– أنادي بوحدة الكنائس.. فلدينا ما يجمعنا أكثر بكثير مما يفرقنا
– الشعب سبق القيادات الكنسية في التقرب
– نحن سنسر أن نعمل مع الكنيسة الأرثوذكسية وتحت قيادتها فهي الكنيسة الأم
– “إرجع كنيستك”.. هكذا نخاطب الشباب.. فقضيتنا ليست جذبهم للكنيسة الإنجيلية ولكن جذبهم للمسيح.
ذهبنا إلى الكنيسة الإنجيلية بقصر الدوبارة حسب موعدنا لنجده فاتحاً باب مكتبه بل وباب قلبه أيضا..إنه القس الدكتور سامح موريس، راعي الكنيسة الإنجيلية بقصر الدوبارة، ذهبنا وفي جعبتنا ملفات عديدة تشغل الرأي العام الكنسي، وكذلك أهم الخدمات التي تقدمها كنيسة قصر الدوبارة للمجتمع المصري، وكواليس برنامجه الأشهر “مدرسة المسيح”، كما لم يمانع أن نبحر في حياته الشخصية لنعرفي الكثير عن طفولته وعائلته.. وإلى الحوار:
كنيسة قصر الدوبارة.. منارة داخل المجتمع
“الكنيسة الانجيلية بقصر الدوبارة” منارة في بناء المجتمع المصري.. حدثنا عن دورها في خدمة المجتمع بشكل عام والمجتمع الكنسي بشكل خاص؟
اتخذت الكنيسة الإنجيلية بقصر الدوبارة منذ سنوات شعار “الكنيسة التي بلا أسوار”، حيث أن الكنيسة الأولى لم تكن مبنى بل كانت مجموعة من الناس تعيش وسط المجتمع وتجسد المسيح في مجتمعها وفي زمنها. والسيد المسيح عندما أرسل التلاميذ قال لهم “اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم” فلم يقل لهم: امكثوا في مكانكم ودعوا الناس يقبلون إليكم. لذلك يجب أن تعيش الكنيسة لغيرها خارج نفسها وهذا ما تنتهجه الكنيسة الإنجيلية بقصر الدوبارة. ومبدأ الخروج خارج الذات تكلم به الله لنا، وقال لنا عندما تصلون صلوا للبلد وليس لأنفسكم، لذلك في اجتماعات الصلاة في الكنيسة الإنجيلية بقصر الدوبارة، نضع العلم ونصلي لمصر.
في البداية كنا نصلي كثيراً ولم نعلم ماذا نفعل لكي نخدم الناس، ثم بدأت تتوالى الفرص ونجد الله يدفعنا نحو هدف معين، فهو الذي دفعنا إلى خدمة الإدمان وخدمة المجتمع بالرياضة وتأسيس مستشفى “أمون” وكذلك خدمة “لؤلؤة” لخدمة الفتيات اللاتي تم الاعتداء عليهن.
فالصلاة جعلت الله يلقي لنا من الحين إلى الآخر بطرف خيط لنجد في آخره شبكة طويلة نستطيع أن نخدم بها المجتمع، ونكون موجودين خارج أسوار الكنيسة.
كيف بدأت الكنيسة الانجيلية بقصر الدوبارة خدمة علاج الإدمان؟
بدأنا خدمة الإدمان عندما فوجئنا في أحد مؤتمرات الشباب بخمسة مدمنين يحضرون المؤتمر معنا.. فلم نكن نعلم ماذا نفعل مع هؤلاء، ولكن صلينا كثيراً حتى تاب الخمسة شباب، وأعطوا حياتهم للمسيح وتوقفوا عن الإدمان، ولكي نحافظ على الشباب الخمسة قمنا بتأجير شقة وأخذناهم إليها وكنا نتناوب عليهم إلى أن تعافوا تماماً، وكان ذلك في عام 1988م تقريباً. ثم جاءت لنا سيدة تريد التبرع بقطعة أرض في وادي النطرون، فأخذناها وبنيناها.. وبدأت الخدمة هناك بعشرة مدمنين ولكن أصبح لدينا الأن ألف سرير يستطيع إخراج ألفي متعافي في السنة، وقد كانت هذه الخدمة متاحة في البداية للمسيحيين والأن هي متاحة لغير المسيحيين أيضا، كل هذا كان بدافع من الله وبإرشاد منه دون أن يكون لنا قصد فيه .
