هو محارب من الدرجة الأولى ذو شخصية فذة… صاحب فكر ورأى … عاشقاً للدراسة والإبتكار… وقبل كل ذلك هو عاشقاً لمصر .. هو مرجع لكل الشباب إلى وقتنا الحالي، إنه البطل عبد المنعم رياض ، بطل كل العصور والذى خصص له يوم 9 مارس من كل عام للإحتفال به وأطلق عليه يوم الشهيد.
ولد البطل عبد المنعم رياض في 22 من شهر أكتوبر عام 1919 ووالده هو ” محمد رياض” وكان واحداً من رعيل العسكريين المصريين القدامى فخدم في السودان وفى الحرس الملكى للسلطان فؤاد وتولى قيادة بلوكات الكلية الحربية، وكانت والدة الفريق رياض من قرية سبرباى وحصلت على الشهادة الإبتدائية فنما في عائلة تؤمن بضرورة العلم ، إلا أن سفر والده المتكرر وتعرضه للمخاطر كان سببا في رفض والدته دخوله الحربية حتى لا يعانى الغربة مثل ابيه وعدم الاستقرار والمشقة ولكن يشاء القدر أن يصبح صورة من أبيه ليس فقط في العمل العسكرى ولكنه توفى أيضا مثل ابيه وهو في الخمسين من عمره.
كان منذ طفولته يعشق العمل العسكرى وطالما كان يجلس مع أبيه بالساعات يسأله عن العسكرية ولهذا فبعد اجتيازه للثانوية أصرت عليه أمه أن يصبح طبيباً وبعد الضغط ولأنه كان يحترم قرارات والدته أرضخ للأمر والتحق بكلية الطب وهو يتحسر على حلمه الذى خبأ قبل أن يولد، وبعد ثلاثة أيام من تقديمه في كلية الطب قرأ في جريدة الأهرام إعلاناً عن ميعاد الكشف الطبي بالكلية الحربية فإنهار وشاءت الصدف أن رأته أمه فعز عليها ضياع حلمه ومن هنا أسرع وسحب أوراقه من الطب وقدمها للكلية الحربية وبدأت الرحلة: الطويلة التأثير القصيرة المدة للبطل عبد المنعم رياض .
وعن دراسته وشغفه بالعلم كان من أشهر مقولاته “أنا مستعد لأن أطلب العلم ولو في المدرسة الإبتدائية” ففور تخرجه في الكلية الحربية ألتحق بسلاح المدفعية المضادة للطائرات وأتم دورة معلم في مدرسة المدفعية المضادة للطائرات ببلدة “مانوبير” بانجلترا بتقدير أمتياز، وفى عام 1944 ألتحق بكلية أركان الحرب وحصل على ماجستير العلوم العسكرية وكان ترتيبه الأول، كما حصل على درجة أمتياز من مدرسة “فن المدفعية الأرضية” ، وإلى جانب كل تلك الدراسات قضى عدة سنوات في أرقي الكليات العسكرية بالإتحاد السوفيتى سابقاً، وحصل على دورة تكتيكية تعبوية بالأكاديمية العسكرية وأطلق عليه أساتذته الروس لقب “الجنرال الذهبي” تقديراً لتفوقه وكفاءته.
كما بحث في العلوم الاقتصادية أيضاً فألتحق بكلية التجارة جامعة عين شمس سنة 1976 وهو برتبة فريق ولم يخجل من أن يجلس بين صفوف الطلبة رافضاً أي تمييز ولكنه لم يكمل الدراسة حيث سرعان ما استدعى على الجبهة الشرقية في الأردن عام 1967 ” عام النكسة” وعين قائداً لمركز القيادة المتقدم في عمان وبعدها عين قائدا للجبهة الشرقية في الأردن
وتقول الكاتبة أميرة فكرى في كتابها “الشهيد عبد المنعم رياض القدوة والرمز” والصادر عن دار الجمهورية: أن البطل أحمد عبد العزيز تدرج في العديد من المناصب بالقوات المسلحة فور تخرجه فعين ضابطا بإحدى البطاريات المضادة للطائرات ابان الحرب العالمية الثانية ثم ضابطا للمدفعية في إدارة العمليات في حرب فلسطين عام 1948 ثم أصبح قائداً لمدرسة المدفعية المضادة للطائرات في 1952 ثم تولى قيادة اللواء الأول المضاد للطائرات في 1953 وأصبح قائدا للدفاع المضاد للطائرات في 1954 ثم تولى رئاسة أركان سلاح المدفعية في 1960 ثم عين نائبا لرئيس شعبة العلميات العسكرية ونظرا لكل جهوداته صدر قرار بتعيينه في 10 مارس 1964 رئيسا لاركان القيادة العربية المشتركة و آخر منصب تولاه في الجيش المصرى كان عام 1967 وهو منصب رئيس اركان حرب القوات المسلحة وفى العام نفسه كان قائدا للجبهة الأردنية ، وفى عام 1968 عين امينا عسكريا مساعدا لجامعة الدول العربية ونال الشهادة وهو في ساحة الميدان واقفا على الخطوط الامامية وسط جنوده وهو يتفقد المواقع ويتابع النتائج.
