إن مريم العذراء ” قدّيسة “بكل معنى الكلمة.
فهي الوحيدة بين الخلائق، صانها الله بنعمة خاصة منه، من كل خطيئة.
وقد تجاوبت بدورها مع موهبة الله السامية الفريدة، فعاشت بكمال القداسة دون أن تخطأ البتة، وأصبحت لذلك مرآة للقداسة و للفضائل الإلهيةِ والإنسانيةِ كافةً.
فحياتها كُلَّها إيمان بالله وثقة بتصميمه الخلاصي وطاعةً تامة لتدابيره ” أنا أَمَةُ الرَّبّ، فليكُن لي بحسب قولِكَ ” ( لوقا ١ : ٣٨ ) ، وحب لا حدود له، وعطاء بدون قيد أو شرط.
فهي المثال الأسمى للمؤمنين ليقتدوا بها ويسيروا على خُطاها في طريق القداسة : “فكونوا أنتم كاملين وقدّيسين، كما أنَّ أباكُمُ السماويّ كاملٌ وقدوس” ( متى ٥ : ٤٨ ).
ولما كانت مريم هي أكثر شبهاً بإبنها من جميع خلق الله يتضح من ذلك أن عبادتها هي، دون ريب، أنجح وسيلة ليتشبه الإنسان بالفادي فيزداد حُباً له، بحيث يصح، لكُلِّ منا، أن يقول بلا إنقطاع ، إني ما عدت أنا أحبُّ مريم، بل هو المسيح الذي يحبُها فيَّ.
لقد حثَّ آباء الكنيسة في مواعظهم، والأحبار العظام في إرشاداتهم الرسوليّة على الإقتداء بالأّمِّ الكلية القداسة متخذين إياها مثالاً أعلى للفضائل الروحية يتشبهون بها في حياتهم وفي أعمالهم وأقوالهم، فلنجدّد العزم على السير في أثر مريم.