وماذا عن خدمة المجتمع بالرياضة؟
كنت مسافر لأحد البلدان ورأيت فكرة إقامة مخيمات للشباب تستطيع تغيير حياتهم وطلبت من الله: “أنا عايز من ده يا رب” فبعدما أخذنا أرض وادي النطرون اشترينا الأراضي التي حولها وبدأنا نبني مكان لهذه الخدمة، وفي عام 2003 بدأنا بمعسكرات الرياضة للمسيحيين ثم للمسلمين أيضا، وبدأنا نخدم المجتمع بالرياضة، قأقمنا معسكرات اليوم الواحد ثم معسكرات لمدة أسبوع ثم معسكرات ألعاب الأطفال ومعسكرات العائلات، ولدينا برنامج آخر يدعى marriage encounter ، حيث يعمل على مصالحة الأزواج ليعود الزوجين المنفصلين بعد هذا المعسكر ليقضيا شهر عسل من جديد.. وبعد ذلك عملنا معسكرات الأب والطفل للآباء الذين ليسوا على علاقة جيدة بأولادهم حيث يتم عمل ألعاب مشتركة بين الآباء والأبناء لنعيد جو الألفة والمصالحة بينهما، وفي النهاية نجعل كل طفل يكتب خطاب لأبيه والعكس، وكنا نجد بعد هذه الخطابات انهيارات ودموع من الطرفين ليتعهد كل آب وابنه أن يعيشا معا في حب .
واستطعنا أن نكتشف أن الرياضة مؤثرة جدا ونستطيع أن نصل بها – ليس فقط للشباب بل للمجتمع كله، وهذه الخدمة لا نقدم بها شئ عن المسيح ولكن نقدم بها قيم ومواد تدور حول كيفية المصالحة مع النفس ومع العائلة، وتلك الخدمة متاحة للمسيحيين وللمسلمين أيضا. ويوجد إقبال عالي على تلك المعسكرات، فعندما أعلنا هذا العام عن فتح باب الحجز لهذه المعسكرات تم حجز كل الأماكن في ست ساعات بل وكان لدينا قائمة انتظار كبيرة.
وما هي خدمة لؤلؤة؟
“لؤلؤة” هي خدمة تقدم للفتيات اللاتي تم الاعتداء عليهن.
كيف استثمرت الكنيسة الإنجيلية بقصر الدوبارة الثورة لخدمة المجتمع؟
بعد الثورة أعطانا الله نعمة في أعين الناس، فاصبحنا نقوم بعمل إفطار رمضان، وحتى وقتنا هذا نحن نجني ثمار هذه الفترة.
ويعود ذلك لأنه في عام 2010 حدثنا الله بأنه سيحدث شئ عظيم في مصر مع بداية العام الجديد فكنا نصلي كثيرًا، وفي أخر شهر في السنة بالتحديد كنا نصلي كل يوم منذ العاشرة مساءً حتى السادسة صباحاً.. وفي رأس السنة احتفلنا وكنا على يقين أنه سيحدث شيء مختلف ولكننا لا نعلم ما هو وبعد أيام حدثت الثورة. وكنا على استعداد أن نقدم أي خدمة أو مساعدة فقررنا فتح أبواب الكنيسة لعمل مستشفى ميداني، وهذا كان من الممكن أن يعرض الكنيسة للخطر ولكننا لم نستطع أن نقف ونكتفي بمشاهدة الموقف من بعيد لأن هذه بلدنا وهؤلاء أهالينا، فقد كنا نقوم بمعالجة الثوار من الباب الرئيسي ونعالج الجنود من الباب الخلفي.
وأصبحت الكنيسة الإنجيلية بقصر الدوبارة يراها العالم كله في بث مباشر على شاشات التليفزيون على مدار الأربعة وعشرين ساعة، كما كانت الكنيسة في ذلك الحين ملتقى للصحفيين والأدباء والمسئولين.
وتمت دعوتنا في ثاني أسبوع من الثورة للصلاة في الميدان كما يصلون أخواتنا المسلمين به، وبالفعل أرسلنا فريقاً ليصلي ويرنم وكان معنا شباب من الكنيسة الأرثوذكسية وأعضاء من المجلس الملي، فأردنا أن نقول أن الكنيسة كلها تصلي من أجل سلام البلد. وبالفعل عمل هذا تغييراً كبيراً جسد للجميع أن الكنيسة نسيج من المجتمع وأنها لن تغلق أبوابها أمام أحد في الأزمة. وكذلك في الموجة الثانية من الثورة فتحت الكنيسة أبوابها ومثلها كنائس أخرى حولنا وفي لحمة جميلة وكان لسان حال الجميع يقولون أن هذه هي المدينة الفاضلة.
