين الودعاء والمساكين المختصين بالرب الذين يرجون منه الخلاص بثقة وأمل.
وتمت الأزمنة اخيراً بوصفها الإبنة المصطفاة بعد طول إنتظار الوعد، فأخذ ابن الله منها طبيعته البشرية ليعتق الانسان من الخطيئة “فلما تمّ الزمان، أرسلَ اللهُ ابنَه مولوداً لإمرأةٍ، مولوداً في حُكمِ الشريعة، ليفتَدي الَّذِينَ هم في حُكمِ الشريعة” ( غلاطية ٤ : ٤ – ٥ ) .
فكم علينا ان نتعمق في قراءة الكتاب المقدس، ونتأمل في معانيه ورموزه، ونستقي منه علم الروح والخلاص. فلنطلب من مريم أن تنير أفكارنا لنفهم المعاني السامية الموجودة في الكتاب المقدس.