في سفر الرؤيا، وهو آخر الكتاب المُقدّس من العهد الجديد، كتبه القديس يوحنا خاتماً به الوحي الإلهي. يصف الرسول الملهم الصعوبات التي جابهت تلاميذ المسيح في نشر الرسالة، والمحن التي سيتحملها أبناء الكنيسة عبر الاجيال
” فشهِد يوحنا بأن ما رآه هو كلمةُ اللهِ وشهادةُ يسوعَ المسيح . طوبى للذي يَقرأُ وللذينَ يَسمَعونَ أقوالَ الّنبوءَة ويحفظون ما وردَ فيها ، لإنَّ الوقتَ قدِ اقترب “( رؤيا يوحنا ١ : ٢ – ٣ ) . ونلاحظ أن معظم ما جاء في هذا السفر ورد بصيغة صور تنبؤية ، وقالَ لي : ” لا تَكتُمِ الأقوال النبوية التي في هذا الكتاب، لإنَّ الوقتَ قدِ اقترب” ( رؤيا يوحنا ٢٢ : ١٠ ) .
وتلفت أنظارنا صورة رائعة عن قتال مستميت بين تنين مخيف وإمرأة فائقة الجمال والحسن ملتحفة بالشمس وتحت قدميها القمر وعلى رأسها إكليل من إثني عشر كوكباً، وهي حُبلى تصيح وتتمخض وتتوجع لتلد. وقد وقف التنين قبالة المرأة ليبتلع الوليد، فولدت ولداً ذكراً اختطفه الله إلى عرشه ( رؤيا يوحنا ١٢ : ١ – ٥ ).
إن هذه الصورة تُعيد إلى الأذهان ما حدث بين الحية وابوينا الأولين آدم وحواء كما وردت في العهد القديم.
ففي الصورتين نلقى صراعاً مروعاً بين الخير والشر، بين الموت والحياة.
يتغلّب الشرّ في الصورة الأولى فيسقط آدم، وينتصر الخير في الصورة الثانية فتحيا البشرية بآدم الجديد يسوع المسيح ” سمعتُ بعد ذَلِكَ أناشيد الظفر مِثْلَ صوتٍ عظيمٍ لجمعٍ كثير في السماءِ يقول : ” هَلِّلويا ! الخلاصُ والمجدُ والقُدرَةُ لإلهنا ، فحقٌ وعدلٌ أحكامُه ” ( رؤيا يوحنا ١٩ : ١ – ٢ ) .
فالمرأة في الرؤيا ترمز إلى شعب الله وإلى مريم العذراء التي بنعمة خاصة من الروح القدس حقّقَت مخطط الله الخلاصي بإبنها يسوع. وكما إرتفعت المرأة فتخلصت من التنين. هكذا إرتفعت مريم فوق خلائق الله لترفع معها الكنيسة الى السماء منتصرة على الشر ” افرحي أيّتُها السَّمَوات ، وافرحوا يا سُكَّانها ، الآن حصلَ خلاصُ إلهِنا وقُدرَتُه ومُلكُه وسُلطان مَسيحِه ” ( رؤيا يوحنا ١٢ : ١٠ – ١٢ ).