خدمة الشباب داخل الكنيسة
خدمة الشباب.. والمؤتمرات
خدمة الشباب من أحب الخدمات لقلب القس سامح موريس.. حدثنا عن تلك الخدمة؟
بالفعل أنا قضيت أكثر فترات خدمتي في خدمة الشباب وأنا أطلق على هذه الفترة العمرية “الجولدن ايدج” أو العصر الذهبي.. بداية من سن ٦سنوات حتى ١٨ سنة، فهي أكثر فترة عمرية ضمير الشخص يكون فيها يقظاً، يشعر بالخطأ، كما أنه في هذه الفترة يبحث دائما عن التغيير، فلذلك ننتهز هذه الفئة العمرية حتى نعرفهم ربنا. كما أن الشباب في ذلك الوقت يكون لديهم حماس أقوى. ولكن بعد الثورة عزف الشباب عن حضور الاجتماعات وبعدوا تماما عن الكنيسة، فلذلك جاءت فكرة جذبهم بمؤتمرات وأيام تحدثهم بلغتهم كلغة الرياضة ولغة الموسيقى، وبعدما نحدثهم بلغتهم فيع ودون ويتوبون ويقتربون إلى الله، فمهما كان الشاب يعيش في النجاسة فنحن نجعله يتوب ويبدأ بداية قوية مع ربنا.
“احسبها صح” من أكثر المؤتمرات الجاذبة للشباب المسيحي.. ولكنها تواجه إتهاماً بأنها تهدف لجذب الشباب للكنيسة الإنجيلية فما ردك؟
نحن نعلن في هذه المؤتمرات والأيام الروحية بشكل صريح وواضح قائلين: “أرجع كنيستك” ولكن نطلب من الذين ليس لهم كنيسة ملئ كروت وتركها لنا لمتابعتهم، وأتذكر أننا في مرة بعد أحد الأيام بأسيوط أعطينا الكروت للكاهن الأرثوذكسي بالمنطقة وطلبنا منه متابعتهم، فليس الهدف على الإطلاق جذبهم للكنيسة الانجيلية فنحن لا نتحدث عن العقيدة ولكني أدعوهم للعودة إلى ربنا، فالقضية ليست قضية طائفة ولكنها قضية جيل نريد أن نحتضنه داخل كنائسنا.
هل يمكن أن نرى قريبًا مؤتمراً للشباب بين الكنائس المختلفة؟
نحن ندعو جميع الكنائس في كل مهرجان نعده بجميع المحافظات، وبالفعل الكنيسة الكاثوليكية انضمت لنا في كثير من المناطق، ولكن مازالت الكنيسة الأرثوذكسية متحفظة بالرغم من أننا سنسر جدًا أن نعمل معها وتحت قيادتها لأنها الكنيسة الأكبر والكنيسة الأم، وهذا ما حدث بالفعل في يوم الصلاة الموحد يوم ١١ نوفمبر عام 2011، فهذا اليوم كان تحت قيادة وتنظيم الكنيسة الأرثوذكسية، ونحن اشتركنا معهم ولم نصعد على المنبر.
كيف تعمل الكنيسة الإنجيلية على ترسيخ مبدأ المواطنة بين الشباب وزرع الإنتماء لديهم؟
إذا صلى الشباب لمصر سيحب مصر وينتمي لها، لكن إذا لم يحب الشباب مصر سيظلوا يشعرون بالغربة داخلها.. فشعب كنيسة قصر الدوبارة أكثر وطنية لأنهم دائما يصلون من أجل مصر، فالشئ الذي تصلي من أجله ترتبط به نفسيًا، والحل هو عدم الوعظ ولكن الصلاة والصلاة تولد حب.. الكنيسة أدواتها غير أدوات العالم، فالكنيسة أدواتها الصلاة والاقتناع والحق وليس أدواتها إجراءات، والكنيسة لها سلطة روحية إذا مارستها تصل لما تريده، فعندما نصلي من أجل مصر ونرى أن الله يستجيب لتلك الصلوات ويعمل داخل مصر سنرتبط بها أكثر لأن الله يعمل بداخلها.
“مدرسة المسيح”.. نجاحات وتحديات
“مدرسة المسيح” من أكثر البرامج المسيحية التي تحقق نسب مشاهدة عالية.. كيف جاءت الفكرة؟
أتت لي فكرة “مدرسة المسيح” أثناء تأديتي للخدمة العسكرية، حيث كنت ضابط احتياط في مستشفى كبري القبة وكان لدي متسع من الوقت خلال وردياتي فبدأت أكتب مذكرات “مدرسة المسيح” وكنت اسميه وقتها “برنامج للتلمذة” ويقدم بعض الحقائق المسيحية التي تستطيع تغيير حياة الناس وليس له علاقة بالعقيدة. ولكن يعلم المبادئ التي علمها لنا المسيح والتي إذا عاشها أحد فسوف تغير حياته وسيعكس صورة المسيح، بعد ذلك قمت بتنفيذ هذا البرنامج مع مجموعة من الشباب، ثم أصبح هذا منهجاً نقوم بتدريسه في الكنيسة. وبعدها أصبح لدي حلم تسجيل هذا البرنامج بشكل يصل إلى الناس جميعاً ليس فقط من أقوم بخدمتهم. ومرت سنوات ولم يتحقق هذا الحلم، ولكن قمنا بتسجيل البرنامج على شرائط فيديو إلى أن اقترح أحد أن يدعم البرنامج ليتم تصويره وإنتاجه بجودة عالية، ويكون البرنامج على هيئة فصل مدرسي وبه طلبة يناقشون ويتحاورون معي في كل شيء فهي ليست محاضرة ألقيها من طرف واحد.