ومن أعماله الخالدة أنه صاحب إستقلال الدفاع الدوى كسلاح منفصل عن الأسلحة الأخرى ونتيجة للتحدى والإصرار وضع اللبنات الأولى لهذا السلاح وادخله للجيش المصرى بمساعدة الفريق محمد على فهمى الذى أصبح فيما بعد قائداً لسلاح الدفاع الجوى ثم رئيسا لأركان حرب القوات المسلحة.
كما ساهم الفريق رياض في إعادة بناء القوات المسلحة وتسليحها وإعادة تنظيمها وسعى لذلك من خلال تدريب شاق ودراسة متطورة كما رأى ضرورة تكوين قيادات جديدة وتدريبها ودعم روح القتال وكان أول اقتراح أقترحه فور توليه رئاسة أركان حرب القوات المسلحة على الرئيس جمال عبد الناصر أن تكون فترة شغل منصب رئيس الأركان محددة ب اربع سنوات وبرر هذا الامر حتى لا يتعرض هذا المنصب العسكرى الحساس للصدأ أو الإنقطاع عن التطور ولا يصبح هذا المنصب حكراً أمام أحد لينفتح على نهراً من القيادات الشابة العسكرية.
ومن أعماله أيضا إعادة الثقة إلى القوات المسلحة بعد حملة التشهير التي تعرضت لها عقب النكسة وكان الفريق رياض من المشاركين في خطة تدمير خط بارليف الأول ، كما لا يمكن أن نغفل دوره بجانب القادة العسكريين في معركة رأس العش التى منعت فيها قوة صغيرة من المشاة المصرية سيطرة القوات الإسرائيلية على مدينة بور فؤاد المصرية كذلك دوره في تدمير المدمرة الإسرائيلية إيلات ، وكان صاحب إضافة جديدة في حرب المدرعات حيث كان السائد أن الدبابة لا تدمرها إلا دبابة إلا أنه أبتكر تدريب المشاة على تدمير الدبابات ولمع أسمه خاصة في إسرائيل بإعتباره الضابط الذى يقود المدفعية في الأدرن والتي وجهت نيرانا أكثر تجاه إسرائيل
ومن أعماله أيضا تصميمه للخطة 200 الحربية والتي كانت نوأة الخطة جرانيت التي طورت لتصبح خطة العمليات في حرب أكتوبر تحت مسمى “بدر”
تكريمه.
حصل الفريق أول عبد المنعم رياض على العديد من ألأوسمة من أهمها : ميدالية الخدمة الطويلة والقدوة الحسنة ونوط الجدارة الذهبية ووسام الأرز الوطنى من لبنان ووسام الكوكب الأردنى ووسام نجمة الشرف المصرية العسكرية كما اطلق أسمه على أكبر ميادين مصر وخصصت جائزة بأسمه تمنح لأوائل الخريجين من الكليات الحربية والطيران والبحرية والشرطة وأطلق أسمه على المبنى الرئيسي لأكاديمية ناصر العسكرية وأقيم له العديد من التماثيل .
ومن مواقفه الإنسانية أنه أثناء تفقده لاحدى المواقع في الليالى الباردة شاهد جنديا واقفا يرتعش من البرد فسأله أين معطفك فرد بأنه أعاره للزميل خرج في مهمة فما كان منه إلا أنه خلع معطفه وأعطاءه للجندى ليرتديه ومازحه قائلاً” في الصباح لا تنس أن تعيده إلى” ومن أصدقائه الدكتور عزيز صدقى نائب رئيس الوزراء في ذلك الوقت وعبد العظيم شحاته أمين عام جامهة القاهرة وقتها وتوفيق شتيلة سفير مصر في شيلى والكثير من الشخصيات الهامة وكانت للصداقة والمودة مساحة كبيرة في حياة الفريق الأول
أتحاد العرب.
كان الفريق عبد المنعم رياض مؤمنا بحتمية الحرب ضد أسرائيل وكان يرى أن العرب لن يحققوا نصراً إلا في إطار استراتيجية شاملة تأخذ بالبعد الإقتصادى في الحسبان وكان يرى أنه إذ وفرنا للمعركة القرارات القتالية المناسبة والوقت الكاف للإعداد والتجهيز فليس سمة شك في النصر بإذن الله، وكان يردد أنه لامعركة بدون دفاع جوى ودعم جوى كامل وكان يتطلع إلى يوم يتحقق فيه تحالف عسكرى عربي قائلاً إن التحالف العسكرى هو أرقى مظاهر التحالف السياسي بحيث لا يمكن إقامته إلا إذا تقاربت فيه أولا الإتجاهات السياسية
وكان الفريق عبد المنعم رياض يرى أنه لابد وأن يسبق المعركة إعداد عسكرى إقتصادى علمى معنوى تتضافر فيه القوى جميعا من أجل تحطيم إرادة العدو
ومن مقولاته الهامة للشباب في كل وقت ” إن تبين أوجه النقص لديك، تلك هي الأمانة … أن تجاهد أقصي ما يكون الجهد بما هو متوافر لديك … تلك هي المهارة”
وأستشهد الفريق عبد المنعم رياض يوم 9 مارس سنة 1969 على ضفة القناة بين رجاله ، وكان هذا اليوم مهيباً فخرج المصريون في موكب أسطورى ليشيعوا القائد والبطل متقدمهم جمال عبد الناصر وكان الشعراء والأدباء والكتاب والفنانين أجزاء من هذا المشهد الحزين إلا أن حياة البطل كانت شهادة من نور مضيئة للأجيال في كل زمان.