ما أهم أهداف ومناهج “مدرسة المسيح”؟
يقوم منهج “مدرسة المسيح” على مبدأ أية “تعرفون الحق.. والحق يحرركم”، فالمعرفة الصحيحة لو فهمها الإنسان سوف يدركها وستدخل عقله، وسيشعر بها، وحينئذ يستطيع أن يعيشها، والدراسة في “مدرسة المسيح” ليست قائمة على أن يجيب الطالب على امتحان ما ويأخذ درجة، فالنجاح في الحياة المسيحية ليس في أن يعرف الإنسان كيف يرد على أسئلة معينة ولكن كيف يعيش ما تعلمة لتنفتح عيناه روحياً لكي يشاهد الجمال الحقيقي.
فهدف “مدرسة المسيح” أن تكون الحقائق الروحية منطقية وغير متناقضة؛ فإنني اكتشفت من خلال دراستي اللاهوتية أنه قد يناقض كاتب ما نفسه عبر أبواب كتاب يكتبه، فما قاله في موضع ما يناقضه في موضع آخر حتى يستطيع أن يطوع الحقيقة مع موضوع آخر.
تعمل “مدرسة المسيح” على ترسيخ الأساسيات التي نتفق عليها كمسيحيين أن يستطيع الفرد لتطبيق هذه الأساسيات في كل نواحي حياته مع الله ومع شريك حياته ومع المجتمع فيمكننا أن نغير التطبيق ولكن لا نغير المبدأ.
وتعتبر “مدرسة المسيح” محاولة لإصلاح الفكر ودعوة لتقريب وجهات النظر ومصالحة ما قاله الآباء القدماء، حيث ذهب أحدهم شمالًا والآخر يميناً مثلما فعل أوغسطينوس وإكلاديوس، “فمدرسة المسيح” تؤكد على أن الإنسان لا يخلص فقط بالنعمة الزائدة الذي لا يكون للإنسان دور بها ولا فقط بأعماله ومجهوده.
وبنيت “مدرسة المسيح” على أن الحق منطقي كتابي تطبيقي وهذا ما جعل هناك نوعاً من المصالحة بين الطوائف حول مشاهدة هذا البرنامج، وهذا لم أقصده ولكن اكتشفت أن الله لديه خطة لهذا.. ففي أول عام لعرض البرنامج كان لدينا على الموقع خمسة ملايين مشاهد شهرياً، وفوجئنا بهذا الإقبال الذي لم يكن في الحسبان .
تقدم “مدرسة المسيح” أيضا دراسة كتاب، بدأنا بعمل حلقات عن أمثال وتعاليم ومعجزات السيد المسيح وندرس الأناجيل كلها بدراسة موضوعية ونطبق التعليم في سلسلة من الحلقات مثل: “أنا والله”، “أنا وأنا”، “أنا ومراتي”، “أنا وأولادي”، “أنا وعائلتي”، و”أنا وإبليس”…
لكل عمل ناجح تحديات.. فماذا عن أهم التحديات التي واجهها برنامج “مدرسة المسيح”؟
بالفعل كانت هناك تحديات قد قابلناها لخروج “مدرسة المسيح” بهذا الشكل، فكان أول تحدي هو إيجاد مكان بمواصفات معينة لتصوير البرنامج، فكنا في البداية نسأجر ستوديو لكن استطعنا بعد فترة أن نبني مكاناً خاصاً بنا.
ثاني تحدي كان تسجيل عشر حلقات في اليوم الواحد على مدار ثلاثة أيام متصلة حيث كنا نعمل داخل استوديو حوالي 10 ساعات متصلة فكان مرهق جدا للجميع، وذلك لإنتاج الحلقة بتكلفة أقل ما يمكن.
ويعتبر إيجاد طلبة مشاكسون كان التحدي الثالث، فأنا لم أكن أريد طالباً يوافقني في كل شيء بل طالب يتحاور معي، حيث كنت أقول لكل طالب في كل حلقة: عليك أن تبحث عن ثلاثة أنواع من الأسئلة تبدأ بأدوات الاستفهام “ما ، ماذا ، كيف” كي أتأكد أن ما قلته قد فهمه واقتنع به ويستطيع أن يعيشه بالفعل.
أما التحدي الرابع كان اختيار مقدمة البرنامج لعمل عصف ذهني للتلاميذ والمشاهدين، هل ستكون مقدمة درامية؟ أم عن طريق تصوير تقارير خارجية لمعرفة رأي الناس في الموضوع الذي سنتناوله؟ أم تكون المقدمة على شكل لعبة؟ وذلك لمعرفة ما بداخل المشاهدين حول موضوع الحلقة.. فإذا لم استطع إخراج المعلومات المغلوطة من داخلهم لن استطيع ترسيخ المباديء الصحيحة وستختلط المعلومات الصحيحة بالخاطئة لأننا لدينا كم هائل من الفلكلور المسيحي الذي يحتاج إلى تصحيح.
العمل المسكوني
العمل المسكوني وحلم وحدة الكنائس.. كيف ترى العمل بهذا الملف في هذه الفترة؟
أراه أنه متوقف.. ولكننا لا نستطيع أن ننكر أن البابا تواضروس يحاول أن يدفع بكل قوته للوحدة والتلاقي بين الكنائس ولكن كثيرين يقفون في الطريق، بالرغم من أن الشعب المسيحي يقترب بعضه لبعض بشكل هائل، فالشعب يتحرك ويسبق القيادات.
وماذا عن الحورات اللاهوتية بين الكنيسة الانجيلية والكنائس الأخرى؟
الحوارات اللاهوتية متوقفة منذ سنوات، منذ اجتماع الكرمة الذي دعى إليه المتنيح قداسة البابا شنودة الثالث وجناب القس الدكتور صموئيل حبيب، رئيس الكنيسة الإنجيلية الأسبق.
هل الحوارات السابقة أسفرت عن أي نقاط تلاقي؟
ما أذكره أننا اقتربنا من التلاقي في موضوعات معينة، ولكن للأسف قام ابن رئيس الطائفة الانجيلية وقتها بنشر كتاب هاجم فيه قداسة البابا شنودة الثالث والعديد من الشخصيات، مما جعل الأساقفة يقولون للبابا: كيف تقبل الحوار مع الإنجيليين وهم يفعلون مثل تلك التصرفات. وأنا أعترف أن إصدار مثل هذا الكتاب يعتبر خطأ كبير جدا، ولكن صدر عن شخص لا يمثل الكنيسة الإنجيلية، فهو ابن رئيس الطائفة وليس رئيسها.. وأنا أتذكر جدًا هذه الحوارات فهي كانت بناءة جدًا خصوصاً لأن قداسة البابا شنوده كان صديقاً للقس منيس عبد النور.
من وجهة نظرك.. ما الذي يجب أن يتم في الفترة القادمة لتفعيل الحوارات اللاهوتية؟
بدون انفتاح الذهن والقلب لا نستطيع أن نجلس ونتحاور.. وفي حديث للبابا شنوده في أواخر أيامه قال: “فكرة عدم إمكانية دخول الكاثوليك والإنجيليين إلى السماء فكرة غير مقبولة على الإطلاق” ويجب أن نعلم أن تكفير الجميع طوال الوقت أمر لا يدخل العقل، وكذلك أن يقول شخص بسبب إيمانه بعقيدة معينة أنه فقط صاحب الفكر المستقيم والباقين معوجين، إذا ما الداعي للحوارات والأحاديث؟! كما يقال أيضا: أننا على استعداد للاتحاد مع الآخرين متى كانوا مثلنا ومتى آمنوا بما نؤمن به.. فكيف نجلس ونتحاور وأعلم أن من يجلس معي على مائدة الحوار لا يعتبرني مسيحياً، ودون أن يسقط الحرمان عني.. فطالما نادي الأب متى المسكين بذلك حيث كان يقول مرارا وتكرارا: “ارفعوا الحرمان.. فالخلقيدونيون رفعوا الحرمان عن اللا خلقيدونيون، فعلى اللا خلقيدونيون أن يرفعوا الحرمان أيضا”.
هل هناك أي مبادرات شخصية يمكن أن تطلقها لتعضيد ملف وحدة الكنائس؟
أنا مجرد قس كنيسة وليس رئيس طائفة، فليس لدي سلطة لإطلاق أي مبادرات، فأنا أنادي من على المنبر أن نحب بعضنا بعضا ونقبل بعض في المسيح.. ونعرف أن لدينا قانون إيمان واحد وإنجيل واحد ونعبد إله واحد. فلدينا ما يجمعنا أكثر بكثير مما يفرقنا.
أدعو أن يكون على الأقل هناك تقارب بين الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة الأرثوذكسية، فإذا كانوا الكاثوليك والإنجيليون قد تقاربوا – حيث أننا نقوم بعمل العديد من المؤتمرات معا ونخدم معا – فعلينا أن نعلم أنه من يقوم بمبادرة لوحدة الكنائس يجب أن يكون شخص لديه سلطة ويسمع له.
هناك عدة مجالس تعمل من أجل وحدة الكنائس كمجلس الكنائس العالمي ومجلس كنائس الشرق الأوسط ومجلس كنائس مصر.. كيف ترى ما يقوم به كل مجلس؟
أرى أن مجلسي الكنائس العالمي والشرق الأوسط هما مجرد بروتوكولات سياسية ليس لهما دور على أرض الواقع، فدورهما أن يقوما بإصدار بيانات فقط مثلهما مثل “الأمم المتحدة” – فهي “لا تحل ولا تربط” – بكل آسف أرى أن مجلس كنائس الشرق الأوسط على وجه التحديد مشلول، وكل ما يفعل في هذا الملف مجرد مبادرات شخصية كمثل ما يقوم به البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، فهو الذي يقوم ببناء الجسور وليس مجلس الكنائس العالمي.
و كان لدينا أمل في مجلس كنائس مصر أن يفعل شيئا، وقد قال البابا تواضروس تعبيراً جميلاً جدا: “نحن خمس عائلات مثل خمسة أصابع اليد الواحدة لا يوجد أصبع مثل الآخر ولكننا نحتاج إلى بعض”.. ولكن للأسف نحن لا نجد ذلك الآن، فاقتصر الأمر على أسبوع الصلاة، والذي أرى أنه أصبح مجرد رسميات أيضا، فليلة الصلاة والرجوع إلى الله التي كانت في 2011/ 11/ 11 بدير القديس سمعان الخراز بالمقطم، حضرها 40 ألف شخص كانوا يصلون بروح واحدة ويهزون الأرض والسماء ولكن كان ذلك بدون حضور القادة الكبار، فمتى ذهب القادة الكبار لهذه الاجتماعات سوف يكون الأمر أفضل وسيلتف الشعب حولهم.
قانون الأحوال الشخصية الموحد التي تسعى الدولة لوضعه.. ما رؤيتك له فيما يخص الأقباط؟
أنا لست رجل سياسة ولكن لدي مبدأ وهو “أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله”.. الزواج سر تمارسه الكنيسة بحسب قانونها، ولكن لا يجب أن تتحكم في الطلاق لأنه ليس سر مقدس، فإذا كانت الكنيسة غير مقتنعة بمبدأ الطلاق فعليها ألا تشترك فيه أساساً.. فلو تم صياغة القانون بهذا الشكل سوف تحل كل المشاكل، ولكن للأسف الكنيسة تريد أن تتحكم في الزواج والطلاق أيضا.
فالكنيسة لها سلطة روحية فقط وعليها أن تمارس دورها الروحي والإنساني ولا تمارس سلطة إجتماعية على الناس.. تمارس أسرارها وعقيدتها، فالزواج سر لكن الطلاق ليس سراً.
ما رأيك في رسامة قسيسات في الكنيسة الإنجيلية؟ وكيف رأيت رسامتهن في سوريا ولبنان؟
هذا الملف شائك ولم أود الحديث عنه، ولكني أريد أن أؤكد أن سنودس النيل الإنجيلي رفض هذا الأمر، فنحن طائفة مستقلة، وقد وافقت الكنيسة الإنجيلية في الولايات المتحدة الأمريكية مثلا على رسامة الشواذ جنسياً.. هل نفعل مثلهم؟ نحن متبرئين منهم، ولا نرحب برسامة قسيسات.
ماذا تقول عن هذه الشخصيات في تعليقات تلغرافية؟
– الآب متى المسكين: سأقول عنه ما قاله الأنبا ميخائيل “حلقة ذهبية في سلسلة أبائية”
– قداسة البابا شنوده: علامة من علامات تاريخ الكنيسة.
– الأنبا إبيفانيوس: إعجابي به وتقديري له لا يفوق الكلمات فهذا الرجل ليس له مثيل، فهو ليس تلميذاً للأب متى المسكين ولكن كان من الممكن أن يفوق معلمه. وكان من الممكن أن يكون أحد قادة الإصلاح في تاريخ الكنيسة، وأتمنى ان يصنع رحيله تأثيراً روحياً في الكنيسة ولا يمر مرور الكرام.
– الشيخ مظهر شاهين: صديق ورفيق الكفاح.
– قداسة البابا تواضروس: رجل الساعة.
– الرئيس السيسي: أطلب من الله أن يعطيه حكمة لقيادة السفينة لأن العصر الذي نعيشه ليس عصراً عادياً.
إذا طلبنا توجيه رسالة لشخص فمن هو وما محتواها؟
أرسلها إلى القس مكاري يونان وأقول له أنت سراج منير لهذا الشعب، الله يحفظك ويستخدمك ويعينك ويطيل لنا في عمرك.
محطات في حياة القس سامح موريس شكلت شخصيته
حدثنا عن أهم المحطات في حياة القس سامح؟
أنا من مواليد 1953 من محافظة المنيا، وهذا امتياز قوي لأن المنيا عروس الصعيد. وقضيت طفولتي هناك وكانت طفولة رياضية.. وأول ارتباط قوي لي بالكنيسة كان في الكنيسة الإنجيلية هناك، والنادي هو الذي اجتذبني للكنيسة فكنت مشتركاً بنادي الكنيسة الإنجيلية، واتيحت لي الفرصة أن أخذ بطولات في تنس طاولة حتى أصبحت بطل وجه قبلي.. وبدأت تتشكل علاقتي بربنا من خلال النادي، فبالرغم من أن الكنيسة الإنجيلية لم تكن كنيسة الأسرة – فوالدتي كانت أرثوذكسية ووالدي كان إنجيلياً لكنه كان غير مرتبط بالكنيسة، أما ارتباطي أنا وأخواتي الخمسة بالنادي الخاص بالكنيسة الإنجيلية كان سبباً رئيسياً في انجذابنا للكنيسة.
ماذا عن علاقتك بوالديك؟
والدتي كانت تحبنا بشكل عملي جدًا، وكانت طفولتي طفولة شقية فعندما كانوا يذهبون لأي مكان يأخذوني معهم حتى يضمنوا سلامة أخواتي، وكنت اعتبر هذا نوع من العقاب لي.. ولكن الرياضة غيرت وشكلت في شخصيتي بشكل كبير فأثناء اللعب تعلمت أن أقبل الهزيمة، وتعلمت أن أصلي أثناء اللعب وشهرت بحضور ربنا معي، فوالدي لم يحضر معي أي بطولة أو ماتش ولم يرإني في أي مرة وأنا أستلم ميدالية ولكني استمتعت جدا بحضور أبويا السماوي معي في كل اللحظات وكل الماتشات.
قرار الاتجاه لدراسة الطب كيف أخذته؟
منذ طفولتي كان حلمي أن أكون مهندس ميكانيكا وآخترع ماكينات، وكان حلمي أن اصنع موتور يعمل بالمياه. وفي الثانوية العامة كانت أكثر مواد محببة لقلبي هي الفيزياء والرياضيات وحصدت مجموع عالي. ولكنني قررت أن لا أدخل كلية الهندسة، لأن في هذا الوقت خريجين الهندسة لم يجدوا لهم عمل بعد التخرج. فقررت أن التحق بكلية الطب حتى أجد عملاً بعد التخرج وبالفعل استمتعت جدا بدراستي للطب، لأن الانسان ماكينة إلهية، كما أن دراستي للطب ساعدني في الخدمة بشكل قوي لأن من خلال دراسة الطب تعلمنا كيف نفكر بشكل منظم، كما أنها تجعلنا نبحث عن السبب وليس العرض فنحن نبحث عن سبب المرض، وهكذا صار تفكيري في الخدمة أن أبحث عن سبب الخطية وأبحث عن الإنسان وبدلا من إدانة الإنسان الخاطي وأبحث عن حلول لهم، وهكذا يفعل المسيح فهو جاء يرى الخطاة مرضى وليسوا مجرمين، فهو لم يأت ليدين الإنسان بل ليعالجه.
بعد مشوار طويل في حياتك العملية طبيب.. كيف جاء قرار تفرغك للخدمة؟
أنا بدأت خدمتي في كنيسة قصر الدوبارة منذ عام ١٩٧٤ باجتماع إعدادي وثانوي، ولم يكن هناك قس في ذلك الوقت للكنيسة وعندما جاء القس مينيس عبد النور عام ١٩٧٦ كان بدأ اجتماع الشباب يكبر نوعًا ما وبدأ القس مينيس يقنعني بأن أتفرغ للخدمة. كان هذا عكس توقعاتي وأحلامي فكنت أعمل بمستشفى عام والمستشفى القبطي، ولم يكن لدي وقت لتكون لي عيادتي الخاصة وكان لدي حلم أن أبني مستشفى وأخدم الفقراء.
ولكن تحت ضغط القس منيس بدأت أنا وزوجتي في الصلاة واستمرينا سنتين في الصلاة بداية من عام ١٩٨٦ حتى عام ١٩٨٨، حتى اقنعنا الله وحدثنا بأن الكنيسة أهم من المستشفى، فالكنيسة تعمل مستشفى ولكن المستشفى لا تعمل كنيسة، وأن الله يريد كنيسة نموذجية تشبه الكنيسة الأولى، وكانت كلمة الله لي مباشرة “أبني كنيستي”، وبدأت التفرغ عام ١٩٨٨ وكانت خدمتي مع قطاع الشباب، وفي عام ١٩٩١ بدأت خدمتي مع قطاع الأسرة حتى رسمت قس في عام ١٩٩٣.
روشتة لتكوين بيت مسيحي ناجح
تكوين أسرة مسيحية نموذجية مقبولة أمام الله أصبح تحدي كبير.. من واقع بيت القس سامح بماذا تنصح الشباب لتكوين أسرة مسيحية؟
في البداية يجب أن يكتشف الشخص نفسه جيدًا حتى يستطيع أن يجد معيناً نظيراً له، وأنا اكتشفت ذلك أثناء بحثي عن شريكة حياتي فأنا كنت قررت أن لا أتزوج حتى كان عمري ٢٦ سنة ولكن الله حدثني أنه يريد أن أتزوج. وبدأت التفكير في الارتباط بعد هذه الرسالة. وبدأت أسأل الله من تريدني أن أتزوج فكانت لا تأتي إجابة على شخصية بعينها، ولكن كانت رسالته هي أنه يريدني أن أكتشف ماذا أريد وما الذي أحتاجه؟
فهناك فرق بين الإثنين فيمكن أن يكون ما أريده لا يناسبني، ولكن ما أحتاجه بالطبع سيناسبني، وبدأت أفكر فيما أحتاجه وما الذي يمكنني أن أتنازل عنه من هذه الاحتياجات حتى كونت الصورة النهائية لاحتياجاتي، وبدأت في مطابقة هذه الاحتياجات على جميع من حولي فتطابقت على “إيمان” زوجتي.
بالفعل هذه الطريقة كانت سبب نجاح بيتنا، وأكدت لي أنني أخترت معيناً نظيراً – حسب كلام الكتاب – وفي ذلك الوقت لم يوجد مبنى إداري للكنيسة فكان منزلنا هو المبنى الإداري، وكل يوم حبي لها بيزيد فنحن نملك حلماً واحداً، وهدف واحد، طريقة واحدة في التعامل، وهذا ما جعل زواجنا صادقاً ومريحاً، وجعل بيتنا مصدر أمل لمن حولنا.
فيجب على كل شاب وشابة أن يكتشفا أنفسهما وضعفاتهما في البداية ثم يختارا ما يحتاجانه وليس حسب أهوائهما، ثم يضعا مبادئ واضحة في التعامل وبروتوكول واضع للحياة سويًا.
كيف تعاملت زوجتك مع قرار تفرغك للخدمة ورسامتك قس؟
في الحقيقة أن قرار التفرغ أخذناه سويًا وكانت متقبلاه جدًا، لكن قرار الرسامة كان صعب عليها بعض الشئ في البداية، وكنت دائما أقول لها أذا لم تقتنعي بقرار الرسامة حتى أخر لحظة فأنني لم أوافق ، ولكن الله اعطاها راحة شديدة جدًا حتى أنها شعرت يوم الرسامة أننا نتزوج من جديد.
ثلاث قواعد ذهبية تنصح بهما أي زوجين في تربية أبنائهما؟
١- أدب لا تعاقب: هناك فرق كبير بين الإثنين ففي العقاب يتحول الأباء الى جلادين وقضاه. لكن التأديب مرتبط بالأبوة، والكتاب المقدس يقول لنا: أدب أبنك، ومن يحبه الرب يؤدبه، فتربية الأبناء لم تأتي بالعقاب.
٢- أفضل ما تقدمه لإبنك هو اهتمامك بشريك حياتك: الزواج هو الطفل الأول فيجب أن يكون زواجاً سعيداً، فالعلاقة الزوجية هي الطفل البكر والأولاد يسيرون على شاكلتها. فعلى الزوجين أن يهتما بعلاقتهما بأن تكون علاقة ناضجة، ويجب أن لا يبتعد الزوجان عن بعض بعد وجود الأبناء لأن نتيجة ذلك سيكون بعد الأبناء عن أنفسهم وعن بعضهم.
٣- ربي إبنك في طريقه وليس في طريقك:
هذا ما يقوله الكتاب فيجب أن يكتشف الأباء شخصية أبنائهم ويجعلوهم شخصياتهم وليس ما تريد أنت أن يكون. فعلى الأباء أن يقبلوا أبنائهم كما هم، وجعلهم يختارون ما يريدونه، فأفضل شئ أن يكون كل شخص نفسه.
ما هي أحلام وطموحات القس سامح في الفترة القادمة؟
أعيش حلمي أن يغطي هذا البلد النور، ومحبة الله تغمر الشعب، فهذا حلمي الذي أعيش من أجله وأصلي له. وأرى الأن بوادر تتحقق ولكن تحت السطح فهناك أمور عظيمة سيفعلها الله داخل مصر.